الباحث القرآني
القول في تأويل قوله: ﴿وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد ﷺ: ذرْ هؤلاء الذين اتخذوا دين الله وطاعتهم إياه لعبًا ولهوًا، [[انظر تفسير"ذر" فيما سلف ٦: ٢٢/٧: ٤٢٤.]] فجعلوا حظوظهم من طاعتهم إياه اللعب بآياته، [[انظر تفسير"اللعب" فيما سلف ١٠: ٤٢٩، ٤٣٢.]] واللهوَ والاستهزاء بها إذا سمعوها وتليت عليهم، فأعرض عنهم، فإني لهم بالمرصاد، وإني لهم من وراء الانتقام منهم والعقوبة لهم على ما يفعلون، وعلى اغترارهم بزينة الحياة الدنيا، ونسيانهم المعادَ إلى الله تعالى ذكره والمصيرَ إليه بعد الممات، كالذي:-
١٣٤٠١ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: ﴿وذر الذين اتخذوا دينهم لعبًا ولهوًا﴾ ، قال: كقوله: ﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا﴾ ، [سورة المدثر: ١١] .
١٣٤٠٢- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
* * *
وقد نسخ الله تعالى ذكره هذه الآية بقوله: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ ، [سورة التوبة:٥] . وكذلك قال عدد من أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٣٤٠٣- حدثني المثنى قال، حدثنا حجاج بن المنهال قال، حدثنا همام بن يحيى، عن قتادة:"وذر الذين اتخذوا دينهم لعبًا ولهوًا"، ثم أنزل في"سورة براءة"، فأمر بقتالهم.
١٣٤٠٤- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبدة بن سليمان قال: قرأت على ابن أبي عروبة فقال: هكذا سمعته من قتادة:"وذر الذين اتخذوا دينهم لعبًا ولهوًا"، ثم أنزل الله تعالى ذكره"براءة"، وأمر بقتالهم فقال: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ، [سورة التوبة: ٥] .
* * *
وأما قوله:"وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت"، فإنه يعني به: وذكّر، يا محمد، بهذا القرآن هؤلاء المولِّين عنك وعنه [[انظر تفسير"التذكير" فيما سلف ٦: ٦٣، ٦٤، ٦٦، ٢١١/١٠: ١٣٠/١١: ٣٥٧]] =" أن تبسل نفس"، بمعنى: أن لا تبسل، كما قال: يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا، [سورة النساء: ١٧٦] ، بمعنى: أن لا تضلوا [[انظر ما سلف ٩: ٤٤٥، ٤٤٦.]] = وإنما معنى الكلام: وذكرهم به ليؤمنوا ويتبعوا ما جاءهم من عند الله من الحق، [[في المطبوعة: "وذكر به"، وأثبت ما في المخطوطة.]] فلا تُبْسل أنفسهم بما كسبت من الأوزار= ولكن حذفت"لا"، لدلالة الكلام عليها.
* * *
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله:"أن تبسل نفس".
فقال بعضهم: معنى ذلك: أن تُسْلَم.
* ذكر من قال ذلك:
١٣٤٠٥ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا الحسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة قوله:"أن تبسل نفس بما كسبت"، قال: تُسلم.
١٣٤٠٦ - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الحسن:"أن تبسل نفس"، قال: أن تُسلم.
١٣٤٠٧- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الحسن، مثله.
١٣٤٠٨ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله تعالى ذكره:"أن تبسل"، قال: تسلم.
١٣٤٠٩- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"أن تبسل نفس"، قال: تسلم.
١٣٤١٠- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن ليث، عن مجاهد: أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا، أسلموا.
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: تُحْبس.
* ذكر من قال ذلك:
١٣٤١١- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة:"أن تبسل نفس"، قال: تؤخذ فتحبس.
١٣٤١٢- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة، مثله.
١٣٤١٣ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"أن تبسل نفس بما كسبت"، أن تؤخذ نفس بما كسبت.
* * *
وقال آخرون: معناه: تُفضَح.
* ذكر من قال ذلك:
١٣٤١٤ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:"وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت"، يقول: تفضح.
* * *
وقال آخرون: معناه: أن تجزَى.
* ذكر من قال ذلك:
١٣٤١٥ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا الحسين بن واقد قال، قال الكلبي:"أن تبسل"، أن تجزَى.
* * *
وأصل"الإبسال" التحريم، يقال منه:"أبسلت المكان"، إذا حرّمته فلم يقرب، [[في المطبوعة: "فلم تقر به"، وأثبت ما في المخطوطة.]] ومنه قوله الشاعر: [[هو ضمرة بن ضمرة النهثلي.]]
بَكَرَتْ تَلُومُكَ بَعْدَ وَهْنٍ فِي النَّدَى، ... بَسْلٌ عَلَيْكِ مَلامَتِي وَعِتَابِي [[نوادر أبي زيد: ٢، الأمالي ٢: ٢٧٩، الشعر والشعراء: ٢٥٠، الوحشيات رقم: ٤٢٤، الأزمنة والأمكنة ١: ١٦٠، اللسان (بسل) وغيرها، وبعد هذا البيت من أبيات حسان: قالها لامرأته إذ عاتبته على حلب إبله ونحرها لضيفه وأهله، وتحبب إليه الشح، وتنهاه عن بذل المال، في القحط والجدب: أَأَصُرُّهَا، وَبُنَيُّ عَمِّي سَاغِبٌ ... فَكَفَاكِ من إبَةٍ عَلَيَّ وَعَابِ!
وَلَقَدْ عَلِمْتُ، فَلاَ تَظُنِّي غَيْرَهُ ... أَنْ سَوْفَ يَخلِجُني سَبيلُ صِحَابِي
أرَأيتِ إنْ صَرَخَتْ بِلَيْلٍ هَامَتي ... وَخَرَجْتُ مِنْهَا عَارِيًا أثْوَابِي
هَلْ تَخْمِشَنْ إبِلِي عَلَيَّ وُجُوهَهَا ... أمْ تَعْصِبَنَّ رُؤُوسَهَا بِسِلاَبِ!!
"بكرت"، عجلت في أول السحر."بعد وهن"، أي بعد قومة من جوف الليل. أرقها ما يبذل لبني عمه من ماله، فلم تتأن به مطلع النهار حتى أخذت تلومه في وجه الصبح. ثم أخذ يذكرها بالمروءة فيقول: "أأصرها"، يعني النوق، يشد عليها الصرار (وهو خيط يشد فوق الخلف) ، لئلا تحلب، أو يرضعها ولدها، يقول: لا أفعل ذلك، وبني عمي جياع حتى، أرويهم؛ و"السغب" الجوع، فإن ذلك لؤم. و"الإبة" الخزي يستحي منه، و"العاب"، العيب. يقول: كفاك بهذا الفعل لؤمًا يخزي فاعله. ثم احتج عليها بما يجد بنو عمه وضيفانه من اللوعة عليه إذا مات، وأن الإبل لا تفعل ذلك. فقال لها: إن الموت سبيل كل حي، وأني سلك سبيل أصحابي الذين ذهبوا وخلفوني، فإن هذه السبيل تخجلني (أي: تجذبني وتنتزعني) كما خلجتهم من قبل. وقوله: "صرخت بليل هامتي"، وهو من عقائد الجاهلية، أبطله الله بالإسلام، يزعمون أن روح القتيل تصير طائرًا كالبومة يزقو عند قبره، يقول: اسقوني، اسقوني! وقوله: "عاريًا أثوابي" أي: عاريًا من أثوابي التي كنت أستمتع بلباسها في الدنيا. ويروى: "باليًا أثوابي"، ويعني عندئذ: أكفانه التي تبلى في التراب. وقول"هل تخمش إبلي"، أي: هل تلطم الإبل على وجوهها فيخمشها اللطم ويؤثر فيها ويجرحها، كما يفعل بنو عمي وبنات عمي إذا مت. و"السلاب": عصائب للرأس سود، يلبسنها عند الحداد. يقول: هذا حزن بنات عمي علي، فهل تفعل الإبل فعلهن حتى آسى على نحرها وإهلاكها في إطعامهم وإروائهم في زمان الجدب وهم جياع؟]] أي: حرام [عليك ملامتي وعتابي] . ومنه قولهم:"أسد باسل"، [[كانت هذه العبارة في المطبوعة والمخطوطة: "أي حرام. ومنه قولهم: وعتابي أسد آسد"، وهو خطأ صرف. استظهرت صوابه من سياق الشرح، ومن معاني القرآن للفراء ١: ٣٣٩، وزدت ما بين القوسين استظهارًا أيضًا.]] ويراد به: لا يقربه شيء، فكأنه قد حرَّم نفسه، ثم يجعل ذلك صفة لكل شديد يتحامى لشدته. ويقال:"أعط الراقي بُسْلَتَه"، [[في المطبوعة: "بسيلته"، وهو خطأ صرف، صوابه في المخطوطة، لم يحسن قراءتها. وانظر معاني القرآن للفراء ١: ٣٣٩.]] يراد بذلك: أجرته،"وشراب بَسِيل"، بمعنى متروك. وكذلك"المبسَلُ بالجريرة"، وهو المرتهن بها، قيل له:"مُبْسَل"، لأنه محرَّم من كل شيء إلا مما رُهن فيه وأُسلم به، ومنه قول عوف بن الأحوص الكلابي:
وَإبْسَالِي بَنِيَّ بِغَيْرِ جُرْمٍ ... بَعَوْنَاهُ وَلا بِدَمٍ مُرَاقِ [[نوادر أبي زيد: ١٥١، مجاز القرآن ١: ١٩٤، المعاني الكبير: ١١١٤، واللسان (بسل) (بعا) ، يقول: فَلَوْلا أَنَّنِي رَحُبَتْ ذِرَاعِي ... بِإعْطَاءِ المَفَارِقِ والحِقَاقِ
وَإنْسَالِي بَنِيَّ بِغَيْرِ جُرْمٍ ... بَعَوْنَاهً، وَلا بِدَمٍ مُرَاقِ
لَقِيتُمْ مِنْ تَدَرُّئِكُمْ عَلَيْنَا ... وَقَتْلِ سَرَاتِنَا ذَاتَ العَرَاقِي
"المفارق" جمع"ناقة مفرق"، فارقها ولدها. و"الحقاق" جمع"حقة" (بكسر الحاء) ، وهي الناقة إذا استكملت السنة الثالثة، ودخلت في الرابعة. يقول: طابت نفسي ببذل ذلك من المال، لكن أحقن الدماء، وأبقي على الوشائج. و"بعا الذنب يبعوه بعوا": اجترمه واكتسبه. يقول لهم: وأسلمت إليكم بني في الفداء، ولم نجرم جريمة، ولم نرق دمًا، فنحمل الحمالة في الذي اجترحناه. و"تدرأ على فلان" أي: تطاول وتهجم. و"السراة" أشراف القوم. و"ذات العراقي"، أي: ذات الدواهي المنكرة، يقول: لولا ما فعلت إبقاء، لفعلنا بكم الأفاعيل.]] وقال الشنفرى: [[وتروى لتأبط شرا.]]
هُنَالِكَ لا أَرْجُو حَيَاةً تَسُرُّنِي ... سَمِيرَ اللَّيَالِي مُبْسَلا بِالْجَرَائِرِ [[ديوانه (الطرائف) : ٣٦، وفيه المراجع، ومجاز القرآن ١: ١٩٥، اللسان (بسل) . وقبله، وهي أبيات مشهورة: لا تَقْبُرُونِي، إنَّ قَبْرِي مُحَرَّمٌ ... عَلَيْكُمْ، وَلِكنْ أبْشِرِي أمَّ عامِرِ
إذَا احْتَمَلُوا رَأْسِي، وَفِي الرّأسِ أكْثَرِي، ... وَغُودِرَ عِنْدَ المُلْتَقَى ثَمَّ سَائِري
و"سمير الليالي": أبد الليالي، ويروى"سجيس الليالي"، وهو مثله.]]
قال أبو جعفر: فتأويل الكلام إذًا: وذكّر بالقرآن هؤلاء الذين يخوضون في آياتنا وغيرهم ممن سلك سبيلهم من المشركين، كيلا تُبسل نفس بذنوبها وكفرها بربها، وترتهن فتغلق بما كسبت من إجرامها في عذاب الله [[انظر تفسير"كسب" فيما سلف ص: ٢٦١، تعليق: ١، والمراجع هناك.]] ="ليس لها من دون الله"، يقول: ليس لها، حين تسلم بذنوبها فترتهن بما كسبت من آثامها، أحدٌ ينصرها فينقذها من الله الذي جازاها بذنوبها جزاءها [[انظر تفسير"من دون" فيما سلف ١١: ٤٨٦، وفهارس اللغة (دون) .]] ="ولا شفيع"، يشفع لها، لوسيلة له عنده. [[انظر تفسير"شفيع" فيما سلف ص: ٣٧٣: تعليق ٤، والمراجع هناك.]]
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْهَا﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وإن تعدل النفس التي أبسلت بما كسبت، يعني:"وإن تعدل كل عدل"، يعني: كل فداء.
* * *
يقال منه:"عَدَل يعدِل"، إذا فدى،"عَدْلا"، ومنه قول الله تعالى ذكره: أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا، [سورة المائدة: ٩٥] ، وهو ما عادله من غير نوعه. [[انظر تفسير"العدل" فيما سلف ٢: ٣٤، ٣٥، ٥٧٤/١١: ٤٣، ٤٤.]]
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٣٤١٦ - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة:"وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها"، قال: لو جاءت بملء الأرض ذهبًا لم يقبل منها.
١٣٤١٧ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي في قوله:"وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها"، فما يعدلها لو جاءت بملء الأرض ذهبًا لتفتدي به ما قُبل منها.
١٣٤١٨- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها"، قال:"وإن تعدل"، وإن تفتد، يكون له الدنيا وما فيها يفتدي بها ="لا يؤخذ منه"، عدلا عن نفسه، لا يقبل منه.
* * *
وقد تأوّل ذلك بعض أهل العلم بالعربية بمعنى: وإن تُقسط كل قسط لا يقبل منها. وقال: إنها التوبة في الحياة. [[هو قول أبي عبيدة في مجاز القرآن ١: ١٩٥.]]
وليس لما قال من ذلك معنى، وذلك أن كل تائب في الدنيا فإن الله تعالى ذكره يقبل توبته.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (٧٠) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وهؤلاء الذين إن فدوا أنفسهم من عذاب الله يوم القيامة كل فداء لم يؤخذ منهم، هم"الذين أبسلوا بما كسبوا"، يقول: أسلموا لعذاب الله، فرهنوا به جزاءً بما كسبوا في الدنيا من الآثام والأوزار، [[انظر تفسير"أبسل" فيما سلف قريبًا = وتفسير"كسب" ص: ٤٤٦، تعليق: ٣، والمراجع هناك.]] ="لهم شرابٌ من حميم".
* * *
و"الحميم" هو الحارّ، في كلام العرب، وإنما هو"محموم" صرف إلى"فعيل"، ومنه قيل للحمّام،"حمام" لإسخانه الجسم، ومنه قول مرقش:
فِي كُلِّ مُمْسًى لَهَا مِقْطَرَةٌ ... فِيهَا كِبَاءٌ مُعَدٌّ وَحَمِيمْ [[المفضليات: ٥٠٥، واللسان (قطر) (حمم) ، وسيأتي في التفسير ١١: ٦١ (بولاق) . من قصيدته في ابنة عجلان، جارية صاحبته فاطمة بنت المنذر، وكان لابنه عجلان قصر بكاظمة، وكان لها حرس يجرون الثياب كل ليلة حول قصرها، فلا يطؤه إلا بنت عجلان. وكانت تأخذ كل عشية رجلا من أهل المال يبيت عندها، فبات عندها المرقش ليلة، وقال ذاك الشعر، فوصفها بالنعمة والترف. و"المقطرة": المجمرة، يكون فيها القطر (بضم فسكون) ، وهو العود الذي يتبخر به. و"الكباء": ضرب من العود. يصف ما هي فيه من الترف، بين تبخر بالعود الطيب، وتنزه بالاستحمام بالماء الساخن، من شدة عنايتها ببدنها.]]
يعني بذلك ماء حارًّا، ومنه قول أبي ذويب الهذلي في صفة فرس:
تَأبَى بِدِرَّتِهَا إذَا مَا اسْتُضْغِبَتْ ... إلا الْحَمِيمَ فَإنّهُ يَتَبَضَّعُ [[ديوانه ١٧؛ المفضليات ٨٧٩، اللسان (حمم) (بصع) (بضع) ، وغيرها. وهذا من الأبيات التي أخذت على أبي ذؤيب، وأنه لا علم له بالخيل. وقد اختلف في روايته. روي: وإذا ما استغضبت" و"إذ اما استكرهت"، ورواية الطبري مذكورة في اللسان في (بضع) وروي أيضًا"يتصبع" بالصاد. أي يسيل قليلا قليلا. و"تبضع العرق" بالضاد، سال سيلا منقطعًا. وانظر شرح هذا البيت في المراجع، فإنه يطول ذكره هنا. وأما رواية: "استضغبت"، وهي التي هنا، فقد فسرت بأنه: فزعت، لأن"الضاغب"، هو الذي يختبئ في الخمر ليفزع بمثل صوت الأسد. و"الضغاب" و"الضغيب" صوت الأرنب والذئب إذا تضور.]]
يعني بالحميم: عرق الفرس.
* * *
وإنما جعل تعالى ذكره لهؤلاء الذين وصف صفتهم في هذه الآية شرابًا من حميم، لأن الحارّ من الماء لا يروي من عطش. فأخبر أنهم إذا عطشوا في جهنم لم يغاثوا بماء يرويهم، ولكن بما يزيدون به عطشًا على ما بهم من العطش ="وعذاب أليم"، يقول: ولهم أيضًا مع الشراب الحميم من الله العذابُ الأليم والهوان المقيم ="بما كانوا يكفرون"، يقول: بما كان من كفرهم في الدنيا بالله، وإنكارهم توحيده، وعبادتهم معه آلهة دونه.
* * *
١٣٤١٩ - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا"، قال يقال: أسلموا.
١٣٤٢٠ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:" أولئك الذين أبسلوا"، قال: فُضحوا.
١٣٤٢١ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا"، قال: أخذوا بما كسبوا.
{"ayah":"وَذَرِ ٱلَّذِینَ ٱتَّخَذُوا۟ دِینَهُمۡ لَعِبࣰا وَلَهۡوࣰا وَغَرَّتۡهُمُ ٱلۡحَیَوٰةُ ٱلدُّنۡیَاۚ وَذَكِّرۡ بِهِۦۤ أَن تُبۡسَلَ نَفۡسُۢ بِمَا كَسَبَتۡ لَیۡسَ لَهَا مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِیࣱّ وَلَا شَفِیعࣱ وَإِن تَعۡدِلۡ كُلَّ عَدۡلࣲ لَّا یُؤۡخَذۡ مِنۡهَاۤۗ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ أُبۡسِلُوا۟ بِمَا كَسَبُوا۟ۖ لَهُمۡ شَرَابࣱ مِّنۡ حَمِیمࣲ وَعَذَابٌ أَلِیمُۢ بِمَا كَانُوا۟ یَكۡفُرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق