الباحث القرآني
القول في تأويل قوله: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه ﷺ: وقل لهم، يا محمد، والله أعلم بالظالمين، والله هو الذي يتوفى أرواحكم بالليل فيقبضها من أجسادكم ="ويعلم ما جرحتم بالنهار"، يقول: ويعلم ما كسبتم من الأعمال بالنهار.
ومعنى"التوفي"، في كلام العرب استيفاء العدد، [[انظر تفسير: التوفي" فيما سلف ٦: ٤٥٥، ٤٥٦/٨: ٧٣/٩: ١٠٠/١١: ٢٣٩]] كما قال الشاعر: [[هو منظور الوبري.]]
إِنَّ بَنِي الأدْرَم لَيْسُوا مِنْ أَحَدْ ... وَلا تَوَفَّاهُمْ قُرَيْشٌ فِي العَدَدْ [[اللسان (وفي) ، وسيأتي في التفسير ٢١: ٦١ (بولاق) ، وكان في المطبوعة هنا: "إن بني الأدم"، وفي اللسان"إن بني الأدرد"، وهما خطأ، صوابه ما جاء في التفسير بعد.
و"بنو الأدرم" هو بنو"تيم بن غالب بن فهر بن مالك"، وهم من قريش الظواهر، لا قريش الأباطح. وهذا الراجز يهجوهم بأن قريشًا أهل الأباطح، لا يجعلون بني الأدرم (وهم من قريش الظواهر) تمامًا لعددهم، ولا يستوفون بهم عددهم إذا عدوا.]]
بمعنى: لم تدخلهم قريش في العدد.
* * *
وأما"الاجتراح" عند العرب، فهو عمل الرجل بيده أو رجله أو فمه، وهي"الجوارح" عندهم، جوارح البدن فيما ذكر عنهم. ثم يقال لكل مكتسب عملا"جارح"، لاستعمال العرب ذلك في هذه"الجوارح"، ثم كثر ذلك في الكلام حتى قيل لكل مكتسب كسبًا، بأيّ أعضاء جسمه اكتسب:"مجترِح". [[انظر تفسير"الجوارح" و"الاجتراح" فيما سلف ٩: ٥٤٣، ٥٤٤.]]
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٣٣٠٩ - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال: حدثنا أسباط، عن السدي:"وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار"، أما"يتوفاكم بالليل" ففي النوم = وأما"يعلم ما جرحتم بالنهار"، فيقول: ما اكتسبتم من الإثم.
١٣٣١٠ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:"وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار"، يعني: ما اكتسبتم من الإثم.
١٣٣١١ - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور قال، حدثنا معمر، عن قتادة:"ما جرحتم بالنهار"، قال: ما عملتم بالنهار.
١٣٣١٢- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة، مثله.
١٣٣١٣ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"وهو الذي يتوفاكم بالليل"، يعني بذلك نومهم ="ويعلم ما جرحتم بالنهار"، أي: ما عملتم من ذنب فهو يعلمه، لا يخفى عليه شيء من ذلك.
١٣٣١٤ - حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار"، قال: أمّا وفاته إياهم بالليل، فمنامهم = وأما"ما جرحتم بالنهار"، فيقول: ما اكتسبتم بالنهار.
* * *
قال أبو جعفر: وهذا الكلام وإن كان خبرًا من الله تعالى عن قدرته وعلمه، فإنّ فيه احتجاجًا على المشركين به، الذين كانوا ينكرون قدرته على إحيائهم بعد مماتهم وبعثهم بعد فنائهم. فقال تعالى ذكره محتجًا عليهم:"وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضي أجل مسمى"، يقول: فالذي يقبض أرواحكم بالليل ويبعثكم في النهار، لتبلغوا أجلا مسمى، وأنتم ترون ذلك وتعلمون صحّته، غير منكرٍ له القدرة على قبض أرواحكم وإفنائكم، ثم ردِّها إلى أجسادكم، وإنشائكم بعد مماتكم، فإن ذلك نظير ما تعاينون وتشاهدون، وغير منكر لمن قدر على ما تعاينون من ذلك، القدرةُ على ما لم تعاينوه. وإن الذي لم تروه ولم تعاينوه من ذلك، شبيه ما رأيتم وعاينتم.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٦٠) ﴾
[[أسقط في المطبوعة والمخطوطة: "ثم يبعثكم فيه"، وهو نص التلاوة.]]
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره:"ثم يبعثكم"، يثيركم ويوقظكم من منامكم [[انظر تفسير"البعث" فيما سلف ٢: ٨٤، ٨٥/٥: ٤٥٧/١٠: ٢٢٩.]] ="فيه" يعني في النهار، و"الهاء" التي في"فيه" راجعة على"النهار" [[في المطبوعة والمخطوطة: "والهاء التي فيه راجعة"، بإسقاط"في"، والصواب إثباتها.]] ="ليقضي أجلٌ مسمى"، يقول: ليقضي الله الأجل الذي سماه لحياتكم، وذلك الموت، فيبلغ مدته ونهايته [[انظر تفسير"أجل مسمى" فيما سلف ٦: ٤٣/١١: ٢٥٩.]] ="ثم إليه مرجعكم"، يقول: ثم إلى الله معادكم ومصيركم [[انظر تفسير"المرجع" فيما سلف ٦: ٤٦٤/١٠: ٣٩١/١١: ١٥٤.]] ="ثم ينبئكم بما كنتم تعملون"، يقول: ثم يخبركم بما كنتم تعملون في حياتكم الدنيا، [[انظر تفسير"النبأ" فيما سلف ص: ٣٣٥ تعليق: ٢، والمراجع هناك.]] ثم يجازيكم بذلك، إن خيرًا فخيرًا وإن شرًّا فشرًّا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٣٣١٥ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:" ثم يبعثكم فيه"، قال: في النهار.
١٣٣١٦ - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور قال، حدثنا معمر، عن قتادة:" ثم يبعثكم فيه"، في النهار، و"البعث"، اليقظة.
١٣٣١٧- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة مثله.
١٣٣١٨ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"ثم يبعثكم فيه"، قال: بالنهار. [[في المطبوعة: "في النهار"، وأثبت ما في المخطوطة.]]
١٣٣١٩ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال عبد الله بن كثير:"ثم يبعثكم فيه"، قال: يبعثكم في المنام.
* * *
="ليقضي أجل مسمى"، وذلك الموت.
* ذكر من قال ذلك:
١٣٣٢٠ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"ليقضي أجل مسمى"، وهو الموت.
١٣٣٢١ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"ليقضي أجل مسمى"، قال: هو أجل الحياة إلى الموت.
١٣٣٢٢ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال عبد الله بن كثير:"ليقضي أجل مسمى"، قال: مدّتهم.
{"ayah":"وَهُوَ ٱلَّذِی یَتَوَفَّىٰكُم بِٱلَّیۡلِ وَیَعۡلَمُ مَا جَرَحۡتُم بِٱلنَّهَارِ ثُمَّ یَبۡعَثُكُمۡ فِیهِ لِیُقۡضَىٰۤ أَجَلࣱ مُّسَمࣰّىۖ ثُمَّ إِلَیۡهِ مَرۡجِعُكُمۡ ثُمَّ یُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











