الباحث القرآني

القول في تأويل قوله: ﴿أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنزلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ (١٥٦) ﴾ قال أبو جعفر: اختلف أهل العربية في العامل في"أن" التي في قوله: ﴿أن تقولوا﴾ وفي معنى هذا الكلام. فقال بعض نحويي البصرة: معنى ذلك:"ثم آتينا موسى الكتاب تمامًا على الذي أحسن"، [[أرجح أن صواب العبارة: ((معنى ذلك: وهذا كتاب أنزلناه مبارك، كراهية أن تقولوا ... )) فإنه هو القول الذي اختاره أبو جعفر بعد. ولعله سهو منه أو من الناسخ.]] كراهيةَ أن تقولوا:"إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا". * * * وقال بعض نحويي الكوفة: بل ذلك في موضع نصب بفعل مضمر. قال: ومعنى الكلام: فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون = اتقوا أن تقولوا. قال: ومثله يقول الله ﴿أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ﴾ ، [سورة الحجرات: ٢] . * * * وقال آخرون منهم: هو في موضع نصب. قال: ونصبه من مكانين: أحدهما: أنزلناه لئلا يقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا [[في المطبوعة والمخطوطة: ((إنما أنزل الكتاب على)) وقطع، وزدت بقية الآية.]] = والآخر من قوله: ﴿اتقوا﴾ . قال: ولا يصلح في موضع"أن" كقوله: ﴿يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا﴾ [سورة النساء: ١٧٦] . [[انظر معاني القرآن للفراء ١: ٣٦.]] * * * قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب، قول من قال: نصب"أن" لتعلقها: بالإنزال، لأن معنى الكلام: وهذا كتاب أنزلناه مبارك لئلا تقولوا:"إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا". * * * فأما الطائفتان اللتان ذكرهما الله، وأخبر أنه إنما أنزل كتابه على نبيه محمد لئلا يقول المشركون:"لم ينزل علينا كتاب فنتبعه، ولم نؤمر ولم نُنْه، فليس علينا حجة فيما نأتي ونَذَر، إذ لم يأت من الله كتاب ولا رسول"، [[في المطبوعة: ((لم يأت)) ، وفي المخطوطة مثلها، وضرب عليها، ووضع حرف (ط) دلالة على الخطأ أو الشك، ورأين قراءتها، فهذا حق السياق.]] وإنما الحجة على الطائفتين اللتين أنزل عليهما الكتاب من قبلنا = فإنهما اليهود والنصارى، [[انظر تفسير ((الطائفة)) فيما سلف ٦: ٥٠٠، ٥٠٦ / ٩: ١٤١.]] وكذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ١٤١٨٠- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: ﴿أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا﴾ ، وهم اليهود والنصارى. ١٤١٨١- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ﴿أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا﴾ ، اليهود والنصارى يُخاف أن تقوله قريش. ١٤١٨٢- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج عن مجاهد: ﴿أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا﴾ ، قال: اليهود والنصارى. قال: أن تقول قريش. ١٤١٨٣- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: ﴿أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا﴾ ، وهم اليهود والنصارى. ١٤١٨٤- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: ﴿إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا﴾ ، أما الطائفتان: فاليهود والنصارى. * * * وأما ﴿وإن كنا عن دِرَاستهم لغافلين﴾ ، فإنه يعني: أن تقولوا: وقد كنا عن تلاوة الطائفتين الكتابَ الذي أنزلتُ عليهم [[انظر تفسير ((الدراسة)) فيما سلف ٦: ٥٤٦ / ١٢: ٢٥ - ٣١.]] ="غافلين"، لا ندري ما هي، [[في المخطوطة: ((ما هم)) ، ويؤيد ما في المطبوعة، ما سيأتي بعد في رقم: ١٤١٨٨.]] ولا نعلم ما يقرؤون وما يقولون، وما أنزل إليهم في كتابهم، لأنهم كانوا أهله دوننا، ولم نعن به ولم نؤمر بما فيه، ولا هو بلساننا، فيتخذوا ذلك حجة. فقطع الله بإنزاله القرآنَ على نبيه محمد ﷺ حجتهم تلك. [[انظر تفسير ((الغفلة)) فيما سلف من فهارس اللغة ((غفل)) .]] * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ١٤١٨٥- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: ﴿وإن كنا عن دراستهم لغافلين﴾ ، يقول: وإن كنا عن تلاوتهم لغافلين. ١٤١٨٦- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: ﴿وإن كنا عن دراستهم لغافلين﴾ ، أي: عن قراءتهم. ١٤١٨٧- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: ﴿وإن كنا عن دراستهم لغافلين﴾ ، قال:"الدراسة"، القراءة والعلم. وقرأ: ﴿وَدَرَسُوا مَا فِيهِ﴾ ، [سورة الأعراف: ١٦٩] . قال: علموا ما فيه، لم يأتوه بجهالة. ١٤١٨٨- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: ﴿وإن كنا عن دراستهم لغافلين﴾ ، يقول: وإن كنا عن قراءتهم لغافلين، لا نعلم ما هي.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب