الباحث القرآني

القول في تأويل قوله: ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإسْلامِ﴾ قال أبو جعفر: ويقول تعالى ذكره: فمن يرد الله أن يهديه للإيمان به وبرسوله وما جاء به من عند ربه، فيوفقه له [[انظر تفسير ((الهدى)) فيما سلف من فهارس اللغة (هدى) .]] = ﴿يشرح صدره للإسلام﴾ ، يقول: فسح صدره لذلك وهوَّنه عليه، وسهَّله له، بلطفه ومعونته، حتى يستنير الإسلام في قلبه، فيضيء له، ويتسع له صدره بالقبول، كالذي جاء الأثر به عن رسول الله ﷺ، الذي:- ١٣٨٥٢- حدثنا سوّار بن عبد الله العنبري قال، حدثنا المعتمر بن سليمان قال، سمعت أبي يحدث، عن عبد الله بن مرة، عن أبي جعفر قال: لما نزلت هذه الآية: ﴿فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام﴾ ، قالوا: كيف يشرح الصدر؟ قال: إذا نزل النور في القلب انشرح له الصدر وانفسح. قالوا: فهل لذلك آية يعرف بها؟ قال: نعم، الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل الفوت. [[الأثر: ١٣٨٥٢ - ((عبد الله بن مرة)) ، هكذا هو في المخطوطة والمطبوعة وتفسير ابن كثير، وأنا أستبعد أن يكون كذلك لأسباب. الأول - أني أستبعد أن يكون هو ((عبد الله بن مرة الخارفي)) ، الذي يروي عن ابن عمر، ومسروق، وأبي كثف، والذي يروي عنه العمش، ومنصور. وهو مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم ٢ / ٢ / ١٦٥، وهو ثقة. الثاني - أن الخبر رواه أبو جعفر الطبري بأسانيد، هذا ورقم: ١٣٨٥٣، ١٣٨٥٤، وهي تدور على ((عمرو بن مرة)) . الثالث - أنه سيتبين بعد مَنْ ((أبو جعفر)) الذي روى هذا الخبر، ومذكور هناك أنه روى عنه ((عمرو بن مرة)) ، ولم يذكر ((عبد الله بن مرة)) . فمن أجل ذلك أرجح أن صوابه ((أبو عبد الله بن مرة)) ، أو ((أبو عبد الله عمرو بن مرة)) ، فسقط من النساخ. وأما ((أبو جعفر)) الذي يدور عليه هذا الخبر، فهو موصوف في الخبر رقم ١٣٨٥٤: ((رجل يكنى أبا جعفر، كان يسكن المدائن)) ، ثم جاءت صفة أخرى في تخريج السيوطي لهذا الخبر في الدر المنثور، قال: ((رجل من بني هاشم، وليس هو محمد بن علي)) = يعني الباقر. وقد وقفت أولا عند ((أبي جعفر)) هذا، وظننت أنه مجهول، لأني لم أجد له ذكرًا في شيء مما بين يدي من الكتب، ولكن لما جئت إلى الخبر رقم: ١٣٨٥٦ من رواية ((خالد بن أبي كريمة، عن عبد الله بن المسور)) ، تبين لي على وجه القطع، أن ((أبا جعفر)) هذا، الذي كان يسكن المدائن، وكان من بني هاشم، هو نفسه ((عبد الله بن المسور)) ، الذي روى عنه رقم: ١٣٨٥٦. وإذن، فهو ((أبو جعفر)) : ((عبد الله بن المسور بن عون بن جعفر بن أبي طالب)) ((أبو جعفر الهاشمي المدائني)) . روى عنه عمرو بن مرة، وخالد بن أبي كريمة. مترجم في ابن أبي حاتم ٢ / ٢ / ١٦٩، وتاريخ بغداد ١٠: ١٧، وميزان الاعتدال للذهبي ٢: ٧٨، ولسان الميزان ٣: ٣٦٠. قال الخطيب. ((سكن المدائن، وحدث بها عن محمد بن الحنفية) ، وذكر في بعض ما ساقه من أسانيد أخباره: ((عن خالد بن أبي كريمة (وهو الآتي برقم: ١٣٨٥٦) ، عن أبي جعفر وهو عبد الله بن المسور، رجل من بني هاشم، كان يسكن المدائن)) . و ((أبو جعفر)) ، ((عبد الله بن المسور)) ضعيف كذاب. قال جرير بن رقبة: ((كان أبو جعفر الهاشمي المدائني، يضع أحاديث كلام حق عن رسول الله ﷺ، فاختلط بأحاديث رسول الله ﷺ، فاحتمله الناس)) . وعن عبد الله بن أحمد بن حنبل: ((قال أبي: أبو جعفر المدائني، اسمه عبد الله بن مسور بن عون بن جعفر بن أبي طالب. قال أبي: اضرب على حديثه، كان يضع الحديث ويكذب، وقد تركت أنا حديثه. وكان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدثنا عنه)) . وقال ابن أبي حاتم: ((سألت أبي عن جعفر الهاشمي فقال: الهاشميون لا يعرفونه، وهو ضعيف الحديث، يحدث بمراسيل لا يوجد لها أصل في أحاديث الثقات)) . وإذن، فالأخبار من رقم: ١٣٨٥٢ - ١٣٨٥٤، ورقم: ١٣٨٥٦ - أخبار معلولة ضعاف واهية، كما ترى. وهذه الأخبار الثلاثة: ١٣٨٥٢ - ١٣٨٥٤، ذكرها ابن كثير في تفسيره ٣: ٣٩٤، ٣٩٥، وخرجها السيوطي في الدر المنثور ٣: ٤٤، ونسب الخبر لابن المبارك في الزهد، وعبد الرزاق، والفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الأسماء والصفات. وقال ابن كثير في تفسيره ٣: ٣٩٥، وذكر هذه الأخبار، وخبر مسعود الذي رواه أبو جعفر برقم: ١٣٨٥٥، ١٣٨٥٧، ثم قال: ((فهذه طرق لهذا الحديث مرسلة ومتصلة، يشد بعضها بعضًا، والله أعلم. وأخطأ الحافظ جدًا كما ترى، فإن حديث أبي جعفر الهاشمي، أحاديث كذاب وضاع لا تشد شيئًا ولا تحله!! وكتبه محمود محمد شاكر.]] ١٣٨٥٣- حدثنا الحسن بن يحيى قالأخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن عمرو بن قيس، عن عمرو بن مرة، عن أبي جعفر قال: سئل النبي ﷺ: أي المؤمنين أكيس؟ قال: أكثرهم للموت ذكرًا، وأحسنهم لما بعده استعدادًا. قال: وسئل النبي ﷺ عن هذه الآية: ﴿فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام﴾ ، قالوا: كيف يشرح صدره، يا رسول الله؟ قال: نور يُقذف فيه، فينشرح له وينفسح. قالوا: فهل لذلك من أمارة يُعرف بها؟ قال:"الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل الموت. ١٣٨٥٤- حدثنا هناد قال، حدثنا قبيصة، عن سفيان، عن عمرو بن مرة، عن رجل يكنى"أبا جعفر"، كان يسكن المدائن قال: سئل النبي ﷺ عن قوله: ﴿فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام﴾ ، قال: نور يقذف في القلب فينشرح وينفسخ. قالوا: يا رسول الله، هل له من أمارة يعرف بها؟ = ثم ذكر باقي الحديث مثله. [[الأثران: ١٣٨٥٣، ١٣٨٥٤ - حديثان واهيان، كما سلف في التعليق على الخبر السالف. و ((عمرو بن مرة المرادي)) ، ثقة مأمون. مضى مرارًا، آخرها رقم: ١٢٣٩٦.]] ١٥٨٥٥- حدثني هلال بن العلاء قال، حدثنا سعيد بن عبد الملك بن واقد الحراني قال: حدثنا محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم، عن زيد بن أبي أنيسة، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة، عن عبد الله بن مسعود قال: قيل لرسول الله ﷺ حين نزلت هذه الآية: ﴿فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام﴾ ، قال: إذا دخل النور القلب انفسح وانشرح. قالوا: فهل لذلك من أمارة يعرف بها؟ قال: الإنابة إلى دار الخلود، والتنحِّي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل الموت. [[الأثر: ١٣٨٥٥ - ((هلال بن العلاء بن هلال الباهلي الرقى)) ، شيخ أبي جعفر، مضى برقم: ٤٩٦٤، وأنه صدوق، متكلم فيه. وكأن في المطبوعة: ((محمد بن العلاء)) ، وهو شيء لا أصل له هنا. وفي المخطوطة: ((لعلي ابن العلا)) ، غير منقوطة، كأنها تقرأ (يعلي بن العلا)) ، ولم أجد في شيوخ أبي جعفر، ولا في الرواة، من سمى بذلك. ورأيت ابن كثير في تفسيره ٣: ٣٩٥، نقل عن هذا الموضع من ابن جرير قال: ((حدثني هلال بن العلاء، حدثنا سعيد بن عبد الملك بن واقد)) ، فأيد هذا أن أبا جعفر روى آنفًا عن شيخه ((هلال بن العلاء)) ، أن الذي في المخطوطة تحريف على الأرجح، ولذلك أثبته كم هو في ابن كثير: ((هلال بن العلاء)) . و ((سعيد بن عبد الملك بن واقد الحراني)) . ضعيف، ضعفه ابن أبي حاتم، والدارقطني، وقال: ((لا يحتج به)) . قال أبو حاتم: ((يتكلمون فيه، يقال إنه أخذ كتبًا لمحمد بن سلمة، فحدث بها. ورأيت فيما حدث أكاذيب، كذب)) . مترجم في ابن أبي حاتم ٢ / ١ / ٤٥، ميزان الاعتدال ١: ٣٨٧، ولسان الميزان ٣: ٣٧. و ((محمد بن سلمة الحراني)) ، ثقة، مضى برقم: ١٧٥. و ((أبو عبد الرحيم)) ، هو ((خالد بن أبي يزيد الحراني)) ، روى ابن أخته ((محمد بن سلمة الحراني)) ، حسن الحديث متقن. مضى له ذكر في التعليق على الأثر رقم: ٨٣٩٦. و ((زيد بن أبي أنيسة الجزري)) ، ثقة، مضى برقم: ٤٩٦٤، ٨٣٩٦. و ((عمرو بن مرة المرادي)) ، مضى آنفًا في رقم: ١٣٨٥٣، ١٣٨٥٤. و ((أبو عبيدة)) ، هو ((أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود)) ، مضى مرارًا كثيرة جدًا، وهو لم يسمع من أبيه، كما سلف مرارًا. زهذا خبر ضعيف أيضًا، لضعف أحاديث ((سعيد بن واقد الحراني، عن ((محمد بن سلمة)) ، كما ذكر أبو حاتم. ثم لأن أبا عبيدة، لم يسمع من أبيه عبد الله بن مسعود. وسيأتي خبر عبد الله بن مسعود برقم: ١٣٨٥٧، من طريق أخرى. فالعجب لابن كثير. كيف تكون هذه أحاديث متصلة، ثم كيف تشدها أخبار كذاب وضاع. وانظر ما أسلفت في التعليق على رقم: ١٣٨٥٢.]] ١٣٨٥٦- حدثني سعيد بن الربيع الرازي قال، حدثنا سفيان بن عيينة، عن خالد بن أبي كريمة، عن عبد الله بن المسور قال: قرأ رسول الله ﷺ: ﴿فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام﴾ ، ثم قال رسول الله ﷺ: إذا دخل النور القلبَ انفسح وانشرح. قالوا: يا رسول الله، وهل لذلك من علامة تعرف؟ قال: نعم، الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل نزول الموت. [[الأثر: ١٣٨٥٦ - ((خالد بن أبي كريمة الأصبهاني)) و ((أبو عبد الرحمن الاسكاف)) وثقه أحمد وأبو داود، وابو حاتم وابن وابن حبان وقال ((يخطئ)) ، وضعفه ابن معين مترجم في التهذيب. والكبير ٢ / ١ / ١٥٤. وابن أبي حاتم ١ / ٢ / ٣٤٩. قال البخاري ((عن معاوية ابن قرة، وأبي جعفر عبد الله بن مسور المسوري)) ، ولم يذكر فيه جرحًا. و ((عبد الله بن مسور بن عون بن جعفر بن أبي طالب الهاشمي المدائني)) ، سلف برقم: ١٣٨٥٢، وأنه هو ((أبو جعفر)) المدائني، وأنه كذاب وضاع. وانظر تخريج الخبر والتعليق عليه هناك.]] ١٣٨٥٧- حدثني ابن سنان القزاز قال، حدثنا محبوب بن الحسن الهاشمي، عن يونس، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة، عن عبد الله بن مسعود، عن رسول الله ﷺ قال: ﴿فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام﴾ ، قالوا: يا رسول الله، وكيف يُشرح صدره؟ قال: يدخل فيه النور فينفسح. قالوا: وهل لذلك من علامة يا رسول الله؟ قال: التجافي عن دار الغرور، والإنالة إلى دار الخلود، والاستعداد للموت قبل أن ينزل الموت. [[الأثر: ١٣٨٥٧ - ((ابن سنان القزاز)) ، شيخ الطبري، هو: ((محمد بن سنان القزاز)) مضى برقم: ١٥٧، ١٩٩٩، ٢٠٥٦، ٥٤١٩، ٦٨٢٢. و ((محبوب بن الحسن الهاشمي البصري)) ، ((محبوب)) لقب، وهو به أشهر، واسمه: ((محمد بن الحسن بن هلال بن أبي زينب فيروز القرشي)) ، مولى بني هاشم. ثقة، وضعفوه مترجم في التهذيب، والكبير ١ / ١ / ٦٧، في ((محمد بن الحسن البصري)) ، وابن أبي حاتم في ((محمد ابن الحسن البصري)) ٣ / ٢ / ٢٢٨، ثم في ((محبوب بن الحسن بن هلال)) ٤ / ١ / ٣٨٨، ولم يشر إلى أن اسمه ((محمد بن الحسن)) . و ((يونس)) هو: ((يونس بن عبيد بن دينار العبدي)) ، ثقة، مضى برقم: ٢٦١٦، ٤٩٣١، ١٠٥٧٤. و ((عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة)) ، هذا إشكال شديد، فإن ((عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود)) ، متأخر جدًا، روى عن أبي إسحاق السبيعي وطبقته ومات سنة ١٦٠، أو سنة ١٦٥. و ((يونس بن عبيد)) ، أعلى طبقة منه، روى عن إبراهيم التيمي، والحسن البصري، وابن سيرين. ومات سنة ١٤٠، فهو في طبقة شيوخه، فلو كان يونس روى عنه، لذكر مثل ذلك في ترجمة ((عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة)) . وأنا أرجح أن صواب الإسناد: ((عن يونس، عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عتبة)) . وهو ((عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي)) ، كنيته ((أبو عبد الرحمن)) ، وهو الذي يروي عن عمه ((عبد الله بن مسعود)) ، وولد في عهد النبي ﷺ ورآه، ومات سنة ٧٤. فهو الخليق أن يروي عنه ((يونس بن عبيد)) . وهذا أيضًا خبر ضعيف، لضعف ((محبوب بن الحسن)) ، وإذن فكل ما قاله الحافظ ابن كثير من أن هذه الأخبار جاءت بأسانيد مرسلة ومتصلة يشد بعضها بعضًا، قول ينفيه شرح هذه الأسانيد كما رأيت، والله الموفق للصواب، وكتبه محمود محمد شاكر.]] وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ١٣٨٥٩- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: ﴿فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام﴾ ، أما"يشرح صدره للإسلام"، فيوسع صدره للإسلام. [[تخطيت في الترقيم رقم: ١٣٨٥٨: خطأ.]] ١٣٨٦٠- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قوله: ﴿فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام﴾ ، بـ "لا إله إلا الله". ١٣٨٦١- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك، عن ابن جريج قراءة: ﴿فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام﴾ ، بـ" لا إله إلا الله" يجعل لها في صدره متَّسعًا. * * * القول في تأويل قوله: ﴿وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا﴾ قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ومن أراد الله إضلاله عن سبيل الهدى، يَشغله بكفره وصدِّه عن سبيله، ويجعل صدره بخذلانه وغلبة الكفر عليه، [[في المطبوعة: ((لشغله بكفره ... يجعل صدره)) ، الأخيرة بغير واو، وفي المخطوطة كما أثبتها، وبغير واو في ((يجعل صدره)) ، والسياق يقتضي ما أثبت.]] حرجًا. [[انظر تفسير ((الإضلال)) فيما سلف من فهارس اللغة (ضلل) .]] * * * و"الحرج"، أشد الضيق، وهو الذي لا ينفذه، من شدة ضيقه، [[في المطبوعة: ((لا ينفذ)) ، وأثبت ما في المخطوطة. وهو الصواب.]] وهو ههنا الصدر الذي لا تصل إليه الموعظة، ولا يدخله نور الإيمان، لريْن الشرك عليه. وأصله من"الحرج"، و"الحرج" جمع"حَرَجة"، وهي الشجرة الملتف بها الأشجار، لا يدخل بينها وبينها شيء لشدة التفافها بها، [[انظر تفسير ((الحرج)) فيما سلف ٨: ٥١٨ / ١٠: ٨٥.]] كما:- ١٣٨٦٢- حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال، حدثنا هشيم قال، حدثنا عبد الله بن عمار = رجل من أهل اليمن= عن أبي الصلت الثقفي: أن عمر بن الخطاب رحمة الله عليه قرأ هذه الآية: ﴿وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا﴾ بنصب الراء. قال: وقرأ بعض مَنْ عنده من أصحاب رسول الله ﷺ:"ضَيِّقًا حَرِجًا". قال صفوان: فقال عمر: ابغوني رجلا من كنانة واجعلوه راعيًا، [[قوله: ((واجعلوه راعيًا)) ، أي التمسوه، وليكن راعيًا، ليس من معنى ((الجعل)) الذي هو التصيير. وهذا استعمال عربي عريق في ((جعل)) ، ولكنهم لم يذكروه في المعاجم، وهو دائر في كلام العرب، وهذا من شواهده، فليقيد في مكانه من كتب العربية.]] وليكن مُدْلجيًّا. [[((مدلج)) قبيلة من بني مرة بن عبد مناة بن كنانة، وهم القافة المشهورون، ويدل هذا الخبر على أن أرض مرعاهم كانت كثيرة الشجر.]] قال: فأتوه به. فقال له عمر: يا فتى، ما الحرجة؟ قال:"الحرجة" فينا، الشجرة تكون بين الأشجار التي لا تصل إليها راعيةٌ ولا وحشيَّة ولا شيء. قال: فقال عمر: كذلك قلبُ المنافق لا يصل إليه شيء من الخير. [[الأثر: ١٣٨٦٢ - ((عبد الله بن عمار اليمامي)) ، قال ابن أبي حاتم: ((مجهول)) ، وذكره ابن حبان في الثقات. مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم ٢ / ٢ / ١٢٩. و ((أبو الصلت الثقفي)) ، روى عن عمر، وروى عنه عبد الله بن عمار اليمامي، هذا الحديث. مترجم في التهذيب، والكني للبخاري: ٤٤، وابن أبي حاتم ٤ / ٢ / ٣٩٤. وهذا خبر عزيز جدًا. في بيان رواية اللغة وشرحها، وسؤال الأعراب والرعاة عنها.]] ١٣٨٦٣- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: ﴿ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقًا حرجًا﴾ ، يقول: من أراد الله أن يضله يضيق عليه صدره حتى يجعل الإسلام عليه ضيقًا، والإسلام واسع. وذلك حين يقول: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ ، [سورة الحج:٧٨] ، يقول: ما جعل عليكم في الإسلام من ضيق. * * * واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك. فقال: بعضهم معناه: شاكًّا. * ذكر من قال ذلك: ١٣٨٦٤- حدثنا عمران بن موسى قال، حدثنا عبد الوارث بن سعيد قال، حدثنا حميد، عن مجاهد: ﴿ضيقًا حرجًا﴾ قال: شاكًّا. ١٣٨٦٥- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: ﴿ضيقًا حرجًا﴾ أما"حرجًا"، فشاكًّا. * * * وقال آخرون: معناه: ملتبسًا. * ذكر من قال ذلك: ١٣٨٦٦- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: ﴿يجعل صدره ضيقًا حرجًا﴾ ، قال: ضيقًا ملتبسًا. ١٣٨٦٧- حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن الحسن، عن قتادة أنه كان يقرأ: ﴿ضَيِّقًا حَرَجًا﴾ ، يقول: ملتبسًا. * * * وقال آخرون: معناه: أنه من شدة الضيق لا يصل إليه الإيمان. * ذكر من قال ذلك: ١٣٨٦٨- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير، عن حبيب بن أبي عمرة، عن سعيد بن جبير: ﴿يجعل صدره ضيقًا حرجًا﴾ ، قال: لا يجد مسلكًا إلا صُعُدًا. ١٣٨٦٩- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن عطاء الخراساني: ﴿ضيقًا حرجًا﴾ ، قال: ليس للخير فيه منفَذٌ. ١٣٨٧٠- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك، عن معمر، عن عطاء الخراساني، مثله. ١٣٨٧١- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج عن ابن جريج قوله: ﴿ومن يرد أن يضلّه يجعل صدره ضيقًا حرجًا﴾ ، بلا إله إلا الله، لا يجد لها في صدره مَسَاغًا. ١٣٨٧٢- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك، عن ابن جريج قراءةً في قوله: ﴿ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقًا﴾ ، بلا إله إلا الله، حتى لا تستطيع أن تدخله. * * * واختلفت القرأة في قراءة ذلك. فقرأه بعضهم: ﴿ضَيِّقًا حَرَجًا﴾ بفتح الحاء والراء من ﴿حرجًا﴾ ، وهي قراءة عامة المكيين والعراقيين، بمعنى جمع"حرجة"، على ما وصفت. [[انظر ص: ١٠٣، ١٠٤.]] * * * وقرأ ذلك عامة قرأة المدينة:"ضَيِّقًا حَرِجًا"، بفتح الحاء وكسر الراء. * * * ثم اختلف الذين قرأوا ذلك في معناه. فقال بعضهم: هو بمعنى:"الحَرَج". وقالوا:"الحرَج" بفتح الحاء والراء، و"الحرِج" بفتح الحاء وكسر الراء، بمعنى واحد، وهما لغتان مشهورتان، مثل:"الدَّنَف" و"الدَّنِف"، و"الوَحَد" و"الوَحِد"، و"الفَرَد" و"الفَرِد". * * * وقال آخرون منهم: بل هو بمعنى الإثم، من قولهم:"فلان آثِمٌ حَرِجٌ"، وذكر عن العرب سماعًا منها:"حَرِجٌ عليك ظُلمي"، بمعنى: ضِيقٌ وإثْم. [[انظر معاني القرآن للفراء ١: ٣٥٣، ٣٥٤.]] قال أبو جعفر: والقول عندي في ذلك أنهما قراءتان مشهورتان، ولغتان مستفيضتان بمعنى واحد، وبأيتهما قرأ القارئ فهو مصيبٌ، لاتفاق معنييهما. وذلك كما ذكرنا من الروايات عن العرب في"الوحَد" و"الفَرَد" بفتح الحاء من"الوحد" والراء من"الفرد"، وكسرهما، بمعنى واحدٍ. * * * وأما"الضيِّق"، فإن عامة القرأة على فتح ضاده وتشديد يائه، خلا بعض المكيين فإنه قرأه:"ضَيْقًا"، بفتح الضاد وتسكين الياء، وتخفيفه. وقد يتجه لتسكينه ذلك وجهان: أحدهما أن يكون سكنه وهو ينوي معنى التحريك والتشديد، كما قيل:"هَيْنٌ لَيْنٌ"، بمعنى: هيِّنٌ ليِّنٌ. والآخر: أن يكون سكنه بنية المصدر، من قولهم:"ضاق هذا الأمر يضيق ضَيْقًا"، كما قال رؤبة: قَدْ عَلِمْنَا عِنْدَ كُلِّ مَأْزِقِ ... ضَيْقٍ بِوَجْهِ الأمْرِ أَوْ مُضَيِّقِ [[ليسا في ديوانه، ولم أجدهما في مكان آخر، ومنها أبيات في الزيادات: ١٧٩، ١٨٠، ولم يذكرا معها. وكان في المطبوعة: ((وقد علمنا)) بزيادة الواو. وكان فيها: ((أي مضيق)) ، وأثبت ما في المخطوطة، وهو صواب إن شاء الله.]] ومنه قول الله: ﴿وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ﴾ ، [سورة النحل: ١٢٧] . وقال رؤبة أيضًا * وَشَفَّها اللَّوحُ بِمَأْزُولٍ ضَيَقْ * [[ديوانه: ١٠٥، والوساطة: ١٤. ((مأزول)) من ((الأزل)) (بسكون الزاي) ، وهو الضيق والجدب وشدة الزمان، وفي حديث الدجال: ((أنه يحضر الناس ببيت المقدس، فيؤزلون أزلا)) ، أي: يقحطون ويضيق عليهم. ومعنى: ((مأزول)) ، أصابه القحط، يعني مرعى، ومثله قول الراجز: إنَّ لَهَا لَرَاعِيًا جَرِيَّا ... أَبْلا بمَا يَنْفَعُها قَوِيَّا لَمْ يَرْعَ مَأْزُولا وَلا مَرْعِيَّا ... حَتَّى علاَ سَنَامُهَا عُلِيَّا و ((شفها)) أنحل جسمها، وأذهب شحمها. و ((اللوح)) (بضم اللام) وهو أعلى اللغتين، و ((اللوح)) (بفتح فسكون) : وهو العطش الذي يلوح الجسم، أي يغيره. وقوله: ((ضيق)) حرك ((الياء)) بالفتح. وعده القاضي الجرجاني في أخطاء رؤبة.]] بمعنى: ضيّق. وحكي عن الكسائي أنه كان يقول:"الضيِّقُ"، بالكسر: في المعاش والموضع، وفي الأمر"الضَّيْق". * * * قال أبو جعفر: وفي هذه الآية أبينُ البيان لمن وُفّق لفهمهما، عن أن السبب الذي به يُوصل إلى الإيمان والطاعة، غير السبب الذي به يُوصل إلى الكفر والمعصية، وأن كلا السببين من عند الله. [[هذا رد على المعتزلة، وانظر ما سلف ص: ٩٢، تعليق: ٣، وهو من أجود الردود على دعوى المعتزلة.]] وذلك أن الله جل ثناؤه أخبر عن نفسه أنه يشرح صدرَ من أراد هدايته للإسلام، ويجعل صدر من أراد إضلاله ضيِّقًا عن الإسلام حَرَجًا كأنَّما يصعد في السماء. ومعلومٌ أن شرح الصدر للإيمان خِلافُ تضييقه له، وأنه لو كان يوصل بتضييق الصدر عن الإيمان إليه، لم يكن بين تضييقه عنه وبين شرحه له فرق، ولكان من ضُيِّق صدره عن الإيمان، قد شُرِح صدره له، ومن شرح صدره له، فقد ضُيِّق عنه، إذ كان مَوْصولا بكل واحد منهما= أعني من التضييق والشرح = إلى ما يُوصَل به إلى الآخر. ولو كان ذلك كذلك، وجب أن يكون الله قد كان شرح صدرَ أبي جهل للإيمان به، وضيَّق صدر رسول الله ﷺ عنه. وهذا القول من أعظم الكفر بالله. وفي فساد ذلك أن يكون كذلك، الدليلُ الواضح على أن السَّبب الذي به آمن المؤمنون بالله ورسله، وأطاعه المطيعون، غير السبب الذي كفر به الكافرون بالله وعصاه العاصون، وأن كِلا السببين من عند الله وبيده، لأنه أخبر جل ثناؤه أنه هو الذي يشرح صدرَ هذا المؤمن به للإيمان إذا أراد هدايته، ويضيِّق صدر هذا الكافر عنه إذا أراد إضلالَه. * * * القول في تأويل قوله: ﴿كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ﴾ قال أبو جعفر: وهذا مثل من الله تعالى ذكره، ضربه لقلب هذا الكافر في شدة تضييقه إياه عن وصوله إليه، مثل امتناعه من الصُّعود إلى السماء وعجزه عنه، لأن ذلك ليس في وسعه. * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ١٣٨٧٣- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن عطاء الخراساني: ﴿كأنما يصعد في السماء﴾ ، يقول: مثله كمثل الذي لا يستطيع أن يصعد في السماء. ١٣٨٧٤- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك، عن معمر، عن عطاء الخراساني، مثله. ١٣٨٧٥- وبه قال، أخبرنا ابن المبارك، عن ابن جريج قراءةً:"يجعل صدره ضيقًا حرجًا"، بلا إله إلا الله، حتى لا تستطيع أن تدخله،"كأنما يصعد في السماء"، من شدّة ذلك عليه. ١٣٨٧٦- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، مثله. ١٣٨٧٧- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: ﴿كأنما يصعد في السماء﴾ ، من ضيق صدره. * * * واختلفت القرأة في قراءة ذلك. فقرأته عامة قرأة أهل المدينة والعراق: ﴿كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ﴾ ، بمعنى:"يتصعَّد"، فأدغموا التاء في الصاد، فلذلك شدَّدوا الصاد. * * * وقرأ ذلك بعض الكوفيين:"يَصَّاعَدُ"، بمعنى:"يتصاعد"، فأدغم التاء في الصاد، وجعلها صادًا مشدَّدة. * * * وقرأ ذلك بعض قرأة المكيين:"كَأَنَّمَا يَصْعَدُ"، من"صَعِد يصعَد". * * * وكل هذه القراءات متقاربات المعانى، وبأيِّها قرأ القارئ فهو مصيب، غير أني أختار القراءة في ذلك بقراءة من قرأه: ﴿كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ﴾ ، بتشديد الصاد بغير ألف، بمعنى:"يتصعد"، لكثرة القرأة بها، [[انظر تفسير ((الصعود)) فيما سلف ٧: ٢٩٩ - ٣٠٢.]] ولقيل عمر بن الخطاب رضي الله عنه:"مَا تَصَعَّدَني شَيْء مَا تَصَعَّدَتْنِي خُطْبَةُ النّكاح". * * * القول في تأويل قوله: ﴿كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (١٢٥) ﴾ قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: كما يجعل الله صدر مَنْ أراد إضلاله ضيقًا حرجًا، كأنما يصعد في السماء من ضيقه عن الإيمان فيجزيه بذلك، كذلك يسلّط الله الشيطان عليه وعلى أمثاله ممن أبَى الإيمان بالله ورسوله، فيغويه ويصدّه عن سبيل الحق. * * * وقد اختلف أهل التأويل في معنى"الرجس". فقال بعضهم: هو كل ما لا خير فيه. * ذكر من قال ذلك: ١٣٨٧٨- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال:"الرجس"، ما لا خير فيه. ١٣٨٧٩- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نحيح، عن مجاهد: ﴿يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون﴾ ، قال: ما لا خير فيه. * * * وقال آخرون:"الرجس"، العذاب. * ذكر من قال ذلك: ١٣٨٨٠- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: ﴿كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون﴾ ، قال: الرجس عذابُ الله. * * * وقال آخرون:"الرجس"، الشيطان. * ذكر من قال ذلك: ١٣٨٨١- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: ﴿الرجس﴾ ، قال: الشيطان. * * * وكان بعض أهل المعرفة بلغات العرب من الكوفيين يقول:"الرِّجْس"،"والنِّجْس" لغتان. ويحكى عن العرب أنها تقول:"ما كان رِجْسًا، ولقد رَجُس رَجَاسة" و"نَجُس نَجَاسة". وكان بعض نحويي البصريين يقول:"الرجس" و"الرِّجز"، سواء، وهما العذاب. [[انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ٢٠٦، فهذا قوله.]] * * * قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي ما قاله ابن عباس، ومَنْ قال إن"الرجس" و"النجس" واحد، للخبر الذي رُوي عن رسول الله ﷺ أنه كان يقول إذا دخل الخَلاء:"اللهُمّ إنّي أعوذ بك من الرجْس النِّجْس الخبيث المُخْبِثِ الشيطان الرَّجيم". [[قال أبو عبيد: ((الخبيث)) ذو الخبث في نفسه، و ((المخبث)) (بكسر الباء) : الذي أصحابه وأعوانه خبثاء = وهو مثل قولهم: ((فلان ضعيف مضعف، وقوي مقو)) ، فالقوي في بدنه، والمقوى الذي تكون دابته قوية = يريد هو الذي يعلمهم الخبث ويوقعهم فيه.]] ١٣٨٨٢- حدثني بذلك عبد الرحمن بن البختري الطائي قال، حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن إسماعيل بن مسلم، عن الحسن وقتادة، عن أنس، عن النبي ﷺ. [[الأثر: ١٣٨٨٢ - ((عبد الرحمن بن البختري الطائي)) ، شيخ أبي جعفر، لم أجد له ذكرًا فيما بين يدي من الكتب؛ وأخشى أن يكون في اسمه خطأ. و ((عبد الرحمن بن محمد المحاربي)) ، سلف مرارًا كثيرة، آخرها رقم: ١٠٣٣٩. و ((إسماعيل بن مسلم المكي البصري)) ، مضى برقم: ٥٤١٧، ٨٨١١. وهذا إسناد صحيح، ولكني لم أجد هذا الخبر في حديث أنس، في المسند أو غيره، ووجدته بهذا اللفظ في حديث أبي أمامة بإسناد ضعيف، من طريق يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، رواه ابن ماجه في سننه ص: ١٠٩ رقم: ٢٩٩. قال ابن حبان: ((إذا اجتمع في إسناد خبر، عبيد الله بن زحر، وعلى بن يزيد، عن القاسم، فذاك مما عملته أيديهم!)) .]] * * * وقد بيَّن هذا الخبر أن"الرِّجْس" هو"النِّجْس"، القذر الذي لا خير فيه، وأنه من صفة الشيطان.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب