الباحث القرآني

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (١٠٤) ﴾ قال أبو جعفر: وهذا أمرٌ من الله جل ثناؤه نبيَّه محمدًا ﷺ أن يقول لهؤلاء الذين نبَّههم بهذه الآيات من قوله: [[في المطبوعة والمخطوطة: ((لهذه الآيات)) باللام، وصواب السياق يقتضي ما أثبت.]] "إن الله فالق الحب والنوى" إلى قوله:"وهو اللطيف الخبير" على حججه عليهم، وعلى سائر خلقه معهم، [[في المطبوعة ((وعلى تبيين خلقه معهم)) ، وهو كلام لا معنى له، وهو في المخطوطة سيئ الكتابة، وصواب قراءته ما أثبت. قوله: ((وعلى سائر خلقه معهم)) ، معطوف على قوله: ((عليهم)) قبله. وقوله: ((على حججه)) ، السياق: ((أن يقول لهؤلاء الذين نبههم بهذه الآيات ... على حججه عليهم)) . وقوله بعد: ((العادلين به الأوثان)) ، صفة لقوله آنفًا ((أن يقول لهؤلاء الذين نبههم بهذه الآيات.. .))]] العادلين به الأوثان والأنداد، والمكذبين بالله ورسوله محمد ﷺ وما جاءهم من عند الله= قل لهم يا محمد:"قد جاءكم"، أيها العادلون بالله، والمكذبون رسوله="بصائر من ربكم"، أي: ما تبصرون به الهدى من الضلال، والإيمان من الكفر. * * * = وهي جمع"بصيرة"، ومنه قول الشاعر: [[هو الأسعر الجعفي.]] حَمَلُوا بَصَائِرَهُمْ عَلَى أَكْتَافِهِمْ ... وَبَصِيرَتِي يَعْدُو بِهَا عَتَدٌ وَأَى [[الأصمعيات: ٢٣ (وطبعة المعارف: ١٥٧) ، والوحشيات رقم: ٥٨، المخصص ١: ١٦٠، اللسان (بصر) (عتد) (وأي) . وغيرها كثير. وهي من قصيدة عير فيها إخوته لأبيه، وذلك أن أباه قتل وهو غلام، فأخذ إخوته لأبيه الدية فأكلوها، فلما شب الأسعر، أدرك بثأر أبيه، وقال قبله: ولقد عَلِمْتُ، عَلَى تَجَشُّمِيَ الرَّدَى ... أَنَّ الحُصُونَ الخَيْلُ لا مَدَرُ القُرَى وفسر أصحاب اللغة ((البصيرة)) هنا بأنها الدم ما لم يسل، يعني: دماءهم في أبدانهم، يعير أخوته. وقال غيرهم: ((البصائر)) دم أبيهم، يقول: تركوا دم أبيهم خلفهم ولم يثأروا به، وطلبته أنا. و ((عتد)) (بفتح العين، وفتح التاء أو كسرها) : الفرس الشديد التام الخلق، السريع الوثبة، المعد للجري، ليس فيه اضطراب ولا رخاوة. و ((الوأي)) ، الفرس السريع الطويل المقتدر الخلق.]] يعني بالبصيرة: الحجة البينة الظاهرة، [[انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ٢٠٣]] كما:- ١٣٧٠٣- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله:"قد جاءكم بصائر من ربكم" قال:"البصائر" الهدى، بصائر في قلوبهم لدينهم، وليست ببصائر الرؤوس. وقرأ: ﴿فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ [سورة الحج: ٤٦] وقال: إنما الدين بصره وسمعه في هذا القلب. [[((الدين)) (بتشديد الياء وكسرها) : المتدين، صاحب الدين.]] ١٣٧٠٤- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"قد جاءكم بصائر من ربكم"، أي بينة. وقوله:"فمن أبصر فلنفسه" يقول: فمن تبين حجج الله وعرَفها وأقرَّ بها، وآمن بما دلّته عليه من توحيد الله وتصديق رسوله وما جاء به، فإنما أصاب حظ نفسه، ولنفسه عمل، وإياها بَغَى الخير="ومن عمي فعليها"، يقول: ومن لم يستدلّ بها، ولم يصدق بما دلَّته عليه من الإيمان بالله ورسوله وتنزيله، ولكنه عمي عن دلالتها التي تدل عليها، يقول: فنفسَه ضر، وإليها أساء لا إلى غيرها. * * * وأما قوله:"وما أنا عليكم بحفيظ"، يقول: وما أنا عليكم برقيب أحصي عليكم أعمالكم وأفعالكم، وإنما أنا رسول أبلغكم ما أرسلت به إليكم، والله الحفيظ عليكم، الذي لا يخفى عليه شيء من أعمالكم. [[انظر تفسير ((الحفيظ)) فيما سلف ٨: ٥٦٢.]]
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب