الباحث القرآني

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ (٥٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٥٥) ﴾ يقول تعالى ذكره ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ﴾ يتنعمون فيهما، ﴿مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ﴾ ، فنصب متكئين على الحال من معنى الكلام الذي قبله، لأن الذي قبله بمعنى الخبر عمن خاف مقام ربه أنه في نَعْمة وسرور، يتنعمون في الجنتين. * * * وقوله: ﴿عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ﴾ يقول تعالى ذكره: بطائن هذه الفرش من غليظ الديباج، والإستبرق عند العرب: ما غلظ من الديباج وخشن. وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة يقول: يسمى المتاع الذي ليس في صفاقة الديباج، ولا خفة العَرَقَة إستبرقا. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ** ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثني عمران بن موسى القزاز، قال: ثنا عبد الوارث بن سعيد، قال: ثنا يحيى بن أبي إسحاق، قال، قال لي سالم بن عبد الله: ما الإستبرق؟ قال، قلت: ما غلظ من الديباج وخشن منه. ⁕ حدثنا محمد بن بشار قال: ثنا يحيى بن أبي عَرُوبة، عن قتادة، عن عكرِمة، في قوله: ﴿إسْتَبْرَق﴾ قال: الديباج الغليظ. ⁕ وحدثنا إسحاق بن زيد الخطابي، قال: ثنا الفريابيّ، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن يريم عن ابن مسعود في قوله: ﴿فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ﴾ قال: قد أخبرتم بالبطائن، فكيف لو أخبرتم بالظواهر؟. ⁕ حدثنا الرفاعي، قال: ثنا ابن اليمان، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن هبيرة، قال: هذه البطائن فما ظنكم بالظواهر؟. ⁕ حدثنا أبو هشام الرفاعي، قال: ثنا أبو داود، عن يعقوب، عن جعفر، عن سعيد، قال: قيل له: هذه البطائن من إستبرق فما الظواهر؟ قال: هذا مما قال الله ﴿فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾ . وقد زعم أهل العربية أن البطانة قد تكون ظهارة، والظهارة تكون بطانة، وذلك أن كل واحد منهما قد يكون وجها. قال: وتقول العرب: هذا ظهر السماء، وهذا بطن السماء لظاهرها الذي نراه. * * * وقوله: ﴿وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ﴾ يقول: وثمر الجنتين الذي يجتني قريب منهم، لأنهم لا يتعبون بصعود نخلها وشجرها، لاجتناء ثمرها، ولكنهم يجتنونها من قعود بغير عناء. كما:- ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ﴿وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ﴾ : ثمارهم دانية، لا يردّ أيديهم عنه بعد ولا شوك. ذُكر لنا أن نبي الله ﷺ قال: "وَالَّذي نَفسِي بيَدِهِ، لا يَقْطَعُ رَجُلٌ ثَمَرة مِنَ الجَنَّةِ، فَتَصِلُ إلى فِيهِ حتى يُبَدّلَ الله مَكانَها خَيْرا منْها". ⁕ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ﴿وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ﴾ قال: لا يردّ يده بعد ولا شوك. ⁕ حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ﴿وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ﴾ يقول: ثمارها دانية. * * * وقوله: ﴿فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ يقول تعالى ذكره: فبأيّ آلاء ربكما معشر الثقلين التي أنعم عليكما -من أثاب أهل طاعته منكم هذا الثواب، وأكرمهم هذه الكرامة - تكذّبان.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب