الباحث القرآني

القول في تأويل قوله: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (٥٩) ﴾ قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه ﷺ: قل، يا محمد، لأهل الكتاب من اليهود والنصارى: يا أهل الكتاب، هل تكرهون منا أو تجدون علينا في شيء إذ تستهزئون بديننا، وإذ أنتم إذا نادينا إلى الصلاة اتخذتم نداءنا ذلك هزوًا ولعبًا [[في المطبوعة: "أو تجدون علينا حتى تستهزئوا بديننا إذ أنتم إذا نادينا إلى الصلاة"، لم يحسن قراءة المخطوطة، فحذف وغير وبدل، وأساء غاية الإساءة.]] ="إلا أن آمنا بالله"، يقول: إلا أن صدقنا وأقررنا بالله فوحدناه، وبما أنزل إلينا من عند الله من الكتاب، وما أنزل إلى أنبياء الله من الكتب من قبل كتابنا="وأن أكثركم فاسقون"، يقول: وإلا أن أكثركم مخالفون أمر الله، خارجون عن طاعته، تكذبون عليه. [[انظر تفسير"الفسق" فيما سلف ص: ٣٩٣ تعليق: ٣، والمراجع هناك.]] * * * والعرب تقول:"نقَمتُ عليك كذا أنقِم"= وبه قرأه القرأة من أهل الحجاز والعراق وغيرهم= و"نقِمت أنقِم"، لغتان [[اللغة الأولى"نقم" (بفتحتين) "ينقم" (بكسر القاف) = واللغة الثانية"نقم" (بفتح فكسر) "ينقم" (بكسر القاف أيضا) .]] = ولا نعلم قارئًا قرأ بهما [[في المطبوعة: "قرأ بها" بالإفراد، والصواب ما في المخطوطة، ويعني"نقمت"، أنقم. من اللغة الثانية.]] بمعنى وجدت وكرهت، [["وجدت" من قولهم: "وجد عليه يجد وجدًا وموجدة": غضب.]] ومنه قول عبد الله بن قيس الرقيات: [[مختلف في اسمه يقال: "عبد الله" ويقال: "عبيد الله" بالتصغير، وهو الأكثر.]] مَا نَقَمُوا مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ إِلا ... أَنَّهُمْ يَحْلُمُونَ إِنْ غَضِبُوا [[ديوانه: ٧٠، ومجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١٧٠، واللسان (نقم) ، من قصيدته التي قالها لعبد الملك بن مروان، في خبر طويل ذكره أبو الفرج في الأغاني ٥: ٧٦- ٨٠، وبعد البيت: وأنَّهُمْ مَعْدِنَ المُلُوكِ، فَلا ... تَصْلُحُ إلا عَلَيْهِمُ العَرَبُ إِن الفَنِيق الَّذِي أَبُوهُ أَبُو ... العَاصِي، عَلَيْهِ الوَقَارُ والحُجُبُ خَلِيفَةُ اللهِ فَوْقَ مِنْبَرِه ... جَفَّتْ بِذَاكَ الأقْلامُ والكُتُبُ يَعْتَدِلُ التَّاجُ فَوْقَ مَفْرِقِهِ ... عَلَى جَبِينٍ كأَنّهُ الذَّهَبُ]] * * * وقد ذكر أن هذه الآية نزلت بسبب قوم من اليهود. * ذكر من قال ذلك: ١٢٢١٩ - حدثنا هناد بن السري قال، حدثنا يونس بن بكير قال، حدثنا محمد بن إسحاق، قال، حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت قال، حدثني سعيد بن جبير أو عكرمة، عن ابن عباس قال: أتى رسولَ الله ﷺ نفرٌ من اليهود فيهم أبو ياسر بن أخطب، ورافع بن أبي رافع، وعازر، [[في المخطوطة: "عازي"، وصوابه من المراجع الآتي ذكرها.]] وزيد، وخالد، وأزار بن أبي أزار، وأشيع، فسألوه عمن يؤمن به من الرسل؟ قال: أومن بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط، وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرّق بين أحد منهم ونحن له مسلمون. [[هذا تضمين آية سورة البقرة: ١٣٦.]] فلما ذكر عيسى جحدوا نبوته وقالوا: لا نؤمن بمن آمن به! [[في المخطوطة: "لا نؤمن آمن به"، أسقط"بمن".]] فأنزل الله فيهم:"قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل وأن أكثركم فاسقون". [[الأثر: ١٢٢١٩- سيرة ابن هشام ٢: ٢١٦، ومضى بالإسنادين رقم ٢١٠١، ٢١٠٢]] * * * = عطفًا بها على"أن" التي في قوله:"إلا أن آمنا بالله"، [[يعني قوله: "وأن أكثركم فاسقون"، فتح الألف من"وأن"، عطفًا بها على"أن" التي في قوله: "إلا أن آمنا بالله".]] لأن معنى الكلام: هل تنقمون منا إلا إيمانَنا بالله وفسقكم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب