الباحث القرآني

القول في تأويل قوله: ﴿وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (٤٣) ﴾ قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره: وكيف يحكمك هؤلاء اليهود، يا محمد، بينهم، فيرضون بك حكمًا بينهم="وعندهم التوراة" التي أنزلتها على موسى، التي يقرُّون بها أنها حق، وأنها كتابي الذي أنزلته إلى نبيي، [[في المطبوعة: على"نبيي"، وأثبت ما في المخطوطة.]] وأن ما فيه من حكم فمن حكمي، يعلمون ذلك لا يتناكرونه، ولا يتدافعونه، ويعلمون أن حكمي فيها على الزاني المحصن الرجم، وهم مع عملهم بذلك="يتولون"، يقول: يتركون الحكم به، بعد العلم بحكمي فيه، جراءة عليّ وعصيانًا لي. [[انظر تفسير" تولى" فيما سلف ٩: ١٨، تعليق ١، والمراجع هناك.]] وهذا، وإن كان من الله تعالى ذكره خطابًا لنبيه ﷺ، فإنه تقريعٌ منه لليهود الذين نزلت فيهم هذه الآية. يقول لهم تعالى ذكره: كيف تقرّون، أيها اليهود، بحكم نبيّي محمد ﷺ، مع جحودكم نبوته وتكذيبكم إياه، وأنتم تتركون حكمي الذي تقرون به أنه حق عليكم واجبٌ، جاءكم به موسى من عند الله؟ يقول: فإذْ كنتم تتركون حكمي الذي جاءكم به موسى الذي تقرّون بنبوّته في كتابي، فأنتم بترك حكمي الذي يخبركم به نبيِّي محمد أنه حكمي- أحْرَى، مع جحودكم نبوَّته. * * * ثم قال تعالى ذكره مخبرًا عن حال هؤلاء اليهود الذين وصف صفتهم في هذه الآية عنده، وحال نظرائهم من الجائرين عن حكمه، الزائلين عن محجّة الحق="وما أولئك بالمؤمنين"، يقول: ليس من فعل هذا الفعل- أي: من تولّى عن حكم الله، الذي حكم به في كتابه الذي أنزله على نبيه، في خلقه [[السياق: " ... الذي حكم به في كتابه ... في خلقه".]] = بالذي صدَّق الله ورسوله فأقرّ بتوحيده ونبوّة نبيه ﷺ، لأن ذلك ليس من فِعل أهل الإيمان. * * * وأصل"التولى عن الشيء"، الانصرافُ عنه، كما:- ١٢٠٠٢ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير:"ثم يتولون من بعد ذلك"، قال:"توليهم"، ما تركوا من كتاب الله. ١٢٠٠٣ - حدثنا المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله"، يعني: حدود الله، فأخبر الله بحكمه في التوراة. ١٢٠٠٤ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"وعندهم التوراة فيها حكم الله"، أي: بيان الله ما تشاجروا فيه من شأن قتيلهم="ثم يتولون من بعد ذلك"، الآية. ١٢٠٠٥ - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال، قال= يعني الرب تعالى ذكره= يعيِّرهم:"وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله"، يقول: الرجم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب