الباحث القرآني
القول في تأويل قوله جل ثناؤه: ﴿يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ﴾
قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله عز ذكره عن قول موسى ﷺ لقومه من بني إسرائيل، وأمرِه إياهم =عن أمر الله إياه= بأمرهم بدخول الأرض المقدسة.
* * *
ثم اختلف أهل التأويل في الأرض التي عناها بـ"الأرض المقدَّسة".
فقال بعضهم: عنى بذلك الطورَ وما حوله.
* ذكر من قال ذلك:
١١٦٤٤ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"الأرض المقدسة" الطور وما حوله.
١١٦٤٥ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
١١٦٤٦ - حدثني الحارث بن محمد قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس:"ادخلوا الأرض المقدسة"، قال: الطور وما حوله.
* * *
وقال آخرون: هو الشأم.
* ذكر من قال ذلك:
١١٦٤٧ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله:"الأرض المقدسة" قال: هي الشأم.
* * *
وقال آخرون: هي أرض أريحا.
* ذكر من قال ذلك:
١١٦٤٨ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم" قال: أريحا.
١١٦٤٩ - حدثني يوسف بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: هي أريحا.
١١٦٥٠ - حدثني عبد الكريم بن الهيثم قال، حدثنا إبراهيم بن بشار قال، حدثنا سفيان، عن أبي سعيد، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: هي أريحا.
* * *
وقيل: إن"الأرض المقدسة" دمشق وفلسطين وبعض الأرْدُنّ.
* * *
وعنى بقوله:"المقدسة" المطهرة المباركة، [[انظر تفسير"التقديس" فيما سلف ١: ٤٧٥، ٤٧٦/٢: ٣٢٢.]] كما:-
١١٦٥١ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"الأرض المقدسة"، قال: المباركة.
١١٦٥٢ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، بمثله.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: هي الأرض المقدّسة، كما قال نبي الله موسى صلى الله عليه، لأن القول في ذلك بأنها أرض دون أرض، لا تُدرك حقيقةُ صحته إلا بالخبر، ولا خبر بذلك يجوز قطع الشهادة به. غير أنها لن تخرج من أن تكون من الأرض التي ما بين الفرات وعريش مصر، لإجماع جميع أهل التأويل والسِّير والعلماء بالأخبار على ذلك.
* * *
ويعني بقوله:"التي كتب الله لكم" التي أثبت في اللوح المحفوظ أنها لكم مساكن ومنازل دون الجبابرة التي فيها. [[انظر تفسير"كتب" فيما سلف ٩: ٢٦٢، تعليق: ١، والمراجع هناك.]]
* * *
فإن قال قائل: فكيف قال:"التي كتب الله لكم"، وقد علمت أنَّهم لم يدخلوها بقوله:"فإنها محرَّمة عليهم"؟ فكيف يكون مثبتا في اللوح المحفوظ أنها مساكن لهم، ومحرمًا عليهم سكناها؟
قيل: إنها كتبت لبني إسرائيل دارًا ومساكن، وقد سكنوها ونزلوها وصارت لهم، كما قال الله جل وعز. وإنما قال لهم موسى:"ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم"، يعني بها: كتبها الله لبني إسرائيل، =وكان الذين أمرهم موسى بدخولها من بني إسرائيل= ولم يعن ﷺ أن الله تعالى ذكره كتبها للذين أمرهم بدخولها بأعيانهم.
ولو قال قائل: قد كانت مكتوبة لبعضهم ولخاص منهم= فأخرج الكلام على العموم، والمراد منه الخاص، إذ كان يُوشع وكالب قد دخلا [[في المطبوعة: "يوشع وكلاب"، وانظر ما سلف ص: ١١٣ تعليق: ٢.]] وكانا ممن خوطب بهذا القول= كان أيضًا وجهًا صحيحًا.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال ابن إسحاق.
١١٦٥٣ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق،"التي كتب الله لكم"، التي وهب الله لكم.
* * *
وكان السدي يقول: معنى"كتب" في هذا الموضع، بمعنى: أمر.
١١٦٥٤ - حدثنا بذلك موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم"، التي أمركم الله بها.
* * *
القول في تأويل قوله جل ثناؤه: ﴿وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (٢١) ﴾
قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله عز ذكره عن قيل موسى عليه السلام لقومه من بني إسرائيل، إذ أمرهم عن أمر الله عزّ ذكره إيّاه بدخول الأرض المقدسة، أنه قال لهم: امضُوا، أيها القوم، لأمر الله الذي أمركم به من دخول الأرض المقدسة="ولا ترتدوا" يقول: لا ترجعوا القهقرى مرتدّين [[انظر تفسير"ارتد" فيما سلف ٣: ١٦٣/٤: ٣١٦.]] ="على أدباركم" يعني: إلى ورائكم، [[انظر تفسير"الأدبار" فيما سلف ٧: ١٠٩.]] ولكن امضوا قُدُمًا لأمر الله الذي أمركم به، من الدخول على القوم الذين أمركم الله بقتالهم والهجوم عليهم في أرضهم، وأنّ الله عز ذكره قد كتبها لكم مسكنًا وقرارًا.
ويعني بقوله:"فتنقلبوا خاسرين"، أي: تنصرفوا خائبين هُلَّكًا. [[انظر تفسير"انقلب" فيما سلف ٣: ١٦٣/٧: ٤١٤. وكانت هذه العبارة في المخطوطة والمطبوعة: "أنكم تنصرفوا خائبين هكذا"، ورجحت أن صواب قراءتها ما أثبت.
و"هلك" جمع"هالك". وقد مر تفسيره"الخسارة" بمعنى"الهلاك".]]
* * *
وقد بينا معنى"الخسارة" في غير هذا الموضع، بشواهده المغنية عن إعادته في هذا الموضع. [[انظر تفسير"الخسارة" فيما سلف ٩: ٢٢٤، تعليق: ٣، والمراجع هناك.]]
* * *
فإن قال قائل: وما كان وجه قيل موسى لقومه، إذْ أمرهم بدخول الأرض المقدسة:"لا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين"، أوَ يستوجب الخسارة من لم يدخل أرضًا جعلت له؟ قيل: إن الله عز ذكره كان أمرهم بقتال من فيها من أهل الكفر به وفرض عليهم دخولها، [[في المطبوعة: "كان أمره"، والصواب من المخطوطة.]] فاستوجب القوم الخسارة بتركهم إذًا فرض الله عليهم من وجهين: أحدُهما: تضييع فرض الجهاد الذي كان الله عز ذكره فرضه عليهم= والثاني: خلافهم أمر الله في تركهم دخول الأرض، وقولهم لنبيهم موسى ﷺ إذ قال لهم:"ادخلوا الأرض المقدسة":"إنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون".
* * *
وكان قتادة يقول في ذلك بما:
١١٦٥٥ - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله:"يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم" أمروا بها، كما أمروا بالصلاة والزكاة والحجِّ والعُمْرة.
{"ayah":"یَـٰقَوۡمِ ٱدۡخُلُوا۟ ٱلۡأَرۡضَ ٱلۡمُقَدَّسَةَ ٱلَّتِی كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمۡ وَلَا تَرۡتَدُّوا۟ عَلَىٰۤ أَدۡبَارِكُمۡ فَتَنقَلِبُوا۟ خَـٰسِرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق