الباحث القرآني
القول في تأويل قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم فأصلحوها، واعملوا في خلاصها من عقاب الله تعالى ذكره، وانظروا لها فيما يقرِّبها من ربها، فإنه"لا يضركم من ضَلّ"، يقول: لا يضركم من كفر وسلك غير سبيل الحق، إذا أنتم اهتديتم وآمنتم بربكم، وأطعتموه فيما أمركم به وفيما نهاكم عنه، فحرمتم حرامه وحللتم حلاله.
* * *
ونصب قوله:"أنفسكم" بالإغراء، والعرب تغري من الصفات ب"عليك" و"عندك"، و"دونك"، و"إليك". [["الصفات" حروف الجر، والظروف، كما هو بين من سياقها. وانظر معاني القرآن للفراء ١: ٣٢٢، ٣٢٣.]]
واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.
فقال بعضهم معناه:"يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم"، إذا أمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر فلم يُقبل منكم.
* ذكر من قال ذلك:
١٢٨٤٨ - حدثنا سوار بن عبد الله قال، حدثنا أبي قال، حدثنا أبو الأشهب، عن الحسن: أن هذه الآية قرئت على ابن مسعود:"يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضَلّ إذا اهتديتم"، فقال ابن مسعود:"ليس هذا بزمانها، قولوها ما قُبلت منكم، فإذا رُدّت عليكم فعليكم أنفسكم". [[الأثر: ١٢٨٤٨ -"سوار بن عبد الله بن سوار العنبري"، القاضي، شيخ الطبري. ثقة، مترجم في التهذيب. وأبوه: "عبد الله بن سوار العنبري" القاضي، ثقة. مترجم في التهذيب.
و"أبو الأشهب" هو: "جعفر بن حيان السعدي العطاردي"، ثقة، روي له الستة، مضى برقم: ١١٤٠٨.
وسيأتي تخريج الأثر في التعليق على رقم: ١٢٨٥٠.]]
١٢٨٤٩ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة، عن أبي الأشهب، عن الحسن قال: ذكر عند ابن مسعود [[في المطبوعة: "ذكر ابن مسعود"، بإسقاط"عند"، والصواب من المخطوطة.]] "يا أيها الذين آمنوا"، ثم ذكر نحوه.
١٢٨٥٠- حدثنا يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن يونس، عن الحسن قال: قال رجل لابن مسعود: ألم يقل الله:"يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضَلّ إذا اهتديتم"؟ قال: ليس هذا بزمانها، قولوها ما قُبلت منكم، فإذا رُدَّت عليكم فعليكم أنفسكم. [[في الأثر: ١٢٨٤٨ - ١٢٨٥٠ - خبر الحسن، عن ابن مسعود، خرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ٧: ١٩، وقال: "رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح، إلا أن الحسن البصري لم يسمع من ابن مسعود".]]
١٢٨٥١ - حدثنا الحسن بن عرفة قال، حدثنا شبابة بن سوار قال، حدثنا الربيع بن صبيح، عن سفيان بن عقال قال: قيل لابن عمر: لو جلست في هذه الأيام فلم تأمر ولم تنه، فإن الله تعالى ذكره يقول:"عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم"؟ فقال ابن عمر: إنها ليست لي ولا لأصحابي، لأن رسول الله ﷺ قال:"ألا فليبلِّغ الشاهد الغائبَ"، فكنَّا نحن الشهودَ وأنتم الغَيَب، [["الغيب" (بفتح الغين والياء) جمع"غائب"، مثل"خادم" و"خدم".]] ولكن هذه الآية لأقوام يجيئون من بعدنا، إن قالوا لم يقبل منهم. [[الأثر: ١٢٨٥١ -"الحسن بن عرفة العبدي البغدادي"، شيخ الطبري، مضى برقم: ٩٣٧٣.
و"شبابة بن سوار الفزازي"، مضى برقم: ٣٧، ٦٧٠١، ١٠٠٥١.
و"الربيع بن صبيح السعدي"، مضى برقم: ٦٤٠٣، ٦٤٠٤، ١٠٥٣٣.
و"سفيان بن عقال"، مترجم في الكبير٢/٢/٩٤، وابن أبي حاتم ٢/١/٢١٩، وكلاهما قال: "روي عن ابن عمر، روى عنه الربيع"، ولم يزيدا.
وخرجه في الدر المنثور ٢: ٣٤٠، وزاد نسبته لابن مردويه.]]
١٢٨٥٢ - حدثنا أحمد بن المقدام قال، حدثنا المعتمر بن سليمان قال، سمعت أبي قال، حدثنا قتادة، عن أبي مازن قال: انطلقت على عهد عثمان إلى المدينة، فإذا قومٌ من المسلمين جلوس، فقرأ أحدهم هذه الآية:"عليكم أنفسكم"، فقال أكثرهم: لم يجئ تأويل هذه الآية اليوم. [[الأثر: ١٢٨٥٢، ١٢٨٥٣ -"أبو مازن الأزدي الحداني"، كان من صلحاء الأزد، قدم المدينة في زمن عثمان رضي الله عنه. روى قتادة، عن صاحب له، عنه. هكذا قال ابن أبي حاتم ٤/٢/٤٤. ولم يرد في هذين الإسنادين ذكر"الرجل" الذي روى عنه قتادة، كما قال أبو حاتم. وسيأتي في الإسناد رقم: ١٢٨٥٦"عن قتادة، عن رجل قال: كنت في خلافة عثمان بالمدينة"، فهذا"الرجل" هو"أبو مازن"، ولا شك. ثم يأتي في رقم: ١٢٨٥٧"عن قتادة، حدثنا أبو مازن، رجل من صالحي الأزد، من بني الحدان"، فصرح قتادة في هذا الخبر بالتحديث عنه، ليس بينهما"رجل" كما قال أبو حاتم. فأخشى أن يكون في كلام أبي حاتم خطأ.
وهذا الخبر خرجه السيوطي في الدر المنثور ٢: ٣٤٠، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد، وأبي الشيخ.]]
١٢٨٥٣- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عمرو بن عاصم قال، حدثنا المعتمر، عن أبيه، عن قتادة، عن أبي مازن، بنحوه. [[الأثر: ١٢٨٥٢، ١٢٨٥٣ -"أبو مازن الأزدي الحداني"، كان من صلحاء الأزد، قدم المدينة في زمن عثمان رضي الله عنه. روى قتادة، عن صاحب له، عنه. هكذا قال ابن أبي حاتم ٤/٢/٤٤. ولم يرد في هذين الإسنادين ذكر"الرجل" الذي روى عنه قتادة، كما قال أبو حاتم. وسيأتي في الإسناد رقم: ١٢٨٥٦"عن قتادة، عن رجل قال: كنت في خلافة عثمان بالمدينة"، فهذا"الرجل" هو"أبو مازن"، ولا شك. ثم يأتي في رقم: ١٢٨٥٧"عن قتادة، حدثنا أبو مازن، رجل من صالحي الأزد، من بني الحدان"، فصرح قتادة في هذا الخبر بالتحديث عنه، ليس بينهما"رجل" كما قال أبو حاتم. فأخشى أن يكون في كلام أبي حاتم خطأ.
وهذا الخبر خرجه السيوطي في الدر المنثور ٢: ٣٤٠، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد، وأبي الشيخ.]]
١٢٨٥٤ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا محمد بن جعفر وأبو عاصم قالا حدثنا عوف، عن سوّار بن شبيب قال، كنت عند ابن عمر، إذ أتاه رجل جليدٌ في العين، شديد اللسان، فقال: يا أبا عبد الرحمن، نحن ستة كلهم قد قرأ القرآن فأسرع فيه، [[في المطبوعة: "قد قرأوا" بالجمع، وأثبت ما في المخطوطة، وهو الصواب.]] وكلهم مجتهد لا يألو، وكلهم بغيضٌ إليه أن يأتي دناءةً، [[في ابن كثير ٣: ٢٥٩، رواه عن هذا الموضع من التفسير، وزاد فيه هنا: ". . . أن يأتي دناءة، إلا الخير"، وليست في مخطوطتنا.]] وهم في ذلك يشهد بعضهم على بعض بالشرك! فقال رجل من القوم: وأيَّ دناءة تريد، أكثرَ من أن يشهد بعضهم على بعض بالشرك! [[في المطبوعة: "وأي دناءة تزيد"، وصواب قراءتها ما أثبت.]] قال: فقال الرجل: إني لستُ إيّاك أسأل، أنا أسأل الشيخ! فأعاد على عبد الله الحديث، فقال عبد الله بن عمر: لعلك ترى لا أبا لك، إني سآمرك أن تذهب أن تقتلهم! [[في المطبوعة، وابن كثير: "فتقتلهم"، وأثبت ما في المخطوطة، وهو صواب قديم.]] عظهم وانههم، فإن عصوك فعليك بنفسك، فإن الله تعالى يقول:"يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون". [[الأثر: ١٢٨٥٤ -"سوار بن شبيب السعدي الأعرجي"، و"بنو الأعرج"، حي من بني سعد. و"الأعرج" هو"الحارث بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم"، قطعت رجله يوم"تياس"، فسمي"الأعرج". وهو ثقة، كوفي، روى عن ابن عمر، روى عنه عوف، وعكرمة بن عمار. مترجم في الكبير ٢/٢/١٦٨، وابن أبي حاتم ٢/١/٢٧٠.
وهذا الخبر نقله ابن كثير في تفسيره ٣: ٢٥٩، وخرجه السيوطي في الدر المنثور ٢: ٣٤١، واقتصر على نسبته إلى ابن مردويه.]]
١٢٨٥٥- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الحسن: أن ابن مسعود سأله رجل عن قوله:"عليكم أنفسكم لا يضركم من ضلّ إذا اهتديتم"، قال: إن هذا ليس بزمانها، إنها اليوم مقبولة، [[قوله: "إنها اليوم مقبولة"، يعني: كلمة الحق في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.]] ولكنه قد أوشك أن يأتي زمانٌ تأمرون بالمعروف فيصنع بكم كذا وكذا = أو قال: فلا يقبل منكم = فحينئذ: عليكم أنفسكم، لا يضركم من ضلّ". [[الأثر: ١٢٨٥٥ - انظر التعليق على الآثار: ١٢٨٤٨ - ١٢٨٥٠.
وكان في المطبوعة هنا: ". . . من ضل إذا اهتديتم"، بالزيادة، وأثبت ما في المخطوطة.]]
١٢٨٥٦- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة، عن رجل قال: كنت في خلافة عثمان بالمدينة، في حلقة فيهم أصحابُ النبي ﷺ، فإذا فيهم شيخ يُسْنِدون إليه، [[قوله: "يسندون إليه" أي: ينتهون إلى عمله ومعرفته وفقهه، ويلجئون إليه في فهم ما يشكل عليهم. ويقال: "أسندت إليه أمري"، أي: وكلته إليه، واعتمدت عليه. وقال الفرزدق: إلَى الأَبْرَشِ الكَلْبِيّ أَسْنَدْتُ حَاجَةً ... تَوَاكَلَها حَيًّا تَمِيمٍ ووَائِلِ
وهذا كله مما ينبغي تقييده في كتب اللغة، فهو فيها غير بين.]] فقرأ رجل:"عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم"، فقال الشيخ: إنما تأويلها آخرَ الزمان.
١٢٨٥٧- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال، حدثنا أبو مازن، رجل من صالحي الأزد من بني الحُدَّان، [[في المطبوعة: "بني الجدان" بالجيم، وهو خطأ.]] قال: انطلقت في حياة عثمان إلى المدينة، فقعدت إلى حلقة من أصحاب رسول الله ﷺ، [[في المطبوعة: "فيها أصحاب رسول الله:، وفي المخطوطة: "فيها من أصحاب رسول الله"، فضرب بالقلم على"فيها" فأثبتها على الصواب.]] فقرأ رجل من القوم هذه الآية"لا يضركم من ضل إذا اهتديتم"، قال فقالَ رجلٌ من أسنِّ القوم: دَعْ هذه الآية، فإنما تأويلها في آخر الزمان. [[الأثران: ١٢٨٥٦، ١٢٨٥٧ - انظر التعليق على الأثرين السالفين رقم: ١٢٨٥٢، ١٢٨٥٣.]]
١٢٨٥٨ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا ابن فضالة، عن معاوية بن صالح، عن جبير بن نفير قال: كنت في حلقة فيها أصحابُ رسول الله ﷺ، وإنّي لأصغر القوم، فتذاكروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقلت أنا: أليس الله يقول في كتابه:"يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضلّ إذا اهتديتم"؟ فأقبلوا عليَّ بلسان واحد وقالوا: أتنتزِع بآية من القرآن لا تعرفها، [[في المطبوعة: "تنزع بآية من القرآن"، غير ما في المخطوطة، وما غيره صواب.
ولكن يقال: "انتزع معنى جيدًا، ونزعه"، أي: استخرجه واستنبطه ويقال: "انتزع بالآية والشعر"، أي: تمثل به.]] ولا تدري ما تأويلها!! حتى تمنيت أني لم أكن تكلمت. ثم أقبلوا يتحدثون، فلما حضر قيامهم قالوا:"إنك غلام حدَثُ السن، وإنك نزعت بآية لا تدري ما هي، وعسى أن تدرك ذلك الزمان، إذا رأيت شحًّا مطاعًا، وهوًى متبعًا وإعجابَ كل ذي رأي برأيه، فعليك بنفسك، لا يضرك من ضل إذا اهتديت. [[الأثر: ١٢٨٥٨ -"ابن فضالة" هو: "مبارك بن فضالة بن أبي أمية"، أبو فضالة البصري. وفي تفسير ابن كثير: "حدثنا أبو فضالة"، ومضى برقم: ١٥٤، ٥٩٧، ٦١١، ١٩٠١.
و"معاوية بن صالح بن حدير الحضرمي"، أحد الأعلام، مضى مرارًا منها: ١٨٦، ١٨٧، ٢٠٧٢، ٨٤٧٢، ١١٢٥٥، ولم تذكر لمعاوية بن صالح، رواية عن جبير بن نفير، بل روى عنه ابنه عبد الرحمن بن جبير.
و"جبير بن نفير" إسلامي جاهلي، مضى برقم: ٦٦٥٦، ٧٠٠٩.
وهذا الخبر منقطع الإسناد، ونقله ابن كثير في تفسيره ٣: ٢٦٠، والسيوطي في الدر المنثور ٢: ٣٤٠، ولم ينسبه لغير ابن جرير.]]
١٢٨٥٩ - حدثنا هناد قال، حدثنا ليث بن هارون قال، حدثنا إسحاق الرازي، عن أبي جعفر، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن عبد الله بن مسعود في قوله:"يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إلى الله مرجعكم جميعًا فينبئكم بما كنتم تعملون"، قال: كانوا عند عبد الله بن مسعود جلوسًا، فكان بين رجلين ما يكون بين الناس، حتى قام كل واحد منهما إلى صاحبه، فقال رجل من جلساء عبد الله: ألا أقوم فآمرُهما بالمعروف وأنهاهما عن المنكر؟ فقال آخر إلى جنبه: عليك بنفسك، فإن الله تعالى يقول:"عليكم أنفسكم لا يضركم من ضلّ إذا اهتديتم"! قال: فسمعها ابن مسعود فقال: مَهْ، [["مه"، هكذا في المطبوعة، وابن كثير، والدر المنثور و"مه" كلمة زجر بمعنى: كف عن هذا. وفي المخطوطة مكانها: "مهل"، وأخشى أن تكون خطأ من الناسخ، ولو كتب"مهلا"، لكان صوابًا، يقال: "مهلا يا فلان" أي: رفقًا وسكونًا، لا تعجل.]] لَمَّا يجئ تأويل هذه بعد! [[في المطبوعة: "لم يجئ"، ومثلها في ابن كثير والدر المنثور، وأثبت ما في المخطوطة.]] إن القرآن أنزل حيث أنزل، ومنه آيٌ قد مضى تأويلهن قبل أن ينزلن، ومنه ما وقع تأويلهن على عهد النبيّ ﷺ، ومنه آيٌ وَقع تأويلهن بعد النبيّ ﷺ بيسير، [[في المطبوعة: "آي قد وقع" بالزيادة، وأثبت ما في المخطوطة.]] ومنه آي يقع تأويلهن بعد اليوم، ومنه آي يقع تأويلهنّ عند الساعة على ما ذكر من الساعة، [[في المطبوعة: "على ما ذكر من أمر الساعة"، بزيادة"أمر"، وفي المخطوطة أسقط الناسخ"على"، وإثباتها هو الصواب.]] ومنه آي يقع تأويلهن يوم الحساب على ما ذكر من الحساب والجنة والنار، [[في المطبوعة: "من أمر الحساب" بالزيادة، وأثبت ما في المخطوطة.]] فما دامت قلوبكم واحدة، وأهواؤكم واحدة، ولم تُلبَسوا شيعًا، ولم يَذُق بعضكم بأس بعض، فأمروا وانهوا. فإذا اختلفت القلوب والأهواء، وأُلبستم شيعًا، وذاق بعضكم بأس بعض، فامرؤ ونفسه، فعند ذلك جاء تأويل هذه الآية. [[الأثر: ١٢٨٥٩ -"ليث بن هرون"، لم أجد له ترجمة ولا ذكرًا.
و"إسحق الرازي"، هو: "إسحق بن سليمان الرازي"، مضى برقم: ٦٤٥٦، ١٠٢٣٣٨، ١١٢٤٠. وانظر الإسناد الآتي رقم: ١٢٨٦٦.
وهذا الخبر نقله ابن كثير في تفسيره ٣: ٢٥٨، ٢٥٩، والسيوطي في الدر المنثور ٢: ٣٣٩، ٣٤٠، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد، ونعيم بن حماد في الفتن، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب.
وسيأتي بإسناد آخر في الذي يليه.]]
١٢٨٦٠- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن ابن مسعود: أنه كان بين رجلين بعض ما يكون بين الناس، حتى قام كل واحد منهما إلى صاحبه، ثم ذكر نحوه. [[الأثر: ١٢٨٦٠ - انظر الأثر السالف.]]
١٢٨٦١- حدثني أحمد بن المقدام قال، حدثنا حرمي......... قال: سمعت الحسن يقول: تأوّل بعضُ أصحاب النبي ﷺ هذه الآية:"يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضلّ إذا اهتديتم"، فقال بعض أصحابه: دعوا هذه الآية، فليست لكم. [[الأثر: ١٢٨٦١ - هذا إسناد ناقص لا شك في ذلك.
"أحمد بن المقدام بن سليمان العجلي"، أبو الأشعث. روى عنه البخاري والترمذي والنسائي، وغيرهم. صالح الحديث. ولد في نحو سنة ١٥٦، وتوفي سنة ٢٥٣.
و"حرمي بن عمارة بن أبي حفصة العتكي"، مضى برقم: ٨٥١٣. ومات سنة ٢٠١، ومحال أن يكون أدرك الحسن وسمع منه. فإن"الحسن البصري" مات في نحو سنة ١١٠ فالإسناد مختل، ولذلك وضعت بينه وبين الحسن نقطًا، دلالة على نقص الإسناد.]]
١٢٨٦٢ - حدثني إسماعيل بن إسرائيل اللآل الرّملي قال، حدثنا أيوب بن سويد قال، حدثنا عتبة بن أبي حكيم، عن عمرو بن جارية اللخمي، عن أبي أمية الشعباني قال: سألت أبا ثعلبة الخشني عن هذه الآية:"يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم"، فقال: لقد سألت عنها خبيرًا، سألتُ عنها رسول الله ﷺ فقال: أبا ثعلبة، ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر، فإذا رأيت دنيا مؤثَرة، وشحًّا مطاعًا، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك نفسك! إنّ من بعدكم أيام الصبر، [[في المطبوعة: "أرى من بعدكم"، والصواب من المخطوطة. وفي المخطوطة: "المتمسك" بغير لام الجر، وكأن الصواب ما في المطبوعة.]] للمتمسك يومئذ بمثل الذي أنتم عليه كأجر خمسين عاملا! قالوا: يا رسول الله، كأجر خمسين عاملا منهم؟ قال: لا كأجر خمسين عاملا منكم. [[الأثر: ١٢٨٦٢ - سيأتي بإسناد آخر في الذي يليه.
"إسمعيل بن إسرائيل اللآل الرملي"، مضى برقم: ١٠٢٣٦، ١٢٢١٣، وذكرنا هناك أنه في ابن أبي حاتم"السلال"، ومضى هناك" ١٠٢٣٦"الدلال"، وجاء هنا"اللآل"، صانع اللؤلؤ وبائعه، ولا نجد ما يرجح واحدة من الثلاث.
و"أيوب بن سويد الرملي"، ثقة متكلم فيه. مضى برقم: ١٢٢١٣.
و"عتبة بن أبي حكيم الشعباني الهمداني، ثم الأردني"، ثقة، ضعفه ابن معين. مضى برقم: ١٢٢١٣.
و"عمرو بن جارية اللخمي"، ثقة، مترجم في التهذيب. وكان في المطبوعة"عمرو بن خالد" وهو خطأ محض. وفي المخطوطة كتب"خالد" ثم جعلها"جارية"، وهو الصواب.
و"أبو أمية الثعباني" اسمه"يحمد" (بضم الياء وكسر الميم) وقيل: اسمه"عبد الله بن أخامر". ثقة. مترجم في التهذيب.
و"أبو ثعلبة الخشني" اختلف في اسمه واسم أبيه اختلافًا كثيرًا. صحابي.
وسيأتي تخريجه في الذي يليه.]]
١٢٨٦٣- حدثنا علي بن سهل قال، أخبرنا الوليد بن مسلم، عن ابن المبارك وغيره، عن عتبة بن أبي حكيم، [عن عمرو بن جارية اللخمي] ، عن أبي أمية الشعباني قال: سألت أبا ثعلبة الخشني: كيف نَصنع بهذه الآية:"يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضلّ إذا اهتديتم"؟ فقال أبو ثعلبة: سألت عنها خبيرًا، سألت عنها رسول الله ﷺ فقال: ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر، حتى إذا رأيت شحًّا مطاعًا، وهوًى متبعًا، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بِخُوَيصة نفسك، [["خويصة" تصغير"خاصة".]] وذَرْ عوامَّهم، فإن وراءكم أيامًا أجر العامل فيها كأجر خمسين منكم. [[الأثر: ١٢٨٦٣ -"عتبة بن أبي حكيم"، في المخطوطة: "عبدة بن أبي حكيم"، وهو خطأ ظاهر.
وفي المخطوطة والمطبوعة، أسقط: [عن عمرو بن جارية اللخمي] ، فوضعتها بين قوسين.
وهذا هو نفسه إسناد الترمذي.
وهذا الخبر، رواه الترمذي في كتاب التفسير من طريق سعيد بن يعقوب الطالقاني، عن عبد الله بن المبارك، عن عقبة بن أبي حكيم، بنحو لفظه هنا. ثم قال الترمذي: "قال عبد الله بن المبارك: وزادني غير عتبة = قيل: يا رسول الله، أجر خمسين رجلا منا أو منهم؟ قال: لا، بل أجر خمسين رجلا منكم". ثم قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب".
وأخرجه ابن ماجه في سننه رقم: ٤٠١٤ من طريق هشام بن عمار، عن صدقة بن خالد، عن عتبة بن أبي حكيم، بنحو لفظه.
ورواه أبو داود في سننه ٤: ١٧٤، رقم: ٤٣٤١، من طريق أبي الربيع سليمان بن داود العتكي، عن ابن المبارك، بمثله.
وخرجه ابن كثير في تفسيره ٣: ٢٥٨، والسيوطي في الدر المنثور ٢: ٣٣٩، وزاد نسبته إلى البغوي في معجمه، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، وأبي الشيخ، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب، والحاكم في المستدرك وصححه.]]
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك أنّ العبد إذا عمل بطاعة الله لم يضره من ضَلَّ بعده وهلك.
* ذكر من قال ذلك:
١٢٨٦٤ - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:"يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضلَ"، يقول: إذا ما العبد أطاعني فيما أمرته من الحلال والحرام، فلا يضره من ضل بعدُ، إذا عمل بما أمرته به.
١٢٨٦٥ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"عليكم أنفسكم لا يضركم من ضلّ إذا اهتديتم"، يقول: أطيعوا أمري، واحفظوا وصيَّتي.
١٢٨٦٦ - حدثنا هناد قال، حدثنا ليث بن هارون قال، حدثنا إسحاق الرازي، عن أبي جعفر الرازي، عن صفوان بن الجون قال: دخل عليه شابّ من أصحاب الأهواء، فذكر شيئًا من أمره، فقال صفوان: ألا أدلك على خاصة الله التي خصَّ بها أولياءه؟ "يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل"، الآية. [[الأثر: ١٢٨٦٦ -"ليث بن هرون"، لم أجده، وانظر الإسناد السالف رقم ١٢٨٥٩.
و"إسحق"، هو: "إسحق بن سليمان الرازي"، وانظر رقم: ١٢٨٥٩.
وأما "صفوان بن الجون"، فهو هكذا في المخطوطة أيضًا، ولم أجد له ترجمة. وفي الدر المنثور ٢: ٣٤١، "عن صفوان بن محرز"، ونسبه لابن جرير وابن أبي حاتم.
و"صفوان بن محرز بن زياد المازني، أو الباهلي". روى عن ابن عمر، وابن مسعود، وأبي موسى الأشعري. روى عنه جامع بن شداد، وعاصم الأحول، وقتادة. كان من العباد، اتخذ لنفسه سربًا يبكي فيه. مات سنة ٧٤، مترجم في التهذيب. ومضى برقم: ٦٤٩٦.]]
١٢٨٦٧ - حدثنا عبد الكريم بن أبي عمير قال، حدثنا أبو المطرف المخزومي قال، حدثنا جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس قال:"عليكم أنفسكم لا يضركم من ضلّ إذا اهتديتم"، ما لم يكن سيف أو سوط. [[الأثر: ١٢٨٦٧ -"عبد الكريم بن أبي عمير"، مضى برقم: ٧٥٧٨، ١١٣٦٨ و"أبو المطوف المخزومي"، لم أجد له ذكرًا.]]
١٢٨٦٨- حدثنا علي بن سهل قال، حدثنا ضمرة بن ربيعة قال، تلا الحسن هذه الآية:"يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضلّ إذا اهتديتم"، فقال الحسن: الحمد لله بها، والحمد لله عليها، ما كان مؤمن فيما مضى، ولا مؤمن فيما بقي، إلا وإلى جانبه منافق يكرَه عمله. [[الأثر: ١٢٨٦٨-"ضمرة بن ربيعة الفلسطيني الرملي"، ثقة، مضى برقم: ٧١٣٤. وكان في المطبوعة: "مرة بن ربيعة"، لم يحسن قراءة المخطوطة.
وهذه الكلمة التي قالها الحسن، لو خفيت على الناس قديمًا، فإن مصداقها في زماننا هذا يراه المؤمن عيانًا في حيث يغدو ويروح.]]
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك:"يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم"، فاعملوا بطاعة الله ="لا يضركم من ضلّ إذا اهتديتم"، فأمرتم بالمعروف، ونهيتم عن المنكر.
* ذكر من قال ذلك:
١٢٨٦٩ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام بن سلم، عن عنبسة، عن سعد البقال، عن سعيد بن المسيب:"لا يضركم من ضلّ إذا اهتديتم"، قال: إذا أمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر، لا يضرك من ضل إذا اهتديت.
١٢٨٧٠ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن يمان، عن سفيان، عن أبي العميس، عن أبي البختري، عن حذيفة:"عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم"، قال: إذا أمرتم ونهيتم.
١٢٨٧١- حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع = وحدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي = عن ابن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم قال، قال أبو بكر: تقرءون هذه الآية:"لا يضركم من ضلّ إذا اهتديتم"، وإن الناس إذا رأوا الظالم = قال ابن وكيع = فلم يأخذوا على يديه، أوشك أن يعمّهم الله بعقابه. [[الأثر: ١٢٨٧١ - خبر قيس بن أبي حازم، عن أبي بكر، رواه أبو جعفر بأسانيد، من رقم: ١٢٨٧١ - ١٢٨٧٨، موقوفًا على أبي بكر، إلا رقم: ١٢٨٧٦، ١٢٨٧٨، فرواهما متصلين مرفوعين، وإلا رقم: ١٢٨٧٤، فهو مرسل. وأكثر طرق أبي جعفر طرق ضعاف.
ورواه من طريق"إسمعيل بن أبي خالد"، عن قيس بن أبي حازم برقم: ١٢٨٧١، ١٢٨٧٣. فمن هذه الطريق رواه أحمد في مسنده رقم: ١، ١٦، ٢٩، ٣٠، ٥٣، متصلا مرفوعًا. وقال ابن كثير في تفسيره ٣: ٢٥٨: "وقد روى هذا الحديث أصحاب السنن الأربعة، وابن حبان في صحيحه، وغيرهم، من طرق كثيرة، عن جماعة كثيرة، عن إسمعيل بن أبي خالد، به متصلا مرفوعًا. ومنهم من رواه عنه به موقوفًا على الصديق. وقد رجح رفعه الدارقطني وغيره".
و"إسمعيل بن أبي خالد الأحمسي"، ثقة. مضى برقم: ٥٦٩٤، ٥٧٧٧.
و"قيس بن أبي حازم الأحمسي"، ثقة، روى له الستة، روى عن جماعة من الصحابة، وهو متقن الرواية. مترجم في التهذيب.
وهذا إسناد صحيح.]]
١٢٨٧٢- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير وابن فضيل، عن بيان، عن قيس قال، قال أبو بكر: إنكم تقرءون هذه الآية:"يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضلّ إذا اهتديتم"، وإن القوم إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه، يعمُّهم الله بعقابه. [[الأثر: ١٢٨٧٢ -"ابن فضيل" هو: "محمد بن فضيل بن غزوان الضبي"، مضى مرارًا كثيرة.
و"بيان" هو: "بيان بن بشر الأحمسي"، ثقة، مضى برقم ٦٥٠١.
وقد مضى تخريج الخبر في الذي قبله، وسيأتي من هذه الطريق أيضًا برقم: ١٢٨٧٥.
وهو إسناد صحيح.]]
١٢٨٧٣- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير، عن إسماعيل، عن قيس، عن أبي بكر، عن النبي ﷺ، فذكر نحوه.
١٢٨٧٤ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قوله:"يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضلّ إذا اهتديتم"، يقول: مُروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، قال أبو بكر بن أبي قحافة: يا أيها الناس لا تغترُّوا بقول الله:"عليكم أنفسكم"، فيقول أحدكم: عليَّ نفسي، والله لتأمرن بالمعروف وتنهوُنَّ عن المنكر، أو ليَستعملن عليكم شراركم، فليسومنّكم سوء العذاب، ثم ليدعون الله خياركم، فلا يستجيب لهم.
١٢٨٧٥- حدثنا أبو هشام الرفاعي قال، حدثنا ابن فضيل قال، حدثنا بيان، عن قيس بن أبي حازم قال، قال أبو بكر وهو على المنبر: يا أيها الناس، إنكم تقرءون هذه الآية على غير موضعها:"لا يضركم من ضلّ إذا اهتديتم"، وإن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه، عَمَّهم الله بعقابه.
١٢٨٧٦ - حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثني عيسى بن المسيب البجلي قال، حدثنا قيس بن أبي حازم قال: سمعت أبا بكر الصديق رضي الله عنه يقرأ هذه الآية:"يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم"، فقال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: إذا رأى الناسُ المنكر فلم يغيِّروه، والظالم فلم يأخذوا على يديه، فيوشك أن يعمهم الله منه بعقاب. [[الأثر: ١٢٨٧٦ -"الحارث" هو: "الحارث بن محمد بن أبي أسامة"، مضى مرارًا، آخرها رقم: ١٠٥٥٣، وترجمته في رقم: ١٠٢٩٥.
و"عبد العزيز"، هو: "عبد العزيز بن أبان الأموي"، مضت ترجمته برقم: ١٠٢٩٥، قال ابن معين: "كذاب خبيث، يضع الأحاديث".
و"عيسى بن المسيب البجلي"، قاضي الكوفة. وكان شابًا ولاه خالد بن عبد الله القسري. ضعيف متكلم فيه، حتى قال ابن حبان: "كان قاضي خراسان، يقلب الأخبار، ولا يفهم، ويخطئ، حتى خرج عن حد الاحتجاج به". مترجم في ابن أبي حاتم ٣/١/٢٨٨، وميزان الاعتدال ٢: ٣١٧، وتعجيل المنفعة: ٣٢٨، ولسان الميزان ٤: ٤٠٥.
فهذا إسناد هالك، مع روايته من طرق صحاح عن قيس، عن أبي بكر.]]
١٢٨٧٧- حدثنا الربيع قال، حدثنا أسد بن موسى قال، حدثنا سعيد بن سالم قال، حدثنا منصور بن دينار، عن عبد الملك بن ميسرة، عن قيس بن أبي حازم قال: صَعد أبو بكر المنبرَ منبرَ رسول الله ﷺ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أيها الناس، إنكم لتتلون آية من كتاب الله وتعدُّونها رُخصة، والله ما أنزل الله في كتابه أشدَّ منها:"يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضلّ إذا اهتديتم"، والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، أو ليعمنكم الله منه بعقاب. [[الأثر: ١٢٨٧٧ -"أسد بن موسى المرداني"، "أسد السنة"، مضى برقم: ٢٣، ٢٥٣٠.
و"سعيد بن سالم القداح"، متكلم فيه، وثقه ابن معين، غير أن ابن حبان قال: "يهم في الأخبار حتى يجيء بها مقلوبة، حتى خرج عن حد الاحتجاج به". مترجم في التهذيب.
و"منصور بن دينار التميمي الضبي"، ضعفوه. مترجم في الكبير ٤/ ١/ ٣٤٧، وابن أبي حاتم ٤/١/١٧١، وميزان الاعتدال ٣: ٢٠١، وتعجيل المنفعة: ٤١٢، ولسان الميزان ٦: ٩٥.
و"عبد الملك بن ميسرة الهلالي الزراد"، ثقة، من صغار التابعين مضى برقم: ٥٠٣، ٥٠٤
فهذا خبر ضعيف الإسناد، مع روايته من طرق صحاح عن قيس، عن أبي بكر.]]
١٢٨٧٨- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا إسحاق بن إدريس قال، حدثنا سعيد بن زيد قال، حدثنا مجالد بن سعيد، عن قيس بن أبي حازم قال: سمعت أبا بكر يقول وهو يخطب الناس: يا أيها الناس، إنكم تقرءون هذه الآية ولا تدرون ما هي؟ :"يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضلّ إذا اهتديتم"، وإني سمعت رسول الله ﷺ يقول: إن الناس إذا رأوا منكرًا فلم يغيِّروه، عمّهم الله بعقاب. [[الأثر: ١٢٨٧٨ -"محمد بن بشار"، هو"بندار"، مضى مئات من المرات. وكان في المطبوعة هنا"محمد بن سيار"، أساء قراءة المخطوطة.
"وإسحق بن إدريس الأسواري البصري"، منكر الحديث، تركه الناس، قال ابن معين: "كذاب، يضع الحديث". وقال ابن حبان: "كان يسرق الحديث". مترجم في الكبير ١/١/٣٨٢، وابن أبي حاتم ١/١/٢١٣، وميزان الاعتدال ١: ٨٦، ولسان الميزان ١: ٣٥٢.
و"سعيد بن زيد بن درهم الجهضمي"، ثقة، متكلم فيه، حتى ضعفوا حديثه. مضى برقم: ١١٨٠١.
و"مجالد بن سعيد بن عمير الهمداني"، قال أحمد: "يرفع حديثًا لا يرفعه الناس"، وهو ثقة، متكلم فيه. ومضى برقم: ١٦١٤، ٢٩٨٧، ٢٩٨٨، ١١١٥٦.
وهذا أيضًا إسناد ضعيف.]]
* * *
وقال آخرون: بل معنى هذه الآية: لا يضركم من حاد عن قصد السبيل وكفر بالله من أهل الكتاب.
* ذكر من قال ذلك:
١٢٨٧٩ - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير في قوله:"لا يضركم من ضلّ إذا اهتديتم"، قال: يعني من ضلّ من أهل الكتاب.
١٢٨٨٠- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير في هذه الآية:"لا يضركم من ضل إذا اهتديتم"، قال: أنزلت في أهل الكتاب.
* * *
وقال آخرون: عنى بذلك كل من ضل عن دين الله الحق.
* ذكر من قال ذلك:
١٢٨٨١ - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضَل إذا اهتديتم"، قال: كان الرجل إذا أسلم قالوا له: سفَّهت آباءك وضللتهم، وفعلت وفعلت، وجعلت آباءك كذا وكذا! كان ينبغي لك أن تنصرهم، وتفعل!
فقال الله تعالى:"يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضلّ إذا اهتديتم".
* * *
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال وأصحّ التأويلات عندنا بتأويل هذه الآية، ما روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه فيها، وهو:"يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم"، الزموا العملَ بطاعة الله وبما أمركم به، وانتهوا عما نهاكم الله عنه ="لا يضركم من ضل إذا اهتديتم"، يقول: فإنه لا يضركم ضلال من ضل إذا أنتم لزمتم العمل بطاعة الله، [[في المطبوعة: "إذا أنتم رمتم العمل بطاعة الله"، وهو لا معنى له، أساء قراءة ما في المخطوطة، لسوء كتابتها.]] وأدَّيتم فيمن ضل من الناس ما ألزمكم الله به فيه، من فرض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي يركبه أو يحاول ركوبه، والأخذ على يديه إذا رام ظلمًا لمسلم أو معاهد ومنعه منه فأبى النزوع عن ذلك، ولا ضير عليكم في تماديه في غيِّه وضلاله، إذا أنتم اهتديتم وأديتم حق الله تعالى ذكره فيه.
وإنما قلنا ذلك أولى التأويلات في ذلك بالصواب، لأن الله تعالى ذكره أمر المؤمنين أن يقوموا بالقسط، ويتعاونوا على البر والتقوى. ومن القيام بالقسط، الأخذ على يد الظالم. ومن التعاون على البر والتقوى، الأمر بالمعروف. وهذا مع ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله ﷺ من أمره بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ولو كان للناس تركُ ذلك، لم يكن للأمر به معنًى، إلا في الحال التي رخَّص فيه رسول الله ﷺ تركَ ذلك، وهي حال العجز عن القيام به بالجوارح الظاهرة، فيكون مرخصًا له تركه، إذا قام حينئذ بأداء فرض الله عليه في ذلك بقلبه.
وإذا كان ما وصفنا من التأويل بالآية أولى، فبيِّنٌ أنه قد دخل في معنى قوله:"إذا اهتديتم"، ما قاله حذيفة وسعيد بن المسيب من أن ذلك:"إذا أمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر"، ومعنى ما رواه أبو ثعلبة الخشني عن رسول الله ﷺ.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٠٥) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره للمؤمنين من عباده: اعملوا، أيها المؤمنون، بما أمرتكم به، وانتهوا عما نهيتكم عنه، ومروا أهل الزَّيغ والضلال وما حاد عن سبيلي بالمعروف، وانهوهم عن المنكر. فإن قبلوا، فلهم ولكم، وإن تمادَوْا في غيهم وضلالهم، فإن إليّ مرجع جميعكم ومصيركم في الآخرة ومصيرهم، [[انظر تفسير"المرجع" فيما سلف ٦: ٤٦٤/١٠: ٣٩١، تعليق: ٢.]] وأنا العالم بما يعمل جميعكم من خير وشر، فأخبر هناك كلَّ فريق منكم بما كان يعمله في الدنيا، [[انظر تفسير"أنبأ" فيما سلف من فهارس اللغة (نبأ) .]] ثم أجازيه على عمله الذي قَدِم به عليّ جزاءه حسب استحقاقه، فإنه لا يخفى عليَّ عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ عَلَیۡكُمۡ أَنفُسَكُمۡۖ لَا یَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا ٱهۡتَدَیۡتُمۡۚ إِلَى ٱللَّهِ مَرۡجِعُكُمۡ جَمِیعࣰا فَیُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق