الباحث القرآني
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلا نزلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنزلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ (٢٠) طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الأمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ (٢١) ﴾
يقول تعالى ذكره: ويقول الذين صدّقوا الله ورسوله: هلا نزلت سورة من الله تأمرنا بجهاد أعداء الله من الكفار ﴿فَإِذَا أُنزلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ﴾ يعني: أنها محكمة بالبيان والفرائض. وذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله ﴿فَإِذَا أُنزلَتْ سُورَةٌ مُحْدَثَةٌ﴾ .
* * *
وقوله ﴿وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ﴾
يقول: وذُكر فيها الأمر بقتال المشركين.
وكان قتادة يقول في ذلك ما:-
⁕ حدثني بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلا نزلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنزلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ) قال: كلّ سورة ذُكر فيها الجهاد فهي محكمة، وهي أشدّ القرآن على المنافقين.
⁕ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ﴿وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ﴾ قال كل سورة ذُكر فيها القتال فهي محكمة.
* * *
وقوله ﴿رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾
يقول: رأيت الذين في قلوبهم شك في دين الله وضعف ﴿يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ﴾ يا محمد، ﴿نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ﴾ ، خوفا أن تغزيهم وتأمرهم بالجهاد مع المسلمين، فهم خوفا من ذلك وتجبنا عن لقاء العدوّ ينظرون إليك نظر المغشيّ عليه الذي قد صرع. وإنما عنى بقوله ﴿مِنَ الْمَوْتِ﴾ من خوف الموت، وكان هذا فعل أهل النفاق.
كالذي:-
⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ﴿يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ﴾ قال: هؤلاء المنافقون طبع الله على قلوبهم، فلا يفقهون ما يقول النبي ﷺ.
* * *
وقوله ﴿فَأَوْلَى لَهُمْ﴾
يقول تعالى ذكره: فأولى لهؤلاء الذين في قلوبهم مرض.
* * *
وقوله ﴿فَأَوْلَى لَهُمْ﴾
وعيد توعَّد الله به هؤلاء المنافقين.
كما:-
⁕ حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ﴿فَأَوْلَى لَهُمْ﴾ قال: هذه وعيد، فأولى لهم، ثم انقطع الكلام فقال: ﴿طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ﴾ .
⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ﴿فَأَوْلَى لَهُمْ﴾ قال: وعيد كما تسمعون.
* * *
وقوله ﴿طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ﴾
وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن قيل هؤلاء المنافقين من قبل أن تنزل سورة محكمة، ويذكر فيها القتال، وأنهم إذا قيل لهم: إن الله مفترض عليكم الجهاد، قالوا: سمع وطاعة، فقال الله عزّ وجلّ لهم ﴿فَإِذَا أُنزلَتْ سُورَةٌ﴾ وفرض القتال فيها عليهم، فشقّ ذلك عليهم، وكرهوه ﴿طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ﴾ قبل وجوب الفرض عليكم، فإذا عزم الأمر كرهتموه وشقّ عليكم.
* * *
وقوله ﴿طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ﴾
مرفوع بمضمر، وهو قولكم قبل نزول فرض القتال ﴿طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ﴾ .
ورُوي عن ابن عباس بإسناد غير مرتضى أنه قال: قال الله تعالى ﴿فَأَوْلَى لَهُمْ﴾ ثم قال للذين آمنوا منهم ﴿طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ﴾ فعلى هذا القول تمام الوعيد فأولى، ثم يستأنف بعد، فيقال لهم ﴿طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ﴾ فتكون الطاعة مرفوعة بقوله ﴿لهم﴾ .
وكان مجاهد يقول في ذلك
كما:-
⁕ حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ﴿طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ﴾ قال: أمر الله بذلك المنافقين.
* * *
وقوله ﴿فَإِذَا عَزَمَ الأمْرُ﴾
يقول: فإذا وجب القتال وجاء أمر الله بفرض ذلك كرهتموه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ﴿فَإِذَا عَزَمَ الأمْرُ﴾ قال: إذا جد الأمر، هكذا قال محمد بن عمرو في حديثه، عن أبي عاصم، وقال الحارث في حديثه، عن الحسن يقول: جدّ الأمر.
* * *
وقوله ﴿فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ﴾
يقول تعالى ذكره: فلو صدقوا الله ما وعدوه قبل نزول السورة بالقتال بقولهم: إذ قيل لهم: إن الله سيأمركم بالقتال طاعة، فَوَفَّوا له بذلك، لكان خيرا لهم في عاجل دنياهم، وآجل معادهم.
كما:-
⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ﴿فَإِذَا عَزَمَ الأمْرُ﴾ يقول: طواعيه الله ورسوله، وقول معروف عند حقائق الأمور خير لهم.
⁕ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن مَعمر، عن قتادة يقول: طاعة الله وقول بالمعروف عند حقائق الأمور خير لهم.
{"ayahs_start":20,"ayahs":["وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَوۡلَا نُزِّلَتۡ سُورَةࣱۖ فَإِذَاۤ أُنزِلَتۡ سُورَةࣱ مُّحۡكَمَةࣱ وَذُكِرَ فِیهَا ٱلۡقِتَالُ رَأَیۡتَ ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یَنظُرُونَ إِلَیۡكَ نَظَرَ ٱلۡمَغۡشِیِّ عَلَیۡهِ مِنَ ٱلۡمَوۡتِۖ فَأَوۡلَىٰ لَهُمۡ","طَاعَةࣱ وَقَوۡلࣱ مَّعۡرُوفࣱۚ فَإِذَا عَزَمَ ٱلۡأَمۡرُ فَلَوۡ صَدَقُوا۟ ٱللَّهَ لَكَانَ خَیۡرࣰا لَّهُمۡ"],"ayah":"وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَوۡلَا نُزِّلَتۡ سُورَةࣱۖ فَإِذَاۤ أُنزِلَتۡ سُورَةࣱ مُّحۡكَمَةࣱ وَذُكِرَ فِیهَا ٱلۡقِتَالُ رَأَیۡتَ ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یَنظُرُونَ إِلَیۡكَ نَظَرَ ٱلۡمَغۡشِیِّ عَلَیۡهِ مِنَ ٱلۡمَوۡتِۖ فَأَوۡلَىٰ لَهُمۡ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











