الباحث القرآني
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (٤٩) إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ (٥٠) ﴾
يقول تعالى ذكره: يقال لهذا الأثيم الشقيّ: ذق هذا العذاب الذي تعذّب به اليوم ﴿إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ﴾ في قومك ﴿الكَرِيمُ﴾ عليهم.
وذُكر أن هذه الآيات نزلت في أبي جهل بن هشام.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ﴿ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ﴾ نزلت في عدوّ الله أبي جهل لقي النبيّ ﷺ، فأخذه فهزه، ثم قال: أولى لك يا أبا جهل فأولى، ثم أولى لك فأولى، ذق إنك أنت العزيز الكريم، وذلك أنه قال: أيوعدني محمد، والله لأنا أعزّ من مشى بين جبليها. وفيه نزلت ﴿وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا﴾ وفيه نزلت ﴿كَلا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ﴾ وقال قتادة: نزلت في أبي جهل وأصحابه الذين قتل الله تبارك وتعالى يوم بدر ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ﴾ .
⁕ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال: نزلت في أبي جهل ﴿خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ﴾ قال قتادة، قال أبو جهل: ما بين جبليها رجل أعزّ ولا أكرم مني، فقال الله عزّ وجلّ: ﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ﴾ .
⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ﴿خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ﴾ قال: هذا لأبي جهل.
فإن قال قائل: وكيف قيل وهو يهان بالعذاب الذي ذكره الله، ويذلّ بالعتل إلى سواء الجحيم: إنك أنت العزيز الكريم؟ قيل: إن قوله ﴿إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ﴾ غير وصف من قائل ذلك له بالعزّة والكرم، ولكنه تقريع منه له بما كان يصف به نفسه في الدنيا، وتوبيخ له بذلك على وجه الحكاية، لأنه كان في الدنيا يقول: إنك أنت العزيز الكريم، فقيل له في الآخرة، إذ عذّب بما عُذّب به في النار: ذُق هذا الهوان اليوم، فإنك كنت تزعم إنك أنت العزيز الكريم، وإنك أنت الذليل المهين، فأين الذي كنت تقول وتدّعي من العزّ والكرم، هلا تمتنع من العذاب بعزّتك.
⁕ حدثنا ابن بشار، قال: ثنا صفوان بن عيسى؛ قال ثنا ابن عجلان عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: قال كعب: لله ثلاثة أثواب: اتَّزر بالعزّ، وتَسَربل الرحمة، وارتدى الكبرياء تعالى ذكره، فمن تعزّز بغير ما أعزّه الله فذاك الذي يقال: ذق إنك أنت العزيز الكريم، ومن رحم الناس فذاك الذي سربل الله سرباله الذي ينبغي له ومن تكبر فذاك الذي نازع الله رداءه إن الله تعالى ذكره يقول:"لا ينبغي لمن نازعني ردائي أن أدخله الجنة" جلّ وعزّ.
وأجمعت قرّاء الأمصار جميعا على كسر الألف من قوله: ﴿ذُقْ إنَّكَ﴾ على وجه الابتداء. وحكاية قول هذا القائل: إني أنا العزيز الكريم. وقرأ ذلك بعض المتأخرين ﴿ذُقْ أَنَّكَ﴾ بفتح الألف على إعمال قوله ﴿ذُقْ﴾ في قوله: ﴿أنَّكَ﴾ كأنك معنى الكلام عنده: ذق هذا القول الذي قلته في الدنيا.
والصواب من القراءة في ذلك عندنا كسر الألف من ﴿إنَّكَ﴾ على المعنى الذي ذكرت لقارئه، لإجماع الحجة من القرّاء عليه، وشذوذ ما خالفه، [[قوله وشذوذ ما خالفه، هذا غير صحيح لأن الإمام الكسائي قرأ بفتح الهمز، وهي قراءة سبعية متواترة مشهورة وليست شاذة]] وكفى دليلا على خطأ قراءة خلافها، ما مضت عليه الأئمة من المتقدمين والمتأخرين، مع بُعدها من الصحة في المعنى وفراقها تأويل أهل التأويل.
* * *
وقوله ﴿إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ﴾
يقول تعالى ذكره: يقال له: إنَّ هذا العذاب الذي تعذّب به اليوم، هو العذاب الذي كنتم في الدنيا تَشُكُّون، فتختصمون فيه، ولا توقنون به فقد لقيتموه، فذوقوه.
{"ayahs_start":49,"ayahs":["ذُقۡ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡكَرِیمُ","إِنَّ هَـٰذَا مَا كُنتُم بِهِۦ تَمۡتَرُونَ"],"ayah":"ذُقۡ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡكَرِیمُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











