الباحث القرآني

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَالَّذِي نزلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (١١) وَالَّذِي خَلَقَ الأزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالأنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ (١٢) ﴾ يقول تعالى ذكره: ﴿وَالَّذِي نزلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ﴾ يعني: ما نزل جلّ ثناؤه من الأمطار من السماء بقدر: يقول: بمقدار حاجتكم إليه، فلم يجعله كالطوفان، فيكون عذابا كالذي أنزل على قوم نوح، ولا جعله قليلا لا ينبت به النبات والزرع من قلته، ولكن جعله غيثا، حيا للأرض الميتة محييا. ﴿فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا﴾ يقول جلّ ثناؤه: فأحيينا به بلده من بلادكم ميتا، يعني مجدبة لا نبات بها ولا زرع، قد درست من الجدوب، وتعفنت من القحوط ﴿كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ﴾ يقول تعالى ذكره: كما أخرجنا بهذا الماء الذي نزلناه من السماء من هذه البلدة الميتة بعد جدوبها وقحوطها النبات والزرع، كذلك أيها الناس تخرجون من بعد فنائكم ومصيركم في الأرض رفاتًا بالماء الذي أنزله إليها لإحيائكم من بعد مماتكم منها أحياء كهيئتكم التي بها قبل مماتكم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ﴿وَالَّذِي نزلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ﴾ .... الآية، كما أحيا الله هذه الأرض الميتة بهذا الماء كذلك تبعثون يوم القيامة. وقيل: أنشرنا به، لأن معناه: أحيينا به، ولو وصفت الأرض بأنها أحييت، قيل: نشرت الأرض، كما قال الأعشى:؟ حتى يَقُولَ النَّاسُ ممَّا رأوْا يا عَجَبا للْمَيِّتِ النَّاشِرِ [[البيت للأعشى ميمون بن قيس من قصيدة يهجو بها علقمة بن علاثة ويمدح عامر بن الطفيل، في المنافرة التي جرت بينهما (ديوانه ١٣٩) وعلقمة بن علاثة صحابي، قدم على النبي ﷺ، وهو شيخ، فأسلم وبايع. والبيت: من شواهد (أبي عبيدة في مجاز القرآن الورقة ٢٢٠ - ١) عند قوله تعالى في سورة الزخرف: (فأنشرنا به بلدة ميتا) قال: أحيينا. ونشرت الأرض: حييت، قال الأعشى:" حتى يقول ... " البيت. وفي (اللسان: نشر) : ونشر الله الميت ينشره نشرا ونشورا. وأنشره، أحياه فنشر هو، قال الأعشى:" حتى يقول الناس ... البيت". اهـ.]] * * * وقوله: ﴿وَالَّذِي خَلَقَ الأزْوَاجَ كُلَّهَا﴾ يقول تعالى ذكره: والذي خلق كلّ شيء فزوّجه، أي [[في الأصل: أن. ولعله من تحريف الناسخ.]] خلق الذكور من الإناث أزواجا، الإناث من الذكور أزواجا ﴿لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ﴾ وهي السفن ﴿وَالأنْعَامِ﴾ وهي البهائم ﴿مَا تَرْكَبُونَ﴾ يقول: جعل لكم من السفن ما تركبونه في البحار إلى حيث قصدتم واعتمدتم في سيركم فيها لمعايشكم ومطالبكم، ومن الأنعام ما تركبونه في البر إلى حيث أردتم من البلدان، كالإبل والخيل والبغال والحمير.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب