الباحث القرآني
القول في تأويل قوله: ﴿فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"فما لكم في المنافقين فئتين"، فما شأنكم، أيها المؤمنون، في أهل النفاق فئتين مختلفتين [[انظر تفسير"فئة" فيما سلف ٥: ٣٥٢، ٣٥٣ / ٦: ٢٣٠.]] ="والله أركسَهم بما كسبوا"، يعني بذلك: والله رَدّهم إلى أحكام أهل الشرك، في إباحة دمائهم وسَبْي ذراريهم.
* * *
و"الإركاس"، الردُّ، ومنه قول أمية بن أبي الصلت:
فَأُرْكِسُوا فِي حَمِيمِ النَّارِ، إِنَّهُمُ ... كَانُوا عُصَاةً وَقَالُوا الإفْكَ وَالزُّورَا [[ديوانه: ٣٦، وليس هذا البيت بنصه هذا في الديوان، بل جاء في شعر من بحر آخر، هو: أُرْكِسُوا فِي جَهَنَّمٍ، أَنَّهُمْ كَانُوا ... عُتَاةً تَقُولُ إفْكًا وَزُورَا
ولم أجده برواية أبي جعفر في مكان آخر.]]
يقال منه:"أرْكَسهم" و"رَكَسَهم".
* * *
وقد ذكر أنها في قراءة عبد الله وأبي: ﴿وَاللَّهُ رَكَسَهُمْ﴾ ، بغير"ألف". [[انظر معاني القرآن للفراء ١: ٢٨١ = ثم انظر تفسير"أركسهم" فيما يلي ص: ١٥، ١٦]]
* * *
واختلف أهل التأويل في الذين نزلت فيهم هذه الآية.
فقال بعضهم:نزلت في اختلاف أصحاب رسول الله ﷺ في الذين تخلَّفوا عن رسول الله ﷺ يوم أحد وانصرفوا إلى المدينة، وقالوا لرسول الله عليه السلام ولأصحابه: ﴿لَوْ نَعْلَمُ قِتَالا لاتَّبَعْنَاكُمْ﴾ [سورة آل عمران: ١٦٧] .
* ذكر من قال ذلك:
١٠٠٤٩- حدثني الفضل بن زياد الواسطي قال: حدثنا أبو داود، عن شعبة، عن عدي بن ثابت قال: سمعت عبد الله بن يزيد الأنصاري يحدّث، عن زيد بن ثابت: أن النبي ﷺ لما خرج إلى أحد، رجعت طائفة ممن كان معه، فكان أصحاب النبيّ ﷺ فيهم فرقتين، فرقة تقول:"نقتلهم"، وفرقة تقول:"لا". فنزلت هذه الآية:"فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا أتريدون أن تهدوا" الآية، فقال رسول الله ﷺ في المدينة: إنها طَيْبَة، وإنها تَنْفي خَبَثها كما تنفي النار خبثَ الفِضَّة. [[الحديث: ١٠٠٤٩ - الفضل بن زياد الواسطي: لا أدري من هو؟ والترجمة الوحيدة التي وجدتها بهذا الاسم هي"الفضل بن زياد الطساس البغدادي". وهو من هذه الطبقة. فلعله هو. مترجم في الجرح ٣ / ٢ / ٦٢. وتاريخ بغداد ١٢: ٣٦٠. وله ترجمة غير محررة، في لسان الميزان ٤: ٤٤١.
أبو داود: هو الطيالسي.
وقد روى الطبري هذا الحديث بثلاثة أسانيد، سيأتي تخريجه في آخرها، إن شاء الله.]]
١٠٠٥٠- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا أبو أسامة قال: حدثنا شعبة، عن عدي بن ثابت، عن عبد الله بن يزيد، عن زيد بن ثابت قال: خرج رسول الله ﷺ، فذكر نحوه. [[الحديث: ١٠٠٥٠ - أبو أسامة: هو حماد بن أسامة.]]
١٠٠٥١- حدثني زريق بن السخت قال، حدثنا شبابة، عن عدي بن ثابت، عن عبد الله بن يزيد، عن زيد بن ثابت قال: ذكروا المنافقين عند النبي ﷺ، فقال فريق:"نقتلهم"، وقال فريق:"لا نقتلهم". فأنزل الله تبارك وتعالى:"فما لكم في المنافقين فئتين" إلى آخر الآية [[الحديث: ١٠٠٥١ - زريق- بتقديم الزاي - بن السخت، شيخ الطبري: لم أجد له ترجمة ولا ذكرا، إلا في المشتبه للذهبي، ص: ٢٢٢، قال: "زريق بن السخت، عن إسحاق الأزرق. وهو الصحيح، ويقال بتقديم الراء".
شبابة: هو ابن سوار. مضت ترجمته في: ٣٧.
ويجب أن يكون هنا سقط في الإسناد، بين شبابة وعدي بن ثابت، لأن شبابة بن سوار مات سنة ٢٠٤ أو ٢٠٥، أو ٢٠٦، وهو الذي جزم به البخاري في الصغير، ص: ٢٢٨. وعدي بن ثابت مات سنة ١١٦، فبينهما ٩٠ سنة. والظاهر أنه سقط من الإسناد هنا [عن شعبة] .
عدي بن ثابت الأنصاري: ثقة معروف. أخرج له الجماعة. وهو ابن بنت عبد الله بن يزيد - شيخه في هذا الإسناد.
عبد الله بن يزيد الخطمي - بفتح الخاء المعجمة وسكون الطاء المهملة: صحابي معروف، شهد الحديبية صغيرا.
والحديث رواه الإمام أحمد في المسند ٥: ١٨٤، عن بهز، عن شعبة، كالرواية الأولى هنا المطولة: ١٠٠٤٩.
وكذلك رواه البخاري ٤: ٨٣، و٧: ٢٧٥، و ٨: ١٩٣ - من طريق شعبة، به. ورواه مسلم ١: ٣٨٩ - ٣٩٠، من طريق شعبة أيضا، ولكنه روى آخره: "إنها طيبة ... " فقط.
وذكره ابن كثير ٢: ٥٢٩، من رواية المسند. ثم قال: "أخرجاه في الصحيحين من طريق شعبة".
وذكره السيوطي ٢: ١٨٩-١٩٠، وزاد نسبته للطيالسي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، والترمذي، والنسائي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والبيهقي في الدلائل.
وليس في مسند الطيالسي المطبوع، لأنه ناقص كما هو معروف.]]
وقال آخرون: بل نزلت في اختلاف كان بين أصحاب رسول الله ﷺ في قوم كانوا قدموا المدينة من مكة، فأظهروا للمسلمين أنهم مسلمون، ثم رجعوا إلى مكة وأظهروا لهم الشرك.
* ذكر من قال ذلك:
١٠٠٥٢- حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"فما لكم في المنافقين فئتين"، قال: قوم خرجوا من مكة حتى أتوا المدينة يزعمون أنهم مهاجرون، ثم ارتدوا بعد ذلك، فاستأذنوا النبيّ ﷺ إلى مكة ليأتوا ببضائع لهم يتّجرون فيها. فاختلف فيهم المؤمنون، فقائل يقول:"هم منافقون"، وقائل يقول:"هم مؤمنون". فبين الله نفاقهم فأمر بقتالهم، فجاؤوا ببضائعهم يريدون المدينة، فلقيهم علي بن عويمر، أو: هلال بن عويمر الأسلمي، [[أسقط المطبوعة: "علي بن عويمر، أو: " وساق الخبر"فلقيهم هلال.." وأثبته من المخطوطة. والأثر التالي من رواية أبي جعفر، هو الذي فيه إسقاط علي بن عويمر" من الخبر.]] وبينه وبين النبي ﷺ حلف= وهو الذي حَصِر صدره أن يقاتل المؤمنين أو يُقاتل قومه، فدفع عنهم= بأنهم يَؤُمُّون هلالا [[في المطبوعة: "يؤمنون هلالا"، والصواب من المخطوطة والدر المنثور ٢: ١٩٠]] وبينه وبين النبي ﷺ عهد.
١٠٠٥٣- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله بنحوه= غير أنه قال: فبيّن الله نفاقهم، وأمر بقتالهم، فلم يقاتلوا يومئذ، فجاؤوا ببضائعهم يريدون هلالَ بن عويمر الأسلمي، وبينه وبين رسول الله ﷺ حِلْف. [[الأثران: ١٠٠٥٢، ١٠٠٥٣ - انظر الأثر التالي: ١٠٠٧١.]]
* * *
وقال آخرون: بل كان اختلافهم في قوم من أهل الشرك كانوا أظهروا الإسلام بمكة، وكانوا يعينون المشركين على المسلمين.
* ذكر من قال ذلك:
١٠٠٥٤- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:"فما لكم في المنافقين فئتين"، وذلك أن قوما كانوا بمكة قد تكلّموا بالإسلام، وكانوا يظاهرون المشركين، فخرجوا من مكة يطلبون حاجة لهم، فقالوا: إن لقينا أصحابَ محمد"عليه السلام"، فليس علينا منهم بأس! وأن المؤمنين لما أخبروا أنهم قد خرجوا من مكة، قالت فئة من المؤمنين: اركبوا إلى الخبثاء فاقتلوهم، فإنهم يظاهرون عليكم عدوكم! وقالت فئة أخرى من المؤمنين: سبحان الله = أو كما قالوا =، أتقتلون قوما قد تكلموا بمثل ما تكلَّمتم به؟ أمن أجل أنهم لم يهاجروا ويتركوا ديارَهم، تستحلّ دماؤهم وأموالهم لذلك! فكانوا كذلك فئتين، والرسول عليه السلام عندهم لا ينهى واحدا من الفريقين عن شيء، فنزلت:"فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا أتريدون أن تهدوا من أضل الله"، الآية.
١٠٠٥٥- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"فما لكم في المنافقين فئتين" الآية،، ذكر لنا أنهما كانا رجلين من قريش كانا مع المشركين بمكة، وكانا قد تكلّما بالإسلام ولم يهاجرا إلى النبي ﷺ، فلقيهما ناس من أصحاب نبي الله وهما مقبلان إلى مكة، فقال بعضهم: إن دماءهما وأموالهما حلال! وقال بعضهم: لا يحلُّ لكم! فتشاجروا فيهما، فأنزل الله في ذلك:"فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا" حتى بلغ"ولو شاء الله لسلَّطهم عليكم فلقاتلوكم".
١٠٠٥٦- حدثنا القاسم قال، حدثنا أبو سفيان، عن معمر بن راشد قال: بلغني أنّ ناسًا من أهل مكة كتبوا إلى النبي ﷺ أنهم قد أسلموا، وكان ذلك منهم كذبا، فلقوهم، فاختلف فيهم المسلمون، فقالت طائفة: دماؤهم حلال! وقالت طائفة: دماؤهم حرام! فأنزل الله:"فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا".
* * *
١٠٠٥٧- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله:"فما لكم في المنافقين فئتين"، هم ناس تخلّفوا عن نبي الله ﷺ، وأقاموا بمكة وأعلنوا الإيمان ولم يهاجروا، فاختلف فيهم أصحاب رسول الله ﷺ، فتولاهم ناس من أصحاب رسول الله ﷺ، وتبرأ من وَلايتهم آخرون، وقالوا: تخلفوا عن رسول الله ﷺ ولم يهاجروا! فسماهم الله منافقين، وبرّأ المؤمنين من وَلايتهم، وأمرهم أن لا يتولَّوهم حتى يهاجروا.
* * *
وقال آخرون: بل كان اختلافهم في قوم كانوا بالمدينة، أرادوا الخروج عنها نفاقًا.
* ذكر من قال ذلك:
١٠٠٥٨- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا"، قال: كان ناس من المنافقين أرادوا أن يخرجوا من المدينة، فقالوا للمؤمنين: إنّا قد أصابنا أوجاعٌ في المدينة واتَّخَمْناها، [["اتخمناها"، "افتعل" من"الوخم"، يقال: "أرض وخمة ووخيمة"، وبيئة، لا يوافق المرء سكنها فيجتويها. و"استوخم القوم المدينة": استثقلوها، ولم يوافق هواؤها أبدانهم. والذي ذكرته كتب اللغة بناء"استوخم""استفعل" متعديا من"الوخم"، ولم يذكروا"اتخم""افتعل"، وهو صحيح في قياس العربية. وهذا شاهده.]] فلعلنا أن نخرج إلى الظَّهر حتى نتماثل ثم نرجع، [["الظهر": ما غلظ وارتفع من الأرض، و"البطن": ما لان منها وسهل ورق واطمأن. ومثله"ظاهر الأرض"، فسموا ما بعد عن القرية وارتفع في البرية: "ظهر البلدة وظاهرها".]] فإنا كنا أصحاب برّيّة. فانطلقوا، واختلف فيهم أصحاب النبي ﷺ، فقالت طائفة: أعداءٌ لله منافقون! [[في المطبوعة: "أعداء الله المنافقون"، وفي المخطوطة: أعداء الله منافقون"، والصواب ما أثبت.]] وددنا أن رسول الله ﷺ أذن لنا فقاتلناهم! وقالت طائفة: لا بل إخواننا غَمَّتهم المدينة فاتّخموها، [[في المطبوعة والدر المنثور ٢: ١٩١: "تخمتهم المدينة فاتخموها"، وليس صوابا. وفي المخطوطة: "عمهم المدينة" غير منقوطة، وهذا صواب قراءتها، من"الغم": وهو الكرب وكل ما يكرهه الإنسان فيورثه الضيق والهم. والدليل على صحة هذه القراءة ما جاء في معاني القرآن ١: ٢٨٠"ضجروا منها واستوخموها" وانظر ما سلف تعليق: ١، في تفسير"اتخم".]] فخرجوا إلى الظهر يتنزهون، [["يتنزهون" أي: يتباعدون عن الأرض التي استوخموها، حتى يبرأوا. و"التنزه" التباعد عن الأرياف والمياه، حيث لا يكون ماء ولا ندى ولا جمع ناس، وذلك شق البادية، وهو أصح للأبدان.]] فإذا بَرَؤوا رجعوا. فقال الله:"فما لكم في المنافقين فئتين"، يقول: ما لكم تكونون فيهم فئتين ="والله أركسهم بما كسبوا".
* * *
وقال آخرون: بل نزلت هذه الآية في اختلاف أصحاب رسول الله ﷺ في أمر أهل الإفك.
* ذكر من قال ذلك:
١٠٠٥٩- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا"، حتى بلغ"فلا تتّخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله"، قال: هذا في شأن ابن أُبيّ حين تكلم في عائشة بما تكلم.
١٠٠٦٠- وحدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: إن هذه الآية حين أنزلت:"فما لكم في المنافقين فئتين"، فقرأ حتى بلغ"فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله"، فقال سعد بن معاذ: فإنّي أبرأ إلى الله وإلى رسوله من فئته! = يريد عبد الله بن أبيّ ابن سلول. [[الأثر: ١٠٠٥٩، ١٠٠٦٠ - في المطبوعة، ساق هذين الأثرين، أثرا واحدا، فجعله هكذا: "حين تكلم في عائشة بما تكلم، فقال سعد بن معاذ.." وأسقط صدر الأثر: ١٠٠٦٠، فرددته إلى الصواب من المخطوطة. والذي أوقع الناشر في هذا، سوء صنيع السيوطي في نقله عن ابن جرير، وذلك في الدر المنثور ٢: ١٩١.]]
* * *
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصواب في ذلك، قول من قال: نزلت هذه الآية في اختلاف أصحاب رسول الله ﷺ في قوم كانوا ارتدُّوا عن الإسلام بعد إسلامهم من أهل مكة.
وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب، لأنّ اختلاف أهل التأويل في ذلك إنما هو على قولين: أحدهما: أنهم قوم كانوا من أهل مكة، على ما قد ذكرنا الرواية عنهم.
والآخر: أنهم قوم كانوا من أهل المدينة.
= وفي قول الله تعالى ذكره:"فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا"، أوضح الدّليل على أنهم كانوا من غير أهل المدينة. لأنّ الهجرة كانت على عهد رسول الله ﷺ إلى داره ومدينته من سائر أرض الكفر. فأما من كان بالمدينة في دار الهجرة مقيمًا من المنافقين وأهل الشرك، فلم يكن عليه فرضُ هجرة، لأنه في دار الهجرة كان وطنُه ومُقامه.
* * *
واختلف أهل العربية في نصب قوله:"فئتين".
فقال بعضهم: هو منصوب على الحال، كما تقول:"ما لَك قائما"، يعني: ما لك في حال القيام. وهذا قول بعض البصريين.
* * *
وقال بعض نحويي الكوفيين: هو منصوب على فعل"ما لك"، قال: ولا تُبالِ أكان المنصوب في"ما لك" معرفة أو نكرة. [[في المطبوعة: "ولا تبالي كان المنصوب.." وفي المخطوطة: "ولا تبال كان المنصوب" ورجحت قراءتها كما أثبتها، استظهارًا من نص الفراء في معاني القرآن.]] . قال: ويجوز في الكلام أن تقول:"ما لك السائرَ معنا"، لأنه كالفعل الذي ينصب بـ"كان" و"أظن" وما أشبههما. قال: وكل موضع صلحت فيه"فعل" و"يفعل" من المنصوب، جاز نصب المعرفة منه والنكرة، كما تنصب"كان" و"أظن"، لأنهن نواقصُ في المعنى، وإن ظننت أنهنّ تَامّاتٍ. [[هذا مختصر نص الفراء في معاني القرآن ١: ٢٨١.]]
وهذا القول أولى بالصواب في ذلك، لأن المطلوب في قول القائل:"ما لك قائمًا"،"القيام"، فهو في مذهب"كان" وأخواتها، و"أظن" وصواحباتها. [[في المخطوطة: "والظن وصواحباتها"، والصواب ما في المطبوعة.]]
* * *
القول في تأويل قوله عز وجل: ﴿وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل قوله:"والله أركسهم".
فقال بعضهم: معناه: ردَّهم، كما قلنا.
* ذكر من قال ذلك:
١٠٠٦١- حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس:"والله أركسهم بما كسبوا"، ردَّهم.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: والله أوْقَعهم.
* ذكر من قال ذلك:
١٠٠٦٢- حدثني المثنى قال، حدثني عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:"والله أركسهم بما كسبوا"، يقول: أوقعهم.
وقال آخرون: معنى ذلك: أضلهم وأهلكهم.
* ذكر من قال ذلك:
١٠٠٦٣- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا أبو سفيان، عن معمر، عن قتادة:"والله أركسهم"، قال: أهلكهم.
١٠٠٦٤- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة:"والله أركسهم بما كسبوا"، أهلَكَهم بما عملوا.
١٠٠٦٥- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"والله أركسهم بما كسبوا"، أهلكهم.
* * *
وقد أتينا على البيان عن معنى ذلك قبل، بما أغنى عن إعادته. [[انظر ما سلف ص: ٧]]
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلا (٨٨) ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله"أتريدون أن تهدوا من أضل الله"، أتريدون، أيها المؤمنون، أن تهدوا إلى الإسلام فتوفقوا للإقرار به والدخول فيه، من أضله الله عنه= يعني بذلك: من خَذَله الله عنه، فلم يوفقه للإقرار به؟ [[انظر معنى"هدى"، ومعنى"الضلال" فيما سلف من فهارس اللغة.]]
وإنما هذا خطاب من الله تعالى ذكره للفئة التي دافعت عن هؤلاء المنافقين الذين وصف الله صفتهم في هذه الآية. يقول لهم جل ثناؤه: أتبغون هداية هؤلاء الذين أضلَّهم الله فخذلهم عن الحق واتباع الإسلام، بمدافعتكم عن قتالهم من أراد قتالَهم من المؤمنين؟ ="ومن يُضلل الله فلن تجد له سبيلا"، يقول: ومَن خذله عن دينه واتباع ما أمره به، من الإقرار به وبنبيه محمد ﷺ وما جاء به من عنده، فأضلَّه عنه="فلن تجد له"، يا محمد،"سبيلا"، يقول: فلن تجد له طريقًا تهديه فيها إلى إدراك ما خذله الله [عنه] ، [[هذه الزيادة بين القوسين، يقتضيها السياق اقتضاء. وانظر تفسير"السبيل" فيما سلف. من فهارس اللغة.]] ولا منهجًا يصل منه إلى الأمر الذي قد حرمه الوصول إليه.
{"ayah":"۞ فَمَا لَكُمۡ فِی ٱلۡمُنَـٰفِقِینَ فِئَتَیۡنِ وَٱللَّهُ أَرۡكَسَهُم بِمَا كَسَبُوۤا۟ۚ أَتُرِیدُونَ أَن تَهۡدُوا۟ مَنۡ أَضَلَّ ٱللَّهُۖ وَمَن یُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُۥ سَبِیلࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











