الباحث القرآني
القول في تأويل قوله: ﴿وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا (٧٥) ﴾ قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه:"وما لكم" أيها المؤمنون ="لا تقاتلون في سبيل الله"، وفي"المستضعفين"، يقول: عن المستضعفين منكم ="من الرجال والنساء والولدان"، فأما من"الرجال"، فإنهم كانوا قد أسلموا بمكة، فغلبتهم عشائرهم على أنفسهم بالقهر لهم، وآذوهم، ونالوهم بالعذاب والمكاره في أبدانهم ليفتنوهم عن دينهم، فحضَّ الله المؤمنين على استنقاذهم من أيدي من قد غلبهم على أنفسهم من الكفار، فقال لهم: وما شأنكم لا تقاتلون في سبيل الله، وعن مستضعفي أهل دينكم وملتكم الذين قد استضعفهم الكفار فاستذلوهم ابتغاء فتنتهم وصدِّهم عن دينهم؟ "من الرجال والنساء والولدان" = جمع"ولد": وهم الصبيان ="الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها"، يعني بذلك أن هؤلاء المستضعفين من الرجال والنساء والولدان، يقولون في دعائهم ربَّهم بأن ينجييهم من فتنة من قد استضعفهم من المشركين:"يا ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها".
* * *
والعرب تسمي كل مدينة"قرية" = يعني: التي قد ظلمتنا وأنفسَها أهلُها = وهي في هذا الموضع، فيما فسر أهل التأويل،"مكة".
* * *
وخفض"الظالم" لأنه من صفة"الأهل"، وقد عادت"الهاء والألف" اللتان فيه على"القرية"، وكذلك تفعل العرب إذا تقدمت صفة الاسم الذي معه عائد لاسم قبلها، [[في المخطوطة: "الذي معه عادر لاسم قبلها"، وهو سهو من الناسخ، صوابه ما في المطبوعة.]] أتبعت إعرابها إعرابَ الاسم الذي قبلها، كأنها صفة له، فتقول:"مررت بالرجلِ الكريمِ أبوه".
* * *
="واجعل لنا من لدنك وليًّا"، يعني: أنهم يقولون أيضًا في دعائهم: يا ربنا، واجعل لنا من عندك وليًّا، يلي أمرنا بالكفاية مما نحن فيه من فتنة أهل الكفر بك = "واجعل لنا من لدنك نصيرًا"، يقولون: [[انظر تفسير"الولي"، و"النصير"، فيما سلف من فهارس اللغة.]] واجعل لنا من عندك من ينصرنا على من ظلمنا من أهل هذه القرية الظالم أهلها، [[في المطبوعة"من ظلمنا من أهل القرية"، والصواب من المخطوطة.]] بصدِّهم إيانا عن سبيلك، حتى تظفرنا بهم، وتعلي دينك.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
٩٩٤٤ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله:"من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها"، قال: أمر المؤمنين أن يقاتلوا عن مستضعفي المؤمنين، كانوا بمكة.
٩٩٤٥ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان" = الصبيان ="الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها"، مكة = أمر المؤمنين أن يقاتلوا عن مستضعفين مؤمنين كانوا بمكة.
٩٩٤٦ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها"، يقول: وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله وفي المستضعفين = وأما"القرية"، فمكة.
٩٩٤٧ - حدثني المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك، عن عثمان بن عطاء، عن أبيه، عن ابن عباس في قوله:"وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين"، قال: وفي المستضعفين.
٩٩٤٨ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، أخبرني عبد الله بن كثير: أنه سمع محمد بن مسلم بن شهاب يقول،"وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان"، قال: في سبيل الله وسبيل المستضعفين.
٩٩٤٩ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الحسن وقتادة في قوله:"أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها"، قالا خرج رجل من القرية الظالمة إلى القرية الصالحة، فأدركه الموت في الطريق، فنأى بصدره إلى القرية الصالحة، [[قوله: "نأى بصدره" أي تباعد به. يعني: تحامل وهو هالك حتى وجه صدره إلى القرية الصالحة، ابتعادًا وإعراضًا عن القرية الظالمة. ومثله: "نأى بجانبه".]] فما تلافاه إلا ذلك [[قوله: "فما تلافاه إلا ذلك"، أي: فما تداركه وأنقذه من سوء المصير، إلا هذه الإعراضة التي أعرضها عن القرية الظالمة. وكانت هذه الجملة غير منقوطة في المخطوطة. فآثر ناشر المطبوعة حذفها، لما لم يحسن قراءتها وفهمها.]] = فاحتجَّت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، [[قوله: "احتجت فيه"، أي: اختصمت فيه الملائكة، وألقى كل خصم بحجته، ولم يرد هذا الوزن بهذا المعنى في كتب اللغة، وهو صحيح عريق، وإنما قالوا: "احتج بالشيء" اتخذه حجة، أما التخاصم والتنازع فقالوا فيه: "تحاج القوم". فهذا من الزيادات الصحيحة على قيد اللغة.]] فأمروا أن يقدُروا أقرب القريتين إليه، فوجدوه أقرب إلى القرية الصالحة بشبْرٍ = وقال بعضهم: قرّب الله إليه القرية الصالحة، فتوفَّته ملائكة الرحمة.
٩٩٥٠ - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:"والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان"، هم أناس مسلمون كانوا بمكة، لا يستطيعون أن يخرجوا منها ليهاجروا، فعذرهم الله، فهم أولئك [[في المطبوعة: "وفيهم قوله"، وأثبت ما في المخطوطة، فهو صواب محض.]] = وقوله:"ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها"، فهي مكة.
٩٩٥٠م - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها"، قال: وما لكم لا تفعلون؟ تقاتلون لهؤلاء الضعفاء المساكين الذين يدعون الله أن يخرجهم من هذه القرية الظالم أهلها، فهم ليس لهم قوة، فما لكم لا تقاتلون حتى يسلم الله هؤلاء ودينهم؟ [[في المطبوعة: "حتى يسلم لله"، وأثبت ما في المخطوطة فهو الصواب.]] قال: و"القرية الظالم أهلها"، مكة.
{"ayah":"وَمَا لَكُمۡ لَا تُقَـٰتِلُونَ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ وَٱلۡمُسۡتَضۡعَفِینَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَاۤءِ وَٱلۡوِلۡدَ ٰنِ ٱلَّذِینَ یَقُولُونَ رَبَّنَاۤ أَخۡرِجۡنَا مِنۡ هَـٰذِهِ ٱلۡقَرۡیَةِ ٱلظَّالِمِ أَهۡلُهَا وَٱجۡعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِیࣰّا وَٱجۡعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِیرًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق