الباحث القرآني

القول في تأويل قوله عز وجل: ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا (٥٥) ﴾ قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: فمن الذين أوتوا الكتاب = من يهود بني إسرائيل، الذين قال لهم جل ثناؤه:"آمنوا بما نزلنا مصدقًا لما معكم من قبل أن نطمس وجوهًا فنردها على أدبارها" ="مَنْ آمن به"، يقول: من صدَّق بما أنزلنا على محمد ﷺ مصدّقًا لما معهم ="ومنهم من صدّ عنه"، ومنهم من أعرَض عن التصديق به، [[انظر تفسير"الصد" فيما سلف ٤: ٣٠٠ / ٧: ٥٣.]] كما:- ٩٨٣١ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"فمنهم من آمن به"، قال: بما أنزل على محمد من يهود ="ومنهم من صدّ عنه". ٩٨٣٢ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله. * * * قال أبو جعفر: وفي هذه الآية دلالة على أن الذين صدّوا عما أنزل الله على محمد ﷺ، من يهود بني إسرائيل الذين كانوا حوالَيْ مُهاجَر رسول الله ﷺ، إنما رَفعَ عنهم وعيدَ الله الذي توعِّدهم به في قوله: ﴿آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولا﴾ في الدنيا، [[هي الآية السالفة من"سورة النساء" رقم: ٤٧.]] وأخرت عقوبتهم إلى يوم القيامة، لإيمان من آمن منهم، وأن الوعيدَ لهم من الله بتعجيل العقوبة في الدنيا، إنما كان على مقام جميعهم على الكفر بما أنزل على نبيه محمد ﷺ. فلما آمن بَعضُهم، خرجوا من الوعيد الذي توعَّده في عاجل الدنيا، وأخرت عقوبةُ المقيمين على التكذيب إلى الآخرة، فقال لهم: كفاكم بجهنم سعيرًا. [[انظر ما سلف ص: ٤٤٥س: ٤ وما بعده.]] * * * ويعني بقوله:"وكفى بجهنم سعيرًا"، وحسبكم، أيها المكذبون بما أنزلت على محمد نبيي ورسولي ="بجهنم سعيرًا"، يعني: بنار جهنم، تُسعَر عليكم = أي: تُوقدُ عليكم. * * * = وقيل:"سعيرًا"، أصله"مسعورًا"، من"سُعِرت تُسعَر فهي مسعورة"، كما قال الله: ﴿وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ﴾ [سورة التكوير: ١٢] ، ولكنها صرفت إلى"فعيل"، كما قيل:"كف خضيب"، و"لحية دهين"، بمعنى: مخضوبة ومدهونة - و"السعير"، الوقود. [[انظر تفسير"السعير" فيما سلف: ٣٠.]]
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب