الباحث القرآني

القول في تأويل قوله: ﴿يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ (٤٤) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا (٤٥) ﴾ قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"يشترون الضلالة"، اليهود الذين أوتوا نصيبًا من الكتاب، يختارون الضلالة = وذلك: الأخذ على غير طريق الحقّ، وركوبُ غير سبيل الرشد والصواب، مع العلم منهم بقصد السبيل ومنهج الحق. [[انظر تفسير"الاشتراء" فيما سلف ١: ٣١٢-٣١٥ / ٢: ٣٤٠-٣٤٢، ٤٥٥ / ٣: ٣٢٨ / ٦: ٥٢٧ = وتفسير"الضلالة" ١: ١٩٥، ٣١٣ / ٢: ٤٩٥، ٤٩٦ / ٦: ٦٦، ٥٠٠، ٥٨٤ / ٧: ٣٦٩.]] وإنما عنى الله بوصفهم باشترائهم الضلالة: مقامهم على التكذيب بمحمد ﷺ، وتركهم الإيمان به، وهم عالمون أنّ السبيل الحقَّ الإيمانُ به، وتصديقه بما قد وجدوا من صفته في كتبهم التي عندهم. * * * وأما قوله:"ويريدون أن تضلوا السبيل"، يعني بذلك تعالى ذكره: ويريد هؤلاء اليهود الذين وصَفهم جل ثناؤه بأنهم أوتوا نصيبًا من الكتاب =" أن تضلوا" أنتم، يا معشر أصحاب محمد ﷺ، المصدقين به =" أن تضلوا السبيل"، يقول: أن تزولوا عن قصد الطريق ومَحَجَّة الحق، فتكذبوا بمحمد، وتكونوا ضلالا مثلهم. وهذا من الله تعالى ذكره تحذيرٌ منه عبادَه المؤمنين، أن يستنصحوا أحدًا من أعداء الإسلام في شيء من أمر دينهم، أو أن يسمعوا شيئًا من طعنهم في الحق. * * * ثم أخبر الله جلّ ثناؤه عن عداوة هؤلاء اليهود الذين نهى المؤمنين أن يستنصحوهم في دينهم إياهم، فقال جل ثناؤه: ="والله أعلم بأعدائكم"، يعني بذلك تعالى ذكره: والله أعلم منكم بعداوَة هؤلاء اليهود لكم، أيها المؤمنون. يقول: فانتهوا إلى طاعتي فيما نهيتكم عنه من استنصاحهم في دينكم، [[في المخطوطة: "مما نهيتكم عنه"، وفي المطبوعة: "عما نهيتكم عنه"، والصواب ما أثبت.]] فإني أعلم بما هم عليه لكم من الغشِّ والعداوة والحسد، وأنهم إنما يبغونكم الغوائل، ويطلبون أن تضلوا عن محجة الحق فتهلكوا. * * * وأما قوله:"وكفى بالله وليًّا وكفى بالله نصيرًا"، فإنه يقول: فبالله، أيها المؤمنون، فثقوا، وعليه فتوكلوا، وإليه فارغبوا، دون غيره، يكفكم مهمَّكم، وينصركم على أعدائكم ="وكفى بالله وليًّا"، يقول: وكفاكم وحسْبكم بالله ربكم وليًّا يليكم ويلي أموركم بالحياطة لكم، والحراسة من أن يستفزّكم أعداؤكم عن دينكم، أو يصدّوكم عن اتباع نبيكم [[انظر تفسير: "الولي" فيما سلف ٢: ٤٨٩، ٥٦٤ / ٥: ٤٢٤ / ٦: ١٤٢، ٣١٣، ٤٩٧.]] "وكفى بالله نصيرًا"، يقول: وحسبكم بالله ناصرًا لكم على أعدائكم وأعداء دينكم، وعلى من بغاكم الغوائل، وبغى دينكم العَوَج. [[انظر تفسير"النصير" فيما سلف ٢: ٤٨٩، ٥٦٤ / ٥: ٥٨١ / ٦: ٤٤٣، ٤٤٩.]]
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب