الباحث القرآني

القول في تأويل قوله: ﴿وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (١١٢) ﴾ قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: ومن يعمل خطيئة، وهي الذنب="أو إثمًا"، وهو ما لا يحلّ من المعصية. [[انظر تفسير"خطيئة" فيما سلف ٢: ١١٠، ٢٨٤، ٢٨٥.]] * * * وإنما فرق بين"الخطيئة" و"الإثم"، لأن"الخطيئة"، قد تكون من قبل العَمْد وغير العمد، و"الإثم" لا يكون إلا من العَمْد، ففصل جل ثناؤه لذلك بينهما فقال: ومن يأت"خطيئة" على غير عمد منه لها="أو إثمًا" على عمد منه. * * * ="ثم يرم به بريئًا"، [[في المطبوعة زيادة حذفتها، كان الكلام: "ثم يرم به بريئًا، يعني بالذي تعمده بريئًا، يعني ... " وهو فساد في التفسير، فحذفته لذلك وتابعت المخطوطة.]] يعني: ثم يُضيف ماله من خطئه أو إثمه الذي تعمده [[في المطبوعة: "ثم يصف ما أتى من خطئه ... " وأثبت ما في المخطوطة، وهو الصواب.]] ="بريئًا" مما أضافه إليه ونحله إياه="فقد احتمل بُهتانًا وإثمًا مبينًا"، يقول: [[انظر تفسير"البهتان" فيما سلف ٥: ٤٣٢ / ٨: ١٢٤.]] فقد تحمّل بفعله ذلك فريَة وكذبًا وإثمًا عظيمًا= يعني، وجُرْمًا عظيمًا، على علم منه وعمدٍ لما أتى من معصيته وذنبه. * * * واختلف أهل التأويل فيمن عنى الله بقوله:"بريئًا"، بعد إجماع جميعهم على أن الذي رمى البريءَ من الإثم الذي كان أتاه، ابن أبيرق الذي وصفنا شأنه قبل. فقال بعضهم: عنى الله عز وجل بالبريء، رجلا من المسلمين يقال له:"لبيد بن سهل". [[انظر الأثر رقم: ١٠٤١١.]] * * * وقال آخرون: بل عنى رجلا من اليهود يقال له:"زيد بن السمين"، وقد ذكرنا الرواية عمن قال ذلك فيما مضى. [[انظر رقم: ١٠٤١٢، ١٠٤١٦.]] * * * وممن قال:"كان يهوديًّا"، ابنُ سيرين. ١٠٤٢٥- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا غندر، عن شعبة، عن خالد الحذاء، عن ابن سيرين:"ثم يرم به بريئًا"، قال: يهوديًّا. ١٠٤٢٦- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا بدل بن المحبر قال، حدثنا شعبة، عن خالد، عن ابن سيرين، مثله. [[الأثر: ١٠٤٢٦ -"بدل بن المحبر بن المنبه التميمي اليربوعي" روى عن شعبة، والخليل بن أحمد صاحب العروض، وغيرهما. وروى عنه البخاري، والأربعة بواسطة محمد بن بشار. ثقة. و"بدل" بفتحتين.]] * * * وقيل:"يرم به بريئًا"، بمعنى: ثم يرم بالإثم الذي أتى هذا الخائن، من هو بريء مما رماه به= فـ"الهاء" في قوله:"به" عائدة على"الإثم". ولو جعلت كناية من ذكر"الإثم" و"الخطيئة"، كان جائزًا، لأن الأفعال وإن اختلفت العبارات عنها، فراجعة إلى معنى واحد بأنها فعلٌ. [[هذا مختصر مقالة الفراء في معاني القرآن ١: ٢٨٦، ٢٨٧.]] * * * = وأما قوله:"فقد احتمل بهتانًا وإثمًا مبينًا"، فإن معناه: فقد تحمل - هذا الذي رمَى بما أتى من المعصية وركب من الإثم الخطيئة، مَنْ هو بريء مما رماه به من ذلك="بهتانًا"، وهو الفرية والكذب [[انظر تفسير"البهتان" فيما سلف ص: ١٩٧، تعليق: ٤.]] ="وإثمًا مبينًا"، يعني وِزْرًا"مبينًا"، يعني: أنه يبين عن أمر متحمِّله وجراءته على ربه، [[انظر تفسير"مبين" فيما سلف ص: ٣، تعليق: ١، والمراجع هناك. وكان في المطبوعة: "يبين عن أمر عمله"، والصواب من المخطوطة.]] وتقدّمه على خلافه فيما نهاه عنه لمن يعرف أمرَه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب