الباحث القرآني

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (٤) أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (٥) ﴾ يقول تعالى ذكره: وعجب هؤلاء المشركون من قريش أن جاءهم منذر ينذرهم بأس الله على كفرهم به من أنفسهم، ولم يأتهم ملك من السماء بذلك ﴿وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ﴾ يقول: وقال المنكرون وحدانية الله: هذا، يعنون محمدا ﷺ، ساحر كذّاب. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ﴿وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ﴾ يعني محمدا ﷺ ﴿وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ﴾ ⁕ حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قوله ﴿سَاحِرٌ كَذَّابٌ﴾ يعني محمدا ﷺ. * * * وقوله ﴿أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا﴾ يقول: وقال هؤلاء الكافرون الذين قالوا: محمد ساحر كذاب: أجعل محمد المعبودات كلها واحدا، يسمع دعاءنا جميعنا، ويعلم عبادة كل عابد عبدَه منا ﴿إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾ : أي إن هذا لشيء عجيب. كما:- ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ﴿أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾ قال: عجب المشركون أن دُعوا إلى الله وحده، وقالوا: يسمع لحاجاتنا جميعا إله واحد! ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة. وكان سبب قيل هؤلاء المشركين ما أخبر الله عنهم أنهم قالوه، من ذلك، أن رسول الله ﷺ قال لهم: ﴿أسألكم أن تجيبوني إلى واحدة تدين لكم بها العرب، وتعطيكم بها الخراج العجم" فقالوا: وما هي؟ فقال:"تقولون لا إله إلا الله"، فعند ذلك قالوا: (أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا﴾ تعجبا منهم من ذلك) . * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثنا أبو كُرَيب وابن وكيع، قالا ثنا أبو أسامة، قال: ثنا الأعمش، قال: ثنا عباد، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس، قال: (لما مرض أبو طالب دخل عليه رهط من قريش فيهم أبو جهل بن هشام فقالوا: إن ابن أخيك يشتم آلهتنا، ويفعل ويفعل، ويقول ويقول، فلو بعثت إليه فنهيته؛ فبعث إليه، فجاء النبي ﷺ فدخل البيت، وبينهم وبين أبي طالب قدر مجلس رجل، قال: فخشي أبو جهل إن جلس إلى جنب أبي طالب أن يكون أرق له عليه، فوثب فجلس في ذلك المجلس، ولم يجد رسول الله ﷺ مجلسا قرب عمه، فجلس عند الباب، فقال له أبو طالب: أي ابن أخي، ما بال قومك يشكونك؟ يزعمون أنك تشتم آلهتهم، وتقول وتقول؛ قال: فأكثروا عليه القول، وتكلم رسول الله ﷺ فقال:"يا عَمّ إنّي أُرِيدهُمْ عَلى كَلِمَةٍ وَاحِدةٍ يَقُولُونَهَا، تَدِينُ لَهُمْ بِها العَرَبُ، وتُؤَدِّي إلَيْهِم بِها العَجَمُ الجِزْيَةَ"، ففزعوا لكلمته ولقوله، فقال القوم: كلمة واحدة؟ نعم وأبيك عَشْرًا؛ فقالوا: وما هي؟ فقال أبو طالب: وأيّ كلمة هي يا ابن أخي؟ قال:"لا إلَهَ إلا الله"؛ قال: فقاموا فزِعين ينفضون ثيابهم، وهم يقولون: ﴿أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾ قال: ونزلت من هذا الموضع إلى قوله ﴿لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ﴾ اللفظ لأبي كريب. ⁕ حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا معاوية بن هشام، عن سفيان، عن يحيى بن عمارة، عن سعيد بن جُبَير عن ابن عباس، قال: مرض أبو طالب، فأتاه رسول الله ﷺ يعوده، وهم حوله جلوس، وعند رأسه مكان فارغ، فقام أبو جهل فجلس فيه، فقال أبو طالب: يا ابن أخي ما لقومك يشكونك؟ قال: يا عَمّ أُرِيدُهُمْ عَلى كَلِمَةٍ تَدِينُ لَهُمْ بِهَا العَرَبُ، وتُؤَدِّي إلَيْهِمْ بِهَا العَجَمُ الجِزْيَةَ قال: ما هي؟ قال: لا إلَهَ إلا الله" فقاموا وهم يقولون: ﴿مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلا اخْتِلاقٌ﴾ ونزل القرآن: ﴿ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ﴾ ذي الشرف ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ﴾ حتى قوله ﴿أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا﴾ . ⁕ حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان، عن الأعمش، عن يحيى بن عمارة، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس، قال: مرض أبو طالب، ثم ذكر نحوه، إلا أنه لم يقل ذي الشرف، وقال: إلى قوله ﴿إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾ . ⁕ حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن يحيى بن عمارة، عن سعيد بن جُبَير، قال: مرض أبو طالب، قال: فجاء النبي ﷺ يعوده، فكان عند رأسه مقعدُ رجل، فقام أبو جهل، فجلس فيه، فشَكَوا النبيّ ﷺ إلى أبي طالب، وقالوا: إنه يقع في آلهتنا، فقال: يا ابن أخي ما تريد إلى هذا؟ قال:"يا عمّ إنَّي أُرِيدُهُمْ عَلَى كَلِمَةٍ تَدِينُ لَهُمْ بِهَا العَرَبُ، وتُؤَدِّي إلَيْهِمُ العَجَمُ الْجِزْيَةَ" قال: وما هي؟ قال:"لا إلَهَ إلا الله"، فقالوا: ﴿أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾ .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب