الباحث القرآني

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الأوْتَادِ (١٢) وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الأيْكَةِ أُولَئِكَ الأحْزَابُ (١٣) إِنْ كُلٌّ إِلا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ (١٤) ﴾ يقول تعالى ذكره: كذّبت قبل هؤلاء المشركين من قريش، القائلين: أجعل الآلهة إلها واحدا، رسلها، قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد. واختلف أهل العلم في السبب الذي من أجله قيل لفرعون ذو الأوتاد، فقال بعضهم: قيل ذلك له لأنه كانت له ملاعب من أوتاد، يُلْعَب له عليها. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حُدثت عن عليّ بن الهيثم، عن عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس ﴿وَفِرْعَوْنُ ذُو الأوْتَادِ﴾ قال: كانت ملاعب يلعب له تحتها. ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ﴿وَفِرْعَوْنُ ذُو الأوْتَادِ﴾ قال: كان له أوتاد وأرسان، وملاعب يلعب له عليها. وقال آخرون: بل قيل ذلك له كذلك لتعذيبه الناس بالأوتاد. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ،، قوله ﴿ذُو الأوْتَادِ﴾ قال: كان يعذِّب الناسَ بالأوتاد، يعذّبهم بأربعة أوتاد، ثم يرفع صخرة تُمَدّ بالحبال، ثم تُلْقى عليه فتشدخه. ⁕ حُدثت عن عليّ بن الهيثم، عن ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس، قال: كان يعذب الناس بالأوتاد. وقال آخرون: معنى ذلك: ذو البنيان، قالوا: والبنيان: هو الأوتاد. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حُدثت عن المحاربي، عن جويبر، عن الضحاك ﴿ذُو الأوْتَادِ﴾ قال: ذو البنيان. وأشبه الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: عني بذلك الأوتاد، إما لتعذيب الناس، وإما للعب، كان يُلْعَب له بها، وذلك أن ذلك هو المعروف من معنى الأوتاد، وثمود وقوم لوط، وقد ذكرنا أخبار كل هؤلاء فيما مضى قبل من كتابنا هذا. ﴿وَأَصْحَابُ الأيْكَةِ﴾ يعني: وأصحاب الغَيْضَة. وكان أبو عمرو بن العلاء فِيما حُدثت عن معمر بن المثني، عن أبي عمرو يقول: الأيكة: الحَرَجَة من النبع والسدر، وهو الملتفّ منه، قال الشاعر: أفَمِنْ بُكَاءِ حَمَامَةٍ فِي أيْكَةٍ ... يَرْفَضُّ دَمْعُكَ فَوْقَ ظَهْرِ المَحْمِلِ [[البيت لعنترة العبسي (مختار الشعر الجاهلي، بشرح مصطفى السقا طبعة الحلبي ٣٨٧) وهو الرابع من قصيدة يهجو بها قيس بن زهير قائد تميم في بعض حروبها مع عبس. قال شارحه: الأيكة الشجر الكثير الملتف. وذرفت دموعك: سالت. والمحمل علاقة السيف. واستشهد به أبو عبيدة في مجاز القرآن (الورقة ٢١٣ - ١ (وقال: الأيكة: الحرجة: من النبع والسدر. وهو الملتف قال رجل، وهو يسند على عنترة:" أفمن بكاء ... " البيت. يعني محمل السيف. وهو الحمالة والحمائل. وجماع المحمل: محامل. وبعضهم يقول:" ليكة". لا يقطعون الألف، ولم يعرفوا معناها. أهـ.]] يعني: مَحْمِل السيف. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ﴿وَأَصْحَابُ الأيْكَةِ﴾ قال: كانوا أصحاب شجر، قال: وكان عامَّة شجرهم الدوم. ⁕ حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قوله ﴿وَأَصْحَابُ الأيْكَةِ﴾ قال: أصحاب الغَيْضَة. * * * وقوله ﴿أُولَئِكَ الأحْزَابُ﴾ يقول تعالى ذكره: هؤلاء الجماعات المجتمعة، والأحزاب المتحزّبة على معاصي الله والكفر به، الذين منهم يا محمد مشركو قومك، وهم مسلوك بهم سبيلهم. ﴿إِنْ كُلٌّ إِلا كَذَّبَ الرُّسُلَ﴾ يقول: ما كلّ هؤلاء الأمم إلا كذّب رسل الله؛ وهي في قراءة عبد الله كما ذكر لي:"إنْ كُلٌّ لَمَّا كَذَّبَ الرُّسُل فَحَقَّ عِقَابِ" يقول: فوجب عليهم عقاب الله إياهم. كما:- ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ﴿إِنْ كُلٌّ إِلا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ﴾ قال: هؤلاء كلهم قد كذبوا الرسل، فحقّ عليهم العذاب.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب