الباحث القرآني

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (٦) لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٧) ﴾ اختلف أهل التأويل في تأويل قوله ﴿لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ﴾ فقال بعضهم: معناه: لتنذر قومًا بما أنذر الله من قبلهم من آبائهم. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن سماك، عن عكرمة في هذه الآية ﴿لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ﴾ قال: قد أنذروا. وقال آخرون: بل معنى ذلك لتنذر قومًا ما أنذر آباؤهم [[أي لم ينذر آباؤهم]] . * * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ﴿لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ﴾ قال بعضهم: لتنذر قومًا ما أنذر آباؤهم من إنذار الناس قبلهم. وقال بعضهم: لتنذر قومًا ما أنذر آباؤهم أي: هذه الأمة لم يأتهم نذير، حتى جاءهم محمد ﷺ. واختلف أهل العربية في معنى "ما" التي في قوله ﴿مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ﴾ إذا وجِّهَ معنى الكلام إلى أن آباءهم قد كانوا أنذروا، ولم يُرد بها الجحد؛ فقال بعض نحويي البصرة: معنى ذلك: إذا أريد به غير الجحد لتنذرهم الذي أُنذِر آباؤهم ﴿فَهُمْ غَافِلُونَ﴾ وقال: فدخول الفاء في هذا المعنى لا يجوز، والله أعلم. قال: وهو على الجحد أحسن، فيكون معنى الكلام: إنك لمن المرسلين إلى قوم لم ينذر آباؤهم، لأنهم كانوا في الفترة. وقال بعض نحويي الكوفة: إذإ لم يُرد بما الجحد، فإن معنى الكلام: لتنذرهم بما أنذر آباؤهم، فتلقى الباء، فتكون "ما" في موضع نصب ﴿فَهُمْ غَافِلُونَ﴾ يقول: فهم غافلون عما الله فاعل: بأعدائه المشركين به، من إحلال نقمته، وسطوته بهم. * * * وقوله ﴿لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ﴾ يقول تعالى ذكره: لقد وجب العقاب على أكثرهم، لأن الله قد حتم عليهم في أم الكتاب أنهم لا يؤمنون بالله، ولا يصدقون رسوله.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب