الباحث القرآني
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (٣٣) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (٣٤) ﴾
يقول تعالى ذكره: بساتين إقامة يدخلونها هؤلاء الذين أورثناهم الكتاب، الذين اصطفينا من عبادنا يوم القيامة ﴿يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ﴾ يلبسون في جنات عدن أسورة من ذهب ﴿وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ﴾ يقول: ولباسهم في الجنة حرير.
* * *
وقوله ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ﴾
اختلف أهل التأويل في الحَزَنِ الذي حمد الله على إذهابه عنهم هؤلاء القوم؛ فقال بعضهم: ذلك الحزَن الذي كانوا فيه قبل دخولهم الجنة من خوف النار إذ كانوا خائفين أن يدخلوها.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثني قتادة بن سعيد بن قتادة السدوسي قال: ثنا معاذ بن هشام صاحب الدستوائي قال: ثنا أَبي عن عمرو بن مالك عن أَبي الجوزاء عن ابن عباس في قوله ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ﴾ قال: حزن النار.
⁕ حدثنا ابن حميد قال: ثنا ابن المبارك عن مَعْمَر عن يحيى بن المختار عن الحسن ﴿وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا﴾ قال: إن المؤمنين قوم ذُلُل ذلَّت والله الأسماع والأبصار والجوارح، حتى يحسبهم الجاهل مَرضَى، وما بالقوم مرض، وإنهم لأصحة القلوب ولكن دخلهم من الخوف ما لم يدخل غيرهم، ومنعهم من الدنيا علمهم بالآخرة، فقالوا ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ﴾ والحَزَنُ، والله ما حزنهم حزن الدنيا ولا تعاظم في أنفسهم ما طلبوا به الجنة أبكاهم الخوف من النار، وأنه من لا يتعزَّ بعزاء الله يقطِّع نفسه على الدنيا حسرات، ومن لم ير لله عليه نعمة إلا في مطعم أو مشرب فقد قل علمه وحضر عذابه.
وقال آخرون: عني به الموت.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثنا أَبو كريب قال: ثنا ابن إدريس عن أبيه عن عطية في قوله ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ﴾ قال: الموت.
وقال آخرون: عني به حزن الخبز [[كذا في الأصل: الخبز، ولعل المراد به. هم العيش في الدنيا. والعيش فيها قوامه الطعام والخبز.]] .
*
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثنا ابن حميد قال: ثنا يعقوب عن حفص يعني ابن حميد عن شمر قال: لما أدخل الله أهل الجنة الجنة قالوا ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ﴾ قال: حزن الخبز.
وقال آخرون. عني بذلك: الحزن من التعب الذي كانوا فيه في الدنيا.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله ﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ﴾ قال: كانوا في الدنيا يعملون وينصبون وهم في خوف، أو يحزنون.
وقال آخرون: بل عني بذلك الحزن الذي ينال الظالم لنفسه في موقف القيامة.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثنا ابن بشار قال: ثنا أَبو أحمد قال: ثنا سفيان عن الأعمش قال: ذكر أَبو ثابت أن أبا الدرداء قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "أما الظالم لنفسه فيصيبه في ذلك المكان من الغم والحزن فذلك قوله ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ﴾ ".
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر عن هؤلاء القوم الذين أكرمهم بما أكرمهم به أنهم قالوا حين دخلوا الجنة ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ﴾ وخوف دخول النار من الحزن، والجَزَع من الموت من الحزن، والجزع من الحاجة إلى المطعم من الحزن. ولم يخصص الله إذ أخبر عنهم أنهم حمدوه على إذهابه الحزن عنهم نوعًا دون نوع، بل أخبر عنهم أنهم عموا جميع أنوع الحزن بقولهم ذلك، وكذلك ذلك؛ لأن من دخل الجنة فلا حزن عليه بعد ذلك، فحمدهم على إذهابه عنهم جميع معاني الحزن.
* * *
وقوله ﴿إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ﴾
يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل هذه الأصناف الذين أخبر أنه اصطفاهم من عباده عند دخولهم الجنة: إن ربنا لغفور لذنوب عباده الذين تابوا من ذنوبهم، فساترها عليهم بعفوه لهم عنها، شكور لهم على طاعتهم إياه، وصالح ما قدموا في الدنيا من الأعمال.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله ﴿إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ﴾ لحسناتهم.
⁕ حدثنا ابن حميد قال: ثنا يعقوب عن حفص عن شمر ﴿إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ﴾ غفر لهم ما كان من ذنب، وشكر لهم ما كان منهم.
{"ayahs_start":33,"ayahs":["جَنَّـٰتُ عَدۡنࣲ یَدۡخُلُونَهَا یُحَلَّوۡنَ فِیهَا مِنۡ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبࣲ وَلُؤۡلُؤࣰاۖ وَلِبَاسُهُمۡ فِیهَا حَرِیرࣱ","وَقَالُوا۟ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِیۤ أَذۡهَبَ عَنَّا ٱلۡحَزَنَۖ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورࣱ شَكُورٌ"],"ayah":"وَقَالُوا۟ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِیۤ أَذۡهَبَ عَنَّا ٱلۡحَزَنَۖ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورࣱ شَكُورٌ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











