الباحث القرآني
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (٩) ﴾
يقول تعالى ذكره: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾ التي أنعمها على جماعتكم وذلك حين حوصر المسلمون مع رسول الله ﷺ أيام الخندق ﴿إْذ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ﴾ : جنود الأحزاب: قريش، وغَطفان، ويهود بني النضير ﴿فأرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحا﴾ وهي فيما ذكر: ريح الصَّبا.
كما:-
⁕ حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا داود، عن عكرمة، قال: قالت الجنوب للشمال ليلة الأحزاب: انطلقي ننصر رسول الله ﷺ، فقال الشمال: إن الحرّة لا تسري بالليل، قال: فكانت الريح التي أُرسلت عليهم الصبا.
⁕ حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثني الزبير -يعني: ابن عبد الله- قال: ثني ربيح بن أبي سعيد، عن أبيه، عن أبي سعيد، قال: قلنا يوم الخندق: يا رسول الله بلغت القلوب الحناجر، فهل من شيء تقوله؟ قال: "نَعَمْ قُولُوا: اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِنا، وَآمِنْ رَوْعَاتِنَا"، فَضَرَبَ اللهُ وُجُوهَ أعْدائِهِ بالرِّيحِ، فهَزَمَهُم اللهُ بالرّيحِ.
⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثني عبد الله بن عمرو، عن نافع، عن عبد الله، قال: أرسلني خالي عثمان بن مظعون ليلة الخندق في برد شديد وريح، إلى المدينة، فقال: ائتنا بطعام ولحاف قال: فاستأذنت رسول الله ﷺ، فأذن لي وقال: "مَنْ لَقِيتَ مِنْ أصحَابِي فَمُرْهُمْ يَرْجِعُوا". قال: فذهبت والريح تسفي كل شيء، فجعلت لا ألقى أحدا إلا أمرته بالرجوع إلى النبي ﷺ، قال: فما يلوي أحد منهم عنقه؛ قال: وكان معي ترس لي، فكانت الريح تضربه عليّ، وكان فيه حديد، قال: فضربته الريح حتى وقع بعض ذلك الحديد على كفي، فأنفذها إلى الأرض.
⁕ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة: قال: ثني محمد بن إسحاق، عن يزيد بن زياد، عن محمد بن كعب القرظي، قال: قال فتى من أهل الكوفة لحُذيفة بن اليمان: يا أبا عبد الله، رأيتم رسول الله ﷺ وصحبتموه؟ قال: نعم يا بن أخي، قال: فكيف كنتم تصنعون؟ قال: والله لقد كنا نجهد، قال الفتى: والله لو أدركناه ما تركناه يمشي على الأرض، لحملناه على أعناقنا. قال حُذَيفة: يا بن أخي، والله لقد رأيتنا مع رسول الله ﷺ بالخندق، وصلى رسول الله هويا من الليل [[هويا، بهاء مفتوحة أو مضمومة، وياء مشددة، وهو الساعة الممتدة من الليل (اللسان: هوى) .]] ثم التفت إلينا فقال: "من رجل يقوم فينظر لنا ما فعل القوم؟ يشرط له رسول الله ﷺ إن يرجع أدخله الله الجنة"، فما قام أحد، ثم صلى رسول الله ﷺ هويا من الليل، ثم التفت إلينا فقال مثله، فما قام منا رجل، ثم صلى رسول الله ﷺ هويا من الليل، ثم التفت إلينا فقال: "مَنْ رَجُلٌ يَقُومُ فَيَنْظُرُ لَنا ما فَعَلَ القَوْمُ ثُمَّ يَرْجِعُ، يَشْتَرطُ لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ الرَّجْعَةَ، أسألُ الله أنْ يكُونَ رَفِيقي فِي الجَنَّةِ" فما قام رجل من شدّة الخوف، وشدّة الجوع، وشدّة البرد؛ فلما لم يقم أحد، دعاني رسول الله ﷺ، فلم يكن لي بدّ من القيام حين دعاني، فقال: "يا حُذيْفَةُ اذْهَبْ فادْخُلْ فِي القَوْمِ فانْظُرْ، وَلا تُحْدِثَنَّ شَيْئا حتى تَأْتينَا". قال: فذهبت فدخلت في القوم، والريح وجنود الله تفعل بهم ما تفعل، لا تقرّ لهم قدرا ولا نارا ولا بناء؛ فقام أبو سفيان فقال: يا معشر قريش، لينظر امرؤ من جليسه، فقال حُذَيفة: فأخذت بيد الرجل الذي إلى جنبي، فقلت: من أنت؟ فقال: أنا فلان بن فلان؛ ثم قال أبو سفيان: يا معشر قريش، إنكم والله ما أصبحتم بدار مقام، ولقد هلك الكراع والخفّ، واختلفت بنو قريظة، وبلغنا عنهم الذي نكره، ولقينا من هذه الريح ما ترون، والله ما يطمئن لنا قدر، ولا تقوم لنا نار، ولا يستمسك لنا بناء، فارتحلوا فإني مرتحل، ثم قام إلى جمله وهو معقول، فجلس عليه، ثم ضربه فوثب به على ثلاث، فما أطلق عقاله إلا وهو قائم. ولولا عهد رسول الله ﷺ إليّ أن لا تُحدث شيئا حتى تأتيني، لو شئت لقتلته بسهم؛ قال حُذَيفة: فرجعت إلى رسول الله ﷺ وهو قائم يصلي في مرط لبعض نسائه؛ فلما رآني أدخلني بين رجليه، وطرح عليّ طَرف المِرط، ثم ركع وسجد وإني لفيه؛ فلما سلم أخبرته الخبر، وسمعت غَطفان بما فعلت قريش، فانشمروا راجعين إلى بلادهم.
⁕ حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: ﴿إذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ﴾ قال: الأحزاب: عيينة بن بدر، وأبو سفيان، وقريظة.
* * *
وقوله: ﴿فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحا﴾
قال: ريح الصبا أرسلت على الأحزاب يوم الخندق، حتى كفأت قدورهم على أفواهها، ونزعت فساطيطهم حتى أظعنتهم.
* * *
وقوله: ﴿وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْها﴾
قال: الملائكة ولم تقاتل يومئذ.
⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا﴾ قال: يعني الملائكة، قال: نزلت هذه الآية يوم الأحزاب وقد حصر رسول الله ﷺ شهرا فخندق رسول الله ﷺ، وأقبل أبو سفيان بقريش ومن تبعه من الناس، حتى نزلوا بعقوة [[العقوة: الساحة وما حول الدار. (عن اللسان: عقا) .]] رسول الله ﷺ، وأقبل عُيينة بن حصن، أحد بني بدر ومن تبعه من الناس حتى نزلوا بعقوة رسول الله ﷺ، وكاتبت اليهود أبا سفيان وظاهروه، فقال حيث يقول الله تعالى: ﴿إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ﴾ فبعث الله عليهم الرعب والريح، فذكر لنا أنهم كانوا كلما أوقدوا نارا أطفأها الله، حتى لقد ذكر لنا أن سيد كلّ حيّ يقول: يا بني فلان هلمّ إليّ، حتى إذا اجتمعوا عنده فقال: النجاء النجاء، أتيتم لما بعث الله عليهم من الرعب.
⁕ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: ﴿يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ... ﴾ الآية، قال: كان يوم أبي سفيان يوم الأحزاب.
⁕ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثني يزيد بن رومان، في قول الله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا﴾ والجنود: قريش وغطفان وبنو قريظة، وكانت الجنود التي أرسل الله عليهم مع الريح: الملائكة.
* * *
وقوله: ﴿وكانَ اللَّهُ بِمَا تَعْملُونَ بَصِيرًا﴾
يقول تعالى ذكره: وكان الله بأعمالكم يومئذ، وذلك صبرهم على ما كانوا فيه من الجهد والشدّة، وثباتهم لعدوّهم، وغير ذلك من أعمالهم، بصيرا لا يخفى عليه من ذلك شيء، يحصيه عليهم، ليجزيهم عليه.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱذۡكُرُوا۟ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ عَلَیۡكُمۡ إِذۡ جَاۤءَتۡكُمۡ جُنُودࣱ فَأَرۡسَلۡنَا عَلَیۡهِمۡ رِیحࣰا وَجُنُودࣰا لَّمۡ تَرَوۡهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِیرًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











