الباحث القرآني
القول في تأويل قوله: ﴿وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (٨٠) ﴾
قال أبو جعفر: اختلفت القرأة في قراءة قوله:"ولا يأمركم".
فقرأته عامة قرأة الحجاز والمدينة: ﴿وَلا يَأْمُرُكُمْ﴾ ، على وجه الابتداء من الله بالخبر عن النبي ﷺ أنه لا يأمركم، أيها الناس، أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابًا. واستشهد قارئو ذلك كذلك بقراءة ذكروها عن ابن مسعود أنه كان يقرؤها، وهي: ﴿" وَلَنْ يَأْمُرَكُمْ "﴾ ، فاستدلوا بدخول"لن"، على انقطاع الكلام عما قبله، وابتداء خبر مستأنف. قالوا: فلما صير مكان"لن" في قراءتنا"لا"، وجبت قراءَته بالرفع. [[هذا وجه ذكره الفراء في معاني القرآن ١: ٢٢٤، ٢٢٥.]]
* * *
وقرأه بعض الكوفيين والبصريين: ﴿وَلا يَأْمُرَكُمْ﴾ ، بنصب"الراء"، عطفًا على قوله:"ثم يقولَ للناس". وكان تأويله عندهم: ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب، ثم يقولَ للناس، ولا أن يأمرَكم = بمعنى: ولا كان له أن يأمرَكم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابًا.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القراءتين بالصواب في ذلك:"ولا يأمرَكم"، بالنصب على الاتصال بالذي قبله، بتأويل: [[في المطبوعة والمخطوطة: "بتأول"، والسياق يقتضي ما أثبت.]] ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتابَ والحكمَ والنبوةَ، ثم يقولَ للناس كونوا عبادًا لي من دون الله = ولا أنْ يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابًا. لأن الآية نزلت في سبب القوم الذين قالوا لرسول الله ﷺ: [[في المطبوعة: "في سب القوم.."، وهو باطل المعنى، ولم يحسن قراءة المخطوطة، لأنها غير منقوطة، يعني بقوله: "في سب القوم ... "، من جراء القوم وبسبب قولهم ما قالوا.]] "أتريد أن نعبدك"؟ فأخبرهم الله جل ثناؤه أنه ليس لنبيّه ﷺ أن يدعو الناسَ إلى عبادة نفسه، ولا إلى اتخاذ الملائكة والنبيين أربابًا. ولكن الذي له: أنْ يدعوهم إلى أن يكونوا ربانيين.
* * *
فأما الذي ادَّعى من قرأ ذلك رفعًا، [[يعني الفراء كما أسلفنا في التعليق رقم: ١، ص: ٥٤٧.]] أنه في قراءة عبد الله:"ولن يأمركم" استشهادًا لصحة قراءته بالرفع، فذلك خبر غيرُ صحيح سَنَده، وإنما هو خبر رواه حجاج، عن هارون الأعور [[في المطبوعة والمخطوطة: ". . . عن هارون لا يجوز أن ذلك ... "، وهو كلام بلا معنى، جعل الناشرين الأولين للتفسير يكتبون في وجوه تأويلها وتصويبها خلطًا لا معنى له أيضًا، والصواب ما أثبت. وهذا من التصحيف الغريب في نسخ النساخ.
وحجاج، هو: "حجاج بن محمد المصيصي الأعور" سكن بغداد، ثم تحول إلى المصيصة قال أحمد: "ما كان أضبطه وأشد تعاهده للحروف" ورفع أمره جدًا. كان ثقة صدوقًا، ثم تحول من المصيصة فعاد إلى بغداد في حاجة له، فمات بها سنة ٢٠٦، وعند مرجعه هذا إلى بغداد كان قد تغير وخلط، فرآه يحيى بن معين، فقال لابنه: "لا تدخل عليه أحدًا"، ولكن روى الحافظ في ترجمة سنيد ابن داود ما يدل على أن حجاجًا قد حدث في حال اختلاطه، حتى ذكره أبو العرب القيرواني في الضعفاء، لسبب الاختلاط. وأخشى أن يكون الطبري، إنما أشار إلى هذا، وإلى رواية سنيد عنه في حال اختلاطه، فقال إن إسناده غير صحيح، لأنه من رواية سنيد عنه.
وأما "هارون الأعور" فهو: "هارون بن موسى أبو عبد الله الأعور العتكي" علامة صدوق نبيل، له قراءة معروفة. وهو من الثقات. وكلاهما مترجم في التهذيب، وفي الطبقات القراء لابن الجزري.]] أنّ ذلك في قراءة عبد الله كذلك. ولو كان ذلك خبرًا صحيحًا سنده، لم يكن فيه لمحتجٍّ حجة. لأن ما كان على صحته من القراءة من الكتاب الذي جاءَ به المسلمون وراثةً عن نبيهم ﷺ، لا يجوز تركه لتأويلٍ على قراءة أضيفت إلى بعض الصحابة، [[في المطبوعة: "لتأويل نحو قراءة ... "، وهي عبارة مريضة، وسبب ذلك أنه لم يحسن قراءة"على" لسوء حظ الناسخ، فكتبها"نحو"، فمرضت العبارة.]] بنقل من يجوز في نقله الخطأ والسهو.
* * *
قال أبو جعفر: فتأويل الآية إذًا: وما كان للنبي أن يأمركم، أيها الناس، [[في المخطوطة: "وما كان للنبي أن يأمر الناس أن يتخذوا ... "، وهي عبارة مستقيمة المعنى، أما المخطوطة فقد كانت فيها عجيبة من عجائب التصحيف - وقد كثر تصحيف الناسخ في هذا الموضع كما ترى وذلك أنه كتب: "وما كان للنبي أن يأمر كما نهى الناس"، وصل ألف"أيها" بالميم في"يأمركم"، ثم قرأ"يها" من"أيها"، "نهى"، وكتبها كذلك. وكأن الناسخ كان قد تعب وكل، فكل مع كلالة ذهنه. وجاء الناشر، فلم يجد لذلك معنى فحذفه. كل هو أيضًا من كثرة تصحيف الناسخ!!]] "أن يتخذوا الملائكة والنبيين أربابًا" = يعني بذلك آلهة يعبدون من دون الله =، كما ليس له أن يقول لهم: كونوا عبادًا لي من دون الله.
* * *
ثم قال جل ثناؤه = نافيًا عن نبيّه ﷺ أن يأمرَ عباده بذلك =:"أيأمُركم بالكفر"، أيها الناس، نبيُّكم، بجحود وحدانية الله ="بعد إذ أنتم مسلمون"، يعني: بعد إذ أنتم له منقادون بالطاعة، متذللون له بالعبودة = [[في المطبوعة: "بالعبودية"، وأثبت ما في المخطوطة، ولم يدع الناشر كلمة"العبودة" إلا جعلها"العبودية" في كل ما سلف. انظر آخر تعليق على ذلك ص: ٤٠٤، تعليق: ٢.]] أي أن ذلك غير كائن منه أبدًا. وقد:-
٧٣٢٢ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال:"ولا يأمركم" النبيُّ ﷺ ="أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربايًا".
{"ayah":"وَلَا یَأۡمُرَكُمۡ أَن تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةَ وَٱلنَّبِیِّـۧنَ أَرۡبَابًاۗ أَیَأۡمُرُكُم بِٱلۡكُفۡرِ بَعۡدَ إِذۡ أَنتُم مُّسۡلِمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق