الباحث القرآني
القول في تأويل قوله: ﴿وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٧٨) ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: وإنّ من أهل الكتاب = وهم اليهود الذين كانوا حَوالي مدينة رسول الله ﷺ على عهده، من بني إسرائيل.
* * *
و"الهاء والميم" في قوله:"منهم"، عائدة على"أهل الكتاب" الذين ذكرهم في قوله:"ومن أهل الكتاب مَنْ إن تأمنه بقنطار يؤدّه إليك".
وقوله ="لفريقًا"، يعني: جماعة [[انظر تفسير"فريق" فيما سلف ٢: ٢٤٤، ٢٤٥، ثم ٤٠٢ / ٣: ٥٤٩.]] ="يلوون"، يعني: يحرِّفون ="ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب"، يعني: لتظنوا أن الذي يحرّفونه بكلامهم من كتاب الله وتنزيله. [[في المطبوعة"لكلامهم" باللام، ولم يحسن قراءة المخطوطة.]] يقول الله عز وجل: وما ذلك الذي لوَوْا به ألسنتهم فحرّفوه وأحدثوه من كتاب الله، [[قوله: "وما ذلك. . . من كتاب الله": ليس ذلك. . . من كتاب الله، هذا هو السياق.]] ويزعمون أن ما لووا به ألسنتهم من التحريف والكذب والباطل فألحقوه في كتاب الله ="من عند الله"، يقول: مما أنزله الله على أنبيائه ="وما هو من عند الله"، يقول: وما ذلك الذي لووا به ألسنتهم فأحدثوه، مما أنزله الله إلى أحد من أنبيائه، ولكنه مما أحدثوه من قِبَل أنفسهم افتراء على الله.
= يقول عز وجل:"ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون"، يعني بذلك: أنهم يتعمدون قِيلَ الكذب على الله، والشهادة عليه بالباطل، والإلحاقَ بكتاب الله ما ليس منه، طلبًا للرياسة والخسيس من حُطام الدنيا.
* * *
وبنحو ما قلنا في معنى"يلوون ألسنتهم بالكتاب"، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
٧٢٩٠ - حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"وإن منهم لفريقًا يلوون ألسنتهم بالكتاب"، قال: يحرفونه.
٧٢٩١- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
٧٢٩٢ - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"وإن منهم لفريقًا يلوون ألسنتهم بالكتاب"، حتى بلغ:"وهم يعلمون"، هم أعداء الله اليهود، حرَّفوا كتابَ الله، وابتدعوا فيه، وزعموا أنه من عند الله.
٧٢٩٣ - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع مثله.
٧٢٩٤ - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله:"وإن منهم لفريقًا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب"، وهم اليهود، كانوا يزيدون في كتاب الله ما لم ينزل اللهُ.
٧٢٩٥ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج:"وإن منهم لفريقًا يلوونَ ألسنتهم بالكتاب"، قال: فريقٌ من أهل الكتاب ="يلوون ألسنتهم"، وذلك تحريفهم إياه عن موضعه.
* * *
قال أبو جعفر: وأصل"الليّ"، الفَتْل والقلب. من قول القائل:"لوَى فلانٌ يدَ فلان"، إذا فَتلها وقَلبها، ومنه قول الشاعر: [[هو فرعان بن الأعرف السعدي التميمي، ويقال: فرعان بن أصبح بن الأعرف.]]
لَوَى يَدَهُ اللهُ الَّذِي هُوَ غَالِبُهْ [[كتاب العققة لأبي عبيدة (نوادر المخطوطات: ٧) ص: ٣٦٠، الحماسة ٣: ١٠، معجم الشعراء: ٣١٧، العيني بهامش الخزانة ٢: ٣٩٨، واللسان (لوى) وسيأتي بتمامه في التفسير ١٥: ١٦٠ (بولاق) ، وغيرها، أبيات يقولها فرعان بن الأعرف في ابنه منازل، وكان عق أباه وضربه، لأنه تزوج على أمه امرأة شابة، فغضب لأمه، ثم استاق مال أبيه واعتزل مع أمه، فقال فيه: جَزَتْ رَحِمٌ بَيْني وَبَيْنَ مُنَازِلٍ ... جَزَاءً، كَمَا يَسْتَنْزِلُ الدَّيْنَ طالِبُهْ
وَمَا كُنْتُ أَخْشَى أنْ يَكُونَ منازلٌ ... عَدُوّي، وَأَدْنَى شَانِئٍ أَنَا رَاهِبُهْ
حَمَلْتُ عَلَى ظَهْرِي، وفَدَّيْتُ صَاحِبي ... صَغِيرًا، إلَى أَنْ أَمْكَنَ الطَّرَّ شَارِبُهْ
وَأَطْعَمْتُه، حَتَّى إِذَا صَارَ شَيْظَمًا ... يَكادُ يُسَاوِي غَارِبَ الفَحْلِ غَارِبُهْ
تَخَوّنَ مالِي ظَالِمًا، وَلَوَى يَدِي! ... لَوَى يَدَه اللهُ الَّذِي هُو غَالِبُهْ
من أبيات كثيرة، فيقال: إن منازلا، أصبح وقد لوى الله يده. ثم ابتلاه الله بابن آخر عقه كما عق أباه، واستاق ماله، فقال فيه: تَظَلَّمَنِي مَالِي خَليجٌ وعَقَّنِي ... عَلَى حِينَ كَانَتْ كالحَنيِّ عظامي
في أبيات. وقد أتم البيت أبو جعفر في التفسير بعد، وصدره هناك: "تظلمني مالي كذا، ولوى يدي". وهي إحدى الروايات فيه.]]
يقال منه:"لوى يدَه ولسانه يلوي ليًّا" ="وما لوى ظهر فلان أحد"، إذا لم يصرعه أحدٌ، ولم يَفتل ظهره إنسان ="وإنه لألوَى بعيدُ المستمر"، إذا كان شديد الخصومة، صابرًا عليها، لا يُغلب فيها، قال الشاعر: [[هو مجنون بني عامر.]]
فَلَوْ كَانَ فِي لَيْلَى شَدًا مِنْ خُصُومَةٍ ... لَلَوَّيْتُ أَعْنَاقَ الخُصُومِ المَلاوِيَا [[ليس في ديوانه، وهو في الأغاني ٢: ٣٨، مع أبيات، واللسان (شدا) ، (شذا) ، (لوى) ، وغيرها، وقبله: يَقُولُ أُنَاسٌ: عَلَّ مَجْنُونَ عَامِرٍ ... يَرُومُ سُلُوًّا! قُلْتُ: إِنِّي لِمَا بِيَا
وَقَدْ لاَمَنِي في حُبِّ لَيْلَى أَقَارِبِي ... أَخِي، وَابْنُ عَمِّي، وَابنُ خَالِي، وَخَالِيَا
يَقُولُونَ: لَيْلَى أَهْلُ بَيْتِ عَدَاوة!! ... بِنَفْسِي لَيْلَى من عَدُوٍّ ومَالِيَا
ورواية اللسان وغيره: "أعناق المطى"، ورواية صاحب الأغاني"أعناق الخصوم" كما رواها أبو جعفر، ولكن من سوء صنيع ناشري الأغاني أنهم خالفوا أصول الأغاني جميعًا، لرواية أخرى، مع صحة الرواية التي طرحوها، وهي رواية أبي جعفر وأبي الفرج، وقوله: "شدًا من خصومة"، ويروى"شذًا من خصومة". والشذا: حد كل شيء. ومن معانيه أيضًا طرف من الشيء، أو بقية منه. و"الملاوي" جمع"ملوى" مصدر ميمي من"لوى". يقول: لو خاصموني في ليلى خصومة حديدة، لفتلت أعناقهم حتى أذهب بأرواحهم. وأما رواية"المطى" مكان"الخصوم"، وهي رواية ابن الأعرابي، فكأنه يقول: لو علمت في ليلى بعض ما يقولون من الخصومة والعداوة لأهلي وعشيرتي، لأعرضت عنها إعراض من يأنف لعشيرته ويحمى لها غضبًا وحفيظة، ولفارقتها.]]
{"ayah":"وَإِنَّ مِنۡهُمۡ لَفَرِیقࣰا یَلۡوُۥنَ أَلۡسِنَتَهُم بِٱلۡكِتَـٰبِ لِتَحۡسَبُوهُ مِنَ ٱلۡكِتَـٰبِ وَمَا هُوَ مِنَ ٱلۡكِتَـٰبِ وَیَقُولُونَ هُوَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ وَمَا هُوَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ وَیَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ وَهُمۡ یَعۡلَمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











