الباحث القرآني
القول في تأويل قوله: ﴿سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه:"سيطوَّقون"، سيجعل الله ما بخل به المانعون الزكاةَ، طوقًا في أعناقهم كهيئة الأطواق المعروفة، كالذي:-
٨٢٨١ - حدثني الحسن بن قزعة قال، حدثنا مسلمة بن علقمة قال، حدثنا داود، عن أبي قزعة، عن أبي مالك العبدي قال: ما من عبد يأتيه ذُو رَحمٍ له، يسأله من فضلٍ عنده فيبخل عليه، إلا أخرِج له الذي بَخِل به عليه شجاعًا أقْرَع. [["الشجاع": الحية الذكر، وهو ضرب من الحيات خبيث مارد. و"أقرع" صفة من صفات الحيات الخبيثة، يزعمون أنه إذا طال عمر الحية، وكثر سمه، جمعه في رأسه حتى تتمعط منه فروة رأسه.]] قال: وقرأ:"ولا تحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرًا لهم بل هو شر لهم سيطوَّقون ما بخلوا به يوم القيامة" إلى آخر الآية. [[الحديث: ٨٢٨١ - الحسن بن قزعة بن عبيد الهاشمي، شيخ الطبري: ثقة. مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم ١ / ٢ / ٣٤.
و"قزعة": بفتح القاف والزاي، وقيل: بسكون الزاي. انظر المشتبه، ص٤٢٥. واقتصر الحافظ في تحريره على الفتح.
مسلمة - بفتح الميم - بن علقمة المازني: ثقة، وثقه ابن معين وغيره. وضعفه أحمد. وهو مترجم في التهذيب، والكبير للبخاري ٤ / ١ / ٣٨٨، وابن أبي حاتم ٤ / ١ / ٣٦٧ - ٣٦٨. ولم يذكر فيه البخاري جرحًا. فهو ثقة عنده.
داود: هو ابن أبي هند.
أبو قزعة: هو سويد بن حجير - بالتصغير فيهما - بن بيان، الباهلي البصري. وهو تابعي ثقة، وثقه أحمد، وابن المديني، وغيرهما. مترجم في التهذيب، والكبير ٢ / ٢ / ١٤٨، وابن أبي حاتم ٢ / ١ / ٢٣٥- ٢٣٦.
وسها الحافظ في الإصابة ١: ٣٣١، في ترجمة أبيه، فذكر أنه"ذهلي"، والمصادر كلها على أنه"باهلي".
وسيأتي في: ٨٢٨٣"عن أبي قزعة حجر بن بيان"؛ وهو خطأ صرف، كما سنبينه هناك، إن شاء الله.
أبو مالك العبدي: لا ندري من هو؟ ولا ندري: أهو صحابي أم تابعي؟ فما علمت أحدًا ترجمه، إلا الحافظ في الإصابة ٧: ١٦٩، بنى ترجمته على هذا الحديث عند الطبري وحده:
فأشار إلى هذه الرواية، وإلى الرواية التالية"عن أبي قزعة، عن رجل"، وذكر أن الثعلبى رواها: "عن رجل من قيس". وإلى الرواية الثالثة: "عن أبي قزعة، مرسلا". ثم قال: "وأبو قزعة: تابعي بصري مشهور، لكنه كان يرسل عن الصحابة. فهو على الاحتمال".
يعني الحافظ: أنه من المحتمل أن يكون"أبو مالك العبدي" هذا صحابيًا، لأن أبا قزعة يروي عن الصحابة ويرسل الرواية عنهم! وما بمثل هذا تثبت الصحبة، ولا بمثله يثبت وجود الشخص والصفة معًا!! خصوصًا وأنه في الرواية التالية"عن رجل" - لم يزعم أنه من الصحابة، ولم يقل ما يشير لذلك.
فلا يزال - بعد هذا - الحديث ضعيفًا، لأنه لم يعرف أن راويه عن رسول الله صحابي.
وقد أشار ابن كثير ٢: ٣٠٧ إلى هذه الروايات الثلاث عند الطبري، ولم ينسبها لغيره.
ولا نعلم أحدًا رواها غير الطبري، إلا إشارة الحافظ في الإصابة لرواية الثعلبي.]]
٨٢٨٢ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا داود، عن أبى قزعة، عن رجل، عن النبي ﷺ قال: ما من ذي رحم يأتي ذا رحمه فيسأله من فضل جعله الله عنده، فيبخل به عليه، إلا أخرج له من جهنم شُجاع يتلمَّظ حتى يطوِّقه". [[الحديث: ٨٢٨٢ - عبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى، القرشي السامي، من بني"سامة ابن لؤي". وهو ثقة، أخرج له الجماعة كلهم. والحديث مكرر ما قبله.
"تلمظت الحية"، إذا أخرجت لسانها كتلمظ الآكل، وهو تحريك للسان في الفم، والتمطق بالشفتين.]]
٨٢٨٣ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا أبو معاوية محمد بن خازم قال، حدثنا داود، عن أبي قزعة حجر بن بيان قال: قال رسول الله ﷺ: ما من ذي رحم يأتي ذا رحمِه فيسأله من فضل أعطاه الله إياه، فيبخل به عليه، إلا أخرج له يوم القيامة شجاع من النار يتلمظ حتى يطوِّقه". ثم قرأ:"ولا تحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله" حتى انتهى إلى قوله:"سيطوَّقون ما بخلوا به يوم القيامة". [[الحديث: ٨٢٨٣ - هكذا ثبت في المخطوطة والمطبوعة: "عن أبي قزعة حجر بن بيان"؛ وهو خطأ من وجهين:
* فأولا: "حجر"، صوابه"حجير" بالتصغير، وقد وقع هذا الخطأ في الإصابة أيضا، في ترجمة"أبي مالك العبدي": "عن أبي قزعة سويد بن حجر". وهو خطأ ناسخ أو طابع، لا شك في ذلك لأن الحافظ ترجم لأبي قزعة في التهذيب وغيره على الصواب"سويد بن حجير".
* وثانيا: سقط هنا بين الكنية والاسم كلمة"بن". لأن"حجير بن بيان" - هو والد أبي قزعة، وليس اسمه.
* وأبوه"حجير بن بيان": مذكور في الصحابة. مترجم في الاستيعاب، رقم: ٥٤٣، وأسد الغابة ١: ٣٨٧؛ والإصابة ١: ٣٣٠ - ٣٣١، وابن أبي حاتم ١ / ٢ / ٢٩٠. وهو عندهم جميعًا بالتصغير نصا.
* وسها الحافظ ابن كثير، ولم يراجع المصادر! فاغتر بهذه الرواية المغلوطة من وجهين - فذكر في هذه الروايات: "عن أبي قزعة، واسمه حجر بن بيان"!! فزاد على الخطأ الذي في أصول الطبري بحذف"بن" - فصرح بأن هذا اسم أبي قزعة! وما كان ذلك في رواية ولا قول قط.
* والسيوطي تبع الحافظ ابن كثير، ثم زاد خطأ على خطأ، فذكر الحديث ٢: ١٠٥، ونسبه لابن أبي شيبة في مسنده، وابن جرير"عن حجر بن بيان"!!]]
٨٢٨٤ - حدثني زياد بن عبيد الله المرّي قال، حدثنا مروان بن معاوية= وحدثني عبد الله بن عبد الله الكلابي قال، حدثنا عبد الله بن بكر السهمي، وحدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا عبد الواحد بن واصل أبو عبيدة الحداد، واللفظ ليعقوب= جميعًا، عن بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة، عن أبيه. عن جده قال: سمعت نبي الله ﷺ يقول: لا يأتي رجل مولاه فيسأله من فضل مال عنده، فيمنعه إياه، إلا دُعِيَ له يوم القيامة شجاعٌ يتلمَّظ فضله الذي منع. [[الحديث: ٨٢٨٤ - هذا الحديث رواه الطبري عن ثلاثة شيوخ: زياد بن عبيد الله المرى، وعبد الله بن عبد الله الكلابي - وهذان لم أعرفهما، ولم أجد لواحد منهما ترجمة ولا ذكرًا في غير هذا الموضع. ثم إن في المطبوعة بدل"عبد الله بن عبد الله الكلابي": "محمد بن عبد الله"! وهو أشد جهالة من ذاك.
وفي لسان الميزان ٢: ٤٩٥، ترجمة: "زياد بن عبد الله بن خزاعى، عن مروان بن معاوية. قال ابن حبان في الثقات: حدثنا عنه شيوخنا، ربما أغرب".
فمن المحتمل أن يكون هذا الشيخ هو شيخ الطبري"زياد بن عبيد الله الكلابي"، وأن يكون"عبيد الله" محرفًا في طبعة اللسان إلى"عبد الله".
والشيخ الثالث: يعقوب بن إبراهيم، وهو الدورقي الحافظ، مضى مرارًا، آخرها: ٣٧٢٦.
وأسانيده صحاح، على الرغم من جهالة شيخي الطبري الأولين، اكتفاء برواية الحافظ الدورقي. ولأن الحديث ثابت عن شيوخ آخرين عن بهز بن حكيم، كما سنذكر في التخريج، إن شاء الله.
وقد بينا فيما مضى رقم: ٨٧٣ صحة إسناد بهز بن حكيم عن أبيه عن جده.
والحديث رواه أحمد في المسند، عن عبد الرزاق عن معمر، وعن يزيد - وهو ابن هارون، وعن يحيى بن سعيد: ثلاثتهم عن بهز بن حكيم، بهذا الإسناد.
ورواه النسائي ١: ٣٥٨، عن محمد بن عبد الأعلى، عن معتمر، عن بهز.
ومن عجب أنه -وهو في المسند وسنن النسائي- لا ينسبه الحافظ ابن كثير ٢: ٣٠٧، إلا لابن جرير وابن مردويه!
وذكره السيوطي ٢: ١٠٥، وزاد نسبته لأبي داود، والترمذي وحسنه، والبيهقي في الشعب.
وذكره المنذري في الترغيب والترهيب ٢: ٣٣، ونسبه لأبي داود، والترمذي، والنسائي.]]
٨٢٨٥ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود:"سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة"، قال: ثعبان ينقر رأس أحدهم، يقول: أنا مالك الذي بخلت به! [[الحديث: ٨٢٨٥ - عبد الرحمن: هو ابن مهدي. وسفيان: هو الثوري. وأبو إسحاق: هو السبيعي.
وهذا الحديث لفظه هنا موقوف على ابن مسعود. وهو في معناه مرفوع. وهو أيضًا مختصر اللفظ.
وقد رواه الطبري هكذا، مختصرًا موقوفًا، بأسانيد: ٨٢٨٥ - ٨٢٨٨، ٨٢٩٢. ثم رواه أثناء ذلك: ٨٢٨٩، مرفوعًا بلفظ أطول.
ورواه أيضًا الحاكم في المستدرك ٢: ٢٩٨- ٢٩٩، من طريق أبي بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، ومن طريق الثوري، عن أبي إسحاق - موقوفًا، بنحوه. وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي.
وقد تساهل الحافظ ابن كثير ٢: ٣٠٦ فأشار إلى رواية الحاكم هذه، عقب رواية الحديث المرفوع من مسند أحمد - بصيغة توهم أن رواية الحاكم مثل رواية المسند مرفوعة.
ثم زاد القارئ لبسًا، إذ قال عقب ذلك: "ورواه ابن جرير من غير وجه عن ابن مسعود - موقوفًا"! فهذا السياق عقب ذكر رواية الحاكم، يوقع في وهم الناظر أنها مرفوعة!! وليست كذلك.]] .
٨٢٨٦ - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق قال، سمعت أبا وائل يحدّث: أنه سمع عبد الله قال في هذه الآية:"سيطوقون ما بخلوا له يوم القيامة"، قال: شجاع يلتوي برأس أحدهم.
٨٢٨٧ - حدثني ابن المثنى قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة قال، حدثنا خلاد بن أسلم قال، أخبرنا النضر بن شميل قال، أخبرنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي وائل، عن عبد الله بمثله - إلا أنهما قالا قال: شجاع أسود.
٨٢٨٨ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن أبي إسحاق، عن أبي وائل، عن ابن مسعود قال: يجيء ماله يوم القيامة ثعبانًا، فينقر رأسه فيقول: أنا مالك الذي بخلت به! فينطوي على عنقه.
٨٢٨٩ - حدثت عن سفيان بن عيينة قال، حدثنا جامع بن أبي راشد وعبد الملك بن أعين، عن أبي وائل، عن ابن مسعود قال: قال رسول الله ﷺ: ما من أحد لا يؤدي زكاة ماله، إلا مثَل له شجاع أقرع يطوقه. [["مثل له": انتصب له ماثلا، قائمًا.]] ثم قرأ علينا رسول الله ﷺ:"ولا تحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرًا لهم" الآية. [[الحديث: ٨٢٨٩ - هكذا أبهم الطبري شيخه في هذا الإسناد. ولكن الحديث ثابت برواية الثقات عن ابن عيينة، كما سنذكر في التخريج، إن شاء الله.
جامع بن أبي راشد الكاهلي الصيرفي: ثقة، وثقه أحمد وغيره، وأخرج له الجماعة. مترجم في التهذيب، والكبير ١ / ٢ / ٢٤٠، وابن أبي حاتم ١ / ١ / ٥٣٠.
ووقع هنا في نسخ الطبري: "جامع بن شداد". وهو خطأ، فليس لجامع بن شداد في هذا الحديث رواية، فيما أعلم - كما يتبين من التخريج.
ثم إن جامع بن شداد قديم الوفاة، لم يدركه ابن عيينة ولا روى عنه. لأنه ولد سنة ١٠٧، وابن شداد مات سنة ١٠٧ وقيل سنة ١٠٨. وأما ما وقع في ترجمته في التهذيب ٢: ٥٦، في الأقوال في سني وفاته، بين: ١٢٨، ١١٨، ١٢٧، فإنه غلط، بعضه من الحافظ المزي في التهذيب الكبير، وبعضه من نسخ تهذيب التهذيب. وقد ثبتت هذه الأرقام على الصواب بالكتابة بالحروف في الكبير للبخاري ١ / ٢ / ٢٣٩- ٢٤٠، والصغير، ص: ١٣٢؛ وابن سعد ٦: ٢٢٢، ٢٢٦.
عبد الملك بن أعين الكوفي: تابعي ثقة. وقد تكلم فيه بأنه شيعي، ولكن لم يدفعه أحد عن الصدق. وأخرج له أصحاب الكتب الستة. مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم ٢ / ٢ / ٣٤٣. وذكره البخاري في الضعفاء، ص: ٢٢٢، فقال: "عبد الملك بن أعين، وكان شيعيًا. روى عنه ابن عيينة وإسماعيل ابن سميع. يحتمل في الحديث". فلم يجرحه في صدقه وروايته، ولذلك أدخله في صحيحه.
والحديث رواه أحمد في المسند: ٣٥٧٧، عن سفيان، وهو ابن عيينة، عن جامع، وهو ابن أبي راشد، عن أبي وائل، به، نحوه، مرفوعًا.
وكذلك رواه الترمذي ٤: ٨٥، وابن ماجه: ١٧٨٤، كلاهما عن ابن أبي عمر. والنسائي١: ٣٣٣ - ٣٣٤، عن مجاهد بن موسى - كلاهما عن سفيان بن عيينة، به. ولكن زاد الترمذي وابن ماجه في روايتهما: أنه عن جامع بن أبي راشد وعبد الملك بن أعين - كرواية الطبري هنا. وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
وذكره ابن كثير ٢: ٣٠٦، من رواية المسند، ثم ذكر أنه رواه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
وذكره السيوطي ٢: ١٠٥، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن خزيمة، وابن المنذر.]]
٨٢٩٠ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثني أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: أمّا"سيطوقون ما بخلوا به"، فإنه يُجعل ماله يوم القيامة شجاعًا أقرع يطوِّقه، فيأخذ بعنقه، فيتبعه حتى يقذفه في النار.
٨٢٩١ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا خلف بن خليفة، عن أبي هاشم، عن أبي وائل قال: هو الرجل الذي يرزقه الله مالا فيمنع قرابته الحق الذي جعل الله لهم في ماله، فيُجْعل حية فيطوَّقها، فيقول: ما لي ولك! فيقول: أنا مالك!
٨٢٩٢ - حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو غسان قال، حدثنا إسرائيل، عن حكيم بن جبير، عن سالم بن أبي الجعد، عن مسروق قال: سألت ابن مسعود عن قوله:"سيطوَّقون ما بخلوا به يوم القيامة"، قال: يطوقون شجاعًا أقرع ينهش رأسه. [[الحديث: ٨٢٩٢ - أبو غسان: هو مالك بن إسماعيل بن درهم النهدي الحافظ. مضت ترجمته في: ٢٩٨٩.
إسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي.
حكيم بن جبير الأسدي: ضعيف، بينا ضعفه في شرح المسند: ٣٦٧٥. وهو مترجم في التهذيب والكبير للبخاري ٢ / ١ / ١٦، والصغير، ص: ١٥٠، ١٥٢؛ والضعفاء له ص: ١٠، وللنسائي ص: ٩، وابن أبي حاتم ١ / ٢ / ٢٠١- ٢٠٢. وهذا اللفظ موقوف على ابن مسعود. وضعف إسناده لا يضر، فقد مضى موقوفًا بأسانيد صحاح: ٨٢٨٥ - ٨٢٨٨، ومرفوعًا: ٨٢٨٩.]]
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك:"سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة"، فيجعل في أعناقهم طوقًا من نار.
* ذكر من قال ذلك:
٨٢٩٣ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم:"سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة"، قال: طوقًا من النار.
٨٢٩٤ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن منصور، عن إبراهيم أنه قال في هذه الآية:"سيطوّقون ما بخلوا به يوم القيامة"، قال: طوقًا من نار.
٨٢٩٥ - حدثنا الحسن قال: أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن منصور، عن إبراهيم في قوله:"سيطوقون"، قال: طوقًا من نار.
٨٢٩٦ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم:"سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة"، قال: طوقًا من نار. [[في المطبوعة: "طوق"، وأثبت ما في المخطوطة.]]
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: سيحمل الذين كتموا نبوَّة محمد ﷺ من أحبار اليهود، ما كتموا من ذلك.
* ذكر من قال ذلك:
٨٢٩٧ - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه عن ابن عباس قوله:"سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة"، ألم تسمع أنه قال: ﴿يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ﴾ [سورة النساء: ٣٧\ سورة الحديد: ٢٤] ، [[وإنما عنى آية سورة النساء، لأن تمامها"ويكتمون ما آتاهم الله من فضله".]] يعني أهل الكتاب: يقول: يكتمون، ويأمرون الناس بالكتمان.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: سيكلَّفون يوم القيامة أن يأتوا بما بَخِلوا به في الدنيا من أموالهم.
* ذكر من قال ذلك:
٨٢٩٨ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة"، قال: سيكلَّفون أن يأتوا بما بخلوا به، إلى قوله:"والكتاب المنير".
٨٢٩٩ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد"سيطوقون"، سيكلفون أن يأتوا بمثل ما بخلوا به من أموالهم يوم القيامة.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بتأويل هذه الآية، التأويل الذي قلناه في ذلك في مبدإ قوله:"سيطوقون ما بخلوا به"، للأخبار التي ذكرنا في ذلك عن رسول الله ﷺ، ولا أحدَ أعلم بما عَنى الله تبارك وتعالى بتنزيله، منه عليه السلام.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١٨٠) ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: أنه الحي الذي لا يموت، والباقي بعد فَناء جميع خلقه.
* * *
فإن قال قائل: فما معنى قوله:"له ميراث السموات والأرض"، و"الميراث" المعروف، هو ما انتقل من ملك مالك إلى وارثه بموته، ولله الدنيا قبل فناء خلقه وبعده؟
قيل: إن معنى ذلك ما وصفنا، من وصفه نفسه بالبقاء، وإعلام خلقه أنه كتِب عليهم الفناء. وذلك أنّ ملك المالك إنما يصير ميراثًا بعد وفاته، فإنما قال جل ثناؤه:"ولله ميراث السموات والأرض"، إعلامًا بذلك منه عبادَه أن أملاك جميع خلقه منتقلة عنهم بموتهم، وأنه لا أحد إلا وهو فانٍ سواه، فإنه الذي إذا أهلك جميع خلقه فزالت أملاكهم عنهم، لم يبق أحدٌ يكون له ما كانوا يملكونه غيره.
وإنما معنى الآية:"لا تحسبن الذي يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرًا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة"، بعد ما يهلكون وتزولُ عنهم أملاكهم، في الحين الذي لا يملكون شيئًا، وصار لله ميراثه وميراث غيره من خلقه.
ثم أخبر تعالى ذكره أنه بما يعمل هؤلاء الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضل وغيرهم من سائر خلقه، ذو خبرة وعلم، محيط بذلك كله، حتى يجازي كلا منهم على قدر استحقاقه، المحسنَ بالإحسان، والمسيء على ما يرى تعالى ذكره.
{"ayah":"وَلَا یَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِینَ یَبۡخَلُونَ بِمَاۤ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ هُوَ خَیۡرࣰا لَّهُمۖ بَلۡ هُوَ شَرࣱّ لَّهُمۡۖ سَیُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا۟ بِهِۦ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِۗ وَلِلَّهِ مِیرَ ٰثُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق