الباحث القرآني

القول في تأويل قوله: ﴿إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ﴾ قال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره: إنما الذي قال لكم، أيها المؤمنون:"إن الناس قد جمعوا لكم"، فخوفوكم بجموع عدوّكم ومسيرهم إليكم، من فعل الشيطان ألقاه على أفواه من قال ذلك لكم، يخوفكم بأوليائه من المشركين -أبي سفيان وأصحابه من قريش- لترهبوهم، وتجبنوا عنهم، كما:- ٨٢٥٦ - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"إنما ذلكم الشيطان يخوّف أولياءه"، يخوف والله المؤمنَ بالكافر، ويُرهب المؤمن بالكافر. ٨٢٥٧ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال مجاهد:"إنما ذلكم الشيطان يخوّف أولياءه"، قال: يخوّف المؤمنين بالكفار. ٨٢٥٨ - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس:"إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه"، يقول: الشيطان يخوّف المؤمنين بأوليائه. ٨٢٥٩ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق:"إنما ذلكم الشيطان يخوّف أولياءه"، أي: أولئك الرهط، يعني النفر من عبد القيس، الذين قالوا لرسول الله ﷺ ما قالوا، وما ألقى الشيطان على أفواههم="يخوّف أولياءه"، أي: يرهبكم بأوليائه. [[الأثر: ٨٢٥٩ - سيرة ابن هشام ٣: ١٢٨، وهو تتمة الآثار التي آخرها: ٨٢٥٣.]] ٨٢٦٠ - حدثني يونس قال، أخبرنا علي بن معبد، عن عتاب بن بشير مولى قريش، عن سالم الأفطس في قوله:"إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه"، قال: يخوفكم بأوليائه. * * * وقال آخرون: معنى ذلك، إنما ذلكم الشيطان يعظِّم أمر المشركين، أيها المنافقون، في أنفسكم فتخافونه. * ذكر من قال ذلك: ٨٢٦١ - حدثنا محمد قال، حدثنا أحمد قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: ذكر أمر المشركين وعِظمهم في أعين المنافقين فقال:"إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه"، يعظم أولياءه في صدوركم فتخافونه. * * * قال أبو جعفر: فإن قال قائل: وكيف قيل:"يخوف أولياءه"؟ وهل يخوف الشيطان أولياءه؟ [وكيف] قيل= إن كان معناه يخوّفكم بأوليائه="يخوف أولياءه"؟ [[في المطبوعة والمخطوطة: "وهل يخوف الشيطان أولياءه؟ قيل إن كان معناه يخوفكم بأوليائه" وهو كلام لا يستقيم، ورجحت أن الناسخ أسقط ما زدته بين القوسين.]] قيل: ذلك نظير قوله: ﴿لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا﴾ [سورة الكهف: ٢] بمعنى: لينذركم بأسه الشديد، وذلك أن البأس لا يُنذر، وإنما ينذر به. [[انظر معاني القرآن للفراء ١: ٢٤٨.]] * * * وقد كان بعض أهل العربية من أهل البصرة يقول: معنى ذلك: يخوف الناسَ أولياءه، كقول القائل:"هو يُعطي الدراهم، ويكسو الثياب"، بمعنى: هو يعطي الناس الدراهم ويكسوهم الثياب، فحذف ذلك للاستغناء عنه. * * * قال أبو جعفر: وليس الذي شبه [من] ذلك بمشتبه، [[في المطبوعة: "الذي شبه ذلك بمشبه"، والذي في المخطوطة مثله إلا أنه كتب"بمشتبه" ورجحت أن الناسخ أسقط"من" فوضعها بين القوسين، مع إثبات نص المخطوطة، وهو الصواب.]] لأن"الدراهم" في قول القائل:"هو يعطي الدراهم"، معلوم أن المعطَى هي"الدراهم"، وليس كذلك"الأولياء" -في قوله:"يخوف أولياءه"- مخوَّفين، [[السياق: "وليس كذلك الأولياء. . . مخوفين".]] بل التخويف من الأولياء لغيرهم، فلذلك افترقا. * * * القول في تأويل قوله: ﴿فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧٥) ﴾ قال أبو جعفر: يقول: فلا تخافوا، أيها المؤمنون، المشركين، ولا يعظُمَن عليكم أمرهم، ولا ترهبوا جمعهم، مع طاعتكم إياي، ما أطعتموني واتبعتم أمري، وإني متكفِّل لكم بالنصر والظفر، [[في المخطوطة: "وإني متكلف لكم بالنصر"، وهو خطأ فاحش، تعالى ربنا عن أن يتكلف شيئًا، وهو القادر الذي لا يؤوده شيء. وقد أصاب ناشر الطبعة السالفة فيما فعل.]] ولكن خافون واتقوا أن تعصوني وتخالفوا أمري، فتهلكوا="إن كنتم مؤمنين"، يقول: ولكن خافونِ دون المشركين ودون جميع خلقي، أنْ تخالفوا أمري، إن كنتم مصدِّقي رسولي وما جاءكم به من عندي. * * * القول في تأويل قوله: ﴿وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا﴾ قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: ولا يحزنك، يا محمد كفر الذين يسارعون في الكفر مرتدِّين على أعقابهم من أهل النفاق، [[انظر تفسير"سارع" فيما سلف ٧: ١٣٠، ٢٠٧.]] فإنهم لن يضروا الله بمسارعتهم في الكفر شيئًا، وكما أنّ مسارعتهم لو سارعوا إلى الإيمان لم تكن بنافعته، [[في المطبوعة والمخطوطة: "كما أن مسارعتهم" بغير واو، والصواب إثبات الواو.]] كذلك مسارعتهم إلى الكفر غير ضارَّته. كما:- ٨٢٦٢ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله:"ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر"، يعني: أنهم المنافقون. [[في المطبوعة: "هم المنافقون"، وأثبت ما في المخطوطة، ولو قرئت المخطوطة: "فهم المنافقون"، لكان أجود.]] ٨٢٦٣ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق:"ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر"، أي: المنافقون. [[الأثر: ٨٢٦٣ - سيرة ابن هشام ٣: ١٢٨، وهو تتمة الآثار التي آخرها: ٨٢٥٩.]]
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب