الباحث القرآني

القول في تأويل قوله جل ثناؤه ﴿الَّذِينَ قَالُوا لإخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٦٨) ﴾ قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك:"وليعلم الله الذين نافقوا" ="الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا". * * * فموضع"الذين" نصب على الإبدال من"الذين نافقوا". وقد يجوز أن يكون رفعًا على الترجمة عما في قوله:"يكتمون" من ذكر"الذين نافقوا". * * * فمعنى الآية: وليعلم الله الذين قالوا لإخوانهم الذين أصيبوا مع المسلمين في حربهم المشركين بأحد يوم أحد فقتلوا هنالك من عشائرهم وقومهم ="وقعدوا"، يعني: وقعد هؤلاء المنافقون القائلون ما قالوا - مما أخبر الله عز وجل عنهم من قيلهم - عن الجهاد مع إخوانهم وعشائرهم في سبيل الله ="لو أطاعونا"، يعني: لو أطاعنا من قتل بأحد من إخواننا وعشائرنا ="ما قتلوا" يعني: ما قتلوا هنالك = قال الله عز وجل لنبيه محمد ﷺ:"قل"، يا محمد، لهؤلاء القائلين هذه المقالة من المنافقين ="فادرأوا"، يعني: فادفعوا. * * * من قول القائل:"درأت عن فلان القتل"، بمعنى دفعت عنه،"أدرؤه دَرْءًا"، [[انظر تفسير"الدرء" فيما سلف ٢: ٢٢٢ - ٢٢٨.]] ومنه قول الشاعر: [[هو المثقب العبدي.]] تَقُولُ وَقَدْ دَرَأْتُ لَهَا وَضِينِي ... أهذَا دِينُهُ أَبَدًا وَدِيني [[مضى تخريجه وشرحه فيما سلف ٢:٥٤٧، ٥٤٨، والاستشهاد بهذا البيت لمعنى الدفع، غريب من مثل أبي جعفر، فراجع شرح البيت هناك.]] * * * يقول تعالى ذكره: قل لهم: فادفعوا = إن كنتم، أيها المنافقون، صادقين في قيلكم: لو أطاعنا إخواننا في ترك الجهاد في سبيل الله مع محمد ﷺ وقتالهم أبا سفيان ومن معه من قريشْ، ما قُتلوا هنالك بالسيف، ولكانوا أحياء بقعودهم معكم، وتخلّفهم عن محمد ﷺ وشهود جهاد أعداء الله معه = [عن أنفسكم] الموت، [[السياق: "قل لهم: فادفعوا. . . عن أنفسكم الموت"، والزيادة التي بين القوسين زيادة لا بد منها يقتضيها السياق، وعن نص الآية، فلذلك أثبتها.]] فإنكم قد قعدتم عن حربهم وقد تخلفتم عن جهادهم، وأنتم لا محالة ميتون. كما:- ٨١٩٩- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق:"الذين قالوا لإخوانهم"، الذين أصيبوا معكم من عشائرهم وقومهم ="لو أطاعونا ما قتلوا" الآية، أي: أنه لا بد من الموت، فإن استطعتم أن تدفعوه عن أنفسكم فافعلوا. وذلك أنهم إنما نافقوا وتركوا الجهاد في سبيل الله، حرصًا على البقاء في الدنيا، وفرارًا من الموت. [[الأثر: ٨١٩٩- سيرة ابن هشام ٣: ١٢٥، وهو تتمة الآثار التي آخرها: ٨١٩٤.]] * * * *ذكر من قال: الذين قالوا لإخوانهم هذا القول، هم الذين قال الله فيهم:"وليعلم الذين نافقوا". ٨٢٠٠- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله:"الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا" الآية، ذكر لنا أنها نزلت في عدوّ الله عبد الله بن أبيّ. ٨٢٠١- حدثنا محمد قال، حدثنا أحمد قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: هم عبد الله بن أبيّ وأصحابه. ٨٢٠٢- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: هو عبد الله بن أبيّ الذي قعد وقال لإخوانه الذين خرجوا مع النبي ﷺ يوم أحد:"لو أطاعونا ما قتلوا"، الآية = قال ابن جريج، عن مجاهد قال، قال جابر بن عبد الله: هو عبد الله بن أبيّ ابن سلول. ٨٢٠٣- حدثت عن عمار، عن ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قوله:"الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا" الآية، قال: نزلت في عدوّ الله عبد الله بن أبيّ. [[عند هذا الموضع، انتهى جزء من التقسيم القديم الذي نقلت عنه نسختنا، وفي المخطوطة ما نصه: "يتلوهُ إِن شاء الله: القول في تأويل قوله جل ثناؤه ولا تحسبَنَّ الذينَ قتلوا في سبيلِ الله أمواتًا بل أحياءٌ عند ربهم يرزقون. والحمد لله على إحسانه ونعمته، وصلى الله على محمد وعلى آله الطاهرين، وسلَّمَ كثيرًا". ثم يتلوه أول الجزء، وفيها ما نصه: " بسم الله الرحمن الرحيم ربّ يسّر يا كريم أخبرنا أبو بكر محمد بن داود قال، أخبرنا أبو جعفر محمد بن جرير". وانظر التعليق على هذا الإسناد فيما سلف ٦: ٤٩٦، ٤٩٧ / ٧: ٢٣، ١٥٤، ٢٨٠، ٢٨١.]]
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب