الباحث القرآني
القول في تأويل قوله: ﴿وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (١٤٣) ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه:"ولقد كنتم تمنون الموت"، ولقد كنتم، يا معشر أصحاب محمد ="تمنون الموت"، يعني أسبابَ الموت، وذلك: القتالُ ="فقد رأيتموه"، فقد رأيتم ما كنتم تمنونه - و"الهاء" في قوله"رأيتموه" عائدة على"الموت"، والمعنىُّ: [القتال] = [[في المطبوعة: " عائدة على الموت، ومعنى وأنتم تنظرون"، وهو كلام فاسد. وفي المخطوطة: "عائدة على الموت، والمعنى" وبعدها بياض قدر كلمة، ثم كتب: "وأنتم تنظرون" فوضعت بين القوسين ما استظهرته من كلام أبي جعفر.]] "وأنتم تنظرون"، يعني: قد رأيتموه بمرأى منكم ومنظر، أي بقرب منكم.
* * *
وكان بعض أهل العربية يزعم أنه قيل:"وأنتم تنظرون"، على وجه التوكيد للكلام، كما يقال:"رأيته عيانًا" و"رأيته بعيني، وسمعته بأذني".
* * *
قال أبو جعفر: وإنما قيل:"ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه"، لأن قومًا من أصحاب رسول الله ﷺ ممن لم يشهد بدرًا، كانوا يتمنون قبل أحد يومًا مثل يوم بدر، فيُبْلُوا الله من أنفسهم خيرًا، وينالوا من الأجر مثل ما نال أهل بدر. فلما كان يوم أحد فرّ بعضهم، وصبرَ بعضهم حتى أوفَى بما كان عاهد الله قبل ذلك، فعاتب الله من فرّ منهم فقال:"ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه"، الآية، وأثنى على الصابرين منهم والموفين بعهدهم.
*ذكر الأخبار بما ذكرنا من ذلك:
٧٩٣٠- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله:"ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون"، قال: غاب رجال عن بدر، فكانوا يتمنون مثل يوم بدر أن يلقوه، فيصيبوا من الخير والأجر مثل ما أصابَ أهل بدر. فلما كان يوم أحد، ولَّى من ولىَّ منهم، فعاتبهم الله = أو: فعابهم، أو: فعيَّبهم = على ذلك. [[في المطبوعة: "أو فعتبهم"، وفي المخطوطة" فتعتهم" غير منقوطة، وكأن صواب قراءتها ما أثبت عابه وعيبه: نسبه إلى العيب.]] شك أبو عاصم.
٧٩٣١- حدثني المثني قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد نحوه - إلا أنه قال:"فعاتبهم الله على ذلك"، ولم يشكّ.
٧٩٣٢- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله:"ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون"، أناسٌ من المؤمنين لم يشهدوا يوم بدر والذي أعطى الله أهل بدر من الفضل والشرف والأجر، فكان يتمنون أن يرزقوا قتالا فيقاتلوا، فسيق إليهم القتال حتى كان في ناحية المدينة يوم أحُد، فقال الله عز وجل كما تسمعون:"ولقد كنتم تمنون الموت"، حتى بلغ"الشاكرين".
٧٩٣٣- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة، قوله:"ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه"، قال: كانوا يتمنون أن يلقوا المشركين فيقاتلوهم، فلما لقوهم يوم أحد ولّوا.
٧٩٣٤- حدثني المثني قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قال: إن أناسًا من المؤمنين لم يشهدوا يوم بدر والذي أعطاهم الله من الفضل، فكانوا يتمنون أن يروا قتالا فيقاتلوا، فسيق إليهم القتال حتى كان بناحية المدينة يوم أحد، فأنزل الله عز وجل:"ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه"، الآية.
٧٩٣٥- حدثني محمد بن بشار قال، حدثنا هوذة قال، حدثنا عوف، عن الحسن قال: بلغني أن رجالا من أصحاب النبي ﷺ كانوا يقولون:"لئن لقينا مع النبي ﷺ لنفعلن ولنفعلن"، فابتلوا بذلك، فلا والله ما كلُّهم صَدق الله، فأنزل الله عز وجل."ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون".
٧٩٣٦- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد قال، حدثنا أسباط، عن السدي: كان ناسٌ من أصحاب النبي ﷺ لم يشهدوا بدرًا، فلما رأوا فضيلة أهل بدر قالوا:"اللهم إنا نسألك أن ترينا يومًا كيوم بدر نبليك فيه خيرًا"! فرأوا أحدًا، فقال لهم:"ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون".
٧٩٣٧- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق:"ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون"، أي: لقد كنتم تمنون الشهادة على الذي أنتم عليه من الحق قبل أن تلقوا عدوكم = يعني الذين استنهضوا رسول الله ﷺ على خروجه بهم إلى عدوهم، [[في المطبوعة: "يعني الذين حملوا رسول الله. ."، غيره الناشر، وكان في المخطوطة"استاصوا" غير منقوطة، ولولا أن الذي في سيرة ابن هشام"استنهضوا"، لقلت إن صواب قراءتها: "استباصوا" بالصاد في آخره من قولهم: "بصت فلانًا" إذا استعجلته. والبوص (بفتح فسكون) : أن تستعجل إنسانًا في تحميلكه أمرًا، لا تدعه يتمهل فيه. وهذه صفة فعل أصحاب رسول الله الذين لم يشهدوا بدرًا، وأرادوا القتال يوم أحد.]] لما فاتهم من الحضور في اليوم الذي كان قبله ببدر، رغبة في الشهادة التي قد فاتتهم به. يقول:"فقد رأيتموه وأنتم تنظرون"، أي: الموتَ بالسيوف في أيدي الرجال، قد خلَّى بينكم وبينهم، [[في المطبوعة: "قد حل بينكم وبينهم"، وهي في المخطوطة غير بينة، والصواب ما جاء في سيرة ابن هشام، وقد أثبته.]] وأنتم تنظرون إليهم، فصددتُم عنهم. [[الأثر: ٧٩٣٧- سيرة ابن هشام ٣: ١١٧، وهو تتمة الآثار التي آخرها: ٧٩٢٩. هذا وفي السيرة خطأ بين، تصحيحه في رواية الطبري، فليراجع. وقد جاء في السيرة."ثم صدهم عنكم" مكان"فصددتم عنهم"، وهما معنيان مختلفان، ولكنها الرواية، لا يمكن أن أرجح فيها بغير مرجح، فكلاهما صواب.]]
{"ayah":"وَلَقَدۡ كُنتُمۡ تَمَنَّوۡنَ ٱلۡمَوۡتَ مِن قَبۡلِ أَن تَلۡقَوۡهُ فَقَدۡ رَأَیۡتُمُوهُ وَأَنتُمۡ تَنظُرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











