الباحث القرآني

القول في تأويل قوله: ﴿إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزِلِينَ (١٢٤) بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (١٢٥) ﴾ قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره: ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة، إذ تقول للمؤمنين بك من أصحابك: ألن يكفيكم أن يمدكم ربَكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين؟ وذلك يوم بدر. * * * ثم اختلف أهل التأويل في حضور الملائكة يوم بدر حرَبهم، في أيّ يوم وُعدوا ذلك؟ فقال بعضهم: إن الله عز وجل كان وعد المؤمنين يوم بدر أن يمدَّهم بملائكته، إن أتاهم العدو من فورهم، فلم يأتوهم، ولم يُمَدُّوا. [[في المخطوطة: "ولم يعدوا"، وهو خطأ صرف. هذا والمخطوطة في هذا الموضع كثيرة الخطأ فيما هو واضح كهذا الحرف الذي أثبته، ولذلك أغفلت كثيرًا من أشباهه، ونبهت عليه.]] * ذكر من قال ذلك: ٧٧٤٣- حدثني حميد بن مسعدة قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا داود، عن عامر قال، حُدِّث المسلمون أن كُرز بن جابر المحاربي يُمِدُّ المشركين، قال: فشق ذلك على المسلمين، فقيل لهم:"ألن يكفيَكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين * بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومِّين"، قال: فبلغت كرزًا الهزيمة، فرجع، ولم يمدّهم بالخمسة. ٧٧٤٤- حدثني ابن المثني قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا داود، عن عامر قال: لما كان يوم بدر بلغ رسول الله ﷺ = ثم ذكر نحوه، إلا أنه قال:"ويأتوكم من فورهم هذا" -يعني كرزا وأصحابه-"يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسوِّمين"، قال: فبلغ كرزًا وأصحابه الهزيمة، فلم يمدهم، ولم تنزل الخمسة، وأمِدّوا بعد ذلك بألف، فهم أربعة آلاف من الملائكة مع المسلمين. ٧٧٤٥- حدثني محمد بن سنان قال، حدثنا أبو بكر الحنفي، عن عباد عن الحسن في قوله:"إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة"، الآية كلها، قال: هذا يوم بدر. ٧٧٤٦- حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن داود، عن الشعبي قال: حُدِّث المسلمون أن كرزَ بن جابر المحاربي يريد أن يمدّ المشركين ببدر، قال: فشق ذلك على المسلمين؛ فأنزل الله عز وجلّ:"ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم" إلى قوله:"من الملائكة مسومِّين"، قال: فبلغته هزيمة المشركين، فلم يمدّ أصحابه، ولم يمدُّوا بالخمسة. * * * وقال آخرون: كان هذا الوعد من الله لهم يوم بدر، فصبر المؤمنون واتقوا الله، فأمدهم بملائكته على ما وعدهم. * ذكر من قال ذلك: ٧٧٤٧- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق قال، حدثني عبد الله بن أبي بكر، عن بعض بني ساعدة قال: سمعت أبا أسيد مالك بن ربيعة بعد ما أصيب بصره يقول: لو كنت معكم ببدر الآن ومعي بَصَري، لأخبرتكم بالشِّعب الذي خرجت منه الملائكة، لا أشُك ولا أتمارى. ٧٧٤٨- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، قال ابن إسحاق، وحدثني عبد الله بن أبي بكر، عن بعض بني ساعدة، عن أبي أسيد مالك بن ربيعة، وكان شهد بدرًا: أنه قال بعد إذ ذهب بصره: لو كنت معكم اليوم ببدر ومعي بصري، لأريتكم الشِّعب الذي خرجت منه الملائكة، لا أشك ولا أتمارَى. [[الأثران: ٧٧٤٧، ٧٧٤٨ - سيرة ابن هشام ٢: ٢٨٦، وانظره بإسناد آخر يأتي برقم: ٧٧٧٧ مع اختلاف في لفظه، ومع نسبته إلى يوم أحد، لا يوم بدر. وانظر التعليق عليه هناك.]] ٧٧٤٩- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق قال، حدثني عبد الله بن أبي بكر: أنه حُدِّث عن ابن عباس: أن ابن عباس قال: حدثني رجل من بني غفار قال: أقبلت أنا وابن عمّ لي حتى أصعدنا في جبل يُشرف بنا على بدر، ونحن مشركان، ننتظر الوقعة، على من تكون الدَّبْرة فننتهِبُ مع من ينتهب. [[الدبرة (بفتح الدال وسكون الباء، وبفتحتين أيضًا) والدابرة: الهزيمة في القتال، وهي اسم من"الإدبار". يقال: على من الدبرة؟ أي الهزيمة. ثم يقال: لمن الدبرة؟ أي لمن الدولة والظفر.]] قال: فبينا نحن في الجبل، إذ دنت منا سحابة، فسمعنا فيها حمحمة الخيل، فسمعت قائلا يقول: أقدم حيزوم. [[قوله: "أقدم" هي كلمة زجر تزجر بها الخيل، وأمر لها بالتقدم. وحيزوم: اسم فرس من خيل الملائكة يومئذ. ويقال هو فرس جبريل عليه السلام. هذا وفي المخطوطة: "إذ ذهب منا سحابة" وهو تصحيف.]] قال: فأما ابن عمي فانكشف قناع قلبه فمات مكانه، [[قناع القلب: غشاؤه، تشبيهها له بقناع المرأة الذي تلبسه.]] وأما أنا فكدت أهلك، ثم تماسكت. [[الأثر: ٧٧٤٩- سيرة ابن هشام ٢: ٢٨٥.]] ٧٧٥٠- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق قال، وحدثني الحسن بن عمارة، عن الحكم بن عتيبة، عن مقسم مولى عبد الله بن الحارث، عن عبد الله بن عباس قال: لم تُقاتل الملائكة في يوم من الأيام سوى يوم بدر، وكانوا يكونون فيما سواه من الأيام عَددًا ومَددًا لا يضربون. [[الأثر: ٧٧٥٠- سيرة ابن هشام ٢: ٢٨٦.]] ٧٧٥١- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، قال محمد بن إسحاق، حدثني أبي إسحاق بن يسار، عن رجال من بني مازن بن النجار، عن أبي داود المازني، وكان شهد بدرًا قال: إني لأتبعُ رجلا من المشركين يوم بدر لأضربه، إذ وقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفي، فعرفت أن قد قتله غيري. [[الأثر: ٧٧٥١- سيرة ابن هشام ٢: ٢٨٦.]] ٧٧٥٢- حدثني ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، قال محمد: حدثني حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، عن عكرمة مولى ابن عباس قال: قال أبو رافع مولى رسول الله ﷺ: كنت غلامًا للعباس بن عبد المطلب، وكان الإسلام قد دخلنا أهلَ البيت، فأسلم العباس وأسلمتْ أم الفضل وأسلمتُ. وكان العباس يهاب قومه ويكرَهُ أن يخالفهم، وكان يكتم إسلامه، وكان ذا مال كثير متفرق في قومه. وكان أبو لهب عدوّ الله قد تخلَّف عن بدر وبعث مكانه العاصى بن هشام بن المغيرة. وكذلك صنعوا، لم يتخلَّف رجل إلا بعث مكانه رجلا. فلما جاء الخبرُ عن مُصاب أصحاب بدر من قريش كبته الله وأخزاه، ووجدنا في أنفسنا قوة وعِزًّا. [[في المطبوعة: "قوة وعونة"، وليست بشيء، وفي المخطوطة"قوة وعبدا" وصواب قراءتها ما أثبته من سيرة ابن هشام.]] قال: وكنت رجلا ضعيفًا، وكنت أعمل القِداح أنحتها في حجرة زمزم، فوالله إني لجالس فيها أنحت القداح، وعندي أم الفضل جالسة، وقد سرَّنا ما جاءنا من الخبر، إذ أقبل الفاسق أبو لهب يجرُّ رجليه بشرٍّ حتى جلس على طُنُب الحجرة، [[طنب الحجرة: جانبها المسدل. أخذ من طنب الخباء، وهو الحبل يشد به إلى الأرض.]] فكان ظهره إلى ظهري. فبينا هو جالس إذ قال الناس: هذا أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب قد قدم! قال: قال أبو لهب: هلُمّ إليّ يا ابن أخي، فعندك الخبر! قال: فجلس إليه والناس قيام عليه، فقال: يا ابن أخي أخبرني، كيف كان أمرُ الناس؟ قال: لا شيء والله، إن كان إلا أن لقيناهم فمنحناهم أكتافنا يقتلوننا ويأسروننا كيف شاؤوا! وايم الله، مع ذلك ما لمتُ الناس، لقينا رجالا بيضًا على خيل بلق ما بين السماء والأرض ما تلِيق شيئًا، ولا يقوم لها شيء. [[يقال الكريم: "فلان لا يليق شيئًا" من"ألاق"، أي: ما يحبس شيئا ولا يمسكه. ويقال للسيف: "سيف لا يليق شيئًا"، أي: ما يرد ضربته شيء. وهذا الأخير هو المراد هنا. وكان في المطبوعة: "ما يليق لها شيء" بدل ما في المخطوطة، إذ لم يفهمه. وأثبت ما في المخطوطة والسيرة.]] قال أبو رافع: فرفعت طنب الحجرة بيدي ثم قلت: تلك الملائكة! [[الأثر: ٧٧٥٢- سيرة ابن هشام ٢: ٣٠١، مع اختلاف يسير في بعض اللفظ.]] ٧٧٥٣- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن محمد قال، حدثني الحسن بن عمارة، عن الحكم بن عتيبة، عن مقسم، عن ابن عباس قال: كان الذي أسر العباس أبا اليَسَر كعب بن عمرو أخو بني سلِمة، [[في المطبوعة والمخطوطة: "أبا اليسر ... أخا بني سلمة"، وأثبت ما في التاريخ، فهو أجود عربية.]] وكان أبو اليسر رَجلا مجموعًا، [[قوله: "مجموعًا"، يعني: قد اجتمع خلقه فلم يبسط، وهو نقيض الجسيم، كما يظهر من سياق الأثر. ولم أجده في كتب اللغة التي بين يدي.]] وكان العباس رجلا جسيما، فقال رسول الله ﷺ لأبي اليسر:"كيف أسرت العباس أبا اليسر؟! قال: يا رسول الله، لقد أعانني عليه رجلٌ ما رأيته قبل ذلك ولا بعده، هيئته كذا وكذا! [[في المخطوطة: "هيئته كذا، هيئته كذا"، وتركت ما في المطبوعة على حاله، لأنه مطابق لما في التاريخ.]] قال رسول الله ﷺ:"لقد أعانك عليه ملك كريم". [[الأثر: ٧٧٥٣- لم أجده في المطبوع من سيرة ابن هشام، وهو في تاريخ الطبري ٢: ٢٨٨، ٢٨٩.]] ٧٧٥٤- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله:"ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين"، أمدوا بألف، ثم صاروا ثلاثة آلاف، ثم صاروا خمسة آلاف ="بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسوِّمين"، وذلك يوم بدر، أمدَّهم الله بخمسة آلاف من الملائكة. ٧٧٥٥- حدثت عن عمار، عن ابن أبي نجيح، عن أبيه، عن الربيع، بنحوه. ٧٧٥٦- حدثني محمد بن سعد قال، حدثنى أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، [["قال حدثني أبي" هذه، سقطت من المطبوعة، والصواب من المخطوطة، وهو إسناد دائر في التفسير.]] عن أبيه، عن ابن عباس في قوله:"يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسوِّمين"، فإنهم أتوا محمدًا ﷺ مسوِّمين. ٧٧٥٧- حدثني محمد بن بشار قال، حدثنا سفيان، عن ابن خثيم، عن مجاهد قال: لم تقاتل الملائكة إلا يوم بدر. * * * وقال آخرون: إن الله عز وجلّ: إنما وعدهم يوم بدر أن يمدَّهم إن صبروا عند طاعته وجهاد أعدائه، واتقوه باجتناب محارمه، أن يمدهم في حروبهم كلها، فلم يصبروا ولم يتقوا إلا في يوم الأحزاب، فأمدَّهم حين حاصروا قريظة. * ذكر من قال ذلك: ٧٧٥٨- حدثني محمد بن عمارة الأسدي قال، حدثنا عبيد الله بن موسى قال، أخبرنا سليمان بن زيد أبو إدام المحاربي، عن عبد الله بن أبي أوفى قال: كنا محاصري قريظة والنضير ما شاء الله أن نحاصرهم، فلم يفتح علينا، فرجعنا، فدعا رسول الله ﷺ بماء فهو يغسل رأسه، [[في المطبوعة: "فبينما رسول الله ﷺ في بيته يغسل رأسه"، وهو تصرف لا شك فيه من ناشر أو ناسخ آخر، فإن الذي في المخطوطة: "فدعا رسول الله ﷺ فهو يغسل رأسه"، لما سقط من الجملة قوله: "بماء"، تصرف الناسخ، وما كان له أن يفعل! والصواب كما أثبته، مطابقًا لما في الخصائص الكبرى للسيوطي. وانظر البغوي (بهامش ابن كثير) ٢: ٢٣٥.]] إذ جاءه جبريل ﷺ فقال: يا محمد، وضعتم أسلحتكم ولم تضع الملائكة أوزارها! فدعا رسول الله ﷺ بخرقة، فلفَّ بها رأسه ولم يغسله، ثم نادى فينا فقمنا كالِّين مُعْيِينَ لا نعبأ بالسير شيئًا، [[في المخطوطة: "فقمنا كالبر معين" غير منقوطة، فلم يحسن الناشر أن يقرأها، فجعلها في المطبوعة: "كالزمعين"، فجاء معلق على التفسير ففسر الكلمة تفسيرًا لا يصلح أن يكون كلامًا ها هنا، فخرج الكلام تصحيفًا وخلطًا معًا!! وأما السيوطي في الخصائص الكبرى، فالظاهر أنه لم يحسن هو أيضًا قراءة المخطوطة، أو كانت في نسخة مصحفة عنده كمثل هذا التصحيف، فأسقط الجملة كلها وساق الكلام هكذا: "فقمنا حتى أتينا بني قريظة". وكذلك فعل البغوي. وصواب القراءة هو ما أثبت، وهو مطابق لصفة أصحاب رسول الله ﷺ في مخرجهم إلى بني قريظة. يقال"كل الرجل يكل من المشي فهو كال": إذا بلغ منه التعب والإعياء. ويقال: "أعيى الرجل والبعير وغيره يعيي إعياء فهو معي"، إذا أكله السير وطلحه وبرح به. يقول: فقمنا وقد بلغ منا ومن دوابنا التعب.]] حتى أتينا قريظة والنضير، فيومئذ أمدنا الله عز وجل بثلاثة آلاف من الملائكة، وفتح اللهُ لنا فتحًا يسيرًا، فانقلبنا بنعمة من الله وفضل. [[الأثر: ٧٧٨٥- أخرجه السيوطي في الخصائص الكبرى ١: ٢٣٣ نقلا عن ابن جرير في تفسيره هذا. و"عبيد الله بن موسى بن أبي المختار العبسي"، مضت ترجمته برقم: ٥٧٩٦، وكان في المخطوطة والمطبوعة: "عبد الله بن موسى"، وهو خطأ. وأما "سليمان بن زيد أبو إدام المحاربي" فهو مترجم في التهذيب، والكبير للبخاري ٢ / ٢ / ١٥، وابن أبي حاتم ٢ / ١ / ١١٧، قال يحيى بن معين"ليس بثقة، كذاب، ليس يسوى حديثه فلسًا". وقال النسائي: "متروك الحديث". وكان في المطبوعة: "أبو آدم" وهو خطأ، ومثله في التهذيب في ترجمته، وهو خطأ أيضًا صوابه ما أثبت من المخطوطة. و"عبد الله بن أبي أوفى الأسلمي"، شهد بيعة الرضوان، ومات رضي الله عنه سنة ٨٨، كما صححه الذهبي في تاريخه. وهذا الأثر، وإن كان إسناده لا يقوم، فإن معناه يشبه أن يكون حقًا، لموافقته ما جاءت به الرواية عن غزوة بني قريظة في الروايات الصحيحة عن غير عبد الله بن أبي أوفى.]] * * * وقال آخرون بنحو هذا المعنى، غير أنهم قالوا: لم يصبر القوم ولم يتقوا ولم يُمدوا بشيء في أحُد. * ذكر من قال ذلك: ٧٧٥٩- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، حدثني عمرو بن دينار، عن عكرمة، سمعه يقول:"بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا"، قال: يوم بدر. قال: فلم يصبروا ولم يتقوا فلم يمدوا يوم أحد، ولو مُدُّوا لم يُهزموا يومئذ. ٧٧٦٠- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار قال: سمعت عكرمة يقول: لم يمدوا يوم أحُد ولا بملك واحد = أو قال: إلا بملك واحد، أبو جعفر يشك. ٧٧٦١- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، سمعت عبيد بن سليمان، عن الضحاك، قوله:"ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف" إلى"خمسة آلاف من الملائكة مسوّمين"، كان هذا موعدًا من الله يوم أحُد عرضه على نبيه محمد ﷺ: أنّ المؤمنين إن اتقوا وصبروا أمدهم بخمسة آلاف من الملائكة مسوّمين؛ ففرّ المسلمون يوم أحد وولَّوا مدبرين، فلم يمدهم الله. ٧٧٦٢- حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا" الآية كلها. قالوا لرسول الله ﷺ، وهم ينظرون المشركين: يا رسول الله، أليس يمدنا الله كما أمدنا يوم بدر؟ فقال رسول الله ﷺ:"ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين"، وإنما أمدكم يوم بدر بألف؟ " قال: فجاءت الزيادة من الله على أن يصبروا ويتقوا، قال: بشرط أن يأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم الآية كلها. * * * قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله أخبرَ عن نبيه محمد ﷺ أنه قال للمؤمنين: ألن يكفيَكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة؟ فوعدهم الله بثلاثة آلاف من الملائكة مددًا لهم، ثم وعدهم بعد الثلاثة الآلاف، خمسة آلاف إن صبروا لأعدائهم واتقوا الله. ولا دلالة في الآية على أنهم أمدوا بالثلاثة الآف، ولا بالخمسة آلاف، ولا على أنهم لم يمدوا بهم. وقد يجوز أن يكون الله عز وجل أمدهم، على نحو ما رواه الذين أثبتوا أنه أمدهم = وقد يجوز أن يكون لم يمدهم على نحو الذي ذكره من أنكر ذلك. ولا خبر عندنا صحَّ من الوجه الذي يثبت أنهم أمِدوا بالثلاثة الآلاف ولا بالخمسة الآلاف. وغير جائز أن يقال في ذلك قولٌ إلا بخبر تقوم الحجة به. ولا خبر به كذلك، فنسلم لأحد الفريقين قوله. غير أنّ في القرآن دلالةً على أنهم قد أمدوا يوم بدر بألف من الملائكة، وذلك قوله: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾ [سورة الأنفال: ٩] فأما في يوم أحُد، فالدلالة على أنهم لم يمدوا أبينُ منها في أنهم أمدوا. وذلك أنهم لو أمدوا لم يهزموا، ويُنالَ منهم ما نيل منهم. فالصواب فيه من القول أن يقال كما قال تعالى ذكره. * * * وقد بينا معنى"الإمداد" فيما مضى،"والمدد"، ومعنى"الصبر" و"التقوى." [[انظر معنى"الإمداد والمدد" فيما سلف ١: ٣٠٧، ٣٠٨ / "والصبر" ٢: ١١، ١٢٤ / ٣: ٢١٤، ٣٤٩ كم فهارس اللغة فيما سلف / و"التقوى" ١: ٢٣٢، ٣٣٣، ٣٦٤ / ٤: ١٦٢، وفهارس اللغة.]] * * * وأما قوله:"ويأتوكم من فورهم هذا"، فإنّ أهل التأويل اختلفوا فيه. فقال بعضهم: معنى قوله:"من فورهم هذا"، من وجههم هذا. * ذكر من قال ذلك: ٧٧٦٣- حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا يزيد بن زريع، عن عثمان بن غياث، عن عكرمة قال:"ويأتوكم من فورهم هذا"، قال: من وجههم هذا. ٧٧٦٤- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"من فورهم هذا"، يقول: من وجههم هذا. ٧٧٦٥- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة، مثله. ٧٧٦٦- حدثنا محمد بن سنان قال، حدثنا أبو بكر الحنفي قال، حدثنا عباد، عن الحسن في قوله:"ويأتوكم من فورهم هذا"، من وجههم هذا. ٧٧٦٧- حدثت عن عمار بن الحسن، عن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، قوله:"ويأتوكم من فورهم هذا"، يقول: من وجههم هذا. ٧٧٦٨- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قوله:"ويأتوكم من فورهم هذا" يقول: من وجههم هذا. ٧٧٧٩- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:"ويأتوكم من فورهم هذا"، يقول: من سفرهم هذا = ويقال -يعني عن غير ابن عباس- بل هو من غضبهم هذا. ٧٧٧٠- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد:"من فورهم هذا"، من وجههم هذا. * * * وقال آخرون: معنى ذلك: من غضبهم هذا. * ذكر من قال ذلك: ٧٧٧١- حدثني محمد بن المثني قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا داود، عن عكرمة في قوله:"ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة"، قال:"فورهم ذلك"، كان يوم أحد، غضبوا ليوم بدر مما لقوا. ٧٧٧٢- حدثني محمد بن عمارة قال، حدثنا سهل بن عامر قال، حدثنا مالك بن مغول قال: سمعت أبا صالح مولى أم هانئ يقول:"من فورهم هذا"، يقول: من غضبهم هذا. ٧٧٧٣- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"ويأتوكم من فورهم هذا"، قال: غضَبٌ لهم، يعني الكفار، فلم يقاتلوهم عند تلك الساعة، وذلك يوم أحد. ٧٧٧٤- حدثني القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج قال، قال ابن جريج، قال مجاهد:"من فورهم هذا"، قال: من غضبهم هذا. ٧٧٧٥- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، أخبرنا عبيد بن سليمان قال سمعت الضحاك، في قوله:"ويأتوكم من فورهم هذا"، يقول: من وجههم وغضبهم. * * * قال أبو جعفر: وأصل"الفوْر"، ابتداء الأمر يؤخذ فيه، ثم يوصل بآخر، [[في المطبوعة والمخطوطة: "يوجد فيه"، وهو كلام سخيف. وأخذ في الأمر: شرع وبدأ.]] يقال منه:"فارت القدرُ فهي تفور فورًا وفورانًا" إذا ابتدأ ما فيها بالغليان ثم اتصل. و"مضيت إلى فلان من فوْري ذلك"، يراد به: من وجهي الذي ابتدأت فيه. * * * = فالذي قال في هذه الآية: معنى قوله:"من فورهم هذا"، من"وجههم هذا"= قصد إلى أن تأويله: ويأتيكم كرز بن جابر وأصحابه يوم بدر من ابتداء مخرجهم الذي خرجوا منه لنصرة أصحابهم من المشركين. * * * =وأما الذين قالوا: معنى ذلك: من غضبهم هذا =فإنما عنوا أن تأويل ذلك: ويأتيكم كفار قريش وتُبَّاعهم يوم أحد من ابتداء غضبهم الذي غضبوه لقتلاهم الذين قتلوا يوم بدر بها، يمددكم ربكم بخمسة آلاف. * * * ولذلك من اختلاف تأويلهم في معنى قوله:"ويأتوكم من فورهم هذا"، [[في المطبوعة: "وكذلك من اختلاف تأويلهم. . ."، وهو كلام غير مستقيم. ولم يحسن الناشر قراءة المخطوطة، لأن من عادة ناسخها أن يترك كثيرًا شرطة الكاف، ويدعها كاللام، فظنها هنا"كذلك"، ولكنها"لذلك" كما قرأتها لك. يقول الطبري: ومن أجل اختلافهم في تأويل: "ويأتوكم من فورهم هذا"، اختلف أهل التأويل.]] اختلف أهل التأويل في إمداد الله المؤمنين بأحُد بملائكته. فقال بعضهم: لم يمدوا بهم، لأن المؤمنين لم يصبروا لأعدائهم ولم يتقوا الله عز وجل، بترك من ترك من الرماة طاعةَ رسول الله ﷺ في ثبوته في الموضع الذي أمره رسول الله ﷺ بالثبوت فيه، ولكنهم أخلُّوا به طلبَ الغنائم، [[في المطبوعة: "طلبًا للغنائم"، وأثبت ما في المخطوطة، وهو مثله في المعنى.]] فقتل من قتل المسلمين ونال المشركون منهم ما نالوا، [[في المطبوعة: "فقتل من المسلمين"، وهي غير مستقيمة، وفي المخطوطة: "في قتل من قتل من المسلمين"، وهي الصواب، إلا في تصحيف الناسخ وخطئه إذ كتب مكان"فقتل" -"في قتل".]] وإنما كان الله عز وجل وعد نبيه ﷺ إمدادَهم بهم إن صبروا واتقوا الله. * * * =وأما الذين قالوا: كان ذلك يوم بدر بسبب كُرْز بن جابر، فإن بعضهم قالوا: لم يأت كرزٌ وأصحابُه إخوانَهم من المشركين مددًا لهم ببدر، ولم يمد الله المؤمنين بملائكته، لأن الله عز وجل إنما وعدهم أن يمدهم بملائكته إن أتاهم كرز ومدد المشركين من فورهم، ولم يأتهم المددُ. * * * =وأما الذين قالوا: إنّ الله تعالى ذكره أمد المسلمين بالملائكة يوم بدر، فإنهم اعتلوا بقول الله عز وجل: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾ [سورة الأنفال: ٩] ، قال: فالألف منهم قد أتاهم مددًا. وإنما الوعد الذي كانت فيه الشروط، فما زاد على الألف، [[في المطبوعة: "فيما زاد"، وفي المخطوطة مثلها غير منقوطة، وصواب قراءتها ما أثبت.]] فأما الألف فقد كانوا أمدُّوا به، لأن الله عز وجل كان قد وعدهم ذلك، ولن يُخلف الله وعده. * * * قال أبو جعفر: واختلف القرأة في قراءة قوله:"مسوّمين". فقرأ ذلك عامة قرأة أهل المدينة والكوفة: ﴿مُسَوَّمِينَ﴾ بفتح"الواو"، بمعنى أن الله سوَّمها. * * * وقرأ ذلك بعض قرأة أهل الكوفة والبصرة: ﴿مُسَوِّمِينَ﴾ بكسر"الواو"، بمعنى أن الملائكة سوَّمتْ لنفسها. * * * قال أبو جعفر: وأولى القراءتين في ذلك بالصواب قراءة من قرأ بكسر"الواو"، لتظاهرُ الأخبار عن [أصحاب] رسول الله ﷺ فأهل التأويل منهم ومن التابعين بعدهم [[في المطبوعة: "لتظاهر الأخبار عن رسول الله ﷺ فأهل التأويل منهم. . ." وهي عبارة فاسدة، ثم لا تؤيدها الأخبار التي رواها بعد. وفي المخطوطة مثلها، إلا أنه كتب"بأهل التأويل"، وهو تحريف وخطأ. والصواب أن الأخبار المتظاهرة التي سيذكرها هي عن أصحاب رسول الله وأهل التأويل منهم، فلذلك زدت"أصحاب" بين القوسين، وجعلت"فأهل"، "وأهل"، واستقام الكلام. ولو تظاهرت الأخبار عن رسول الله ﷺ لما كان به ولا بأحد حاجة إلى تظاهر الأخبار عن أصحاب رسول الله وأهل التأويل منهم ومن التابعين من بعدهم. ففي خبره ﷺ كفاية من كل خبر، بأبي هو وأمي.]] بأن الملائكة هي التي سوَّمت أنفسها، من غير إضافة تسويمها إلى الله عز وجل، أو إلى غيره من خلقه. ولا معنى لقول من قال: إنما كان يُختار الكسرُ في قوله:"مسوِّمين"، لو كان في البشر، فأما الملائكة فوصفهم غيرُ ذلك = ظنًا منه بأن الملائكة غير ممكن فيها تسويمُ أنفسها إمكانَ ذلك في البشر. وذلك أنه غيرُ مستحيل أن يكون الله عز وجل مكنها من تسويم أنفسها نحو تمكينه البشر من تسويم أنفسهم، فسوَّموا أنفسهم نحو الذي سوَّم البشر، [[في المطبوعة: ". . . مكنها من تسويم أنفسها بحق تمكينه البشر. . ." ثم". . . فسوموا أنفسهم بحق الذي سوم البشر"، وهو كلام لا معنى له. وفي المخطوطة أساء الكاتب في الكلمة الأولى فنقط الحروف ومجمجها فاختلطت، وكتب الثانية"بحق" غير منقوطة، وصواب قراءتها في الموضعين"نحو" كما أثبتها.]] طلبًا منها بذلك طاعة ربها، فأضيف تسويمها أنفسهَا إليها. وإن كان ذلك عن تسبيب الله لهم أسبابه. وهي إذا كانت موصوفة بتسويمها أنفسهَا تقرٌُّبًا منها إلى ربها، كأن أبلغ في مدحها لاختيارها طاعة الله من أن تكون موصوفة بأن ذلك مفعول بها. * * * ذكر الأخبار بما ذكرنا: من إضافة من أضاف التسويم إلى الملائكة، دون إضافة ذلك إلى غيرهم، على نحو ما قلنا فيه: ٧٧٧٦- حدثني يعقوب قال، أخبرنا ابن علية قال، أخبرنا ابن عون، عن عمير بن إسحاق قال: إن أول ما كان الصوف ليومئذ = يعني يوم بدر = قال رسول الله ﷺ:"تسوَّموا، فإنّ الملائكة قد تسوَّمت. [[الأثر: ٧٧٧٦-"ابن عون"، هو: "عبد الله بن عون بن أرطبان المزني" أبو عوف الخراز البصري أحد الفقهاء الكبار. رأى أنس بن مالك، وروى عن ابن سيرين وإبراهيم النخعي والحسن البصري والشعبي وطبقتهم. وكان في المطبوعة: "ابن عوف"، وهو خطأ، والصواب من المخطوطة. و"عمير بن إسحاق القرشي" أبو محمد مولى بني هاشم، روى عن المقداد بن الأسود، وعمرو بن العاص، وأبي هريرة، وكان قليل الحديث. وقال أبو حاتم والنسائي: "لا نعلم روى عنه غير ابن عون" قال ابن معين: "ثقة"، وقال أيضا: "لا يساوي حديثه شيئًا، ولكن يكتب حديثه". فهذا الحديث كما ترى مرسل، وعن رجل يكتب حديثه ولا يحتج به.]] ٧٧٧٧- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا مختار بن غسان قال، حدثنا عبد الرحمن بن الغسيل، عن الزبير بن المنذر، عن جده أبي أسيد -وكان بدريًا- فكان يقول: لو أن بصري فُرِّج منه، [[في المطبوعة: "لو أن بصري معي، ثم ذهبتم معي"، وهو تصرف من الطابعين فيما يظهر، نقلا عن تصرف السيوطي في الدر المنثور ٢: ٧٠. أما المخطوطة، فكان فيها: "لو أن بصرى حرح منه، ثم ذهبتم معي" فيها"حرح" غير منقوطة، والظاهر أن السيوطي رآها كذلك، فعجز عنها، فاستظهرها من الأثرين السالفين: ٧٧٤٧، ٧٧٤٨، ولكني حرصت على متابعة ما في المخطوطة، فوجدت رواية الأثرين السالفين من طريق ابن شهاب عن أبي حازم، عن سهل بن سعد: "قال لي أبو أسيد الساعدي، بعد ما ذهب بصره: يا ابن أخي، لو كنت أنت وأنا ببدر ثم أطلق الله لي بصري، لأريتك الشعب. . ." (الاستيعاب: ٦٢١) فاستظهرت أن"حرح" تصحيف"فرج" (بتشديد الراء، والبناء للمجهول) ، وهي بمعنى"أطلقه الله". وقوله: "فرج منه"، أي: فرج الله عن بعضه. ولو كانت"فرج عنه" لكان صوابًا مطابقًا لرواية سهل بن سعد في المعنى. وأرجو أن أكون قد وفقت إلى الصواب بحمد الله وتوفيقه.]] ثم ذهبتم معي إلى أحد، لأخبرتكم بالشِّعب الذي خرجت منه الملائكة في عمائم صُفر قد طرحوها بين أكتافهم. [[الأثر: ٧٧٧٧-"مختار بن غسان التمار الكوفي العبدي"، روى عن حفص بن عمر البرجمي وإسماعيل بن مسلم. مترجم في التهذيب. و"عبد الرحمن بن الغسيل"، هو: "عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الله بن حنظلة الأنصاري" سلفت ترجمته في رقم: ٥١٢٣. أما "الزبير بن المنذر ابن أبي أسيد" فيقال أيضا أنه"الزبير بن أبي أسيد"، أن أبا أسيد أبوه لا جده، وإسناد الطبري مبين عن أنه جده. وقد ذكر ذلك البخاري في الكبير ٢ / ١ / ٣٧٥، في خبر ساقه عن ابن الغسيل، وكذلك ابن أبي حاتم ١ / ٢ / ٥٧٩، وذكره الحافظ في التهذيب وقال: "وفي إسناده اختلاف"، إشارة إلى هذا الاختلاف في أن أبا أسيد أبوه أو جده. أما خبر أبي أسيد هذا فقد سلف بإسناد أبي كريب وابن حميد: ٧٧٤٧، ٧٧٤٨، مع اختلاف في بعض اللفظ، ومع نسبة هذا إلى يوم بدر، لا يوم أحد. والأول هو الثابت الصحيح. وأخشى أن يكون الذي هنا سهوًا من ناسخ أو راو، وأن صوابه"إلى بدر".]] ٧٧٧٨ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"بخمسة آلاف من الملائكة مسومين"، يقول: معلمين، مجزوزة أذنابُ خيلهم، ونواصيها - فيها الصوف أو العِهْن، [[في المخطوطة: "الصوف، العهن"، بحذف "أو"، وهو صواب. والعهن: هو الصوف المصبوغ الملون.]] وذلك التسويم. ٧٧٧٩- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد في قوله: بخمسة آلاف من الملائكة مسوّمين"، قال: مجزوزة أذنابها، وأعرافها فيها الصوف أو العهن، فذلك التسويم. ٧٧٨٠- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"مسوّمين"، ذكر لنا أن سيماهم يومئذ، الصوف بنواصي خيلهم وأذنابها، وأنهم على خيل بُلْق. ٧٧٨١- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله:"مسومين"، قال: كان سيماها صوفًا في نواصيها. ٧٧٨٢- حدثت عن عمار، عن ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن ليث، عن مجاهد، أنه كان يقول:"مسومين"، قال: كانت خيولهم مجزوزة الأعراف، معلمة نواصيها وأذنابها بالصوف والعِهْن. ٧٧٨٣- حدثت عن عمار، عن ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: كانوا يومئذ على خيل بُلْق. ٧٧٨٤- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك وبعض أشياخنا، عن الحسن، نحو حديث معمر، عن قتادة. ٧٧٨٥- حدثنا محمد قال، حدثنا أحمد قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"مسومين"، معلمين. ٧٧٨٦- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:"بخمسة آلاف من الملائكة مسوّمين"، فإنهم أتوا محمدًا ﷺ، مسوِّمين بالصوف، فسوَّم محمد وأصحابه أنفسهم وخيلهم على سيماهم بالصوف. ٧٧٨٧- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان قال، حدثنا هشام بن عروة، عن عباد بن حمزة قال، نزلت الملائكة في سيما الزبير، عليهم عمائم صفر. وكانت عمامة الزبير صَفراء. ٧٧٨٨- حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك في قوله:"مسومين"، قال: بالصوف في نواصيها وأذنابها. ٧٧٨٩- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن هشام بن عروة قال: نزلت الملائكة يوم بدر على خيل بلق، عليهم عمائم صفر. وكان على الزبير يومئذ عمامة صفراء. ٧٧٩٠- حدثني أحمد بن يحيى الصوفي قال، حدثنا عبد الرحمن بن شريك قال، حدثنا أبي قال، حدثنا هشام بن عروة، عن عروة، عن عبد الله بن الزبير: أنّ الزبير كانت عليه مُلاءة صفراء يوم بدر، فاعتم بها، فنزلت الملائكة يوم بدر على نبيّ الله ﷺ معمَّمين بعمائم صفر. [[الأثر: ٧٧٩٠-"أحمد بن يحيى الصوفي" روى عن محمد بن بشر، ومحمد بن عبيد وزيد بن الحباب، وكتب عنه أبو حاتم، وقال: "ثقة"، وروى عنه أبو عوانة الكوفي. مترجم في ابن أبي حاتم ١ / ١ / ٨١. و"عبد الرحمن بن شريك بن عبد الله النخعي". روى عن أبيه. روى عنه البخاري في الأدب، وأبو كريب. قال أبو حاتم: "واهن الحديث"، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: "ربما أخطأ".]] * * * قال أبو جعفر: فهذه الأخبار التي ذكرنا بعضها عن رسول الله ﷺ أنه قال لأصحابه:"تسوَّموا فإن الملائكة قد تسوَّمت" وقول أبي أسيد:"خرجت الملائكة في عمائم صفر قد طرحوها بين أكتافهم"، وقول من قال منهم:"مسوِّمين" معلمين = ينبئ جميعُ ذلك عن صحة ما اخترنا من القراءة في ذلك، وأن التسويم كان من الملائكة بأنفسها، على نحو ما قلنا في ذلك فيما مضى. * * * وأما الذين قرأوا ذلك:"مسوَّمين"، بالفتح، فإنهم أراهم تأوَّلوا في ذلك ما: ٧٧٩١- حدثنا به حميد بن مسعدة قال، حدثنا يزيد بن زريع، عن عثمان بن غياث، عن عكرمة:"بخمسة آلاف من الملائكة مسوّمين"، يقول: عليهم سيما القتال. ٧٧٩٢- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"بخمسة آلاف من الملائكة مسومين"، يقول: عليهم سيما القتال، وذلك يوم بدر، أمدهم الله بخمسة آلاف من الملائكة مسومين، يقول: عليهم سيما القتال. * * * =فقالوا: كان سيما القتال عليهم، لا أنهم كانوا تسوَّموا بسيما فيضاف إليهم التسويم، فمن أجل ذلك قرأوا:"مسوَّمين"، بمعنى أن الله تعالى أضاف التسويم إلى مَنْ سوَّمهم تلك السيما. * * * و"السيما" العلامة يقال:"هي سيما حسنة، وسيمياء حسنة"، كما قال الشاعر: [[هو أسيد بن عنقاء الفزاري.]] غُلامٌ رَمَاهُ اللهُ بِالحُسْنِ يَافِعًا ... لَهُ سِيمِياءُ لا تَشُقُّ عَلَى البَصَرْ [[سلف تخريجه وشرحه في ٥: ٥٩٤، ٥٩٥.]] يعني بذلك: علامة من حسن، [[انظر تفسيره"السيما" فيما سلف ٥: ٥٩٤.]] فإذا أعلم الرجل بعلامة يعرف بها في حرب أو غيره قيل:"سوَّم نفسه فهو يسوِّمها تسويمًا". [[انظر تفسير"سوم" فيما سلف ٥: ٢٥١ - ٢٥٧.]]
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب