الباحث القرآني

القول في تأويل قوله: ﴿لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلا أَذًى﴾ قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: لن يضركم، يا أهل الإيمان بالله ورسوله، هؤلاء الفاسقون من أهل الكتاب بكفرهم وتكذيبهم نبيَّكم محمدًا ﷺ شيئا ="إلا أذى"، يعني بذلك: ولكنهم يؤذونكم بشركهم، وإسماعكم كفرهم، وقولهم في عيسى وأمه وعزير، ودعائهم إياكم إلى الضلالة، ولن يضروكم بذلك، [[في المطبوعة: "ولا يضرونكم"، وفي المخطوطة: "ولا يضروكم"، والصواب هو ما أثبت.]] . * * * وهذا من الاستثناء المنقطع الذي هو مخالف معنى ما قبله، كما قيل:"ما اشتكى شيئًا إلا خيرًا"، وهذه كلمة محكية عن العرب سماعًا. * * * وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ٧٦٢٦- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله:"لن يضروكم إلا أذى"، يقول: لن يضروكم إلا أذى تسمعونه منهم. ٧٦٢٧- حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، قوله:"لن يضروكم إلا أذى"، قال: أذى تسمعونه منهم. ٧٦٢٨- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، قوله:"لن يضروكم إلا آذى"، قال: إشراكهم في عُزير وعيسى والصَّليب. ٧٦٢٩- حدثني محمد بن سنان قال، حدثنا أبو بكر الحنفي، عن عباد، عن الحسن في قوله:"لن يضروكم إلا أذى" الآية، قال: تسمعون منهم كذبًا على الله، يدعونكم إلى الضلالة. * * * القول في تأويل قوله: ﴿وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ (١١١) ﴾ قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: وإن يقاتلكم أهلُ الكتاب من اليهود والنصارى يهزَموا عنكم، فيولوكم أدبارهم انهزامًا. * * * فقوله:"يولوكم الأدبار"، كناية عن انهزامهم، لأن المنهزم يحوِّل ظهره إلى جهة الطالب هربًا إلى ملجأ وموئل يئل إليه منه، خوفًا على نفسه، والطالبُ في أثره. فدُبُر المطلوب حينئذ يكون محاذي وجه الطالب الهازِمِِة. * * * ="ثم لا ينصرون"، يعني: ثم لا ينصرهم الله، أيها المؤمنون، عليكم، لكفرهم بالله ورسوله، وإيمانكم بما آتاكم نبيكم محمد ﷺ. لأن الله عز وجل قد ألقى الرعب في قلوبهم، فأيدكم أيها المؤمنون بنصركم. [[في المطبوعة: "قد ألقى الرعب في قلوب كائدكم"، وهو تصحيح لما في المخطوطة: "قد ألقى الرعب في قلوب فأيدكم"، وظاهر أن"قلوب" صوابها"قلوبهم"، واستقام الكلام على ما في المخطوطة.]] . * * * وهذا وعدٌ من الله تعالى ذكره نبيه محمدًا ﷺ وأهل الإيمان، نصرَهم على الكفرة به من أهل الكتاب. * * * وإنما رفع قوله:"ثم لا ينصرون" وقد جَزم قوله:"يولوكم الأدبار"، على جواب الجزاء، ائتنافًا للكلام، لأن رؤوس الآيات قبلها بالنون، فألحق هذه بها، كما قال: ﴿وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ﴾ [سورة المرسلات: ٣٦] ، رفعًا، وقد قال في موضع آخر: ﴿لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا﴾ [سورة فاطر: ٣٦] إذْ لم يكن رأس آية. [[انظر معاني القرآن للفراء ١: ٢٢٩.]]
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب