الباحث القرآني

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (١٦) قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ (١٧) ﴾ يقول تعالى ذكره مخبرا عن ندم موسى على ما كان من قتله النفس التي قتلها، وتوبته إليه منه ومسألته غفرانه من ذلك ﴿رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي﴾ بقتل النفس التي لم تأمرني بقتلها، فاعف عن ذنبي ذلك، واستره عليّ، ولا تؤاخذني به فتعاقبني عليه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، في قوله: ﴿رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي﴾ قال: بقتلي من أجل أنه لا ينبغي لنبيّ أن يقتل حتى يؤمر، ولم يُؤمر. ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قال: عرف المخرج، فقال: ﴿ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ﴾ . * * * وقوله: ﴿فَغَفَرَ لَهُ﴾ يقول تعالى ذكره: فعفا الله لموسى عن ذنبه ولم يعاقبه به، ﴿إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ يقول: إن الله هو الساتر على المنيبين إليه من ذنوبهم على ذنوبهم، المتفضل عليهم بالعفو عنها، الرحيم للناس أن يعاقبهم على ذنوبهم بعد ما تابوا منها. * * * وقوله: ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ﴾ يقول تعالى ذكره: قال موسى ربّ بإنعامك عليّ بعفوك عن قتل هذه النفس ﴿فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ﴾ يعني المشركين، كأنه أقسم بذلك. وقد ذكر أن ذلك في قراءة عبد الله: "فَلا تَجْعَلْنِي ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ" كأنه على هذه القراءة دعا ربه، فقال: اللهمّ لن أكون ظهيرا ولم يستثن عليه السلام حين قال ﴿فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ﴾ فابتلي. وكان قَتادة يقول في ذلك ما:- ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة: ﴿فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ﴾ يقول: فلن أعين بعدها ظالما على فُجره، قال: وقلما قالها رجل إلا ابتُلي، قال: فابتلي كما تسمعون.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب