الباحث القرآني

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الأرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (٦٩) وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (٧٠) ﴾ يقول تعالى ذكره لنبيه محمد ﷺ: ﴿قُل﴾ يا محمد لهؤلاء المكذّبين ما جئتهم به من الأنباء من عند ربك: ﴿سِيرُوا فِي الأرْضِ فَانْظُرُوا﴾ إلى ديار من كان قبلكم من المكذّبين رسل الله ومساكنهم كيف هي، ألم يخرّبها الله، ويهلك أهلها بتكذيبهم رسلهم، وردّهم عليهم نصائحهم فخلت منهم الديار وتعفَّت منهم الرسوم والآثار، فإن ذلك كان عاقبة إجرامهم، وذلك سنة ربكم في كلّ من سلك سبيلهم في تكذيب رسل ربهم، والله فاعل ذلك بكم إن أنتم لم تبادروا الإنابة من كفركم وتكذيبكم رسول ربكم. * * * وقوله: ﴿وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ﴾ يقول تعالى ذكره لنبيه محمد ﷺ: ولا تحزن على إدبار هؤلاء المشركين عنك وتكذيبهم لك ﴿وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ﴾ يقول: ولا يضق صدرك من مكرهم بك، فإن الله ناصرك عليهم، ومهلكهم قتلا بالسيف. * * * القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٧١) قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ (٧٢) ﴾ يقول تعالى ذكره: ويقول مشركو قومك يا محمد، المكذبوك فيما أتيتهم به من عند ربك: ﴿مَتَى﴾ يكون ﴿هَذَا الْوَعْدُ﴾ الذي تعدُناه من العذاب، الذي هو بنا فيما تقول حالّ، ﴿إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ فيما تعدوننا به ﴿قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ﴾ يقول جلّ جلاله: قل لهم يا محمد: عسى أن يكون اقترب لكم ودنا ﴿بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ﴾ من عذاب الله. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس قوله: ﴿قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ﴾ يقول: اقترب لكم. ⁕ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: ﴿قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ﴾ يقول: اقترب لكم بعض الذي تستعجلون. ⁕ حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: ﴿عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ﴾ قال: ردف: أعجل لكم. ⁕ حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد قوله: ﴿قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ﴾ قال: أزِف. ⁕ حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ﴿رَدِفَ لَكُمْ﴾ اقترب لكم. واختلف أهل العربية في وجه دخول اللام في قوله: ﴿رَدِفَ لَكُمْ﴾ وكلام العرب المعروف: ردفه أمرٌ، وأردفه، كما يقال: تبعه وأتبعه، فقال بعض نحويي البصرة: أدخل اللام في ذلك فأضاف بها الفعل كما يقال: ﴿لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ﴾ و ﴿لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ﴾ . وقال بعض نحويي الكوفة: أدخل اللام في ذلك للمعنى؛ لأن معناه: دنا لهم، كما قال الشاعر: فَقُلْتُ لَها الحَاجَاتُ يَطْرَحْنَ بالفَتى [[هذا صدر بيت من شواهد الفراء في (معاني القرآن ص ٢٣٦ من مصورة جامعة القاهرة) وعجزه: * وهم تعناني معنى ركائبه * وهو في (اللسان: عنا) وفي روايته "تعناه" في موضع تعناني. قال: وعانى الشيء: قاساه. يقال: عاناه وتعناه، وتعنى هو. وقال: "فقلت.." إلخ والبيت شاهد على أن الباء في بالفتى زائدة مثلها في قوله تعالى (ردف لكم)]] فأدخل الباء في يطرحن، وإنما يقال طرحته، لأن معنى الطرح: الرمي، فأدخل الباء للمعنى، إذ كان معنى ذلك يرمين بالفتى، وهذا القول الثاني هو أولاهما عندي بالصواب، وقد مضى البيان عن نظائره في غير موضع من الكتاب، بما أغنى عن تكراره في هذا الموضع. وبنحو الذي قلنا في معنى قوله: ﴿تَسْتَعْجِلُونَ﴾ قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج: ﴿رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ﴾ قال: من العذاب.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب