الباحث القرآني

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ (٦٤) لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ (٦٥) ﴾ يقول تعالى ذكره: ولهؤلاء الكفار من قريش أعمال من دون ذلك هم لها عاملون، إلى أن يؤخذ أهل النَّعمة والبطر منهم بالعذاب. كما: ⁕ حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: ﴿إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ﴾ ، قال: المُتْرَفُون: العظماء. ﴿إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ﴾ يقول: فإذا أخذناهم به جأروا، يقول: ضجُّوا واستغاثوا مما حلّ بهم من عذابنا، ولعلّ الجُؤار: رفع الصوت، كما يجأر الثور؛ ومنه قول الأعشى: يرَاوِحُ مِنْ صَلَوَاتِ المَلِي ... كِ طَوْرًا سجُودًا وَطَوْرًا جؤارا [[البيت للأعشى (ديوانه طبع القاهرة بشرح الدكتور محمد حسين ص ٥٣) وهو من قصيدة يمدح بها الأعشى قيس بن معد يكرب. ويراوح بين العلمين: يتداول هذا مرة، وهذا مرة. والجؤار: مصدر جأر إلى الله. إذا تضرع ورفع صوته. يقول: إن ممدوح مع ما وصف به من كرم وقوة ووفاء، تقيٌّ يراقب ربه، ويتضرع إليه ويجأر في صلواته. واستشهد به المؤلف على أن الجؤار: رفع الصوت كما يجأر الثور.]] وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس: ﴿إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ﴾ يقول: يستغيثون. ⁕ حدثنا ابن بشار، قال: ثنا يحيى وعبد الرحمن، قالا ثنا سفيان، عن علقمة بن قردد، عن مجاهد، في قوله: ﴿حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ﴾ قال: بالسيوف يوم بدر. ⁕ حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي جعفر، عن الربيع بن أنس، في قوله: ﴿إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ﴾ قال: يجزعون. ⁕ قال: ثنا حجاج، عن ابن جُرَيج: ﴿حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ﴾ قال: عذاب يوم بدر. ﴿إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ﴾ قال: الذين بمكة. ⁕ حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ﴿حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ﴾ يعني أهل بدر، أخذهم الله بالعذاب يوم بدر. ⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: سمعت ابن زيد يقول في قوله: ﴿إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ﴾ قال: يجزعون. * * * وقوله: ﴿لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ﴾ يقول: لا تضجوا وتستغيثوا اليوم وقد نزل بكم العذاب الذي لا يدفع عن الذين ظلموا أنفسهم، فإن ضجيجكم غير نافعكم ولا دافع عنكم شيئا مما قد نزل بكم من سخط الله. ﴿إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ﴾ يقول: إنكم من عذابنا الذي قد حل بكم لا تستنقذون، ولا يخلصكم منه شيء. وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثنا القاسم، قال ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي جعفر، عن الربيع بن أنس: ﴿لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ﴾ لا تجزعوا اليوم. ⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا الربيع بن أنس: ﴿لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ﴾ لا تجزعوا الآن حين نزل بكم العذاب، إنه لا ينفعكم، فلو كان هذا الجزع قبلُ نفعكم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب