الباحث القرآني

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (٤٤) قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى (٤٥) ﴾ يقول تعالى ذكره لموسى وهارون: فقولا لفرعون قولا ليِّنا، ذُكر أن القول اللين الذي أمرهما الله أن يقولاه له، هو أن يكنياه. ⁕ حدثني جعفر ابن ابنة إسحاق بن يوسف الأزرق، قال: ثنا سعيد بن محمد الثقفي، قال: ثنا عليّ بن صالح، عن السديّ: ﴿فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا﴾ قال: كنياه. * * * وقوله ﴿لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾ اختلف في معنى قوله ﴿لَعلَّهُ﴾ في هذا الموضع، فقال بعضهم معناها ها هنا الاستفهام، كأنهم وجهوا معنى الكلام إلى: فقولا له قولا لينا، فانظرا هل يتذكر ويراجع أو يخشى الله فيرتدع عن طغيانه. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثنا معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ﴿لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾ يقول: هل يتذكر أو يخشى. وقال آخرون: معنى لعلّ هاهنا كي. ووجَّهوا معنى الكلام إلى (اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى) فادعواه وعظاه ليتذكر أو يخشى، كما يقول القائل: اعمل عملك لعلك تأخذ أجرك، بمعنى: لتأخذ أجرك، وافرغ من عملك لعلنا نتغدَّى، بمعنى: لنتغدى، أو حتى نتغدى، ولكلا هذين القولين وجه حسن، ومذهب صحيح. * * * وقوله ﴿قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا﴾ يقول تعالى ذكره: قال موسى وهارون: ربنا إننا نخاف فرعون إن نحن دعوناه إلى ما أمرتنا أن ندعوه إليه، أن يعجل علينا بالعقوبة، وهو من قولهم: فرط مني إلى فلان أمر: إذا سبق منه ذلك إليه، ومنه: فارط القوم، وهو المتعجل المتقدّم أمامهم إلى الماء أو المنزل كما قال الراجز: قَدْ فَرَط العِلْجُ عَلَيْنَا وَعَجِلْ [[في (اللسان: فرط) عليه يفرط: عجل عليه وعدى وأذاه. وقال الفراء في قوله تعالى: (إننا نخاف أن يفرط علينا) قال: يعجل إلى عقوبتنا. والعلج: الرجل القوي الضخم. ولم أعرف قائل الرجز.]] وأما الإفراط: فهو الإسراف والإشطاط والتعدّي، يقال منه: أفرطت في قولك: إذا أسرف فيه وتعدّى. وأما التفريط: فإنه التواني، يقال منه: فرطت في هذا الأمر حتى فات: إذا توانى فيه. وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ﴿أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا﴾ قال: عقوبة منه. ⁕ حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله. ⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ﴿إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى﴾ قال: نخاف أن يعجل علينا إذ نبلغه كلامك أو أمرك، يفرط ويعجل. وقرأ ﴿لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾ .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب