الباحث القرآني

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ﴾ قال أبو جعفر: اختلفت الْقَرَأَة في قراءة ذلك. فقرأه بعضهم: ﴿وقالوا قلوبنا غُلْف﴾ مخففة اللام ساكنة. وهي قراءة عامة الأمصار في جميع الأقطار. وقرأه بعضهم:"وقالوا قلوبنا غُلُف" مثقلة اللام مضمومة. * * * فأما الذين قرأوها بسكون اللام وتخفيفها، فإنهم تأولوها، أنهم قالوا: قلوبنا في أكنة وأغطية وغلْف. و"الغلْف" -على قراءة هؤلاء- جمع"أغلف"، وهو الذي في غلاف وغطاء، كما يقال للرجل الذي لم يختتن"أغلف"، والمرأة"غلفاء". وكما يقال للسيف إذا كان في غلافه:"سيف أغلف"، وقوس غلفاء" وجمعها"غُلْف"، وكذلك جمع ما كان من النعوت ذكره على"أفعل" وأنثاه على"فعلاء"، يجمع على"فُعْل" مضمومة الأول ساكنة الثاني، مثل:"أحمر وحمر، وأصفر وصفر"، فيكون ذلك جماعا للتأنيث والتذكير. ولا يجوز تثقيل عين"فعل" منه، إلا في ضرورة شعر، كما قال طرفة بن العبد: [[ديوانه (أشعار الستة الجاهليين) : ٣٣١، من قصيدة نفيسة.]] أيها الفتيان في مجلسنا ... جردوا منها وِرادا وشُقُر [[جردوا: قدموا للغارة. وتجرد الفرس: تقدم الحلبة فخرج منها. وتجرد في الأمر: جد فيه. وراد جمع ورد (بفتح فسكون) وهو من الخيل، بين الكميت والأشقر. والأشقر: الأحمر حمرة صافية، يحمر منها السبيب والمعرفة والناصية. والعرب تقول: أكرم الخيل وذوات الخير منها شقرها.]] يريد: شُقْرًا، إلا أن الشعر اضطره إلى تحريك ثانيه فحركه. ومنه الخبر الذي:- ١٤٩٧ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا الحكم بن بشير بن سلمان قال، حدثنا عمرو بن قيس الملائي، عن عمرو بن مرة الجملي، عن أبي البختري، عن حذيفة قال: القلوب أربعة - ثم ذكرها - فقال فيما ذكر: وقلب أغلف معصوب عليه، فذلك قلب الكافر. [[الخبر: ١٤٩٧ - هذا موقوف على حذيفة، وإسناده جيد، إلا أنه منقطع، كما سنبين، إن شاء الله. الحكم بن بشير بن سلمان النهدي الكوفي: ثقة، مترجم في التهذيب، ووقع هناك خطأ مطبعي في اسمي أبيه وجده. وله ترجمة عند البخاري في الكبير ٢/١/٣٤٠، وابن أبي حاتم ١ / ٢ /١١٤. عمرو بن قيس الملائي": مضت ترجمته: ٨٨٦. و"عمرو بن مرة الجملي"و"أبو البختري" واسمه"سعيد بن فيروز" مضيا في: ١٧٥. انقطاع الإسناد، هو بين أبي البختري، المتوفي سنة ٨٣، وبين حذيفة بن اليمان، المتوفى أوائل سنة ٣٦ بعد مقتل عثمان بأربعين يوما. ونص في التهذيب على أن أبا البختري لم يدرك حذيفة. هذا الخبر ذكره الطبري مختصرا - كما ترى - وجاء به السيوطي كاملا ١: ٨٧، ونسبه لابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا في كتاب الإخلاص، وابن جرير، فذكر نحوه، موقوفا على حذيفة. وقد ورد معناه مرفوعا: فروى أحمد في المسند: ١١١٤٦ (ج٣ ص ١٧ حلبي) ، عن أبي النضر، عن أبي معاوية، وهو شيبان بن عبد الرحمن النحوي، عن ليث، وهو ابن أبي سليم، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن أبي سعيد الخدري. وهذا إسناد صحيح. ويظهر منه أن أبا البختري كان عنده هذا الحديث، عن أبي سعيد مرفوعا متصلا، وعن حذيفة بن اليمان موقوفا منقطعا. ومثل هذا كثير، ولا نجعل إحدى الروايتين علة للأخرى. وحديث أبي سعيد هذا: ذكره السيوطي ١: ٨٧، ونسبه لأحمد"بسند جيد". وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ١: ٦٣، وقال:"رواه أحمد، والطبراني في الصغير، وفي إسناده ليث بن أبي سليم". كأنه يريد إعلاله بضعف ليث. وليث بن أبي سليم: ليس بضعيف بمرة، ولكن في حفظه شيء وحديثه عندنا صحيح، إلا ما ظهر خطؤه فيه، كما بينا في شرح المسند: ١١٩٩، وقد ترجمة البخاري في الكبير ٤ / ١ /٢٤٦، فلم يذكر فيه جرحا.]] * * * * ذكر من قال ذلك، يعني أنها في أغطية. ١٤٩٨ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، حدثني ابن إسحاق قال، حدثني محمد بن أبي محمد، عن سعيد بن جبير، أو عكرمة، عن ابن عباس: ﴿وقالوا قلوبنا غلف﴾ ، أي في أكنة. ١٤٩٩ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثنا معاوية بن صالح، عن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: ﴿قلوبنا غلف﴾ ، أي في غطاء. ١٥٠٠ - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس،: ﴿وقالوا قلوبنا غلف﴾ ، فهي القلوب المطبوع عليها. ١٥٠١ - حدثني عباس بن محمد قال، حدثنا حجاج قال، قال ابن جريج، أخبرني عبد الله بن كثير، عن مجاهد قوله: ﴿وقالوا قلوبنا غلف﴾ ، عليها غشاوة. ١٥٠٢ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل قال، أخبرني عبد الله بن كثير، عن مجاهد: ﴿وقالوا قلوبنا غلف﴾ ، عليها غشاوة. ١٥٠٣ - حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي قال، حدثنا أبو أحمد الزبيري قال، حدثنا شريك عن الأعمش قوله: ﴿قلوبنا غلف﴾ ، قال: هي في غُلُف. ١٥٠٤ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: ﴿وقالوا قلوبنا غلف﴾ ، أي لا تفقه. ١٥٠٥ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة: ﴿وقالوا قلوبنا غلف﴾ ، قال: هو كقوله: ﴿قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ﴾ [فصلت: ٥] . ١٥٠٦ - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة في قوله: ﴿قلوبنا غلف﴾ قال: عليها طابَع، قال: هو كقوله: ﴿قلوبنا في أكنة﴾ . ١٥٠٧ - حدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية: ﴿قلوبنا غلف﴾ ، أي لا تفقه. ١٥٠٨ - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي: ﴿وقالوا قلوبنا غلف﴾ ، قال: يقولون: عليها غلاف، وهو الغطاء. ١٥٠٩ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: ﴿قلوبنا غلف﴾ ، قال يقول: قلبي في غلاف، فلا يخلص إليه مما تقول شيء، وقرأ: ﴿وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ﴾ [فصلت: ٥] . [[في المطبوعة:"شيء" ساقطة، واستدركتها من ابن كثير ١: ٢٢٩.]] * * * قال أبو جعفر: وأما الذين قرأوها "غلف" بتحريك اللام وضمها، فإنهم تأولوها أنهم قالوا: قلوبنا غلف للعلم، بمعنى أنها أوعية. قال: و"الغلف" على تأويل هؤلاء جمع"غلاف". كما يجمع"الكتاب كتب، والحجاب حجب، والشهاب شهب. فمعنى الكلام على تأويل قراءة من قرأ"غلف" بتحريك اللام وضمها، وقالت اليهود: قلوبنا غلف للعلم، وأوعية له ولغيره. * ذكر من قال ذلك: ١٥١٠ - حدثني عبيد بن أسباط بن محمد قال، حدثنا أبي، عن فضيل بن مرزوق، عن عطية: ﴿وقالوا قلوبنا غلف﴾ ، قال: أوعية للذكر. ١٥١١ - حدثني محمد بن عمارة الأسدي قال، حدثنا عبيد الله بن موسى قال، أخبرنا فضيل، عن عطية في قوله: ﴿قلوبنا غلف﴾ قال: أوعية للعلم. [[الخبر: ١٥١١ - محمد بن عمارة الأسدى، شيخ الطبري: لم أجد له ترجمة ولا ذكرا، إلا في رواية الطبري عنه في التاريخ أيضًا مرارا.]] ١٥١٢ - حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا فضيل، عن عطية مثله. ١٥١٣ - حدثت عن المنجاب قال، حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس في قوله: ﴿وقالوا قلوبنا غلف﴾ ، قال: مملوءة علما، لا تحتاج إلى محمد ﷺ ولا غيره. * * * والقراءة التي لا يجوز غيرها في قوله: ﴿قلوبنا غلف﴾ ، هي قراءة من قرأ ﴿غلف﴾ بتسكين اللام - بمعنى أنها في أغشية وأغطية، لاجتماع الحجة من الْقَرَأَة وأهل التأويل على صحتها، وشذوذ من شذ عنهم بما خالفه، من قراءة ذلك بضم"اللام". وقد دللنا على أن ما جاءت به الحجة متفقة عليه، حجة على من بلغه. وما جاء به المنفرد، فغير جائز الاعتراض به على ما جاءت به الجماعة التي تقوم بها الحجة نقلا وقولا وعملا في غير هذا الموضع، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا المكان. [[انظر ما سلف في هذا الجزء ٢: ٢١٠، ٢١١، ٢٦٥، ٢٩٥]] . * * * القول في تأويل قوله تعالى: ﴿بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ﴾ قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: ﴿بل لعنهم الله﴾ ، بل أقصاهم الله وأبعدهم وطردهم وأخزاهم وأهلكهم بكفرهم، وجحودهم آيات الله وبيناته، وما ابتعث به رسله، وتكذيبهم أنبياءه. فأخبر تعالى ذكره أنه أبعدهم منه ومن رحمته بما كانوا يفعلون من ذلك. * * * وأصل"اللعن" الطرد والإبعاد والإقصاء يقال:"لعن الله فلانا يلعنه لعنا، وهو ملعون". ثم يصرف"مفعول": فيقال: هو"لعين". ومنه قول الشماخ بن ضرار: ذعرت به القطا ونفيت عنه ... مكان الذئب كالرجل اللعين [[ديوانه: ٩٢، ومجاز القرآن ٤٦١، وسيأتي في ٢: ٣٣ (بولاق) ، وروايته هناك وفي ديوانه،"مقام الذئب" والضمير في"به" إلى"ماء" في قوله قبله: وماء قد وردت لوصل أروى ... عليه الطير كالورق اللجين وأراد في البيت: مقام الذئب الطريد اللعين كالرجل. والرجل اللعين المطرود لا يزال منتبذا عن الناس، شبه الذئب به، يعني في ذله وشدة مخافته وذعره.]] * * * قال أبو جعفر: في قول الله تعالى ذكره: ﴿بل لعنهم الله بكفرهم﴾ تكذيب منه للقائلين من اليهود: ﴿قلوبنا غلف﴾ . لأن قوله: ﴿بل﴾ دلالة على جحده جل ذكره وإنكاره ما ادعوا من ذلك، إذ كانت"بل" لا تدخل في الكلام إلا نقضا لمجحود. فإذ كان ذلك كذلك، فبَيِّنٌ أن معنى الآية: وقالت اليهود: قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه يا محمد. فقال الله تعالى ذكره: ما ذلك كما زعموا، ولكن الله أقصى اليهود وأبعدهم من رحمته، وطردهم عنها، وأخزاهم بجحودهم له ولرسله، فقليلا ما يؤمنون. * * * القول في تأويل قوله تعالى: ﴿فَقَلِيلا مَا يُؤْمِنُونَ (٨٨) ﴾ قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: ﴿فقليلا ما يؤمنون﴾ . فقال بعضهم، معناه فقليل منهم من يؤمن، أي لا يؤمن منهم إلا قليل. * ذكر من قال ذلك: ١٥١٤ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: ﴿بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون﴾ ، فلعمري لمن رجع من أهل الشرك أكثر ممن رجع من أهل الكتاب، إنما آمن من أهل الكتاب رهط يسير. ١٥١٥ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة: ﴿فقليلا ما يؤمنون﴾ ، قال: لا يؤمن منهم إلا قليل. * * * وقال آخرون: بل معنى ذلك: فلا يؤمنون إلا بقليل مما في أيديهم. * ذكر من قال ذلك: ١٥١٦ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا أبو سفيان، عن معمر، عن قتادة: ﴿فقليلا ما يؤمنون﴾ ، قال: لا يؤمن منهم إلا قليل. قال معمر: وقال غيره: لا يؤمنون إلا بقليل مما في أيديهم. * * * قال أبو جعفر: وأولى التأويلات في قوله: ﴿فقليلا ما يؤمنون﴾ بالصواب، ما نحن متقنوه إن شاء الله. وهو أن الله جل ثناؤه أخبر أنه لعن الذين وصف صفتهم في هذه الآية، ثم أخبر عنهم أنهم قليلو الإيمان بما أنزل الله إلى نبيه محمد ﷺ. ولذلك نصب قوله: ﴿فقليلا﴾ ، لأنه نعت للمصدر المتروك ذكره. ومعناه: بل لعنهم الله بكفرهم، فإيمانا قليلا ما يؤمنون. فقد تبين إذًا بما بينا فساد القول الذي روي عن قتادة في ذلك. لأن معنى ذلك، لو كان على ما روي من أنه يعني به: فلا يؤمن منهم إلا قليل، أو فقليل منهم من يؤمن، لكان"القليل" مرفوعا لا منصوبا. لأنه إذا كان ذلك تأويله، كان"القليل" حينئذ مرافعا"ما". فإذْ نصب"القليل" - و"ما" في معنى"من" أو"الذي" -[فقد] بقيت"ما" لا مرافع لها. [[في المطبوعة: "وإن نصب القليل"، وكأن الأجود ما أثبته. والزيادة بين القوسين واجبة.]] وذلك غير جائز في لغة أحد من العرب. * * * فأما أهل العربية فإنهم اختلفوا في معنى"ما" التي في قوله: ﴿فقليلا ما يؤمنون﴾ . فقال بعضهم: هي زائدة لا معنى لها، وإنما تأويل الكلام: فقليلا يؤمنون، كما قال جل ذكره: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ﴾ [آل عمران: ١٥٩] وما أشبه ذلك، فزعم أن"ما" في ذلك زائدة، وأن معنى الكلام: فبرحمة من الله لنت لهم، وأنشد في ذلك محتجا لقوله ذلك - بيت مهلهل: لو بأبانين جاء يخطبها ... خضب ما أنف خاطب بدم [[الكامل ٢: ٦٨، ومعجم ما استعجم: ٩٦، وشرح شواهد المغني: ٢٤٧ وغيرها قال أبو العباس: "أبان جبل: وهما أبانان: أبان الأسود، وأبان الأبيض قال مهلهل، وكان نزل في آخر حربهم - حرب البسوس - في جنب بن عمرو بن علة بن جلد بن مالك، وهو مذحج، وجنب حي من أحيائهم وضيع، وخطبت ابنته ومهرت أدما فزوجها وقال قبله: أنكحها فقدها الأراقم في ... جنب وكان الحباء من أدم]] وزعم أنه يعني: خضب أنف خاطب بدم، وأن"ما" زائدة. * * * وأنكر آخرون ما قاله قائل هذا القول في"ما"، في الآية وفي البيت الذي أنشده، وقالوا: إنما ذلك من المتكلم على ابتداء الكلام بالخبر عن عموم جميع الأشياء، إذ كانت"ما" كلمة تجمع كل الأشياء، ثم تخص وتعم ما عمته بما تذكره بعدها. * * * وهذا القول عندنا أولى بالصواب. لأن زيادة ما لا يفيد من الكلام معنى في الكلام، غير جائز إضافته إلى الله جل ثناؤه. * * * ولعل قائلا أن يقول: هل كان للذين أخبر الله عنهم أنهم قليلا ما يؤمنون - من الإيمان قليل أو كثير، فيقال فيهم:"فقليلا ما يؤمنون"؟ قيل: إن معنى"الإيمان" هو التصديق. وقد كانت اليهود التي أخبر الله عنها هذا الخبر تصدق بوحدانية الله، وبالبعث والثواب والعقاب، وتكفر بمحمد ﷺ ونبوته، وكل ذلك كان فرضا عليهم الإيمان به، لأنه في كتبهم، ومما جاءهم به موسى، فصدقوا ببعض - وذلك هو القليل من إيمانهم - وكذبوا ببعض، فذلك هو الكثير الذي أخبر الله عنهم أنهم يكفرون به. * * * وقد قال بعضهم: إنهم كانوا غير مؤمنين بشيء، وإنما قيل: ﴿فقليلا ما يؤمنون﴾ ، وهم بالجميع كافرون، كما تقول العرب:"قلما رأيت مثل هذا قط". وقد روي عنها سماعا منها: مررت ببلاد قلما تنبت إلا الكراث والبصل" يعني: ما تنبت غير الكراث والبصل، وما أشبه ذلك من الكلام الذي ينطق به بوصف الشيء بـ "القلة"، والمعنى فيه نفي جميعه. [[انظر ما سلف ١: ٥٥٤، تعليق: ١، وانظر معاني القرآن للفراء ١: ٥٩ - ٦٠.]]
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب