الباحث القرآني
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ﴾
و"القرية" -التي أمرهم الله جل ثناؤه أن يدخلوها، فيأكلوا منها رغدا حيث شاءوا- فيما ذكر لنا: بيت المقدس * ذكر الرواية بذلك:
٩٩٩ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أنبأنا عبد الرزاق قال، أنبأنا معمر، عن قتادة في قوله: ﴿ادخلوا هذه القرية﴾ ، قال: بيت المقدس.
١٠٠٠ - حدثني موسى بن هارون قال، حدثني عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي: ﴿وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية﴾ أما القرية، فقرية بيت المقدس.
١٠٠١ - حُدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: ﴿وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية﴾ ، يعني بيت المقدس.
١٠٠٢ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب، قال: سألته -يعني ابن زيد- عن قوله: ﴿ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم﴾ قال: هي أريحا، وهي قريبة من بيت المقدس.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا﴾
يعني بذلك: فكلوا من هذه القرية حيث شئتم عيشا هنيا واسعا بغير حساب. وقد بينا معنى"الرغد" فيما مضى من كتابنا، وذكرنا أقوال أهل التأويل فيه. [[انظر ما مضى ١: ٥١٥ - ٥١٦.]]
* * *
القول في تأويل قوله تعالى ذكره ﴿وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا﴾
أما "الباب" الذي أمروا أن يدخلوه، فإنه قيل: هو باب الحطة من بيت المقدس.
* ذكر من قال ذلك:
١٠٠٣ - حدثني محمد بن عمرو الباهلي قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ﴿ادخلوا الباب سجدا﴾ قال: باب الحطة، من باب إيلياء، من بيت المقدس.
١٠٠٤ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
١٠٠٥ - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي: ﴿وادخلوا الباب سجدا﴾ ، أما الباب فباب من أبواب بيت المقدس.
١٠٠٦ - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: ﴿وادخلوا الباب سجدا﴾ أنه أحد أبواب بيت المقدس، وهو يدعى باب حطة. وأما قوله: ﴿سجدا﴾ فإن ابن عباس كان يتأوله بمعنى الركع.
١٠٠٧ - حدثني محمد بن بشار قال، حدثنا أبو أحمد الزبيري قال، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله: ﴿ادخلوا الباب سجدا﴾ ، قال: ركعا من باب صغير.
١٠٠٨ - حدثنا الحسن بن الزبرقان النخعي قال، حدثنا أبو أسامة، عن سفيان، عن الأعمش، عن المنهال، عن سعيد، عن ابن عباس في قوله: ﴿ادخلوا الباب سجدا﴾ ، قال: أمروا أن يدخلوا ركعا.
* * *
قال أبو جعفر: وأصل"السجود" الانحناء لمن سُجد له معظَّما بذلك. فكل منحن لشيء تعظيما له فهو"ساجد". ومنه قول الشاعر: [[هو زيد الخيل بن مهلهل الطائي، الفارس المشهور.]]
بجَمْع تضل البُلْقُ في حَجَراته ... ترى الأكْم منه سجدا للحوافر [[سيأتي بعد في هذا الجزء ١: ٢٨٩ (بولاق) ، والكامل ١: ٢٥٨، والمعاني الكبير: ٨٩٠، والأضداد لابن الأنباري: ٢٥٦، وحماسة ابن الشجري: ١٩، ومجموعة المعاني: ١٩٢، وغيرها. والباء في قوله "بجمع" متعلقة ببيت سالف هو: بَنِي عَامِرٍ، هَلْ تَعْرِفُونَ إِذَا غَدَا ... أَبُو مِكْنَفٍ قَدْ شَدَّ عَقْدَ الدَّوَابِرِ؟
والبلق جمع أبلق وبلقاء: الفرس يرتفع تحجيلها إلى الفخذين. والحجرات جمع حجرة (بفتح فسكون) : الناحية. والأكم (بضم فسكون، وأصلها بضمتين) جمع إكام، جمع أكمة: وهي تل يكون أشد ارتفاعا مما حوله، دون الجبل، غليظ فيه حجارة. قال ابن قتيبة في المعاني الكبير: "يقول: إذا ضلت البلق فيه مع شهرتها فلم تعرف، فغيرها أحرى أن يضل. يصف كثرة الجيش، ويريد أن الأكم قد خشعت من وقع الحوافر". وفي المطبوعة هنا "فيه" والجيد ما أثبته، والضمير في "منه" للجيش أو الجمع.]] يعني بقوله:"سجدا" خاشعة خاضعة. ومن ذلك قول أعشى بني قيس بن ثعلبة:
يراوح من صلوات المليك ... طورا سجودا وطورا جؤارا [[ديوانه: ٤١، وسيأتي في ١٨: ٢٨ (بولاق) ، ومعه بيت آخر في ١٤: ٨٢ (بولاق) راوح يراوح مراوحة: عمل عملين في عمل، يعمل ذامرة وذا مرة، قال لبيد يصف فرسا. وولّى عامدا لِطِيات فَلْج ... يراوح بين صون وابتذال
وقوله: "من صلوات""من" هنا لبيان الجنس، مثل قوله تعالى: يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثيابا خضرا من سندس واستبرق". وحذف"بين" التي تقتضيها"يراوح"، لدلالة ما يأتي عليها، وهو قوله: "طورا. . وطورا". والجؤار: رفع الصوت بالدعاء مع تضرع واستغاثة وجزع. جأر إلى ربه يجأر جؤارا.]]
فذلك تأويل ابن عباس قوله: ﴿سجدا﴾ ركعا، لأن الراكع منحن، وإن كان الساجد أشد انحناء منه.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾
وتأويل قوله: ﴿حطة﴾ ، فعلة، من قول القائل:"حط الله عنك خطاياك فهو يحطها حطة"، بمنزلة الردة والحِدة والمِدة من حددت ومددت.
* * *
واختلف أهل التأويل في تأويله. فقال بعضهم بنحو الذي قلنا في ذلك.
* ذكر من قال ذلك: [[في المطبوعة: "ذلك منهم" بالزيادة.]]
١٠٠٩ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر: ﴿وقولوا حطة﴾ ، قال قال: الحسن وقتادة: أي احطُط عنا خطايانا.
١٠١٠ - حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: (وقولوا حطة) ، يحط الله بها عنكم ذنبكم وخطيئتكم. [[في المطبوعة: "وخطاياكم".]]
١٠١١ - حدثنا القاسم بن الحسن قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج، قال ابن عباس: ﴿قولوا حطة﴾ قال: يحط عنكم خطاياكم.
١٠١٢ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قوله: ﴿حطة﴾ ، مغفرة.
١٠١١٣ - حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قوله: ﴿حطة﴾ ، قال: يحط عنكم خطاياكم.
١٠١٤ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، أخبرني حجاج، عن ابن جريج قال، قال لي عطاء في قوله: ﴿وقولوا حطة﴾ ، قال: سمعنا أنه: يحط عنهم خطاياهم.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: قولوا"لا إله إلا الله"، كأنهم وجهوا تأويله: قولوا الذي يحط عنكم خطاياكم، وهو قول لا إله إلا الله.
* ذكر من قال ذلك:
١٠١٥ - حدثني المثنى بن إبراهيم وسعد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري قالا أخبرنا حفص بن عمر، قال حدثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة: ﴿وقولوا حطة﴾ ، قال: قولوا،"لا إله إلا الله".
* * *
وقال آخرون بمثل معنى قول عكرمة، إلا أنهم جعلوا القول الذي أمروا بقيله: الاستغفار.
* ذكر من قال ذلك:
١٠١٦ - حدثنا الحسن بن الزبرقان النخعي، حدثنا أبو أسامة، عن سفيان، عن الأعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: ﴿وقولوا حطة﴾ قال: أمروا أن يستغفروا.
* * *
وقال آخرون نظير قول عكرمة، إلا أنهم قالوا: القول الذي أمروا أن يقولوه، هو أن يقولوا: هذا الأمر حق كما قيل لكم.
* ذكر من قال ذلك:
١٠١٧ - حدثت عن المنجاب قال، حدثنا بشر، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس في قوله: ﴿وقولوا حطة﴾ ، قال: قولوا هذا الأمر حق كما قيل لكم.
* * *
واختلف أهل العربية في المعنى الذي من أجله رفعت "الحطة".
فقال بعض نحويي البصرة: رفعت"الحطة" بمعنى"قولوا" ليكن منك حطة لذنوبنا، كما تقول للرجل: سَمْعُك.
وقال آخرون منهم: هي كلمة أمرهم الله أن يقولوها مرفوعة، وفرض عليهم قيلها كذلك.
وقال بعض نحويي الكوفيين: رفعت"الحطة" بضمير"هذه"، كأنه قال: وقولوا:"هذه" حطة. [[الضمير: المضمر أو الإضمار، كما سلف في ١: ٤٢٧ تعليق: ١، وقد رأينا أيضًا في كلام نقله الشريف المرتضى في أماليه ١: ٣٣٤ عن أبي بكر بن الأنباري قال: "كاد، لا تضمر، ولابد من أن يكون منطوقا بها، ولو جاز ضميرها لجاز: قام عبد الله، بمعنى كاد عبد الله يقوم. . . "، وهي هنا بمعنى الإضمار لا شك. وسيأتي في الفقرة التالية أيضًا، بمعنى المضمر.]]
وقال آخرون منهم: هي مرفوعة بضمير معناه الخبر، كأنه قال: قولوا ما هو حطة، فتكون"حطة" حينئذ خبرا لـ "ما".
* * *
قال أبو جعفر: والذي هو أقرب عندي في ذلك إلى الصواب، وأشبه بظاهر الكتاب: أن يكون رفع"حطة" بنية خبر محذوف قد دل عليه ظاهر التلاوة، وهو دخولنا الباب سجدا حطة، فكفى من تكريره بهذا اللفظ، ما دل عليه الظاهر من التنزيل، وهو قوله: ﴿وادخلوا الباب سجدا﴾ ، كما قال جل ثناؤه: ﴿وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ﴾ [الأعراف: ١٦٤] ، [[قراءتنا: "معذرة" بالنصب في مصاحفنا. وقد ذكر الطبري في تفسير الآية ٩: ٦٣ (بولاق) أن الرفع قراءة عامة قراء الحجاز والكوفة والبصرة، وقرأ بعض أهل الكوفة"معذرة" بالنصب]] يعني: موعظتنا إياهم معذرة إلى ربكم. فكذلك عندي تأويل قوله: ﴿وقولوا حطة﴾ ، يعني بذلك: وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية، وادخلوا الباب سجدا، وقولوا: دخولنا ذلك سجدا حطة لذنوبنا. وهذا القول على نحو تأويل الربيع بن أنس وابن جريج وابن زيد، الذي ذكرناه آنفا.
[[من هنا أول جزء في التجزئة القديمة التي نقل عنها كاتب مخطوطتنا. وأولها: بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر برحمتك]] قال أبوجعفر: وأما على تأويل قول عكرمة، فإن الواجب أن تكون القراءة بالنصب في"حطة"، لأن القوم إن كانوا أمروا أن يقولوا:"لا إله إلا الله"، أو أن يقولوا:"نستغفر الله"، فقد قيل لهم: قولوا هذا القول، ف"قولوا" واقع حينئذ على"الحطة"، لأن"الحطة" على قول عكرمة - هي قول"لا إله إلا الله"، وإذا كانت هي قول"لا إله إلا الله"، فالقول عليها واقع، كما لو أمر رجل رجلا بقول الخير فقال له:"قل خيرا" نصبا، ولم يكن صوابا أن يقول له:"قل خير"، إلا على استكراه شديد.
وفي إجماع القَرَأَةِ على رفع"الحطة" [[في المطبوعة"القراء"، كما جرت عليه في كل ما مضى]] بيان واضح على خلاف الذي قاله عكرمة من التأويل في قوله: ﴿وقولوا حطة﴾ . وكذلك الواجب على التأويل الذي رويناه عن الحسن وقتادة في قوله: ﴿وقولوا حطة﴾ ، [[انظر رقم: ١٠١٠ فيما سلف.]] أن تكون القراءة في"حطة" نصبا. لأن من شأن العرب -إذا وضعوا المصادر مواضع الأفعال، وحذفوا الأفعال- أن ينصبوا المصادر. كما قال الشاعر: [[هو الفرزدق]]
أبيدوا بأيدي عصبة وسيوفهم ... على أمهات الهام ضربا شآميا [[ديوانه: ٨٩٠ في قصيدة يمدح فيها يزيد عبد الملك، ويذكر إيقاعه بيزيد بن المهلب في سنة ١٠٢ (انظر خبره في تاريخ الطبري ٨: ١٥١ - ١٦٠) . ورواية ديوانه.
"أناخوا بأيدى طاعة، وسيوفهم" قوله:"أناخوا"، أي ذلوا وخضعوا، أو صرعوا فماتوا، كأنهم إبل أناخت واستقرت. وقوله:"أيدي طاعة"، أي أهل طاعة.]]
وكقول القائل للرجل:"سمعا وطاعة" بمعنى: أسمع سمعا وأطيع طاعة، وكما قال جل ثناؤه: ﴿معاذ الله﴾ [يوسف: ٢٣] بمعنى: نعوذ بالله.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿نَغْفِرْ لَكُمْ﴾
يعني بقوله: ﴿نغفر لكم﴾ نتغمد لكم بالرحمة خطاياكم، ونسترها عليكم، فلا نفضحكم بالعقوبة عليها.
* * *
وأصل "الغفر" التغطية والستر، فكل ساتر شيئا فهو غافره. ومن ذلك قيل للبيضة من الحديد التي تتخذ جُنة للرأس"مغفر"، لأنها تغطي الرأس وتجنه. ومثله"غمد السيف"، وهو ما تغمده فواراه. [[في المطبوعة "ومنه غمد السيف"، وهذا يجعل الكلام مضطربا مقحما، فرجح عندي أن تكون"ومنه"، و"مثله" لأنه فسر"نغفر" بقوله"نتغمد". وفي المطبوعة:" ما يغمده فيواريه"، وأثبت ما في المخطوطة.]] ولذلك قيل لزئبر الثوب: "غفرة"، لتغطيته الثوب، [[في المطبوعة:"غفر". والغفر جمع غفرة، وزئبر الثوب: هو ما يعلو الثوب الجديد من مائه، كالذي يعلو القطيفة والخز، ويسمونه"درز الثوب" أيضًا. وفي المطبوعة:"لتغطيته العورة.. والنظر إليها"، وهي عبارة غريبة فاسدة، والذي في المخطوطة"لتغطيته الثوب" كما أثبتناها، يعني الزئبر كما وصفنا. ويقال غفر الثوب: إذا أثار زئبره، يكون كالمنتفش على وجه الثوب. هذا، وقد انتهت المخطوطة التي اعتمدنا عند قوله:"لتغطية الثوب". ويأتي بعدها خرم طويل سيستغرق أجزاء برمتها، كما سنبينه في مواضعه.]] وحوله بين الناظر والنظر إليه. ومنه قول أوس بن حجر:
فلا أعتب ابن العم إن كان جاهلا ... وأغفر عنه الجهل إن كان أجهلا [[ديوانه، قصيدة" ٣١. وهذه الرواية جاءت في شرح شواهد المغني: ١٣٧، وأما في سائر الكتب:"إن كان ظالما"، وهي أجود. وقوله:"أجهل" بمعنى جاهل، كما قالوا"أوجل" بمعنى وجل، وأميل بمعنى مائل، وأوحد بمعنى واحد، وغيرها. ورواية صدر البيت على الصواب:"ألا أعتب" كما في المفضليات ٥٩٠ وغيره، أو"وقد أعتب" كما في القرطين ٢: ٦٩. ويروى"ولا أشتم ابن العم". يقول: أبلغ رضاه إذا ظلم او جهل، فأترك له ما لا يحب إلى ما يرضاه.]]
يعني بقوله: وأغفر عنه الجهل: أستر عليه جهله بحلمي عنه.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿خَطَايَاكُمْ﴾
و"الخطايا" جمع"خطية" بغير همز، كما"المطايا" جمع"مطية"، والحشايا جمع حشية. وإنما ترك جمع"الخطايا" بالهمز، لأن ترك الهمز في"خطيئة" أكثر من الهمز، فجمع على"خطايا"، على أن واحدتها غير مهموزة. ولو كانت"الخطايا" مجموعة على"خطيئة" بالهمز: لقيل خطائي على مثل قبيلة وقبائل، وصحيفة وصحائف. وقد تجمع"خطيئة" بالتاء، فيهمز فيقال"خطيئات". و"الخطيئة" فعيلة، من " خَطِئَ الرجل يخطأ خِطْأ "، وذلك إذا عدل عن سبيل الحق. ومنه قول الشاعر: [[هو أمية بن الأسكر (طبقات فحول الشعراء: ١٥٩ - ١٦٠)]]
وإن مُهَاجِرَيْن تَكَنَّفاه ... لعمر الله قد خطئا وخابا [[أمالي القالي ٣: ١٠٩، وكتاب المعمرين: ٦٨ والخزانة ٢: ٤٠٥، ويروى صدره"أتاه مهاجران تكنفاه". وأما عجزه فاختلفت رواياته: "بترك كبيرة خطئا. . " و"ليترك شيخه خطئا. . "، "ففارق شيخه،. . " وكان أمية قد أسن، عمر في الجاهلية عمرا طويلا، وألفاه الإسلام هرما. ثم جاء زمن عمر، فخرج ابنه كلاب غازيا، وتركه هامة اليوم أو غد. فقال أبياتا منها هذا للبيت، فلما سمعها عمر، كتب إلى سعد بن أبي وقاص: أن رحل كلاب بن أمية بن الأسكر، فرحله. وله مع عمر في هذه الحادثة قصة جيدة (في القالي ١: ١٠٩) .]]
يعني: أضلا الحق وأثما.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى ذكره ﴿وَسَنزيدُ الْمُحْسِنِينَ (٥٨) ﴾
وتأويل ذلك ما روي لنا عن ابن عباس، وهو ما:-
١٠١٨ - حدثنا به القاسم بن الحسن قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج، قال ابن عباس: ﴿وسنزيد المحسنين﴾ ، من كان منكم محسنا زيد في إحسانه، ومن كان مخطئا نغفر له خطيئته.
فتأويل الآية: وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية مباحا لكم كل ما فيها من الطيبات، موسعا عليكم بغير حساب؛ وادخلوا الباب سجدا، وقولوا: سجودنا هذا لله حطة من ربنا لذنوبنا يحط به آثامنا، نتغمد لكم ذنوب المذنب منكم فنسترها عليه، ونحط أوزاره عنه، وسنزيد المحسن منكم - إلى إحساننا السالف عنده - إحسانا. ثم أخبر الله جل ثناؤه عن عظيم جهالتهم، وسوء طاعتهم ربهم وعصيانهم لأنبيائهم، واستهزائهم برسله، مع عظيم آلاء الله عز وجل عندهم، وعجائب ما أراهم من آياته وعبره، موبخا بذلك أبناءهم الذين خوطبوا بهذه الآيات، ومعلمهم أنهم إن تعدوا [[سياق الجملة: ". . إن تعدوا. . أن يكونوا"، و"إن" هنا، نافية بمعنى"ما"، كالتي في قوله: "قل إن أدري أقريب ما توعدون"، وقوله: "إن أدري لعله فتنة لكم".]] في تكذيبهم محمدا ﷺ، وجحودهم نبوته، مع عظيم إحسان الله بمبعثه فيهم إليهم، وعجائب ما أظهر على يده من الحجج بين أظهرهم - أن يكونوا كأسلافهم الذين وصف صفتهم، وقص علينا أنباءهم في هذه الآيات، فقال جل ثناؤه: ﴿فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء﴾ الآية.
{"ayah":"وَإِذۡ قُلۡنَا ٱدۡخُلُوا۟ هَـٰذِهِ ٱلۡقَرۡیَةَ فَكُلُوا۟ مِنۡهَا حَیۡثُ شِئۡتُمۡ رَغَدࣰا وَٱدۡخُلُوا۟ ٱلۡبَابَ سُجَّدࣰا وَقُولُوا۟ حِطَّةࣱ نَّغۡفِرۡ لَكُمۡ خَطَـٰیَـٰكُمۡۚ وَسَنَزِیدُ ٱلۡمُحۡسِنِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق