الباحث القرآني
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: لا يكلف الله نفسا فيتعبدها إلا بما يسعها، [[في المخطوطة والمطبوعة: "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها فيتعبدها إلا بما يسعها" وبين أن الناسخ عجل فزاد"إلا وسعها"، والسياق يقتضي تركها هنا، فتركتها.]] فلا يضيق عليها ولا يجهدها.
* * *
وقد بينا فيما مضى قبل أن"الوسع" اسم من قول القائل:"وسعني هذا الأمر"، مثل"الجهد" و"الوجد" من:"جهدني هذا الأمر" و"وجدت منه"، [[انظر ما سلف ٥: ٤٥.]] كما:-
٦٥٠٢ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاومة، عن علي، عن ابن عباس قوله:"لا يكلف الله نفسا إلا وسعها" قال: هم المؤمنون، وسع الله عليهم أمر دينهم، فقال الله جل ثناؤه: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [سورة الحج: ٧٨] ، وقال: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [سورة البقرة: ١٨٥] ، وقال: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [[في المخطوطة والمطبوعة: "اتقوا الله. . " وأثبت نص القراءة.]] [سورة التغابن: ١٦] .
٦٥٠٣ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن الزهري، عن عبد الله بن عباس قال: لما نزلت، ضج المؤمنون منها ضجة وقالوا: يا رسول الله، هذا نتوب من عمل اليد والرجل واللسان! [[قوله: "هذا نتوب. . . "، تعبير فصيح يكون مع التعجب، وقد جاء في الشعر، ولكن سقط عني موضعه الآن فلم أجده.]] كيف نتوب من الوسوسة؟ كيف نمتنع منها؟ فجاء جبريل ﷺ بهذه الآية،"لا يكلف الله نفسا إلا وسعها"، إنكم لا تستطيعون أن تمتنعوا من الوسوسة.
٦٥٠٤ - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"لا يكلف الله نفسا إلا وسعها"، وسعها، طاقتها. وكان حديث النفس مما لم يطيقوا. [[في المطبوعة: "مما لا يطيقون"، وأثبت ما في المخطوطة.]]
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه:"لها" للنفس التي أخبر أنه لا يكلفها إلا وسعها. يقول: لكل نفس ما اجترحت وعملت من خير ="وعليها"، يعني: وعلى كل نفس ="ما اكتسبت"، ما عملت من شر، [[انظر تفسير"الكسب" و"الاكتساب" فيما سلف ٢: ٢٧٣، ٢٧٤ / ثم ٣: ١٠٠، ١٠١، ١٢٨، ١٢٩ / ثم ٤: ٤٤٩.]] كما:-
٦٥٠٥ - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت"، أي: من خير ="وعليها ما اكتسبت"، أي: من شر - أو قال: من سوء.
٦٥٠٦ - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط. عن السدي."لها ما كسبت"، يقول: ما عملت من خير ="وعليها ما اكتسبت"، يقول: وعليها ما عملت من شر.
٦٥٠٧ - حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن قتاده، مثله.
٦٥٠٨ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن الزهري، عن عبد الله بن عباس:"لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت"، عمل اليد والرجل واللسان.
* * *
قال أبو جعفر: فتأويل الآية إذا: لا يكلف الله نفسا إلا ما يسعها فلا يجهدها، ولا يضيق عليها في أمر دينها، فيؤاخذها بهمة إن همت، ولا بوسوسة إن عرضت لها، ولا بخطرة إن خطرت بقلبها.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾
قال أبو جعفر: وهذا تعليم من الله عز وجل عباده المؤمنين دعاءه كيف يدعونه، وما يقولونه في دعائهم إياه. ومعناه: قولوا:"ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا" شيئا فرضت علينا عمله فلم نعمله=،"أو أخطأنا" في فعل شيء نهيتنا عن فعله ففعلناه، على غير قصد منا إلى معصيتك، ولكن على جهالة منا به وخطأ، كما:-
٦٥٠٩ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا"، إن نسينا شيئا مما افترضته علينا، أو أخطأنا، [فأصبنا] شيئا مما حرمته علينا. [[الزيادة بين القوسين، توشك أن تكون زيادة لا يستقيم بغيرها الكلام.]]
٦٥١٠ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله:"ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا"، قال: بلغني أن النبي ﷺ قال: إن الله عز وجل تجاوز لهذه الأمة عن نسيانها وما حدثت به أنفسها. [[الأثر: ٦٥١٠ - أخرجه مسلم في صحيحه (٢: ١٤٦، ١٤٧) من طرق، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن أبي هريرة ولفظه: "إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها، ما لم يتكلموا أو يعملوا".]]
٦٥١١ - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط قال، زعم السدي أن هذه الآية حين نزلت:"ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا"، قال له جبريل ﷺ: فقل ذلك يا محمد.
* * *
قال أبو جعفر: إن قال لنا قائل: وهل يحوز أن يؤاخذ الله عز وجل عباده بما نسوا أو أخطأوا، فيسألوه أن لا يؤاخذهم بذلك؟
قيل: إن"النسيان" على وجهين: أحدهما على وجه التضييع من العبد والتفريط، والآخر على وجه عجز الناسي عن حفظ ما استحفظ ووكل به، وضعف عقله عن احتماله.
= فأما الذي يكون من العبد على وجه التضييع منه والتفريط، فهو ترك منه لما أمر بفعله. فذلك الذي يرغب العبد إلى الله عز وجل في تركه مؤاخذته به، وهو"النسيان" الذي عاقب الله عز وجل به آدم صلوات الله عليه فأخرجه من الجنة، فقال في ذلك: ﴿وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا﴾ [سورة طه: ١١٥] ، وهو"النسيان" الذي قال جل ثناؤه: ﴿فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا﴾ [سورة الأعراف: ٥١] . فرغبة العبد إلى الله عز وجل بقوله:"ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا"، فيما كان من نسيان منه لما أمر بفعله على هذا الوجه الذي وصفنا، ما لم يكن تركه ما ترك من ذلك تفريطا منه فيه وتضييعا، كفرا بالله عز وجل. فإن ذلك إذا كان كفرا بالله، فإن الرغبة إلى الله في تركه المؤاخذة به غير جائزة، لأن الله عز وجل قد أخبر عباده أنه لا يغفر لهم الشرك به، فمسألته فعل ما قد أعلمهم أنه لا يفعله، خطأ. وإنما تكون مسألته المغفرة، فيما كان من مثل نسيانه القرآن بعد حفظه بتشاغله عنه وعن قراءته، ومثل نسيانه صلاة أو صياما، باشتغاله عنهما بغيرهما حتى ضيعهما.
= وأما الذي العبد به غير مؤاخذ، لعجز بنيته عن حفظه، وقلة احتمال عقله ما وكل بمراعاته، فإن ذلك من العبد غير معصية، وهو به غير آثم، فذلك الذي لا وجه لمسألة العبد ربه أن يغفره له، لأنه مسألة منه له أن يغفر له ما ليس له بذنب، وذلك مثل الأمر يغلب عليه وهو حريص على تذكره وحفظه، كالرجل يحرص على حفظ القرآن بجد منه فيقرأه، ثم ينساه بغير تشاغل منه بغيره عنه، ولكن بعجز بنيته عن حفظه، وقلة احتمال عقله ذكر ما أودع قلبه منه، وما أشبه ذلك من النسيان، فإن ذلك مما لا تجوز مسألة الرب مغفرته، لأنه لا ذنب للعبد فيه فيغفر له باكتسابه.
* * *
وكذلك "الخطأ" وجهان:
= أحدهما: من وجه ما نهي عنه العبد فيأتيه بقصد منه وإرادة، فذلك خطأ منه، وهو به مأخوذ. يقال منه:"خطئ فلان وأخطأ" فيما أتى من الفعل، و"أثم"، إذا أتى ما يأثم فيه وركبه، [[في المطبوعة: "ما يتأثم فيه"، والصواب من المخطوطة. وانظر معنى"خطئ" فيما سلف ٢: ١١٠.]] ومنه قول الشاعر: [[هو عبيد بن الأبرص الأسدي، وفي حماسة البحتري، ٢٣٦"عبيد بن منصور الأسدي"، وكأنه تحريف.]]
الناس يلحون الأمير إذا هم ... خطئوا الصواب ولا يلام المرشد [[ديوانه: ٥٤، وحماسة البحتري ٢٣٦ واللسان (أمر) ورواية ديوانه: والناس يلحون الأمير إذا غوى ... خطب الصواب. . . . . . . .
أما رواية اللسان، فهي كما جاءت في الطبري. ولحاه يلحاه: لامه وقرعه. والأمير: صاحب الأمر فيهم، يأمرهم فيطيعونه. والمرشد (اسم مفعول بفتح الشين) : من هداه الله إلى الصواب. وهو شبيه بقول القطامي: والناس من يلق خيرا قائلون له ... ما يشتهى، ولأم المخطئ الهبل]]
يعني: أخطأوا الصواب = وهذا الوجه الذي يرغب العبد إلى ربه في صفح ما كان منه من إثم عنه، [[استعمل أبو جعفر"الصفح" هنا بمعنى: الرد والصرف، ولو كان من قولهم"صفح عن ذنبه" لكان صواب العبارة"في صفحه عما كان منه من إثم". واستعمال أبي جعفر جيد صحيح.]] إلا ما كان من ذلك كفرا.
= والآخر منهما: ما كان عنه على وجه الجهل به، والظن منه بأن له فعله، كالذي يأكل في شهر رمضان ليلا وهو يحسب أن الفجر لم يطلع = أو يؤخر صلاة في يوم غيم وهو ينتظر بتأخيره إياها دخول وقتها، فيخرج وقتها وهو يرى أن وقتها لم يدخل. فإن ذلك من الخطأ الموضوع عن العبد، الذي وضع الله عز وجل عن عباده الإثم فيه، فلا وجه لمسألة العبد ربه أن لا يؤاخذه به.
* * *
وقد زعم قوم أن مسألة العبد ربه أن لا يؤاخذه بما نسي أو أخطأ، إنما هو فعل منه لما أمره به ربه تبارك وتعالى، أو لما ندبه إليه من التذلل له والخضوع بالمسألة، فأما على وجه مسألته الصفح، فما لا وجه له عندهم [[انظر أمالي الشريف المرتضى ٢: ١٣١، ١٣٢.]]
وللبيان عن هؤلاء كتاب سنأتي فيه إن شاء الله على ما فيه الكفاية، لمن وفق لفهمه.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا﴾
قال أبو جعفر: ويعني بذلك جل ثناؤه: قولوا:"ربنا ولا تحمل علينا إصرا"، يعني ب"الإصر" العهد، كما قال جل ثناؤه: ﴿قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي﴾ [سورة آل عمران: ٨١] . وإنما عنى بقوله:" وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا) ولا تحمل علينا عهدا فنعجز عن القيام به ولا نستطيعه ="كما حملته على الذين من قبلنا"، يعني: على اليهود والنصارى الذين كلفوا أعمالا وأخذت عهودهم ومواثيقهم على القيام بها، فلم يقوموا بها فعوجلوا بالعقوبة. فعلم الله عز وجل أمة محمد ﷺ - الرغبة إليه بمسألته أن لا يحملهم من عهوده ومواثيقه على أعمال - إن ضيعوها أو أخطأوا فيها أو نسوها - مثل الذي حمل من قبلهم، فيحل بهم بخطئهم فيه وتضييعهم إياه، مثل الذي أحل بمن قبلهم.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
٦٥١٢ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة قي قوله:"لا تحمل علينا إصرا"، قال: لا تحمل علينا عهدا وميثاقا، كما حملته على الذين من قبلنا. يقول: كما غلظ على من قبلنا.
٦٥١٣ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن موسى بن قيس الحضرمي، عن مجاهد في قوله:"ولا تحمل علينا إصرا"، قال: عهدا [[الأثر: ٦٥١٣-"موسى بن قيس الحضرمي" الفراء، الكوفي، لقبه: "عصفور الجنة". روى عن سلمة بن كهيل، ومحمد بن عجلان، ومسلم البطين وغيرهم. روى عنه وكيع، ويحيى بن آدم، وأبو نعيم، وغيرهم. قال أحمد: "لا أعلم إلا خيرا". وقال ابن سعد: "كان قليل الحديث". ووثقه ابن معين. وقال العقيلي: "كان من الغلاة في الرفض. . . يحدث بأحاديث مناكير - أو: بواطيل". مترجم في التهذيب.]]
٦٥١٤ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"إصرا"، قال: عهدا.
٦٥١٥ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثنا معاوية، عن علي، عن ابن عباس في قوله:"إصرا"، يقول: عهدا.
٦٥١٦ - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا"، والإصر: العهد الذي كان على من قبلنا من اليهود.
٦٥١٧ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قوله:"ولا تحمل علينا إصرا"، قال: عهدا لا نطيقه ولا نستطيع القيام به ="كما حملته على الذين من قبلنا"، اليهود والنصارى فلم يقوموا به، فأهلكتهم.
٦٥١٨ - حدثني يحيى بن أبي طالب قال، أخبرنا يزيد قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك:"إصرا"، قال: المواثيق.
٦٥١٩ - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع:"الإصر"، العهد. = ﴿وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي﴾ [سورة آل عمران ٨١] ، قال: عهدي.
٦٥٢٠ - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: ﴿وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي﴾ ، قال: عهدي.
وقال آخرون:"معنى ذلك: ولا تحمل علينا ذنوبًا وإثمًا، كما حملت ذلك على من قبلنا من الأمم، فتمسخنا قردةً وخنازير كما مسختهم".
* ذكر من قال ذلك:
٦٥٢١ - حدثني سعيد بن عمرو السكوني قال، حدثنا بقية بن الوليد، عن علي بن هارون، عن ابن جريج، عن عطاء بن أبي رباح في قوله:"ولا تحمل علينا إصرًا كما حملته على الذين من قبلنا"، قال: لا تمسخنا قردة وخنازير. [[الأثر: ٦٥٢١-"سعيد بن عمرو السكوني"، سلفت ترجمته في رقم: ٥٥٦٣. أما"علي بن هارون" فلم أجده، وأظن صوابه"يزيد بن هارون"، و"بقية بن الوليد"، يروي عن"يزيد بن هارون" ومات قبله. وهم جميعًا مترجمون في التهذيب.]]
٦٥٢٢ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله:"ربنا ولا تحمل علينا إصرًا كما حملته على الذين من قبلنا"، لا تحمل علينا ذنبًا ليس فيه توبةً ولا كفارة.
* * *
وقال آخرون:"معنى"الإصر" بكسر الألف: الثِّقْل".
* ذكر من قال ذلك:
٦٥٢٣ - حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قوله:"ربنا ولا تحمل علينا إصرًا كما حملته على الذين من قبلنا"، يقول: التشديد الذي شدّدته على من قبلنا من أهل الكتاب.
٦٥٢٤ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، سألته - يعنى مالكًا - عن قوله:"ولا تحمل علينا إصرًا"، قال: الإصر، الأمر الغليظ.
* * *
قال أبو جعفر: فأما"الأصر"، بفتح الألف: فهو ما عَطف الرجلَ على غيره من رَحم أو قرابة، يقال:"أصَرتني رَحم بيني وبين فلانٌ عليه"، بمعنى: عطفتني عليه."وما يأصِرُني عليه"، أي: ما يعطفني عليه."وبيني وبينه آصرةُ رَحم تأصرني عليه أصرًا"، يعني به: عاطفة رَحم تعطفني عليه. [[في المخطوطة والمطبوعة: "وبيني وبينه أصر رحم يأصرني عليه"، وسياق شرحه يقتضي ما أثبتته كتب اللغة، وهو الذي أثبته هنا.]]
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: وقولوا أيضًا: ربنا لا تكلفنا من الأعمال ما لا نطيق القيام به، لثِقَل حمله علينا.
وكذلك كانت جماعة أهل التأويل يتأولونه.
* ذكر من قال ذلك:
٦٥٢٥ - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به"، تشديدٌ يشدِّد به، كما شدّد على من كان قبلكم.
٦٥٢٦ - حدثني يحيى بن أبي طالب قال، أخبرنا يزيد قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك قوله:"ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به"، قال: لا تحملنا من الأعمال ما لا نطيق.
٦٥٢٧ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به"، لا تفترض علينا من الدّين ما لا طاقة لنا به فنعجز عنه.
٦٥٢٨ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج:"ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به"، مَسخُ القردة والخنازير.
٦٥٢٩ - حدثني سلام بن سالم الخزاعي قال، حدثنا أبو حفص عمر بن سعيد التنوخي قال، حدثنا محمد بن شعيب بن شابور، عن سالم بن شابور في قوله:"ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به"، قال: الغُلْمة. [[الأثر: ٦٥٢٩-"سلام بن سالم الخزاعي"، سلفت ترجمته برقم: ٢٥٢. وأما"أبو حفص عمر بن سعيد التنوخي"، فهو"عمر بن سعيد بن سليمان، أبو حفص القرشي الدمشقي"، راوية سعيد بن عبد العزيز التنوخي، فكأنه نسب إليه. روى عن محمد بن شعيب ابن شابور. مترجم في التهذيب، وتاريخ بغداد (١١: ٢٠٠) . و"محمد بن شعيب بن شابور" الدمشقي، أحد الكبار. روى عن الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز التنوخي، وغيرهما. كان يسكن بيروت، وذكره ابن حبان في الثقات. مات سنة ٢٠٠.
والغلمة: غليان شهوة المواقعة من الرجل والمرأة.]]
٦٥٣٠ - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به"، من التغليظ والأغلال التي كانت عليهم من التحريم.
* * *
قال أبو جعفر: وإنما قلنا إن تأويل ذلك: ولا تكلفنا من الأعمال ما لا نطيق القيام به، على نحو الذي قلنا في ذلك، لأنه عَقيب مسألة المؤمنين ربَّهم أن لا يؤاخذهم إن نسوا أو أخطأوا، وأن لا يحمل عليهم إصرًا كما حمله على الذين من قبلهم، فكان إلحاق ذلك بمعنى ما قبله من مسألتهم التيسيرَ في الدين، أولى مما خالف ذلك المعنى.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا﴾
قال أبو جعفر: وفي هذا أيضًا، من قول الله عز وجل، خبرًا عن المؤمنين من مسألتهم إياه ذلك = [[سياق العبارة: "وفي هذا أيضًا. . . الدلالة الواضحة" خبر ومبتدأ.]] الدلالةُ الواضحة أنهم سألوه تيسير فرائضه عليهم بقوله:"ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به"، لأنهم عقبوا ذلك بقولهم:"واعف عنا"، مسألةً منهم ربَّهم أن يعفوَ لهم عن تقصير إن كان منهم في بعض ما أمرهم به من فرائضه، فيصفح لهم عنه ولا يعاقبهم عليه. وإن خفّ ما كلفهم من فرائضه على أبدانهم.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال بعض أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
٦٥٣١ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"واعف عنا"، قال: اعفُ عنا إن قصرنا عن شيء من أمرك مما أمرتنا به.
* * *
وكذلك قوله:"واغفر لنا"، يعني: واستر علينا زلَّة إن أتيناها فيما بيننا وبينك، فلا تكشفها ولا تفضحنا بإظهارها.
* * *
وقد دللنا على معنى"المغفرة" فيما مضى قبل. [[انظر، ما سلف قريبًا: ١٢٧، ١٢٨ تعليق: ١، والمراجع هناك. وانظر فهارس اللغة (غفر) .]]
* * *
٦٥٣٢ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد:"واغفر لنا" إن انتهكنا شيئًا مما نهيتنا عنه.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَارْحَمْنَا﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: تغمدنا منك برحمة تنجينا بها من عقابك، فإنه ليس بناج من عقابك أحد إلا برحمتك إياه دُون عمله، وليست أعمالنا منجيتنا إن أنت لم ترحمنا، فوفقنا لما يرضيك عنا، كما:-
٦٥٣٣ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد قوله:"وارحمنا"، قال يقول: لا ننال العمل بما أمرتنا به، ولا تركَ ما نهيتنا عنه إلا برحمتك. [[في المطبوعة: "لا نترك"، وأثبت ما في المخطوطة، وهو الصواب، منصوبًا بقوله: "تنال" معطوفًا على قوله"العمل".]] قال: ولم ينج أحدٌ إلا برحمتك.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (٢٨٦) ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه:"أنت مَوْلانا"، أنت وَليُّنا بنصرك، دون من عَاداك وكفر بك، لأنا مؤمنون بك، ومطيعوك فيما أمرتنا ونهيتنا، فأنت وليّ من أطاعك، وعدوّ من كفر بك فعصاك =،"فانصرنا"، لأنا حزْبك = "على القوم الكافرين"، الذين جحدوا وحدانيتك، وعبدوا الآلهة والأندادَ دونك، وأطاعوا في معصيتك الشيطان.
* * *
و"المولى" في هذا الموضع"المفعَل"، من:"وَلى فلانٌ أمرَ فُلان، فهو يليه وَلاية، وهو وليُّه ومولاه". [[انظر تفسير"الولي"، و"المولى" فيما سلف ٢: ٤٨٩، ٥٦٤ / ثم ٥: ٤٢٤.]] وإنما صارت"الياء" من"ولى""ألفًا"، لانفتاح"اللام" قبلها، التي هي عينُ الاسم.
* * *
وقد ذكروا أن الله عز وجل لما أنزل هذه الآية على رسول الله ﷺ، فتلاها رسول الله ﷺ، استجاب الله له في ذلك كله.
ذكر الأخبار التي جاءت بذلك:
٦٥٣٤ - حدثني المثنى بن إبراهيم ومحمد بن خلف قالا حدثنا آدم قال، حدثنا ورقاء، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية:"آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه"، قال: قرأها رسول الله ﷺ، فلما انتهى إلى قوله:"غُفرانك ربنا"، قال الله عز وجل:"قد غفرت لكم. فلما قرأ:"ربنا لا تؤاخذنا إنْ نسينا أو أخطأنا"، قال الله عز وجل: لا أحملكم. فلما قرأ:"واغفر لنا"، قال الله تبارك وتعالى: قد غفرت لكم. فلما قرأ:"وارحمنا"، قال الله عز وجل:"قد رحمتكم"، فلما قرأ:"وانصرنا على القوم الكافرين"، قال الله عز وجل: قد نصرتُكم عليهم. [[الحديث: ٦٥٣٤- محمد بن خلف بن عمار العسقلاني، شيخ الطبري: ثقة، من شيوخ النسائي، وابن ماجه، وابن خزيمة، وقد مضت رواية أخرى للطبري عنه في: ١٢٦.
آدم: هو ابن أبي إياس العسقلاني، وهو ثقة مأمون. وكان مكينًا عند شعبة. وقد مضت ترجمته في: ١٨٧.
ورقاء: هو ابن عمر اليشكري، أبو بشر. وهو كوفي ثقة، أثنى عليه شعبة جدًا. والراجح - عندي - أن ورقاء ممن سمع من عطاء قديمًا قبل تغيره، لأنه من القدماء من طبقة شعبة، ولأنه كوفي، وعطاء تغير في مقدمه البصرة آخر حياته.
وهذا الحديث من هذا الوجه - من رواية عطاء بن سعيد بن المسيب - لم أجده في شيء من الدواوين، غير تفسير الطبري. فرواه هنا مرفوعًا، ثم سيرويه بنحوه: ٦٥٤٠ موقوفًا على ابن عباس.
وذاك الموقوف في الحقيقة مرفوع حكمًا، لأنه ليس مما يعرف بالرأي ولا القياس. فهو مؤيد لصحة هذا المرفوع.
ثم رفع الحديث في هذا الإسناد زيادة في ثقة، فهي مقبولة.
بل إن هذا الإسناد أرجح صحة من ذاك. لأن ورقاء قديم، رجحنا أنه سمع من عطاء قبل تغيره.
وأما ذاك الإسناد، فإنه من رواية محمد بن فضيل عن عطاء. وابن فضيل سمع من عطاء بأخرة، بعد تغيره. كما نص على ذلك ابن أبي حاتم عن أبيه ٣/ ٣٣٤.
ومعنى الحديث ثابت صحيح من وجه آخر، كما مضى في: ٦٤٥٧، من رواية آدم بن سليمان، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. وهناك الإجابة بعد كل دعاء: "قد فعلت". وهنا الإجابة من لفظ الدعاء. والمعنى واحد.
والظاهر أن متن الحديث هنا سقط منه شيء، سهوًا من الناسخين، عند قوله: "فلما قرأ: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) ، قال الله عز وجل: لا أحملكم". وفي الرواية الآتية: "قال: لا أؤاخذكم"، ثم ذكر هناك ما بعدها من الدعاء: (ربنا ولا تحمل علينا إصرار كما حملته على الذين من قبلنا) -"قال: لا أحمل عليكم". وذاك هو السياق الصحيح الكامل، الذي يدل على نقص من هذا السياق هنا.
واضطرب كاتب المخطوطة اضطرابًا أشد من هذا، لأنه كرر في متن الحديث: "فلما انتهى إلى قوله (غفرانك ربنا) ، قال الله عز وجل: قد غفرت لكم" - مرتين. ثم أسقط باقي الحديث فلم يذكره.]]
٦٥٣٥ - حدثني يحيى بن أبي طالب قال، أخبرنا يزيد قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك قال: أتى جبريل النبيّ ﷺ فقال: يا محمد، قل:"ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا"، فقالها، فقال جبريل: قد فعل. وقال له جبريل: قل:"ربنا ولا تَحمل علينا إصرًا كما حملته على الذين من قبلنا"، فقالها، فقال جبريل: قد فعل. فقال: قل"ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به"، فقالها، فقال جبريل ﷺ: قد فعل. فقال: قل:"واعف عَنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين"، فقالها، فقال جبريل: قد فَعل.
٦٥٣٦ - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط قال: زعم السدي أن هذه الآية حين نزلت:"ربَنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا"، فقال له جبريل: فعل ذلك يا محمد ="ربنا ولا تحمل علينا إصرًا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين"، فقال له جبريل في كل ذلك: فَعَل ذلك يا محمد.
٦٥٣٧ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع = وحدثنا سفيان قال، حدثنا أبي = عن سفيان، عن آدم بن سليمان، مولى خالد قال، سمعت سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: أنزل الله عز وجل:"آمن الرسول بما أنزل من ربه" إلى قوله:"ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا"، فقرأ:"ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا"، قال فقال: قد فعلت ="ربنا ولا تحمل علينا إصرًا كما حملته على الذين من قبلنا"، فقال: قد فعلت ="ربنا ولا تحملنا ما لا طاقه لنا به"، قال: قد فعلت ="واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين"، قال: قد فعلت. [[الحديث: ٦٥٣٧ - هو مختصر من الحديث: ٦٤٥٧، بهذا الإسناد.
وقد ثبت الإسناد هنا على الصواب، كما أشرنا هناك.]]
٦٥٣٨ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا إسحاق بن سليمان، عن مصعب بن ثابت، عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: أنزل الله عز وجل:"ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا"، قال: أبي: قال أبو هريرة: قال رسول الله ﷺ: قال الله عز وجل: نعم. [[الحديث: ٦٥٣٨ - هو مختصر من الحديث: ٦٤٥٦، بهذا الإسناد. وقد أشرنا إليه هناك.]]
٦٥٣٩ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا أبو أحمد، عن سفيان، عن آدم بن سليمان، عن سعيد بن جبير:"لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا"، قال ويقول: قد فعلت ="ربنا ولا تحمل علينا إصرًا كما حملته على الذين من قبلنا"، قال ويقول: قد فعلت. فأعطيت هذه الأمة خواتيم"سورة البقرة"، ولم تعطها الأمم قبلها. [[الحديث: ٦٥٣٩ - هو حديث مرسل. وهو بعض الحديث الماضي: ٦٤٦٤، بهذا الإسناد.
ولكن ثبت هنا في المخطوطة والمطبوعة"أبو حميد"، بدل"أبو أحمد". وهو خطأ يقينًا، فإنه"أبو أحمد الزبيري، محمد بن عبد الله بن الزبير"، كما بينا في: ٦٤٦٣.
ووقع في المخطوطة هنا بياض بين قوله"أبو حميد"، وبين"سفيان". وآخر بين قوله"عن سعيد بن جبير"، وبين الآية.
ولعل كاتبها شك في قوله"عن سفيان"، وظنه كالرواية الماضية"حدثنا سفيان"، فترك مكان"حدثنا" بياضا. ثم شك في ذكر الآية بعد اسم"سعيد بن جبير"، دون تمهيد لها بقوله"فنزلت هذه الآية"، كما في الرواية الماضية، فترك لذلك بياضًا.]]
٦٥٤٠ - حدثنا علي بن حرب الموصلي قال، حدثنا ابن فضيل قال، حدثنا عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قول الله عز وجل:"آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه" إلى قوله:"غفرانك ربنا"، قال: قد غفرت لكم ="لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها" = إلى قوله:"لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا"، قال: لا أؤاخذكم ="ربنا ولا تحمل علينا إصرًا كما حملته على الذين من قبلنا"، قال: لا أحمل عليكم = إلى قوله:"واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا"، إلى آخر السورة، قال: قد عفوت عنكم وغفرت لكم، ورحمتكم، ونصرُتكم على القوم الكافرين. [[الحديث: ٦٥٤٠- علي بن حرب بن محمد بن علي، أبو الحسن الطائي الموصلي: ثقة ثبت، وثقه الدارقطني وغيره. وكان عالمًا بأخبار العرب، أديبًا شاعرًا. روى عنه النسائي، وأبو حاتم، وابنه، وترجمه ٣/١/١٨٣. وله ترجمة جيدة في تاريخ بغداد ١١: ٤١٨-٢٤٠.
وهذا الحديث تكرار للحديث: ٦٥٣٤، بنحوه. وهذا موقوف لفظًا مرفوع معنى، وذاك مرفوع لفظًا ومعنى. وذاك أرجح إسنادًا وأصح، كما بينا هناك.
وذكر ابن كثير ٢: ٨٩ قطعة منه، من رواية ابن أبي حاتم، عن علي بن حرب الموصلي، بهذا الإسناد. فلا ندري: أرواه ابن أبي حاتم هكذا مختصرًا، أم اختصره ابن كثير؟]]
* * *
= وروى عن الضحاك بن مزاحم أن إجابةَ الله للنبيّ ﷺ خاصّة:
٦٥٤١ - حدثت عن الحسين قال، سمعت أبا معاذ قال، أخبرنا عبيد قال، سمعت الضحاك يقول في قوله:"ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا": كان جبريل عليه السلام يقول له: سلها! [[في المخطوطة: ". . . أو أخطأنا كان جبريل صلى الله عليه فسألها نبي الله" وما بين الكلام بياض، وأئمته المطبوعة كما ترى. أما الدر المنثور ١: ٣٧٨ فقال: "أخرج ابن جرير عن الضحاك في هذه الآية قال: كان ٣ عليه الصلاة والسلام فسألها نبي الله ربه. . . " ورقم"٣" دلالة على سقط في الكلام. فالظاهر أن السقط قديم في بعض النسخ، ولذلك ترك له السيوطي بياضًا في نسخته من الدر المنثور.]] فسألها نبيّ الله رَبَّه جل ثناءه، فأعطاه إياها، [[في المخطوطة: "فأعطاها إياها"، وأثبت ما في المطبوعة، لأنه موافق لما في الدر المنثور.]] فكانت للنبي ﷺ خاصةً.
٦٥٤٢ - حدثني المثنى بن إبراهيم قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق: أن مُعاذًا كان إذا فرغ من هذه السورة:"وانصرنا على القوم الكافرين"، قال: آمين. [[الأثر: ٦٥٤٢- في تفسير ابن كثير ٢: ٩١، والدر المنثور ١: ٣٧٨ وفيهما تخريجه.
وفي ختام الصورة من النسخة العتيقة ما نصه:
"آخر تفسير سورة البقرة"
"والحمد لله أولا وآخرًا، وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم"
"يتلوه تفسير سورة آل عمران. الحمد لله رب العالمين".]]
* * *
آخر تفسير سورة البقرة
{"ayah":"لَا یُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ لَهَا مَا كَسَبَتۡ وَعَلَیۡهَا مَا ٱكۡتَسَبَتۡۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذۡنَاۤ إِن نَّسِینَاۤ أَوۡ أَخۡطَأۡنَاۚ رَبَّنَا وَلَا تَحۡمِلۡ عَلَیۡنَاۤ إِصۡرࣰا كَمَا حَمَلۡتَهُۥ عَلَى ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِنَاۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلۡنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِۦۖ وَٱعۡفُ عَنَّا وَٱغۡفِرۡ لَنَا وَٱرۡحَمۡنَاۤۚ أَنتَ مَوۡلَىٰنَا فَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَـٰفِرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق