الباحث القرآني

القول في تأويل قوله: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (٢٧٠) ﴾ قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: وأي نفقة أنفقتم- يعني أي صدقة تصدقتم- [[انظر تفسير"النفقة" فيما سلف ٥: ٥٥٥.]] أو أي نذر نذرتم= يعني"بالنذر"، ما أوجبه المرء على نفسه تبررا في طاعة الله، وتقربا به إليه: من صدقة أو عمل خير="فإن الله يعلمه"، أي أن جميع ذلك بعلم الله، [[في المخطوطة: "فإن الله يعلم"، والصواب هنا ما في المطبوعة. ثم في المطبوعة: "جميع ذلك بعلم الله"، وأثبت الصواب من المخطوطة.]] لا يعزب عنه منه شيء، ولا يخفى عليه منه قليل ولا كثير، ولكنه يحصيه أيها الناس عليكم حتى يجازيكم جميعكم على جميع ذلك. فمن كانت نفقته منكم وصدقته ونذره ابتغاء مرضاة الله وتثبيتا من نفسه، جازاه بالذي وعده من التضعيف، ومن كانت نفقته وصدقته رئاء الناس ونذوره للشيطان، جازاه بالذي أوعده، من العقاب وأليم العذاب، كالذي:- ٦١٩٣ - حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله عز وجل:"وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه"، ويحصيه. ٦١٩٤ - حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. * * * ثم أوعد جل ثناؤه من كانت نفقته رياء ونذوره طاعة للشيطان فقال:"وما للظالمين من أنصار"، يعني: وما لمن أنفق ماله رئاء الناس وفي معصية الله، وكانت نذوره للشيطان وفي طاعته="من أنصار"، وهم جمع"نصير"، كما"الأشراف" جمع"شريف". [[انظر معنى"النصر" و"النصير" فيما سلف ٢: ٤٨٩، ٥٦٤.]] ويعني بقوله:"من أنصار"، من ينصرهم من الله يوم القيامة، فيدفع عنهم عقابه يومئذ بقوة وشدة بطش، ولا بفدية. * * * وقد دللنا على أن"الظالم" هو الواضع للشيء في غير موضعه. [[انظر تفسير"الظلم" فيما سلف ١: ٥٢٣، ٥٢٤ /٢: ٣٦٩، ٥١٩/ ٤: ٥٨٤، وغيرها من المواضع، اطلبها في فهرس اللغة.]] . * * * وإنما سمى الله المنفق رياء الناس، والناذر في غير طاعته، ظالما، لوضعه إنفاق ماله في غير موضعه، ونذره في غير ماله وضعه فيه، فكان ذلك ظلمه. * * * قال أبو جعفر: فإن قال لنا قائل: فكيف قال:"فإن الله يعلمه"، ولم يقل:"يعلمهما"، وقد ذكر النذر والنفقة. قيل: إنما قال:"فإن الله يعلمه"، لأنه أراد: فإن الله يعلم ما أنفقتم أو نذرتم، فلذلك وحد الكناية. [[الكناية، والمكني: هو الضمير، في اصطلاح الكوفيين والبغداديين وغيرهم.]] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب