الباحث القرآني
القول في تأويل قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ﴾
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: ﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ ، صدّقوا الله ورسوله = ﴿لا تبطلوا صدقاتكم﴾ ، يقول: لا تبطلوا أجورَ صدَقاتكم بالمنّ والأذى، كما أبطل كفر الذي ينفق ماله = ﴿رئاء الناس﴾ ، وهو مراءاته إياهم بعمله، وذلك أن ينفق ماله فيما يرى الناسُ في الظاهر أنه يريد الله تعالى ذكره فيحمدونه عليه، وهو غيرُ مريدٍ به الله ولا طالب منه الثواب، [[في المخطوطة والمطبوعة: "وهو مريد به غير الله"، وهو سهو من الناسخ، والسياق يقتضي أن تقدم"غير"، وهو نص المعنى.]] . وإنما ينفقه كذلك ظاهرًا ليحمده الناس عليه فيقولوا: هو سخيّ كريم، وهو رجل صالحٌ" فيحسنوا عليه به الثناء، وهم لا يعلمون ما هو مستبطن من النية في إنفاقه ما أنفق، فلا يدرون ما هو عليه من التكذيب بالله تعالى ذكره واليوم الآخر.
* * *
وأما قوله: ﴿ولا يؤمن بالله واليوم الآخر﴾ ، فإن معناه: ولا يصدق بوحدانية الله ورُبوبيته، ولا بأنه مبعوث بعد مماته فمجازًى على عمله، فيجعل عمله لوجه الله وطلب ثوابه وما عنده في معاده. وهذه صفة المنافق؛ وإنما قلنا إنه منافق، لأن المظهرَ كفرَه والمعلنَ شركه، معلوم أنه لا يكون بشيء من أعماله مرائيًا. لأن المرائي هو الذي يرائي الناس بالعمل الذي هو في الظاهر لله، وفي الباطن مريبة سريرةُ عامله، مرادٌه به حمد الناس عليه. [[في المطبوعة: "وفي الباطن عامله مراده به حمد الناس عليه"، وهو تصرف من الطابع، وفي المخطوطة: "وفي الباطن مربيه عامله مراد به حمد الناس عليه"، وهي غير مفهومة المعنى، وبين أنه قد سقط منها"سريرة" من قوله"مربية سريرة عامله"، وهو إشارة إلى ما مر في تفسيره قبل من قوله: "فلا يدرون ما هو عليه من التكذيب بالله تعالى ذكره واليوم الآخر". فاستظهرت أن الصواب زيادة"سريرة"، لتتفق مع معاني ما قال أبو جعفر رحمه الله.]] . والكافر لا يُخِيلُ على أحدٍ أمرُه أن أفعاله كلها إنما هي للشيطان [[أخال عليه الأمر يخيل: أشكل عليه واستبهم. وسياق الجملة بعد ذلك: "إنما هي للشيطان لا لله".]] - إذا كان معلنًا كفرَه - لا لله. ومن كان كذلك، فغير كائن مرائيًا بأعماله.
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
٦٠٣٩ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال أبو هانئ الخولاني، عن عمرو بن حريث، قال: إن الرجل يغزو، لا يسرق ولا يزني ولا يَغُلّ، لا يرجع بالكفاف! فقيل له: لم ذاك؟ قال: إن الرجل ليخرج، [[في المطبوعة: "قال: فإن الرجل"، وفي المخطوطة: "فإن إن الرجل" تصحيف والصواب ما أثبت.]] . فإذا أصابه من بلاءِ الله الذي قد حكم عليه، سبَّ ولعَن إمامَه ولعَن ساعة غزا، وقال: لا أعود لغزوة معه أبدًا! فهذا عليه، وليس له = مثلُ النفقة في سبيل الله يتبعها منٌّ وأذى. فقد ضرب الله مثلها في القرآن: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صَدقاتكم بالمنّ والأذى﴾ ، حتى ختم الآية. [[الأثر: ٦٠٣٩ -"أبو هانئ الخولاني": هو: حميد بن هانئ المصري من ثفات التابعين، روى عن عمرو بن حريث وغيره. وروى عنه الليث وابن لهيعة وابن وهب وغيرهم من أهل مصر مات سنة ١٤٢. و"عمرو بن حريث"، هو الذي يروي عنه أهل الشام، وهو غير"عمرو بن حريث بن عمرو بن عثمان المخزومي الكوفي. وانظر ترجمته في التهذيب ٨: ١٨.]] .
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (٢٦٤) ﴾
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: فمثل هذا الذي ينفق ماله رئاء الناس، ولا يؤمن بالله واليوم الآخر = و"الهاء" في قوله: ﴿فمثله﴾ عائدة على"الذي" = ﴿كمثل صفوان﴾ ، و"الصفوان" واحدٌ وجمعٌ، فمن جعله جمعًا فالواحدة"صفوانة"، [[في المطبوعة: "واحد وجمع، فمن جعله جمعا"، وأثبت ما في المخطوطة.]] . بمنزلة"تمرة وتمر" و"نخلة ونخل". ومن جعله واحدًا، جمعه"صِفْوان، وصُفِيّ، وصِفِيّ"، [[انظر ما سلف في تفسير"الصفا" ٣: ٢٢٤، ٢٢٥، وقوله: جمعه صفوان" يعنى: بكسر الصاد وسكون الفاء، وهو قول الكسائي، وقد تعقبوه وخطئوه في شاذ مذهبه. انظر القرطبي ٣: ٣١٣، وتفسير أبي حيان ٢: ٣٠٢، ومن أجل ذلك أسقطه أصحاب اللغة من كتبهم.]] . كما قال الشاعر: [[هو الأخيل الطائي.]] .
* مَوَاقعُ الطَّيْرِ عَلَى الصُّفِيِّ * [[سلف شرح هذا البيت وتخريجه ٣: ٢٢٤، وسقط ذكر هذا الموضع في التخريج السالف فأثبته هناك.]]
و"الصفوان" هو"الصفا"، وهي الحجارة الملس.
* * *
وقوله: ﴿عليه تراب﴾ ، يعني: على الصفوان ترابٌ = ﴿فأصابه﴾ يعني: أصاب الصفوان = ﴿وابل﴾ ، وهو المطر الشديد العظيم، كما قال أمرؤ القيس:
سَاعَةً ثُمَّ انْتَحَاهَا وَابِلٌ ... سَاقِطُ الأكْنَافِ وَاهٍ مُنْهَمِرُ [[ديوانه: ٩٠، وطبقات فحول الشعراء: ٧٩، وغيرهما كثير. وهو من أبيات روائع، في صفة المطر والسيل أولها: دِيَمةٌ هَطْلاَءُ فِيهَا وَطَفٌ ... طَبَقَ الأَرْضِ تَحَرَّي، وَتَدِرّْ
ثم قال بعد قليل: "ساعة" أي فعلت ذلك ساعة، "ثم انتحاها" أي قصدها، والضمير فيه إلى"الشجراء" في بيت سباق. و"ساقط الأكناف"، قد دنا من الأرض دنوًّا شديدًا، كأن نواحيه تتهدم على الشجراء. "منهمر": متتابع متدفق. واقرأ تمام ذلك في شرح الطبقات.]]
يقال منه:"وَبلت السماء فهي تَبِل وَبْلا"، وقد:"وُبلت الأرض فهي تُوبَل".
* * *
وقوله: ﴿فتركه صلدًا﴾ يقول: فترك الوابلُ الصفوانَ صَلدًا.
و"الصلد" من الحجارة: الصلب الذي لا شيء عليه من نبات ولا غيره، وهو من الأرَضين ما لا ينبت فيه شيء، وكذلك من الرؤوس، [[هذا البيان عن معاني"صلد"، لا تصيبه في كثير من كتب اللغة.]] . كما قال رؤبة:
لَمَّا رَأَتْنِي خَلَقَ المُمَوَّهِ ... بَرَّاقَ أَصْلادِ الجَبِينِ الأجْلَهِ [[ديوانه: ١٦٥ من قصيدة مضى الاستشهاد بأبيات منها في ١: ١٢٣، ٣٠٩، ٣١٠ /٢: ٢٢٢، والضمير في"رأتني" إلى صحابته التي ذكرها في أول الشعر و"خلق": بال. و"المموه" يقال: وجه مموه" أي مزين بماء الشباب، ترقرق شبابه وحسنه. وقوله"خلق المموه"، بحذف"الوجه" الموصوف بذلك. يقول: قد بلي شبابي وأخلق. "أصلاد الجبين"، يعني أن جبينه قد زال شعره، فهو يبرق كأنه صفاة ملساء لا نبات عليها. و"الأجله". الأنزع الذي انحسر شعره عن جانبي جبهته ومقدم جبينه، وذلك كله بعد أن كان كما وصف نفسه: * بَعْدَ غُدَانِيِّ الشَّبَابِ الأَبْلَهِ *
فاستنكرته صاحبته، بعد ما كان بينه وبينها في شبابه ما كان، وليت شعري ماذا كان يبغي رؤبة منها، وقد صار إلى المصير الذي وصف نفسه! ! .]] ومن ذلك يقال للقدر الثخينة البطيئة الغلي:"قِدْرٌ صَلود"،"وقد صَلدت تصْلُدُ صُلودًا، ومنه قول تأبط شرًّا:
وَلَسْتُ بِجِلْبٍ جِلْبِ رَعْدٍ وَقِرَّةٍ ... وَلا بِصَفًا صَلْدٍ عَنِ الخَيْرِ أعْزَلِ [[اللسان (جلب) (عزل) ، وغيرهما. ولم أجد القصيدة، ولكني وجدت منها أبياتًا متفرقة ورواية اللسان والمطبوعة وغيرهما: وَلَسْتُ بِجِلْبٍ جِلْبِ رِيحٍ وَقِرَّةٍ ... وَلاَ بِصَفًا صَلْدٍ عَنِ الخَيْرِ مَعْزِلِ
ولكنه في المطبوعة واللسان أيضًا"جلب ليل"، والظاهر أن المطبوعة نقلت البيت من اللسان (جلب) دون إشارة إلى ما كان في المخطوطة، ولكنى أثبت رواية المخطوطة، فإنها لا تغير وهي سليمة المعاني.
الجلب (بكسر الجيم أو ضمها وسكون اللام) : هو السحاب المعترض تراه كأنه جبل، ويقال أيضًا: هو السحاب الرقيق الذي لا ماء فيه. ورواية الطبري في المخطوطة تقتضي المعنى الأول: والقرة (بكسر القاف) والقر (بضمها) : البرد الشديد، يقول: لست امرءًا خاليا من الخير، بل مطيفًا بالأذى، كهذا السحاب المخيل المتراكم، مخيف برعده، ويلذغ ببرده، ولا غيث معه. أما رواية اللسان وغيره، فشرحها على معنى السحاب الرقيق جيد. وقوله: "أعزل" من"عزل الشيء يعزله" إذا نحاه جانبًا وأبعده، كما سموا الزمل المنقطع المنفرد المنعزل"أعزل"، فهو من صميم مادة اللغة، وإن لم يأتوا عليه في كتب اللغة بشاهد. وهذا شاهده بلا شك. أما قوله في الرواية الأخرى"معزل" فهو بمعنى ذلك أيضًا: معتزل عن الخير، أو معزول عنه. وهو مصدر ميمي من ذلك، جاء صفة، كما قالوا: "رجل عدل"، وكما قالوا"فلان شاهد مقنع" أي رضا يقنع به، مصدر ميمي من"قنع"، وهذا بيان لا تجده في كتب اللغة فقيده واحفظه.]]
* * *
ثم رجع تعالى ذكره إلى ذكر المنافقين الذين ضرب المثلَ لأعمالهم، فقال: فكذلك أعمالهم بمنزلة الصَّفوان الذي كان عليه تراب، [[في المخطوطة: "عليه ثواب"، وهو تصحيف غث، ولكنه دليل على شدة إهمال الناسخ وعجلته.]] . فأصابه الوابلُ من المطر، فذهب بما عليه من التراب، فتركه نقيًّا لا تراب عليه ولا شيء = يراهُم المسلمون في الظاهر أنّ لهم أعمالا - كما يُرى التراب على هذا الصفوان - بما يراؤونهم به، فإذا كان يوم القيامة وصاروا إلى الله، اضمحلّ ذلك كله، لأنه لم يكن لله، كما ذهب الوابل من المطر بما كانَ على الصفوان من التراب، فتركه أملسَ لا شيء عليه
= فذلك قوله: ﴿لا يقدرون﴾ ، يعني به: الذين ينفقون أموالهم رئاء الناس، ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، يقول: لا يقدرون يوم القيامة على ثواب شيء مما كسبوا في الدنيا، لأنهم لم يعملوا لمعادهم، ولا لطلب ما عند الله في الآخرة، ولكنهم عملوه رئاء الناس وطلبَ حمدهم. وإنما حظهم من أعمالهم، ما أرادوه وطلبوه بها.
* * *
ثم أخبر تعالى ذكره أنه ﴿لا يهدي القوم الكافرين﴾ ، يقول: لا يسدّدهم لإصابة الحق في نفقاتهم وغيرها، فيوفقهم لها، وهم للباطل عليها مؤثرون، ولكنه يتركهم في ضلالتهم يعمهون [[في المخطوطة: "ولكنه تركهم"، والصواب ما في المخطوطة.]] .
فقال تعالى ذكره للمؤمنين: لا تكونوا كالمنافقين الذين هذا المثل صفةُ أعمالهم، فتبطلوا أجور صدقاتكم بمنِّكم على من تصدقتم بها عليه وأذاكم لهم، كما أبطل أجر نفقة المنافق الذي أنفق ماله رئاء الناس، وهو غير مؤمن بالله واليوم الآخر، عند الله. [[في المخطوطة: "واليوم عند الله" سقط منه "الآخر"، وهو دليل على ما أسلفت من عجلته.]] .
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
٦٠٤٠ - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى﴾ فقرأ حتى بلغ: ﴿على شيء مما كسبوا﴾ ، فهذا مثل ضربه الله لأعمال الكفار يوم القيامة يقول: لا يقدرون على شيء مما كسبوا يومئذ، كما ترك هذا المطر الصفاةَ الحجرَ ليس عليه شيء، أنقى ما كان عليه. [[في المطبوعة: "أنقى ما كان"، حذف"عليه"، كأنه استنكرها، وهي معرقة في الصواب.
أي: أنقى ما كان عليه من النقاء.]] .
٦٠٤١ - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: ﴿لا تبطلوا صدقاتكم بالمن﴾ إلى قوله: ﴿والله لا يهدي القوم الكافرين﴾ ، هذا مثل ضربه الله لأعمال الكافرين يوم القيامة، يقول: لا يقدرون على شيء مما كسبوا يومئذ، كما ترك هذا المطر الصفا نقيًّا لا شيء عليه.
٦٠٤٢ - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي: ﴿لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى﴾ إلى قوله: ﴿على شيء مما كسبوا﴾ أما الصفوان الذي عليه تراب، فأصابه المطر فذهب ترابه فتركه صلدًا. فكذلك هذا الذي ينفق ماله رياء الناس، [[في المطبوعة: "فكذا هذا الذي ينفق"، لا أدرى لم غير ما في المخطوطة.]] . ذهب الرياءُ بنفقته، كما ذهب هذا المطر بتراب هذا الصفا فتركه نقيًّا، فكذلك تركه الرياء لا يقدر على شيء مما قدم. فقال للمؤمنين: ﴿لا تبطلوا صدقاتكم بالمنّ والأذى﴾ فتبطل كما بطلت صَدقة الرياء.
٦٠٤٣ - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك، قال: أن لا ينفق الرجل ماله، خير من أن ينفقه ثم يتبعه منًّا وأذى. فضرب الله مثله كمثل كافر أنفق ماله لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر، فضرب الله مثلهما جميعًا: ﴿كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدًا﴾ فكذلك من أنفق ماله ثم أتبعه منًّا وأذى.
٦٠٤٤ - حدثني محمد بن سعد، قال: حدثنى أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى﴾ إلى ﴿كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدًا﴾ ليس عليه شيء، وكذلك المنافق يوم القيامة لا يقدر على شيء مما كسب.
٦٠٤٥ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، قال: قال ابن جريج في قوله: ﴿لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى﴾ قال: يمنّ بصدقته ويؤذيه فيها حتى يبطلها.
٦٠٤٦ - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ﴿ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى﴾ ، فقرأ: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى﴾ حتى بلغ: ﴿لا يقدرون على شيء مما كسبوا﴾ ثم قال: أترى الوابل يدع من التراب على الصفوان شيئًا؟ فكذلك منُّك وأذاك لم يدع مما أنفقت شيئًا. وقرأ قوله: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى﴾ ، وقرأ: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ﴾ ، فقرأ حتى بلغ: ﴿وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ﴾ . [البقرة: ٢٧٠-٢٧٢] . [[ما في المخطوطة والمطبوعة: "وما أنفقتم من خير فلأنفسكم"، وهو خطأ ظاهر، والصواب أنه يعني آيات سورة البقرة التي بينتها كما أثبتها.]] .
* * *
القول في تأويل قوله عز وجل: ﴿صَفْوَانٍ﴾
قد بينا معنى"الصفوان" بما فيه الكفاية، [[انظر ما سلف قريبًا ص: ٥٢٣، ٥٢٤ والمراجع في التعليق عليه.]] . غير أنا أردنا ذكر من قال مثل قولنا في ذلك من أهل التأويل.
٦٠٤٧ - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: ﴿كمثل صفوان﴾ كمثل الصفاة.
٦٠٤٨ - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك: ﴿كمثل صفوان﴾ والصفوان: الصفا.
٦٠٤٩ - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، مثله.
٦٠٥٠ - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي: أما ﴿صفوان﴾ ، فهو الحجر الذي يسمى"الصَّفاة".
٦٠٥١ - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، مثله.
٦٠٥٢ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: ﴿صفوان﴾ يعني الحجر.
* * *
القول في تأويل قوله عز وجل: ﴿فَأَصَابَهُ وَابِلٌ﴾
قد مضى البيان عنه. [[انظر ما سلف قريبا ص: ٥٢٤.]] . وهذا ذكر من قال قولنا فيه:
٦٠٥٣ - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي: أما وابل: فمطر شديد.
٦٠٥٤ - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك: ﴿فأصابه وابل﴾ والوابل: المطر الشديد.
٦٠٥٥ - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، مثله.
٦٠٥٦ - حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، مثله.
* * *
القول في تأويل قوله عز وجل: ﴿فَتَرَكَهُ صَلْدًا﴾
* ذكر من قال نحو ما قلنا في ذلك:
٦٠٥٧ - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي: ﴿فتركه صلدًا﴾ يقول نقيًّا.
٦٠٥٨ - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: ﴿فتركه صلدًا﴾ قال: تركها نقية ليس عليها شيء.
٦٠٥٩- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، قال: قال ابن جريج، قال ابن عباس قوله: ﴿فتركه صلدًا﴾ قال: ليس عليه شيء.
٦٠٦٠ - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق، قال حدثنا، أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك: ﴿صلدًا﴾ فتركه جردًا.
٦٠٦١ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال: خبرنا معمر، عن قتادة: ﴿، فتركه صلدًا﴾ ليس عليه شيء.
٦٠٦٢ - حدثني المثنى قال: حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس: ﴿فتركه صلدًا﴾ ليس عليه شيء.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تُبۡطِلُوا۟ صَدَقَـٰتِكُم بِٱلۡمَنِّ وَٱلۡأَذَىٰ كَٱلَّذِی یُنفِقُ مَالَهُۥ رِئَاۤءَ ٱلنَّاسِ وَلَا یُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِۖ فَمَثَلُهُۥ كَمَثَلِ صَفۡوَانٍ عَلَیۡهِ تُرَابࣱ فَأَصَابَهُۥ وَابِلࣱ فَتَرَكَهُۥ صَلۡدࣰاۖ لَّا یَقۡدِرُونَ عَلَىٰ شَیۡءࣲ مِّمَّا كَسَبُوا۟ۗ وَٱللَّهُ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡكَـٰفِرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق