الباحث القرآني
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا﴾
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك:"وإذا طلقتم"، أيها الرجال نساءكم ="فبلغن أجلهن"، يعني: ميقاتهن الذي وقته لهن، من انقضاء الأقراء الثلاثة، إن كانت من أهل القرء، [[في المطبوعة: "من أهل الأقراء"، وهي صواب، ولكن لا أدري لم غير ما في المخطوطة.]] وانقضاء الأشهر، إن كانت من أهل الشهور="فأمسكوهن"، يقول: فراجعوهن إن أردتم رجعتهن في الطلقة التي فيها رجعة: وذلك إما في التطليقة الواحدة أو التطليقتين، كما قال تعالى ذكره: ﴿الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾ .
=وأما قوله:"بمعروف"، فإنه عنى: بما أذن به من الرجعة، من الإشهاد على الرجعة قبل انقضاء العدة، دون الرجعة بالوطء والجماع. لأن ذلك إنما يجوز للرجل بعد الرجعة، وعلى الصحبة مع ذلك والعشرة بما أمر الله به وبينه لكم أيها الناس ="أو سرحوهن بمعروف"، يقول: أو خلوهن يقضين تمام عدتهن وينقضي بقية أجلهن الذي أجلته لهن لعددهن، بمعروف. يقول: بإيفائهن تمام حقوقهن عليكم، [[في المخطوطة: "بإنفاقهن"، وهو فساد من الناسخ العجل، كما أسلفت.]] على ما ألزمتكم لهن من مهر ومتعة ونفقة وغير ذلك من حقوقهن قبلكم ="ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا" = يقول: ولا تراجعوهن، إن راجعتموهن في عددهن، مضارة لهن، لتطولوا عليهن مدة انقضاء عددهن، أو لتأخذوا منهن بعض ما آتيتموهن بطلبهن الخلع منكم، لمضارتكم إياهن، بإمساككم إياهن، ومراجعتكموهن ضرارا واعتداء.
وقوله:"لتعتدوا"، يقول: لتظلموهن بمجاوزتكم في أمرهن حدودي التي بينتها لكم.
* * *
وبمثل الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
٤٩٠٩- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن أبي الضحى، عن مسروق:"ولا تمسكوهن ضرارا"، قال: يطلقها، حتى إذا كادت تنقضي راجعها، ثم يطلقها، فيدعها، حتى إذا كادت تنقضي عدتها راجعها، ولا يريد إمساكها: فذلك الذي يضار ويتخذ آيات الله هزوا.
٤٩١٠- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن أبي رجاء قال: سئل الحسن عن قوله تعالى:"وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا"، قال: كان الرجل يطلق المرأة ثم يراجعها، ثم يطلقها ثم يراجعها، يضارها، فنهاهم الله عن ذلك.
٤٩١١- حدثني محمد بن عمرو قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف"، قال: نهى الله عن الضرار ="ضرارا"، أن يطلق الرجل امرأته ثم يراجعها عند آخر يوم يبقى من الأجل، حتى يفي لها تسعة أشهر، ليضارها به.
٤٩١٢- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد بنحوه= إلا أنه قال: نهى عن الضرار، والضرار في الطلاق أن يطلق الرجل امرأته ثم يراجعها= وسائر الحديث مثل حديث محمد بن عمرو.
٤٩١٣- حدثني محمد بن سعد قال، حدثنا أبي قال، حدثنا عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس:"وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا"، كان الرجل يطلق امرأته ثم يراجعها قيل انقضاء عدتها، ثم يطلقها. يفعل ذلك يضارها ويعضلها، فأنزل الله هذه الآية. [[عضل المرأة يعضلها: لم يحسن عشرتها، ليضطرها بذلك إلى الافتداء منه بمهرها الذي أمهرها.]]
٤٩١٤- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله:"وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا"، قال: كان الرجل يطلق امرأته تطليقة واحدة، ثم يدعها، حتى إذا ما تكاد تخلو عدتها راجعها، ثم يطلقها، حتى إذا ما كاد تخلو عدتها راجعها. [[خلا الشيء يخلو خلوا: مضى وانقضى.]] ولا حاجة له فيها، إنما يريد أن يضارها بذلك. فنهى الله عن ذلك وتقدم فيه، [[قوله: "تقدم فيه"، أي أمرهم بأمره فيه ونهاهم عن فعله، وزجرهم.]] وقال:"ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه".
٤٩١٥- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني الليث، عن يونس، عن ابن شهاب قال: قال الله تعالى ذكره:"وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا"، فإذا طلق الرجل المرأة وبلغت أجلها، فليراجعها بمعروف أو ليسرحها بإحسان، ولا يحل له أن يراجعها ضرارا، وليست له فيها رغبة، إلا أن يضارها.
٤٩١٦- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة في قوله:"ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا"، قال: هو في الرجل يحلف بطلاق امرأته، فإذا بقي من عدتها شيء راجعها، يضارها بذلك ويطول عليها، فنهاهم الله عن ذلك.
٤٩١٧- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا إسماعيل بن أبي أويس، عن مالك بن أنس، عن ثور بن زيد الديلي: أن رجلا كان يطلق امرأته ثم يراجعها، ولا حاجة له بها ولا يريد إمساكها، كيما يطول عليها بذلك العدة ليضارها، فأنزل الله تعالى ذكره:"ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه"، يعظم ذلك. [[الأثر: ٤٩١٧- الموطأ: ٥٨٨، بلفظه، إلا قوله: "يعظم ذلك" فإنها فيه"يعظهم الله بذلك". وفي المطبوعة: "ليعظم ذلك".]]
٤٩١٨- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ الفضل بن خالد قال، حدثنا عبيد بن سليمان الباهلي قال: سمعت الضحاك يقول في قوله:"ولا تمسكوهن ضرارا"، هو الرجل يطلق امرأته واحدة ثم يراجعها، ثم يطلقها ثم يراجعها، ثم يطلقها، ليضارها بذلك، لتختلع منه.
٤٩٢٠- حدثنا موسى قال حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ولا تتخذوا آيات الله هزوا"، قال: نزلت في رجل من الأنصار يدعى ثابت بن يسار [[في المطبوعة: "ثابت بن بشار"، والصواب من المخطوطة، والدر المنثور ١: ٢٨٥، وأسد الغابة، وذكر الخبر، ونسبه إلى الطبري وابن المنذر.]] طلق امرأته حتى إذا انقضت عدتها إلا يومين أو ثلاثة، راجعها، [[في المطبوعة: "أو ثلاثا" والصواب من المخطوطة.]] ثم طلقها، ففعل ذلك بها حتى مضت لها تسعة أشهر، مضارَّةً يضارُّها، فأنزل الله تعالى ذكره:"ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا".
٤٩٢١- حدثني العباس بن الوليد قال، أخبرني أبي قال، سمعت عبد العزيز يسأل عن طلاق الضرار فقال: يطلق ثم يراجع، ثم يطلق ثم يراجع، فهذا الضرار الذي قال الله:"ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا".
٤٩٢٢- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا فضيل بن مرزوق، عن عطية:"ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا"، قال: الرجل يطلق امرأته تطليقة، ثم يتركها حتى تحيض ثلاث حيض، ثم يراجعها، ثم يطلقها تطليقة، ثم يمسك عنها حتى تحيض ثلاث حيض، ثم يراجعها="لتعتدوا"، قال: لا يطاول عليهن.
* * *
قال أبو جعفر: وأصل"التسريح"، من"سرح القوم"، وهو ما أطلق من نَعَمهم للرعي. يقال للمواشي المرسلة للرعي "هذا سرْح القوم" يراد به مواشيهم المرسلة للرعي. ومنه قول الله تعالى ذكره: ﴿وَالأنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ﴾ [سورة النحل: ٥، ٦] يعني بقوله:"حين تسرحون"، حين ترسلونها للرعي. فقيل للمرأة إذا خلاها زوجها فأبانها منه: سرحها، تمثيلا لذلك ب"تسريح" المسرح ماشيته للرعي، وتشبيها به. [[هذا دليل آخر على أن الطبري كان أحيانا يرجئ تفسير كلمة أو ينساها، لرغبته في الاختصار وإلا فقد مضى"التسريح" آنفًا في الآية: ٢٢٩، ولم يبينه هناك.]]
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: ومن يراجع امرأته = بعد طلاقه إياها في الطلاق الذي له فيه عليها الرجعة = ضرارا بها ليعتدي حد الله في أمرها، فقد ظلم نفسه، يعني: فأكسبها بذلك إثما، وأوجب لها من الله عقوبة بذلك.
* * *
وقد بينا معنى"الظلم" فيما مضى، وأنه وضع الشيء في غير موضعه، وفعل ما ليس للفاعل فعله. [[انظر مراجع"الظلم" فيما سلف ٤: ٥٨٤، تعليق رقم: ٢]]
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا﴾
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره: ولا تتخذوا أعلام الله وفصوله بين حلاله وحرامه، وأمره ونهيه، في وحيه وتنزيله = استهزاء ولعبا، فإنه قد بين لكم في تنزيله وآي كتابه، ما لكم من الرجعة على نسائكم، في الطلاق الذي جعل لكم عليهن فيه الرجعة، وما ليس لكم منها، وما الوجه الجائز لكم منها، وما الذي لا يجوز، وما الطلاق الذي لكم عليهن فيه الرجعة، وما ليس لكم ذلك فيه، وكيف وجوه ذلك، رحمة منه بكم ونعمة منه عليكم، ليجعل بذلك لبعضكم = من مكروه، إن كان فيه من صاحبه ما يؤذيه = المخرج والمخلص بالطلاق والفراق، [[في المخطوطة والمطبوعة: "ليجعل بذلك لبعضكم من مكروه إن كان فيه من صاحبه مما هو فيه المخرج. . . "، وهي جملة لا تكاد تستقيم، وأظن أن الناسخ العجل في هذا القسم من الكتاب، قد عجل كعادته، فنقل"ما يؤذيه""مما هو فيه" جعل"الياء" هاء، وشبك الذال في الياء وجعلها فاء. وسياق الجملة: "ليجعل بذلك لبعضكم المخرج والمخلص. . . من مكروه إن كان -فيه من صاحبه ما يؤذيه"_ أي: في هذا المكروه من صاحبه أذى له، وجملة"فيه من صاحبه ما يؤذيه"، صفة لقوله: "مكروه".]] وجعل ما جعل لكم عليهن من الرجعة سبيلا لكم إلى الوصول إلى ما نازعه إليه ودعاه إليه هواه، بعد فراقه إياهن منهن، لتدركوا بذلك قضاء أوطاركم منهن، إنعاما منه بذلك عليكم، لا لتتخذوا ما بينت لكم من ذلك في آي كتابي وتنزيلي -تفضلا مني ببيانه عليكم وإنعاما ورحمة مني بكم- لعبا وسخريا.
* * *
وبمعنى ما قلنا في ذلك قال، أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
٤٩٢٣- حدثني عبد الله بن أحمد بن شبويه قال، حدثنا أبي قال، حدثنا أيوب بن سليمان قال، حدثنا أبو بكر بن أبي أويس، عن سليمان بن بلال، عن محمد بن أبي عتيق وموسى بن عقبة، عن ابن شهاب، عن سليمان بن أرقم: أن الحسن حدثهم: أن الناس كانوا على عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم، يطلق الرجل أو يعتق فيقال: ما صنعت؟ فيقول: إنما كنت لاعبا! قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: من طلق لاعبا أو أعتق لاعبا فقد جاز عليه = قال الحسن: وفيه نزلت:"ولا تتخذوا آيات الله هزوا". [[الحديث: ٤٩٢٣- عبد الله بن أحمد بن شبويه: مضى في: ١٩٠٩- أبوه"أحمد بن محمد بن ثابت بن عثمان الخزاعي، أبو الحسن بن شبويه": ثقة، روى عنه ابن معين -وهو من أقرانه- وأبو زرعة وأبو داود، وغيرهم. أيوب بن سليمان بن بلال التيمي: ثقة من شيوخ البخاري. يروى عن أبيه بواسطة ابن أبي أويس. أبو بكر بن أبي أويس: هو عبد الحميد بن عبد الله بن عبد الله المدني الأعشى، مضى في: ٤٣٣٣. سليمان بن بلال: مضى في ٤١، ٤٣٣٣. محمد بن أبي عتيق: هو محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، نسب إلى"أبي عتيق" كنية جده"محمد بن عبد الرحمن". وهو ثقة، أخرج له البخاري في صحيحه. سليمان بن أرقم، أبو معاذ البصري: ضعيف جدا، قال البخاري: "تركوه". وقال ابن معين: "ليس يسوى فلسا، وليس بشيء". وقال أبو زرعة: "ضعيف الحديث، ذاهب الحديث". وهو من تلاميذ الزهري، ولكن الزهري يروى عنه أحيانا، كما في هذا الإسناد. وهذا الحديث ضعيف، لإرساله، إلى ضعف راويه سليمان بن أرقم. وقد جاء هذا الحديث المرسل بإسناد أجود من هذا -على إرساله-: فرواه ابن أبي حاتم، عن عصام بن رواد، عن آدم بن أبي إياس، عن المبارك بن فضالة، عن الحسن. ذكره ابن كثير ١: ٥٥٥. ثم أشار إلى إسناد الطبري هنا. وذكره السيوطي ١: ٢٨٦، وزاد نسبته لابن أبي شيبة.]] .
٤٩٢٤- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله:"ولا تتخذوا آيات الله هزوا"، قال: كان الرجل يطلق امرأته فيقول: إنما طلقت لاعبا! فنهوا عن ذلك، فقال تعالى ذكره:"ولا تتخذوا آيات الله هزوا".
٤٩٢٥- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا إسحاق بن منصور، عن عبد السلام بن حرب، عن يزيد بن عبد الرحمن، عن أبي العلاء، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي موسى: أن رسول الله صلي الله عليه وسلم غضب على الأشعريين -فأتاه أبو موسى فقال: يا رسول الله، غضبت على الأشعريين! فقال: يقول أحدكم:"قد طلقت، قد راجعت"!! ليس هذا طلاق المسلمين، طلقوا المرأة في قبل عدتها.
٤٩٢٦- حدثنا أبو زيد، عن ابن شبة قال، حدثنا أبو غسان النهدي قال، حدثنا عبد السلام بن حرب، عن يزيد بن أبي خالد -يعني الدالاني- عن أبي العلاء الأودي، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي موسى الأشعري، عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال:" لم يقول أحدكم لامرأته: قد طلقتك، قد راجعتك"؟ ليس هذا بطلاق المسلمين، طلقوا المرأة في قبل طهرها. [[الحديثان: ٤٩٢٥، ٤٩٢٦- إسحاق بن منصور السلولي- في الإسناد الأول: ثقة، أخرج له الأئمة الستة.
و"أبو زيد عن ابن شبة" -في الإسناد الثاني: لم أجد في هذه الطبقة من يعرف بأبي زيد، ولا في التي فوقها من يعرف بابن شبة. والظاهر أنه شيخ واحد، محرف عن"أبي زيد عمر بن شبة". أبو غسان النهدي: هو مالك بن إسماعيل بن درهم، مضى في: ٢٩٨٩.
يزيد بن عبد الرحمن - في الإسناد الأول: هو"يزيد أبو خالد الدالاني". في الإسناد الثاني. مضت ترجمته في: ٨٧٥. ووقع في الإسناد الثاني -هنا-"عن يزيد بن أبي خالد"، وزيادة"بن" خطأ.
أبو العلاء الأودي: هو داود بن عبد الله الأودي الزعافري. وهو ثقة، وثقه أحمد، وابن معين، وغيرهما. وأخطأ من خلط بينه وبين"داود بن يزيد الأودي، عم ابن إدريس". "الزعافري": نسبة إلى"الزعافر"، وهم بطن من"أود".
حميد بن عبد الرحمن الحميري البصري: تابعي ثقة، أخرج له الأئمة الستة.
والحديث رواه أيضًا البيهقي ٧: ٣٢٣، من طريق العباس بن محمد الدوري، عن مالك بن إسماعيل، وهو أبو غسان النهدي، عن عبد السلام بن حرب، به. وآخره عنده: "طلقوا المرأة في قبل طهرها". وقوله في الإسناد الثاني: "أنه قال: لم يقول أحدكم لامرأته" - في المطبوعة"لهم" بدل"لم". والظاهر أنها خطأ، فصححناه من رواية البيهقي.
وإسنادا الطبري هذان صحيحان. وكذلك إسناد البيهقي. ونقله ابن كثير ١: ٥٥٤، عن إسناد الطبري الأول، ثم أشار إلى الثاني. ونقله السيوطي ١: ٢٨٥ - ٢٨٦، ونسبة لابن ماجه، وابن جرير، والبيهقي. ثم نقله بنحوه ٦: ٢٣٠، ونسبه لعبد بن حميد، وابن مردويه.
ورواية ابن ماجه ليست بهذا اللفظ، ولا من هذا الوجه. فرواه ابن ماجه: ٢٠١٧، عن محمد بن بشار، عن مؤمل بن إسماعيل، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى، مرفوعا: "ما بال أقوام يلعبون بحدود الله؟ يقول أحدهم: قد طلقتك، قد راجعتك، قد طلقتك!! " وقال البوصيري في زوائده: "إسناده حسن، مؤمل بن إسماعيل اختلف فيه، فقيل: ثقة. وقيل: كثير الخطأ، وقيل: منكر الحديث".
وقد أخطأ البوصيري من وجهين. فإن مؤمل بن إسماعيل ثقة، كما بينا في: ٢٠٥٧. ثم هو لم ينفرد بروايته حتى يعل به.
فقد رواه البيهقي ٧: ٣٢٢، من طريق موسى بن مسعود النهدي، عن سفيان، وهو الثوري، بهذا الإسناد. ثم رواه أيضًا من طريق مؤمل بن إسماعيل، عن الثوري. وموسى بن مسعود: ثقة، كما بينا في: ٢٨٠، ١٦٩٣.]]
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ﴾
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: واذكروا نعمة الله عليكم بالإسلام، الذي أنعم عليكم به فهداكم له، وسائر نعمه التي خصكم بها دون غيركم من سائر خلقه، فاشكروه على ذلك بطاعته فيما أمركم به ونهاكم عنه، واذكروا أيضا مع ذلك ما أنزل عليكم من كتابه، وذلك: القرآن الذي أنزله على نبيه محمد صلي الله عليه وسلم، [[في المطبوعة: "من كتابه ذلك القرآن"، وهو سهو من الكاتب والصواب من المخطوطة.]] واذكروا ذلك فاعملوا به، واحفظوا حدوده فيه = و"الحكمة"، يعني: وما أنزل عليكم من الحكمة، وهي السنن التي علمكموها رسول الله صلي الله عليه وسلم وسنها لكم.
وقد ذكرت اختلاف المختلفين في معنى"الحكمة" فيما مضى قبل في قوله: ﴿وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ [[في المطبوعة والمخطوطة: "ويعلمكم الكتاب"، وصوابها هنا ما أثبت.]] [سورة البقرة: ١٢٩] ، فأغنى عن إعادته في هذا الموضع. [[انظر ما سلف ٣: ٨٧، ٨٨.]]
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٣١) ﴾
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله:"يعظكم به"، يعظكم بالكتاب الذي أنزل عليكم = والهاء التي في قوله:"به"، عائدة على الكتاب.
"واتقوا الله"، يقول: وخافوا الله = فيما أمركم به وفيما نهاكم عنه في كتابه الذي أنزله عليكم، وفيما أنزله فبينه على لسان رسول الله صلي الله عليه وسلم لكم = أن تضيعوه وتتعدوا حدوده، فتستوجبوا ما لا قبل لكم به من أليم عقابه ونكال عذابه.
وقوله:"واعلموا أن الله بكل شيء عليم"، يقول: واعلموا أيها الناس أن ربكم = الذي حد لكم هذه الحدود، وشرع لكم هذه الشرائع، وفرض عليكم هذه الفرائض، في كتابه وفي تنزيله على رسوله محمد صلي الله عليه وسلم= بكل ما أنتم عاملوه- من خير وشر، وحسن وسيئ، وطاعة ومعصية، عالم لا يخفى عليه من ظاهر ذلك وخفيه وسره وجهره، شيء، وهو مجازيكم بالإحسان إحسانا، وبالسيئ سيئا، إلا أن يعفو ويصفح، فلا تتعرضوا لعقابه وتظلموا أنفسكم. [[في المطبوعة: "ولا تظلموا أنفسكم"، والصواب من المخطوطة بحذف"لا".]]
{"ayah":"وَإِذَا طَلَّقۡتُمُ ٱلنِّسَاۤءَ فَبَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمۡسِكُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٍ أَوۡ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعۡرُوفࣲۚ وَلَا تُمۡسِكُوهُنَّ ضِرَارࣰا لِّتَعۡتَدُوا۟ۚ وَمَن یَفۡعَلۡ ذَ ٰلِكَ فَقَدۡ ظَلَمَ نَفۡسَهُۥۚ وَلَا تَتَّخِذُوۤا۟ ءَایَـٰتِ ٱللَّهِ هُزُوࣰاۚ وَٱذۡكُرُوا۟ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَیۡكُمۡ وَمَاۤ أَنزَلَ عَلَیۡكُم مِّنَ ٱلۡكِتَـٰبِ وَٱلۡحِكۡمَةِ یَعِظُكُم بِهِۦۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَیۡءٍ عَلِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق