الباحث القرآني
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (٣٤) ﴾
يقول تعالى ذكره: هذا الذي بيَّنت لكم صفته، وأخبرتكم خبره، من أمر الغلام الذي حملته مريم، هو عيسى ابن مريم، وهذه الصفة صفته، وهذا الخبر خبره، وهو ﴿قَوْلَ الْحَقِّ﴾ يعني أن هذا الخبر الذي قصصته عليكم قول الحقّ، والكلام الذي تلوته عليكم قول الله وخبره، لا خبر غيره، الذي يقع فيه الوهم والشكّ، والزيادة والنقصان، على ما كان يقول الله تعالى ذكره: فقولوا في عيسى أيها الناس، هذا القول الذي أخبركم الله به عنه، لا ما قالته اليهود، الذين زعموا أنه لغير رشدة، وأنه كان ساحرًا كذّابا، ولا ما قالته النصارى، من أنه كان لله ولدا، وإن الله لم يتخذ ولدا، ولا ينبغي ذلك له.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله ﴿ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ﴾ قال: الله الحقّ.
⁕ حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن الأعمش، عن إبراهيم، قال: كانوا يقولون في هذا الحرف في قراءة عبد الله، قال: ﴿الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ﴾ ، قال: كلم الله.
ولو وُجِّه تأويل ذلك إلى: ذلك عيسى ابن مريم القول الحقّ، بمعنى ذلك القول الحقّ، ثم حذفت الألف واللام من القول، وأضيف إلى الحقّ، كما قيل: ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ.﴾ وكما قيل: ﴿وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ﴾ كان تأويلا صحيحًا.
وقد اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامَّة قرّاء الحجاز والعراق ﴿قَوْلُ الحَقّ﴾ برفع القول على ما وصفت من المعنى. وجعلوه في إعرابه تابعًا لعيسى، كالنعت له، وليس الأمر في إعرابه عندي على ما قاله الذين زعموا أنه رفع على النعت لعيسى، إلا أن يكون معنى القول الكلمة، على ما ذكرنا عن إبراهيم من تأويله ذلك كذلك، فيصحّ حينئذ أن يكون نعتا لعيسى، وإلا فرفعه عندي بمضمر، وهو هذا قول الحقّ على الابتداء، وذلك أن الخبر قد تناهى عن قصة عيسى وأمه عند قوله ﴿ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ﴾ ثم ابتدأ الخبر بأن الحق فيما فيه تمتري الأمم من أمر عيسى، هو هذا القول، الذي أخبر الله به عنه عباده، دون غيره، وقد قرأ ذلك عاصم بن أبي النجود وعبد الله بن عامر بالنصب، وكأنهما أرادا بذلك المصدر: ذلك عيسى ابن مريم قولا حقا، ثم أدخلت فيه الألف واللام، وأما ما ذُكر عن ابن مسعود من قراءته ﴿ذلكَ عِيسَى ابنُ مَرْيَمَ قالُ الحقّ﴾ فإنه بمعنى قول الحقّ، مثل العاب والعيب، والذام والذيم.
قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك عندنا: الرفع، لإجماع الحجة من القرّاء عليه. وأما قوله تعالى ذكره: ﴿الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ﴾ فإنه يعني: الذي فيه يختصمون ويختلفون، من قولهم: ماريت فلانا: إذا جادلته وخاصمته.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ﴿ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ﴾ امترت فيه اليهود والنصارى؛ فأما اليهود فزعموا أنه ساحر كذّاب؛ وأما النصارى فزعموا أنه ابن الله، وثالث ثلاثة، وإله، وكذبوا كلهم، ولكنه عبد الله ورسوله، وكلمته وروحه.
⁕ حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، فال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله ﴿الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ﴾ قال: اختلفوا؛ فقالت فرفة: هو عبد الله ونبيه، فآمنوا به. وقالت فرقة: بل هو الله. وقالت فرقة: هو ابن الله. تبارك وتعالى عما يقولون علوًّا كبيرا، قال: فذلك قوله ﴿فَاخْتَلَفَ الأحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ﴾ والتي في الزخرف، قال دِقْيوس ونسطور ومار يعقوب، قال أحدهم حين رفع الله عيسى: هو الله، وقال الآخر: ابن الله، وقال الآخر: كلمة الله وعبده، فقال المفتريان: إن قولي هو أشبه بقولك، وقولك بقولي من قول هذا، فهلمّ فلنقاتلهم، فقاتلوهم وأوطئوهم إسرائيل، فأخرجوا منهم أربعة نفر، أخرج كلّ قوم عالمهم، فامتروا في عيسى حين رُفِع، فقال أحدهم: هو الله هبط إلى الأرض وأحيا من أحيا، وأمات من أمات، ثم صعد إلى السماء، وهم النسطورية، فقال الاثنان: كذبت، ثم قال أحد الاثنين للآخر: قل فيه، قال: هو ثالث ثلاثة: الله إله، وهو إله، وأمه إله، وهم الإسرائيلية ملوك النصارى؛ قال الرابع: كذبت، هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته، وهم المسلمون، فكان لكل رجل منهم أتباع على ما قال، فاقتتلوا، فظهر على المسلمين، وذلك قول الله: ﴿وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ﴾ قال قتادة: هم الذين قال الله: ﴿فَاخْتَلَفَ الأحْزَابُ﴾ اختلفوا فيه فصاروا أحزابا.
{"ayah":"ذَ ٰلِكَ عِیسَى ٱبۡنُ مَرۡیَمَۖ قَوۡلَ ٱلۡحَقِّ ٱلَّذِی فِیهِ یَمۡتَرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق