الباحث القرآني

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلا (٥٨) ﴾ يقول تعالى ذكره لنبيه محمد ﷺ: وربك الساتر يا محمد على ذنوب عباده بعفوه عنهم إذا تابوا منها ﴿ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا﴾ هؤلاء المعرضين عن آياته إذا ذكروا بها بما كسبوا من الذنوب والآثام، ﴿لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ﴾ ولكنه لرحمته بخلقه غير فاعل ذلك بهم إلى ميقاتهم وآجالهم، ﴿بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ﴾ يقول: لكن لهم موعد، وذلك ميقات محلّ عذابهم، وهو يوم بدر ﴿لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلا﴾ يقول تعالى ذكره: لن يجد هؤلاء المشركون، وإن لم يعجل لهم العذاب في الدنيا من دون الموعد الذي جعلته ميقاتا لعذابهم، ملجأ يلجئون إليه، ومنجى ينجون معه، يعني أنهم لا يجدون معقلا يعتقلون به من عذاب الله، يقال منه: وألت من كذا إلى كذا، أئل وءولا مثل وعولا ومنه قول الشاعر: لا وَاءَلَتْ نَفْسُكَ خَلَّيْتَها ... للعامِريينَ وَلمْ تُكْلَمِ [[البيت: من شواهد الفراء في معاني القرآن (الورقة: ١٨٧) قال: وقوله: " لن يجدوا من دونه موئلا ": الموئل: المنجى وهو الملجأ والمعنى واحد. والعرب تقول: إنه ليوائل إلى موضعه، يريدون: يذهب إلى موضعه وحرزه. وقال الشاعر: " لا واءلت نفسك. . . " البيت. يريدون: لا نجت. وفي (اللسان: وأل) قال أبو الهيثم: يقال: وأل يئل وألا ووألة، وواءل يوائل مواءلة ووئالا. وقال الليث: المآل والموئل: الملجأ.]] يقول: لا نجت، وقول الأعشى: وَقَدْ أُخالس رَبَّ البَيْتِ غَفْلَتَهُ ... وقَدْ يحاذِر مِنِّي ثَمَّ ما يَئِلُ [[البيت من لامية الأعشى ميمون بن قيس (ديوانه بشرح الدكتور محمد حسين ص ٥٩) قال: خلس الشيء سرقه وأخذه خفية. ما يئل: ما ينجو، والماضي وأل: أي نجا. يقول: وقد استبى كل عقيلة يحذر عليها صاحبها ويحوطها برعايته، فلا ينجيه مني الحذر وهو أيضا من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن (١: ٤٠٨) كالشاهد السابق، في تفسير قوله تعالى: " لن يجدوا من دونه موئلا "، قال: وقال الأعشى: " وقد أخالس. . . " البيت. أي لا ينجو.]] وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى "ح"، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ﴿مَوْئِلا﴾ قال: محرزا. ⁕ حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله. ⁕ حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ﴿لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلا﴾ : يقول: ملْجأً. ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ﴿لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلا﴾ : أي لن يجدوا من دونه وليا ولا ملْجأً. ⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ﴿لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلا﴾ قال: ليس من دونه ملجأ يلجئون إليه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب