الباحث القرآني

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (٧) ﴾ قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: واذكروا أيضًا حين آذنكم رَبُّكم. * * * = و"تأذن"، "تفعَّل" من "آذن". والعرب ربما وضعت "تفعَّل" موضع "أفعل"، كما قالوا: " أوعدتُه " "وتَوعَّدته"، بمعنى واحد. و"آذن"، أعلم، [[انظر تفسير " أذن " فيما سلف ١٣: ٢٠٤، ثم تفسير " الإذن " فيما سلف من فهارس اللغة. ثم انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ٣٤٥.]] كما قال الحارث بن حِلِّزة: آذَنَتْنَا بِبَيْنِهَا أَسْمَاءُ ... رُبَّ ثَاوٍ يُمَلُّ مِنْهُ الثَّوَاءُ [[مطلع طويلته المشهورة، انظر شرح القصائد السبع لابن الأنباري: ٤٣٣.]] يعني بقوله: "آذنتنا"، أعلمتنا. * * * وذكر عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقرأ: ﴿وإذ تأذن ربكم﴾ : "وَإِذْ قَالَ رَبُّكُمْ ":- ٢٠٥٨٣- حدثني بذلك الحارث قال، حدثني عبد العزيز قال، حدثنا سفيان، عن الأعمش عنه. [[الأثر: ٢٠٥٨٣ - " الحارث "، هو " الحارث بن أبي أسامة " منسوبًا إلى جده، وهو " الحارث بن محمد بن أبي أسامة التميمي "، شيخ الطبري، ثقة، سلف مرارًا آخرها رقم: ١٤٣٣٣. و" عبد العزيز "، هو " عبد العزيز بن أبان الأموي "، كذاب خبيث يضع الأحاديث، مضى مرارًا كثيرة آخرها رقم ١٤٣٣٣.]] ٢٠٥٨٤- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله: ﴿وإذ تأذن ربكم﴾ ، وإذ قال ربكم، ذلك "التأذن". * * * وقوله: ﴿لئن شكرتم لأزيدنكم﴾ ، يقول: لئن شكرتم ربَّكم، بطاعتكم إياه فيما أمركم ونهاكم، لأزيدنكم في أياديه عندكم ونعمهِ عليكم، على ما قد أعطاكم من النجاة من آل فرعون والخلاص مِنْ عذابهم. * * * وقيل في ذلك قولٌ غيره، وهو ما:- ٢٠٥٨٥- حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا الحسين بن الحسن قال، أخبرنا ابن المبارك قال، سمعت علي بن صالح، يقول في قول الله عز وجل: ﴿لئن شكرتم لأزيدنكم﴾ ، قال: أي من طاعتي. ٢٠٥٨٦- حدثنا المثنى قال، حدثنا يزيد قال، أخبرنا ابن المبارك قال: سمعت علي بن صالح، فذكر نحوه. ٢٠٥٨٧- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان: ﴿لئن شكرتم لأزيدنكم﴾ ، قال: من طاعتي. ٢٠٥٨٨- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا مالك بن مغول، عن أبان بن أبي عياش، عن الحسن، في قوله: ﴿لئن شكرتم لأزيدنكم﴾ ، قال: من طاعتي. * * * قال أبو جعفر: ولا وجهَ لهذا القول يُفْهَم، لأنه لم يجرِ للطاعة في هذا الموضع ذكرٌ فيقال: إن شكرتموني عليها زدتكم منها، وإنما جَرَى ذكر الخبر عن إنعام الله على قوم موسى بقوله: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾ ، ثم أخبرهم أن الله أعلمهم إن شكروه على هذه النعمة زادهم. فالواجب في المفهوم أن يكون معنى الكلام: زادهم من نعمه، لا مما لم يجرِ له ذكر من "الطاعة"، إلا أن يكون أريد به: لئن شكرتم فأطعتموني بالشكر، لأزيدنكم من أسباب الشكر ما يعينكم عليه، فيكون ذلك وجهًا. * * * وقوله: ﴿ولئن كفرتم إن عذابي لشديد﴾ ، يقول: ولئن كفرتم، أيها القوم، نعمةَ الله، فجحدتموها بتركِ شكره عليها وخلافِه في أمره ونهيه، وركوبكم معاصيه = ﴿إن عَذَابي لشديد﴾ ، أعذبكم كما أعذب من كفر بي من خلقي. * * * وكان بعض البصريين يقول في معنى قوله: ﴿وإذ تأذن ربكم﴾ ، وتأذّن ربكم: ويقول: "إذ" من حروف الزوائد، [[هو أبو عبيدة في مجاز القرآن ١: ٣٤٥.]] وقد دللنا على فساد ذلك فيما مضى قبل. [[انظر ما سلف ١: ٤٣٩ - ٤٤٤ ويزاد في المراجع ص: ٤٣٩، تعليق: ١ أن قول أبي عبيدة هذا في مجاز القرآن ١: ٣٦، ٣٧.]]
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب