الباحث القرآني

القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ (٢١) ﴾ قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: ﴿وبرزوا لله جميعًا﴾ ، وظهر هؤلاء الذين كفروا به يوم القيامة من قبورهم، فصاروا بالبَراز من الأرض [[انظر تفسير " برز " فيما سلف ٥: ٣٥٤ / ٧: ٣٢٤ / ٨: ٥٦٢.]] = ﴿جميعًا﴾ ، يعني كلهم [[انظر تفسير " الجميع " فيما سلف ١٥: ٢١٢.]] = ﴿فقال الضعفاء للذين استكبروا﴾ ، يقول: فقال التُّبَّاع منهم للمتبوعين، وهم الذين كانوا يستكبرون في الدنيا عن إخلاص العبادة لله واتباع الرسل الذين أرسلوا إليهم [[انظر تفسير " الضعفاء " فيما سلف ١٤: ٤١٩، تعليق: ٢، والمراجع هناك. = وتفسير " الاستكبار " فيما سلف ١٥: ١٥٥، تعليق: ٢، والمراجع هناك.]] = ﴿إنَّا كنا لكم تَبَعًا﴾ ، في الدنيا. * * * و"التبع" جمع "تابع"، كما الغَيَب جمع "غائب". * * * وإنما عنوا بقولهم: ﴿إنا كنا لكم تبعًا﴾ ، أنهم كانوا أتباعهم في الدنيا يأتمرون لما يأمرونهم به من عبادة الأوثان والكفر بالله، وينتهون عما نهوهم عنه من اتّباع رسل الله = ﴿فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء﴾ ، يعنون: فهل أنتم دافعون عنَّا اليوم من عذاب الله من شيء. [[انظر تفسير " الإغناء " فيما سلف ١٦٦، تعليق: ١، والمراجع هناك.]] * * * وكان ابن جريج يقول نحو ذلك: ٢٠٦٣٨ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، قوله: ﴿وقال الضعفاء﴾ ، قال: الأتباع = ﴿للذين استكبروا﴾ ، قال: للقادة. * * * قوله: ﴿لو هدانا الله لهديناكم﴾ ، يقول عز ذكره: قالت القادةُ على الكفر بالله لتُبَّاعها: ﴿لو هدانا الله﴾ ، يعنون: لو بَيَّن الله لنا شيئًا ندفع به عَذَابَه عنا اليوم = ﴿لهديناكم﴾ ، لبيَّنا ذلك لكم حتى تدفعوا العذابَ عن أنفسكم، ولكنا قد جزعنا مِن العذاب، فلم ينفعنا جزعُنا منه وصَبْرُنا عليه [[انظر تفسير " الهدى " فيما سلف من فهارس اللغة (هدي) .]] = ﴿سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص﴾ ، يعنون: ما لهم من مَراغٍ يرُوغون عنه. [[في المطبوعة: " مزاغ "، و " يزوغون "، و " زاغ "، كل ذلك بالزاي، والذي في المخطوطة صواب محض.]] * * * يقال منه: "حاص عن كذا"، إذا راغ عنه، "يَحِيصُ حَيْصًا، وحُيُوصًا وحَيَصَانًا. [[انظر تفسير " الحيص " فيما سلف ٩: ٢٢٦.]] * * * ٢٠٦٣٩ - وحدثني المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك، عن الحكم، عن عُمَر بن أبي ليلى، أحد بني عامر، قال: سمعت محمد بن كعب القرظي يقول: بلغني، أو ذُكِر لي أن أهل النار قال بعضهم لبعضٍ: يا هؤلاء، إنه قد نزل بكم من العذاب والبلاء ما قد ترون، فهلمَّ فلنصبر، فلعل الصَّبر ينفعنا، كما صبر أهل الدنيا على طاعة الله فنفعهم الصبر إذ صبروا. قال: فيُجْمعون رأيهم على الصَّبر. قال، فصبروا، فطال صبرهم، ثم جزعوا فنادوا: ﴿سواءٌ علينا أجزِعْنَا أم صبرنَا ما لنا من محيص﴾ ، أي من منجًي. [[الأثر: ٢٠٦٣٩ - " الحكم "، هو " الحكم المكي "، شيخ لعبد الله بن المبارك توقف الإمام البخاري في أمره. وقال ابن أبي حاتم: هو مجهول. قال البخاري: " الحكم المكي، عن عمر بن أبي ليلى، سمع منه ابن المبارك ومحمد بن مقاتل. وروى مروان، يعني ابن معاوية، عن الحكم بن أبي خالد، مولى بني فزارة، عن عمر بن أبي ليلى. قال الحسن بن علي، وعن الحكم بن أبي خالد، عن الحسن، عن جابر، في الجنة، فلا أدري هذا من ذاك ". وكأن هذا إشارة إلى هذا الخبر نفسه. وذكر في ترجمة " الحكم بن ظهير الفزاري ": " حدثنا محمد بن عبد العزيز، قال حدثنا مروان، عن الحكم بن أبي خالد، مولى بني فزارة، عن عمر بن أبي ليلى النميري ... "، وقال مثل ما قال في ترجمة " الحكم المكي ". ثم ترجم " الحكم بن أبي خالد "، ولم يذكر فيه شيئًا من هذا. وأما ابن أبي حاتم فاقتصر على ترجمة " الحكم المكي "، ولم يذكر فيه " الحكم بن أبي خالد ". وقال ابن حجر في التهذيب: " قال ابن أبي خيثمة: سمعت يحيى بن معين يقول: كان مروان بن معاوية يغير الأسماء، يعمي على الناس، يقول: حدثنا الحكم بن أبي خالد، وإنما هو الحكم بن ظهير ". وانظر هذا الذي ذكرت في الكبير للبخاري ١/٢/٣٣٦، ٣٣٩، ٣٤٢، وابن أبي حاتم ١/٢/١٣١، وميزان الاعتدال ١: ٢٧٣، ولسان الميزان ٢: ٣٤١، وتهذيب التهذيب. و" عمر بن أبي ليلي "، قال البخاري في الكبير ٣/٢/١٩٠: " روى عنه الحكم المكي، وقال بعضهم: " عمر بن أبي ليلى، أخو بني عامر، سمع محمد بن كعب، قوله ". وزاد البخارى في ترجمة " الحكم بن ظهير " في نسبته " النميري "، كما سلف قريبًا. وقال مثل ذلك ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ٣/١/١٣١، وزاد عن أبيه فقال: " سمعته يقول: هو مجهول "، وفي ميزان الاعتدال ٢: ٢٦٨ قال: " قلت حدث عنه ابن أبي فديك والواقدي "، وزاد ابن حجر في لسان الميزان ٤: ٢٢٤ قال: " وذكره ابن حبان في الثقات ". وكان في المطبوعة: " عمرو بن أبي ليلى "، غير ما هو ثابت في المخطوطة على الصواب. و" محمد بن كعب القرظي "، تابعي ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارًا كثيرة لا تعد. وهذا الخبر تالف، لما علمت من أمر " الحكم المكي " وجهالته، فإن كان هو " الحكم بن ظهير الفزاري "، فهو متروك كما سلف مرارًا كثيرة.]] ٢٠٦٤٠ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله: ﴿سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص﴾ ، قال: إن أهل النار قال بعضهم لبعض: تعالوا، فإنما أدركَ أهل الجنة الجنَّةَ ببكائهم وتضرُّعهم إلى الله، فتعالوا نبكي ونتضرع إلى الله! قال: فبكوا، فلما رأوا ذلك لا ينفعهم قالوا: تعالوا، فإنَّما أدرك أهل الجنة الجنّةَ بالصبر، [[تلعب الناشر بالكلام فجعله: " فما أدرك أهل الجنة الجنة إلا بالصبر "، فجعل " فإنما " " فما " ثم زاد " إلا "! فاعجب لما فعل.]] تعالوا نصبر! فصبروا صبرًا لم يُرَ مثله، فلم ينفعهم ذلك، فعند ذلك قالوا: ﴿سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص﴾ .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب