الباحث القرآني

القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (١٥) ﴾ قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: واستفتحت الرُّسل على قومها: أي استنصرت الله عليها [[انظر تفسير " الاستفتاح " فيما سلف ٢: ٢٥٤ / ١٠: ٤٠٥، ٤٠٦، ومجاز القرآن ١: ٣٣٧.]] = ﴿وخاب كل جبار عنيد﴾ ، يقول: هلك كل متكبر جائر حائدٍ عن الإقرار بتوحيد الله وإخلاص العبادة له. * * * و"العنيد" و"العاند" و"العَنُود"، بمعنى واحد. [[انظر تفسير " عنيد " فيما سلف ١٥: ٣٦٦، ٣٦٧، ومجاز القرآن ١: ٣٣٧.]] * * * ومن "الجبار"، تقول: هو جَبَّار بَيِّنُ الجَبَريَّة، والجَبْرِيَّة، والجَبْرُوَّة، والجَبَرُوت. [[انظر تفسير " جبار " فيما سلف ١٠، ١٧٢/١١: ٤٧٠ / ١٥: ٣٦٦. هذا، وفي المطبوعة: " هو جبار بين الجبرية، والجبروتية، والجبروة، والجبروت " زاد في اللغة ما لا نص عليه، وهو " الجبروتية "، ونقص واحدة من الخمس " الجبروة ". وكان في المخطوطة مكان " الجبرية " الثانية: " الجبر ننبه "، غير منقوطة، وأساء كتابتها.]] * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ٢٠٦١٢ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى = وحدثني الحارث قال، حدثنا الحسن قال: حدثنا ورقاء = جميعًا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ﴿واستفتحوا﴾ ، قال: الرسل كلها. يقول: استنصروا = ﴿عنيد﴾ ، قال معاند للحق مجانبه. [[الأثر: ٢٠٦١٢ - هذا الذي أثبته هو الذي جاء في المخطوطة، وطابق ما خرجه السيوطي في الدر المنثور ٤: ٧٣، عن مجاهد، ونسبه لابن جرير، وابن المنذر وابن أبي حاتم، وكان في المطبوعة هنا. " يقول: استنصروا على أَعدائهم ومعانديهم، أَي على من عاند عن اتباع الحق وتجنَّبه ".]] ٢٠٦١٣ - حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا شبابة قال، حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. ٢٠٦١٤ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، = ح وحدثني الحارث قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: ﴿واستفتحوا﴾ ، قال: الرسل كُلها استنصروا = ﴿وخاب كل جبَّار عَنيد﴾ ، قال: معاند للحق مجانبه. ٢٠٦١٥ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله = وقال ابن جريج: استفتحوا على قومهم. ٢٠٦١٦ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى ... [[الأثر: ٢٠٦١٦ - هذا إسناد مقحم فيما أرجح، وإنما هو صدر الإسناد رقم: ٢٠٦١٢ اجتلبته يد الناسخ سهوًا إلى هذا المكان. والله أعلم.]] ٢٠٦١٧ - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: ﴿واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد﴾ ، قال: كانت الرسلُ والمؤمنون يستضعفهم قومُهم، ويقهَرُونهم ويكذبونهم، ويدعونهم إلى أن يعودوا في مِلّتهم، فأبَى الله عز وجل لرسله وللمؤمنين أن يعودُوا في مِلّة الكفر، وأمرَهُم أن يتوكلوا على الله، وأمرهم أن يستفتحوا على الجبابرة، ووعدهم أن يُسْكنهم الأرض من بعدهم، فأنجز الله لهم ما وعدهم، واستفتحوا كما أمرهم أن يستفتحوا، ﴿وخابَ كل جبار عنيد﴾ . ٢٠٦١٨ - حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال، حدثنا أبو عوانة، عن المغيرة، عن إبراهيم، في قوله: ﴿وخاب كل جبار عنيد﴾ ، قال: هو النَّاكب عن الحق. [[الأثر: ٢٠٦١٨ - في هذا الخبر أيضًا زيادة لا أدري كيف جاءت، فاقتصرت على ما في المخطوطة، وهو مطابق لما خرجه السيوطي في الدر المنثور ٤: ٧٣، عن إبراهيم النخعي، ونسبه لابن جرير وحده، والزيادة التي كانت المطبوعة هي: " أي الحائد عن اتباع طريق الحق" وانظر الخبر التالي، بلا زيادة أيضًا.]] ٢٠٦١٩ - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا مطرف، عن بشر، عن هشيم، عن مغيرة، عن سماك، عن إبراهيم: ﴿وخاب كل جبار عنيد﴾ ، قال: الناكب عن الحق. [[الأثر: ٢٠٦١٩ - " مطرف بن بشر "، لا أدري ما هو، ولم أجد له ذكرًا في شيء مما بين يدي. وجاء ناشر المطبوعة فجعله " مطرف، عن بشر " بلا دليل.]] ٢٠٦٢٠ - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ﴿واستفتحوا﴾ ، يقول: استنصرت الرسل على قومها = قوله: ﴿وخاب كل جبار عنيد﴾ ، و"الجبار العنيد": الذي أبى أن يقول: لا إله إلا الله. ٢٠٦٢١ - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: ﴿واستفتحوا﴾ ، قال: استنصرت الرسل على قومها = ﴿وخاب كل جبار عنيد﴾ ، يقول: عَنِيد عن الحق، مُعْرِض عنه. [[في المطبوعة، والدر المنثور ٤: ٧٣: " بعيد عن الحق "، وأرى الصواب ما في المخطوطة، انظر ما سلف في تفسير " عنيد " ص:.. ٥٤٢، ٥٤٣]] ٢٠٦٢٢ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة، مثله - وزاد فيه: مُعْرِض، [[في المطبوعة: " معرض عنه "، كأنه زادها من عنده.]] أبى أن يقول: لا إله إلا الله. ٢٠٦٢٣ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله: ﴿وخاب كل جبار عنيد﴾ ، قال: "العنيد عن الحق"، الذي يعنِدُ عن الطريق، قال: والعرب تقول:" شرُّ الأهْل العَنِيد" [[في المطبوعة: " شر الإبل "، ولا أدري أهو صواب، أم غيرها الناشر، ولكني أثبت ما في المخطوطة، فهو عندي أوثق.]] الذي يخرج عن الطريق. ٢٠٦٢٤ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله: ﴿واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد﴾ ، قال: "الجبّار": المتجبّر. [[في المطبوعة: " هو المتجبر "، زاد في الكلام.]] * * * وكان ابن زيد يقول في معنى قوله: ﴿واستفتحوا﴾ ، خلاف قول هؤلاء، ويقول: إنما استفتحت الأمم، فأجيبت. ٢٠٦٢٥ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله: ﴿واستفتحوا﴾ ، قال: استفتاحهم بالبلاء، قالوا: اللهم إن كان هذا الذي أتى به محمد هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارةً من السماء، كما أمطرتها على قوم لوط، أو ائتنا بعذاب أليم. [[هذا من تأويل آية سورة الأنفال: ٣٢.]] قال: كان استفتاحهم بالبلاء كما استفتح قوم هود: ﴿فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [سورة الأعراف: ٧٠] قال: فالاستفتاح العذاب، قال: قيل لهم: إنّ لهذا أجلا! حين سألوا الله أن ينزل عليهم، فقال:" بلْ نُؤخِّرُهُمْ ليَوْم تَشْخَصُ فِيهِ الأبْصَار". [[هو انتزاع من آية سورة إبراهيم: ٤٢.]] فقالوا: لا نريد أن نؤخر إلى يوم القيامة: ﴿رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا﴾ عَذَابَنَا ﴿قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ﴾ [سورة ص: ١٦] . وقرأ: ﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ﴾ حتى بلغ: ﴿وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [سورة العنكبوت: ٥٣ - ٥٥] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب