القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَفِي الأرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٤) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره ﴿وفي الأرض قطع متجاورات﴾ ، وفي الأرض قطع منها متقاربات متدانيات، يقرب بعضها من بعض بالجوار، وتختلف بالتفاضل مع تجاورها وقرب بعضها من بعض، فمنها قِطْعة سَبَخَةٌ لا تنبت شيئًا في جوار قطعة طيبة تنبت وتنفع.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
٢٠٠٦٧- حدثنا أبو كريب قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن ليث، عن مجاهد: ﴿وفي الأرض قطع متجاورات﴾ قال: السَّبَخة والعَذِيَة، [[" السبخة" (بفتح السين والباء، وبفتح السين وكسر الباء) : هي الأرض المالحة، ذات الملح والنز، ولا تكاد تنبت إلا بعض الشجر. و" العذية" (بفتح العين وسكون الذال، وفتح الياء بغير تشديد) ، و" العذاة" أيضًا: وهي الأرض التربة، الكريمة المنبت، التي ليست بسبخة، ولا تكون ذات وخامة ولا وباء.]] والمالح والطيب.
٢٠٠٦٨- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد، قوله: ﴿وفي الأرض قطع متجاورات﴾ قال: سِبَاخٌ وعَذَويّة.
٢٠٠٦٩- حدثني المثنى قال: ثنا أبو نعيم قال: حدثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد، مثله.
٢٠٠٧٠- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا سعيد بن سليمان قال: حدثنا إسحاق بن سليمان، عن أبي سنان، عن ابن عباس في قوله: ﴿وفي الأرض قطع متجاورات﴾ قال: العَذِيَة والسَّبخة.
٢٠٠٧١- حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ﴿وفي الأرض قطع متجاورات﴾ يعني: الأرض السبخة، والأرض العذية، يكونان جميعًا متجاورات، يُفضِّل بعضها على بعض في الأكُل. [[في المخطوطة والمطبوعة، ذكر بعد هذا الخبر التالي رقم: ٢٠٠٧٢، مبتور الآخر، ثم عاد فروى هذا الخبر (رقم: ٢٠٠٧١) بنصه وإسناده، ثم اتبعه الخبر رقم: ٢٠٠٧٢، فحذفت ما بين ذلك، لأنه تكرار لا شك فيه، وسهو من ناسخ الكتاب.]]
٢٠٠٧٢- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: قال ابن عباس: ﴿قطع متجاورات﴾ العذية والسبخة، متجاورات جميعًا، تنبت هذه، وهذه إلى جنبها لا تُنْبِت.
٢٠٠٧٣- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ﴿قطع متجاورات﴾ طيِّبها: عذبُها، وخبيثها: السَّباخ.
٢٠٠٧٤- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، بنحوه.
٢٠٠٧٥-...... قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
٢٠٠٧٦- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ﴿وفي الأرض قطع متجاورات﴾ قُرًى قَرُبت متجاورات بعضها من بعض.
٢٠٠٧٧- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: ﴿وفي الأرض قطع متجاورات﴾ قال: قُرًى متجاورات.
٢٠٠٧٨- حدثني المثنى قال: حدثنا عمرو قال: حدثنا هشيم، عن أبي إسحاق الكوفي، عن الضحاك، في قوله: ﴿قطع متجاورات﴾ قال: الأرض السبخة، [[في المطبوعة:" الأرض السبخة بينها الأرض العذية"، لم يحسن قراءة المخطوطة، لأنها غير منقوطة.]] تليها الأرض العَذِية. [[الأثر: ٢٠٠٧٨ -" أبو إسحاق الكوفي"،" عبد الله بن ميسرة الحارثي"، كنيته" أبو ليلى"، وكناه هشيم:" أبا إسحاق" تارة و" أبا عبد الجليل" تارة أخرى، كأنه يدلس بكنيته وهو ضعيف، مضى برقم: ٦٩٢٠، ٩٢٥٠، ١٣٤٨٩.]]
٢٠٠٧٩- حدثت عن الحسين بن الفرج قال: سمعت أبا معاذ يقول، حدثنا عبيد بن سليمان قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (وفي الأرض قطع متجاورات) يعني الأرض السَّبِخة والأرض العَذِيَة، متجاورات بعضها عند بعض.
٢٠٠٨٠- حدثنا الحارث قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا إسرائيل، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في قوله: ﴿وفي الأرض قطع متجاورات﴾ قال: الأرض تنبت حُلوًا، والأرض تنبت حامضًا، وهي متجاورة تسقى بماءٍ واحد.
٢٠٠٨١- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا إسرائيل، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: ﴿وفي الأرض قطع متجاورات﴾ قال: يكون هذا حلوًا وهذا حامضًا، وهو يسقى بماء واحد، وهن متجاورات.
٢٠٠٨٢- حدثني عبد الجبار بن يحيى الرملي قال: حدثنا ضمرة بن ربيعة، عن ابن شوذب في قوله: ﴿وفي الأرض قطع متجاورات﴾ قال: عَذِيَة ومالحة. [[الأثر: ٢٠٠٨٢ -" عبد الجبار بن يحيى الرملي"، شيخ الطبري، لم نجد له بعد ترجمة. ومضى برقم: ٧٤٢٥، ٧٤٤٦.]]
* * *
وقوله: ﴿وجنات من أعناب وزرع ونخيل صِنْوان وغير صنوان يسقى بماء واحدٍ ونفضّل بعضها على بعض في الأكُل﴾ يقول تعالى ذكره: وفي الأرض مع القطع المختلفات المعاني منها، بالملوحة والعذوبة، والخبث والطيب، [[في المطبوعة:" والخبيث"، والصواب ما في المخطوطة.]] مع تجاورها وتقارب بعضها من بعض، بساتين من أعناب وزرع ونخيلٍ أيضًا، متقاربةٌ في الخلقة مختلفة في الطعوم والألوان، مع اجتماع جميعها على شرب واحد. فمن طيّبٍ طعمُه منها حسنٍ منظره طيبةٍ رائحته، ومن حامضٍ طعمه ولا رائحة له.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
٢٠٠٨٣- حدثنا ابن حميد قال: ثنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، في قوله: ﴿وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان﴾ قال: مجتمع وغير مجتمع="تسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل"، قال: الأرض الواحدة يكون فيها الخوخ والكمثرى والعنب الأبيض والأسود، وبعضها أكثر حملا من بعض، وبعضه حلو، وبعضه حامض، وبعضه أفضل من بعض.
٢٠٠٨٤- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ﴿وجنات﴾ قال: وما معها.
٢٠٠٨٥- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد=
٢٠٠٨٦- قال المثنى، وحدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
* * *
واختلفت القرأة في قراءة قوله: ﴿وزرع ونخيل﴾ فقرأ ذلك عامة قراء أهل المدينة والكوفة: ﴿وَزَرْعٍ وَنَخِيلٍ﴾ بالخفض عطفًا بذلك على"الأعناب"، بمعنى: وفي الأرض قطعٌ متجاوراتٌ، وجناتٌ من أعناب ومن زرع ونخيل.
وقرأ ذلك بعض قرأة أهل البصرة: ﴿وَزَرْعٌ ونَخِيلٌ﴾ بالرفع عطفًا بذلك على"الجنات"، بمعنى: وفي الأرض قطعٌ متجاوراتٌ وجناتٌ من أعناب، وفيها أيضًا زرعٌ ونخيلٌ.
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يقال: إنهما قراءتان متقاربتا المعنى، وقرأ بكل واحدةٍ منهما قرأة مشهورون، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
وذلك أن"الزرع والنخيل"إذا كانا في البساتين فهما في الأرض، وإذا كانا في الأرض فالأرض التي هما فيها جنة، فسواءٌ وُصِفَا بأنهما في بستانٍ أو في أرضٍ.
* * *
وأما قوله: ﴿ونخيل صنوان وغير صنوان﴾ .
فإن"الصنوان:"جمع"صنو"، وهي النخلات يجمعهن أصل واحد، لا يفرَّق فيه بين جميعه واثنيه إلا بالإعراب في النون، وذلك أن تكون نونه في اثنيه مكسورةً بكل حال، وفي جميعه متصرِّفة في وجوه الإعراب، ونظيره"القِنْوان": واحدها"قِنْوٌ".
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
٢٠٠٨٧- حدثنا أبو كريب قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن البراء: ﴿صنوان﴾ قال: المجتمع= ﴿وغير صنوان﴾ : المتفرِّق.
٢٠٠٨٨- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا يحيى بن واضح قال: حدثنا الحسين، عن أبي إسحاق، عن البراء قال: ﴿صنوان﴾ : هي النخلة التي إلى جنبها نخلاتٌ إلى أصلها=، ﴿وغير صنوان﴾ : النخلة وحدَها.
٢٠٠٨٩- حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب: ﴿صنوان وغير صنوان﴾ قال:"الصنوان": النخلتان أصلهما واحد، ﴿وغير صنوان﴾ النخلة والنخلتان المتفرّقتان.
٢٠٠٩٠- حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق قال: سمعت البراء يقول في هذه الآية قال: النخلة تكون لها النخلات= ﴿وغير صنوان﴾ النخل المتفرّق.
٢٠٠٩١- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا عمرو بن الهيثم أبو قطن، ويحيى بن عباد وعفان=، واللفظ لفظ أبي قطن= قال، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن البراء، في قوله: ﴿صنوان وغير صنوان﴾ قال:"الصنوان": النخلة إلى جنبها النخلات= ﴿وغير صنوان﴾ : المتفرق. [[الأثر: ٢٠٠٩١ -" عمرو بن الهيثم بن قطن الزبيدي"،" أبو قطن"، ثقة، من أصحاب شعبة، مضى برقم: ١٨٦٧٤.
و" يحيى بن عباد الضبعي"، مضى برقم: ٢٠٠١٠.
و" عفان" هو "عفان بن مسلم الصفار"، ثقة روى له الجماعة، مضى برقم: ٥٣٩٢، ١٦٣٦٩.]]
٢٠٠٩٢- حدثنا الحسن قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء في قوله: ﴿صنوان وغير صنوان﴾ قال:"الصنوان"، النخلات الثلاث والأربع والثنتان أصلهن واحد= ﴿وغير صنوان﴾ ، المتفرّق.
٢٠٠٩٣- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا سفيان وشريك، عن أبي إسحاق، عن البراء في قوله: ﴿صنوان وغير صنوان﴾ قال: النخلتان يكون أصلهما واحد= ﴿وغير صنوان﴾ : المتفرّق.
٢٠٠٩٤- حدثني المثنى قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: ﴿صنوان﴾ يقول: مجتمع.
٢٠٠٩٥- حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ﴿ونخيل صنوان وغير صنوان﴾ يعني بالصنوان: النخلة يخرج من أصلها النخلات، فيحمل بعضه ولا يحمل بعضه، فيكون أصله واحدا ورءوسه متفرقة.
٢٠٠٩٦- حدثني الحارث قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا إسرائيل، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في قوله: ﴿صنوان وغير صنوان﴾ النخيل في أصل واحد= وغير صنوان: النخيل المتفرّق.
٢٠٠٩٧- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا جرير، عن عطاء، عن سعيد بن جبير: ﴿ونخيل صنوان وغير صنوان﴾ قال: مجتمع، وغير مجتمع.
٢٠٠٩٨- حدثني المثنى قال: حدثنا النفيلي قال: حدثنا زهير قال: حدثنا أبو إسحاق، عن البراء قال:"الصنوان": ما كان أصله واحدًا وهو متفرق= ﴿وغير صنوان﴾ : الذي نبت وحدَه. [[الأثر: ٢٠٠٩٨ -" النفيلي"، هو" عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل"،" أبو جعفر" ثقة حافظ، مضى برقم: ٩٢٥٣، ٩٢٥٤.
و" زهير"، هو" زهير بن معاوية الجعفي"، ثقة روى له الجماعة، مضى مرارًا آخرها رقم ١٧٥١٣.]]
٢٠٠٩٩- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: ﴿صنوان﴾ النخلتان وأكثر في أصل واحد = ﴿وغير صنوان﴾ وحدَها.
٢٠١٠٠- حدثنا المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ﴿صنوان﴾ : النخلتان أو أكثر في أصل واحد، ﴿وغير صنوان﴾ واحدة.
٢٠١٠١-...... قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
٢٠١٠٢- حدثنا أبو كريب قال: حدثنا وكيع، عن سلمة بن نبيط، عن الضحاك: ﴿صنوان وغير صنوان﴾ قال: الصنوان: المجتمع أصله واحد، وغير صنوان: المتفرق أصله.
٢٠١٠٣- حدثني المثنى قال: حدثنا عمرو بن عون قال: أخبرنا هشيم ، عن جويبر، عن الضحاك، في قوله: ﴿صنوان وغير صنوان﴾ قال:"الصنوان": المجتمع الذي أصله واحد= ﴿وغير صنوان﴾ : المتفرّق.
٢٠١٠٤- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ﴿ونخيل صنوان وغير صنوان﴾ أما"الصنوان": فالنخلتان والثلاث أصولُهن واحدة وفروعهن شتى=، ﴿وغير صنوان﴾ ، النخلة الواحدة.
٢٠١٠٥- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: ﴿صنوان وغير صنوان﴾ قال: صنوان: النخلة التي يكون في أصلها نخلتان وثلاث أصلهنّ واحدٌ.
٢٠١٠٦- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله: ﴿ونخيل صنوان وغير صنوان﴾ قال:"الصنوان": النخلتان أو الثلاث يكنَّ في أصل واحد، فذلك يعدُّه الناس صنوانًا. [[الأثر: ٢٠١٠٦ - في المخطوطة:" حدثنا يوسف"، مكان: يونس"، وصححه في المطبوعة. وهو إسناد دائر في التفسير.]]
٢٠١٠٧- حدثنا ابن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر قال: حدثني رجل: أنه كان بين عمر بن الخطاب وبين العباس قول، فأسرع إليه العباس، [[" أسرع إليه"، عجل إليه بالشر وبادره، مثله" تسرع إليه"، ومن هذا المجاز قال المرار الفقعسي: إذا شِئتَ يوْمًا أنْ تسودَ عَشِيرَةً ... فَبِالحِلْمِ سُدْ، لاَ بِالتَّسَرُّعِ والشَّتْمِ]] فجاء عمر إلى النبي ﷺ، فقال: يا رسول الله، ألم تر عباسًا فعل بي وفعل! فأردت أن أجيبه، فذكرتُ مكانه منك فكففت: فقال: يرحمك الله، إنّ عمّ الرجل صِنْوُ أبيه. [[الأثر: ٢٠١٠٧ - هذا خبر ضعيف، لجهالة الرجل الذي روى عن عمر، وسيأتي الخبر من طرق بعد كلها مرسل.
وقوله:" عم الرجل صنو أبيه"، هذا الحديث رواه مسلم في صحيحه (٧: ٥٦، ٥٧) ، من حديث أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، ومن هذه الطريق نفسها رواه أحمد في مسنده ٢: ٣٢٢، ٣٢٣، ورواه الترمذي في باب مناقب العباس مختصرًا وقال:" هذا حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث أبي الزناد إلا من هذا الوجه".
وروى أحمد في مسند علي رضي الله عنه من حديث الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن علي، وهو حديث طويل، وإسناده ضعيف انقطاعه، فأحاديث أبي البحتري عن علي مرسلة.
وانظر التعليق على الأخبار التالية.]]
٢٠١٠٨- حدثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر، عن قتادة: ﴿(صنوان﴾) : النخلة التي يكون في أصلها نخلتان وثلاث أصلهن واحد ؛ قال: فكان بين عمر بن الخطاب وبين العباس رضي الله عنهما قولٌ، فأسرع إليه العباس، فجاء عمر إلى النبي ﷺ فقال: يا نبي الله ألم تر عباسًا فعل بي وفعل! فأردت أن أجيبه. فذكرتُ مكانه منك فكففت عند ذلك، فقال: يرحمك الله إن عم الرجل صِنْو أبيه [[الأثر: ٢٠١٠٨ - هذا خبر مرسل، رواه ابن سعد في الطبقات ٤ / ١ / ١٧، من طريق محمد بن حميد، عن معمر.
ورواه ابن سعد من طرق أخرى (٤ / ١ / ١٧) وانظر التعليق على الخبر السالف.]] .
٢٠١٠٩-............... قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن عيينة، عن داود بن شابور، عن مجاهد: أن النبي ﷺ قال: لا تؤذوني في العباس فإنه بقية آبائي، وإنّ عمّ الرجل صنو أبيه.
٢٠١١٠- حدثني يعقوب قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا حجاج، عن عطاء، وابن أبي مليكة أن رسول الله ﷺ قال لعمر: يا عمر أما علمت أن عم الرجل صِنْوُ أبيه؟. [[الأثران ٢٠١٠٩، ٢٠١١٠ - خبران مرسلان، وانظر التعليق السالف.]]
٢٠١١١- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: أخبرني القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد: ﴿صنوان﴾ قال: في أصل واحد ثلاث نخلات، كمثل ثلاثةٍ بني أم وأب يتفاضلون في العمل، كما يتفاضل ثمر هذه النخلات الثلاث في أصل واحد= قال ابن جريج: قال مجاهد: كمثل صالح بنى آدم وخبيثهم، أبوهم واحد.
٢٠١١٢- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج قال: أخبرني إبراهيم بن أبي بكر بن عبد الله، عن مجاهد، نحوه. [[الأثر: ٢٠١١٢ -" إبراهيم بن أبي بكر بن عبد الله الأخنسي"، لم أجد ذكر جده إلا في هذا الخبر، وقد سلف لي كلام في تحقيق اسمه، في الخبرين ١٠٧٥٨، ١٠٧٥٩، والمراجع هناك.]]
٢٠١١٣- حدثني القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن أبي بكر بن عبد الله، عن الحسن قال: هذا مثل ضربه الله لقلوب بني آدم.
كانت الأرض في يد الرحمن طينةً واحدة، فسطحها وبَطَحها، فصارت الأرض قطعًا متجاورة، فينزل عليها الماء من السماء، فتخرج هذه زهرتها وثمرها وشجرها. وتخرج نباتها وتحيي مواتها، وتخرج هذه سبَخَها وملحها وخَبَثَها، وكلتاهما تسقى بماء واحد.
فلو كان الماء مالحا، قيل: إنما استسبخت هذه من قبل الماء! كذلك الناس خلقوا من آدم، فتنزل عليهم من السماء تذكرة، فترقّ قلوب فتخشع وتخضع، وتقسو قلوب فتلهو وتسهو وتجفو.
قال الحسن: والله من جالس القرآن أحدٌ إلا قام من عنده بزيادة أو نقصان قال الله: ﴿وَنُنزلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًا﴾ [سورة الإسراء:٨٢] . [[الأثر: ٢٠١١٣ -: حجاج" فيما أرجح،" حجاج بن أرطأة".
و" أبو بكر بن عبد الله"، هو فيما أرجح" أبو بكر بن عبد الله بن أبي الجهم العدوي"، ولم يذكروا روايته عن" الحسن"، وهو خليق أن يروى عنه، مضى برقم: ١٠٣٣٤، ١٠٣٣٥.
وقوله:" استسبخت"، مما ينبغي أن يزاد على مشتقات" السبخة" في كتب اللغة.]]
* * *
وقوله: ﴿تسقى بماء واحد﴾ اختلفت القرأء في قوله ﴿تسقى﴾ .
فقرأ ذلك عامة قراء أهل المدينة والعراق من أهل الكوفة والبصرة: ﴿تُسْقَى﴾ " بالتاء، بمعنى: تسقى الجناتُ والزرع والنخيل. وقد كان بعضهم يقول: إنما قيل: ﴿تسقى﴾ ، بالتاء لتأنيث"الأعناب".
* * *
وقرأ ذلك بعض المكيين والكوفيين: ﴿يُسْقَى﴾ بالياء.
* * *
وقد اختلف أهل العربية في وجه تذكيره إذا قرئ كذلك، وإنما ذلك خبرٌ عن الجنات والأعناب والنخيل والزرع أنها تسقى بماء واحد.
فقال بعض نحويي البصرة: إذا قرئ ذلك بالتاء، فذلك على"الأعناب" كما ذكّر الأنعام [[في المخطوطة والمطبوعة:" كما ذكروا"، والصواب ما أثبت.]] في قوله: ﴿مِمَّا فِي بُطُونِهِ﴾ [سورة النحل: ٦٦] وأنث بعدُ فقال: ﴿وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ﴾ ، [سورة المؤمنون:٢٢/ سورة غافر:٨٠] .
فمن قال: ﴿يسقى﴾ بالياء جعل"الأعناب" مما تذكّر وتؤنث، مثل"الأنعام".
* * *
وقال بعض نحويي الكوفة: من قال و ﴿تسقى﴾ ذهب إلى تأنيث"الزرع والجنات والنخيل"، ومن ذكَّر ذهب إلى أن ذلك كله يُسْقَى بماء واحد، وأكلُه مختلفٌ حامض وحلو، ففي هذا آية. [[هذه مقالة الفراء في معاني القرآن، في تفسير الآية.]]
* * *
قال أبو جعفر: وأعجب القراءتين إليّ أن أقرأ بها، قراءة من قرأ ذلك بالتاء: ﴿تُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ﴾ على أن معناه: تسقى الجنات والنخل والزرع بماء واحد، لمجيء ﴿تسقى﴾ بعد ما قد جرى ذكرها، وهي جِمَاعٌ من غير بني آدم، وليس الوجه الآخر بممتنع على معنى يسقى ذلك بماء واحد: أي جميع ذلك يسقى بماءٍ واحدٍ عذب دون المالح.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
٢٠١١٤- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: ﴿تسقى بماء واحد﴾ ماء السماء، كمثل صالح بني آدم وخبيثهم أبوهم واحدٌ.
٢٠١١٥- حدثنا أبو كريب قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن ليث، عن مجاهد: ﴿تسقى بماء واحد﴾ قال: ماء السماء.
٢٠١١٦- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد، مثله.
٢٠١١٧- حدثني المثنى قال: حدثنا عمرو قال: أخبرنا هشيم، عن أبي إسحاق الكوفي، عن الضحاك: ﴿تسقى بماء واحد﴾ قال: ماء المطر. [[الأثر: ٢٠١١٧ -" أبو إسحاق الكوفي"، ضعيف واهي الحديث، سلف برقم: ٢٠٠٧٨، وكان في المطبوعة والمخطوطة هنا" أبو إسحاق الصوفي"، وهو خطأ محض.]]
٢٠١١٨- حدثني المثنى قال: حدثنا سويد قال: أخبرنا ابن المبارك، قرأه ابن جريج، عن مجاهد: ﴿تسقى بماء واحد﴾ قال: ماء السماء، كمثل صالح بني آدم وخبيثهم أبوهم واحدٌ.
٢٠١١٩...... قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل= وحدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، بنحوه.
٢٠١٢٠- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، نحوه.
٢٠١٢١- حدثنا عبد الجبار بن يحيى الرملي قال: حدثنا ضمرة بن ربيعة، عن ابن شوذب: ﴿تسقى بماء واحد﴾ قال: بماء السماء. [[الأثر: ٢٠١٢١ -" عبد الجبار بن يحيى الرملي"، انظر ما سلف قريبًا رقم: ٢٠٠٨٢.]]
* * *
وقوله: ﴿ونفضّل بعضها على بعض في الأكل﴾ [[انظر تفسير" الأكل" فيما سلف ٥: ٥٣٨ / ١٢: ١٥٧.]] اختلفت القرأة في قراءة ذلك.
فقرأه عامة قرأة المكيين والمدنيين والبصريين وبعض الكوفيين: ﴿وَنُفَضِّلُ﴾ ، بالنون بمعنى: ونفضّل نحن بعضها على بعض في الأكل.
* * *
وقرأته عامة قرأة الكوفيين: ﴿وَيُفَضِّلُ﴾ بالياء، ردا على قوله: ﴿يغشي الليل النهار=﴾ ويفضل بعضها على بعض.
* * *
قال أبو جعفر: وهما قراءتان مستفيضتان بمعنى واحد، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب. غير أن"الياء" أعجبهما إليّ في القراءة؛ لأنه في سياق كلام ابتداؤه ﴿الله الذي رفع السموات﴾ ، فقراءته بالياء، إذ كان كذلك أولى.
* * *
ومعنى الكلام: إن الجنات من الأعناب والزرع والنخيل الصنوان وغير الصنوان، تسقى بماء واحد عذب لا ملح، ويخالف الله بين طعوم ذلك، فيفضّل بعضها على بعض في الطعم، فهذا حلو وهذا حامضٌ.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
٢٠١٢٢- حدثنا أبو كريب قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن عطاء، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: ﴿ونفضل بعضها على بعض في الأكل﴾ قال: الفارسيّ والدَّقَل، [[" الفارسي"، من التمر، لم أجد من ذكره، وأنا أرجح أن يكون عنى به ﴿البرني﴾ وهو ضرب من التمر أصفر مدور، عذب الحلاوة، وهو أجوده. وقالوا إن لفظ" البرني" فارسي معرب ويرجع ذلك عندي أن الرواية ستأتي عن سعيد بن جبير أيضًا أنه قال:" برني"، رقم: ٢٠١٢٤.
و" الدقل" أردأ أنواع التمر.
وسيأتي ذكر" الفارسي" في الخبرين التاليين: ٢٠١٢٦، ٢٠١٢٧.]] والحلو والحامض.
٢٠١٢٣- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير: ﴿ونفضل بعضها على بعض في الأكل﴾ قال: الأرض الواحدة يكون فيها الخوخ والكمثرى والعنب الأبيض والأسود، وبعضها أكثر حملا من بعض، وبعضه حلو وبعضه حامض، وبعضه أفضل من بعض.
٢٠١٢٤- حدثني المثنى قال: حدثنا عارم أبو النعمان قال: حدثنا حماد بن زيد، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير: ﴿ونفضل بعضها على بعض في الأكل﴾ قال: بَرْنيّ وكذا وكذا، وهذا بعضه أفضل من بعض.
٢٠١٢٥- حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا مؤمل قال: حدثنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، في قوله: ﴿ونفضل بعضها على بعض في الأكل﴾ قال: هذا حامض، وهذا حلو، وهذا مُزٌّ.
٢٠١٢٦- حدثني محمود بن خداش قال: حدثنا سيف بن محمد بن أخت سفيان الثوري قال: حدثنا الأعمش عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال النبي ﷺ في قوله: ﴿ونفضل بعضها على بعض في الأكل﴾ قال: الدَّقَل والفارسيّ والحلو والحامض. [[الأثر: ٢٠١٢٦ -" محمود بن خداش الطالقاني"، شيخ الطبري، ثقة صدوق، مضى برقم: ١٧٨، ١٨٤٨٧.
و" سيف بن محمد الثوري"،" ابن أخت سفيان الثوري"، لم يرو له من أصحاب الكتب الستة غير الترمذي، قال البخاري في تاريخه:" ضعفه أحمد"، وروى عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه، أنه قال:" كذاب"، وقال يحيى بن معين:" كان شيخًا ههنا كذابًا خبيثًا"، وقال أحمد أيضًا:" لا يكتب حديثه، ليس بشيء، كان يضع الحديث". وقال النسائي:" ضعيف متروك وليس بثقة"، مترجم في التهذيب والكبير ٢ / ٢ / ١٧٣، وابن أبي حاتم ٢ / ١ / ٢٧٧، وميزان الاعتدال ١: ٤٣٨.
وهذا الخبر رواه الترمذي، عن محمود بن خداش أيضًا، بهذا الإسناد واللفظ في تفسير الآية، ثم قال:" هذا حديث حسن غريب، وقد رواه زيد بن أبي أنيسه (وهو الإسناد التالي) عن الأعمش، نحو هذا. وسيف بن محمد هو أخو عمار بن محمد، وعمار أثبت منه، وهو ابن أخت سفيان الثوري".
فالعجب للترمذي كيف يحسن إسنادًا فيه هذا الكذاب" سيف بن محمد". وانظر تخريج الأثر التالي.
وكان في المطبوعة:" حدثنا سيف بن محمد بن أحمد، عن سفيان الثوري"، أساء ناشرها لأنه لم يدرس الإسناد، وغير ما في المخطوطة، وكان فيها:" حدثنا سيف بن محمد بن أحمد سفيان الثوري"، وفي الهامش علامة الشك والتوقف، وصوابه ما أثبت.
انظر تفسير" الفارسي" فيما سلف ص: ٣٤٣، تعليق: ٢.]]
٢٠١٢٧- حدثنا أحمد بن الحسن الترمذي قال: حدثنا سليمان بن عبد الله الرقي قال: حدثنا عبيد الله بن عمر الرقي، عن زيد بن أبي أنيسة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ، في قوله: ﴿ونفضل بعضها على بعض في الأكل﴾ قال: الدَّقل والفارسيّ والحلو والحامض. [[الأثر: ٢٠١٢٧ -" أحمد بن الحسن الترمذي"، شيخ الطبري، كان أحد أوعية الحديث، ثقة، مضى مرارًا، آخرها رقم: ١٩٨٧٦.
و" سليمان بن عبيد الله الأنصاري الرقي"،" أبو أيوب الحطاب"، قال ابن أبي حاتم: صدوق، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال النسائي:" ليس بالقوى، وقال ابن معين:" ليس بشيء"، ولم يذكر فيه البخاري جرحا، مترجم في التهذيب والكبير ٢ / ٢ / ٢٦، وابن أبي حاتم ٢ / ١ / ١٢٧، وميزان الاعتدال ١: ٤١٨.
و" عبيد الله بن عمرو الرقي"، ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارًا، آخرها رقم: ١٦٩٤٥.
و" زيد بن أبي أنيسة الجزري"، ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارًا آخرها رقم: ١٦٩٤٥.
وهذا الخبر أشار إليه الترمذي، كما أسلفت في التعليق السابق، وذكره الذهبي في ميزان الاعتدال ١: ٤١٨، في ترجمة" سليمان بن عبيد الله"، بهذا الإسناد تامًا، ثم قال:" قال العقيلي، لم يأت به غير سليمان، وإنما يعرف بسيف بن محمد عن الأعمش. قلت: وسيف هالك".
فهذا إسناد كما ترى، فيه من الهلاك، وانفراد الضعيف به ما فيه، فكيف جاز للترمذي أن يحسنه مع هذه القوادح التي تقدح فيه من نواحيه. (وانظر علل الحديث لابن أبي حاتم ٢: ٨٠، رقم: ١٧٢٣ (.
انظر تفسير" الفارسي فيما سلف ص: ٣٤٣، تعليق: ٢.]]
* * *
وقوله: ﴿إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون﴾ يقول تعالى ذكره: إن في مخالفة الله عز وجل بين هذا القطع [من] الأرض المتجاورات وثمار جناتها وزروعها على ما وصفنا وبينَّا، [[في المخطوطة والمطبوعة:" هذه القطع الأرض"، فالزيادة واجبة.]] لدليلا واضحًا وعبرة لقوم يعقلون اختلاف ذلك، أن الذي خالف بينه على هذا النحو الذي خالف بينه، هو المخالف بين خلقه فيما قسم لهم من هداية وضلال وتوفيق وخذلان، فوفّق هذا وخذل هذا، وهدى ذا وأضل ذا، ولو شاء لسوَّى بين جميعهم، كما لو شاء سوَّى بين جميع أكل ثمار الجنة التي تشرب شربًا واحدًا، وتسقى سقيًا [واحدًا] ، [[ما بين القوسين زيادة واجبة هنا أيضًا.]] وهي متفاضلة في الأكل.
{"ayah":"وَفِی ٱلۡأَرۡضِ قِطَعࣱ مُّتَجَـٰوِرَ ٰتࣱ وَجَنَّـٰتࣱ مِّنۡ أَعۡنَـٰبࣲ وَزَرۡعࣱ وَنَخِیلࣱ صِنۡوَانࣱ وَغَیۡرُ صِنۡوَانࣲ یُسۡقَىٰ بِمَاۤءࣲ وَ ٰحِدࣲ وَنُفَضِّلُ بَعۡضَهَا عَلَىٰ بَعۡضࣲ فِی ٱلۡأُكُلِۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّقَوۡمࣲ یَعۡقِلُونَ"}