القول في تأويل قوله تعالى: ﴿يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (٣٩) ﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.
فقال بعضهم: يمحو الله ما يشاء من أمور عبادِه، فيغيّره، إلا الشقاء والسعادة، فإنهما لا يُغَيَّران.
* ذكر من قال ذلك:
٢٠٤٦١- حدثنا أبو كريب قال: حدثنا بحر بن عيسى، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في قوله: ﴿يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب﴾ ، قال: يدبّر الله أمرَ العباد فيمحو ما يشاءُ، إلا الشقاء والسعادة [والحياة] والموت. [[الأثر: ٢٠٤٦١ -" أبو كريب"، هو" محمد بن العلاء بن كريب الكوفي الحافظ" شيخ الطبري، مضى مرارًا لا تحصى كثرة.
و" بحر بن عيسى"، فهذا شيء لم أعرفه، ولم أجد له ذكرًا في كتاب على طول البحث، ولكني أرجح أعظم الترجيح أن صواب هذا الإسناد.
" حدثنا أبو كريب قال، حدثنا بكر، عن عيسى، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال ... "
وتفسير ذلك:
" ابن أبي ليلى"، هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري"، مضى مرارًا كثيرا، و" عيسى"، هو" عيسى بن المختار بن عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري"، روى عن عم جده" ابن أبي ليلى محمد بن عبد الرحمن" قال ابن سعد:" كان سمع مصنف ابن أبي ليلى"، مترجم في التهذيب، وغيره.
و" بكر"، هو" بكر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري" ويقال له:" بكر بن عبيد"، روى عن ابن عمه" عيسى بن المختار"، و" أبو كريب" روى عن" بكر بن عبد الرحمن" هذا. مترجم في التهذيب.
فمن أجل هذا السياق الصحيح في الرواية، رجحت أن الصواب" حدثنا بكر، عن عيسى، عن ابن أبي ليلى"، ولعل ذلك من مصنفه الذي رواه عنه عيسى بن المختار، والله أعلم.
وهذا الأثر، ذكره السيوطي في الدر المنثور ٤: ٦٥، ونسبه إلى عبد الرزاق، والفريابي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في الشعب مطولا، والزيادة التي بين القوسين منه، ومن تفسير ابن كثير ٤: ٥٣٦، وذكر الخبر، عن الثوري، ووكيع، وهشيم، عن ابن أبي ليلى كما سيأتي في الآثار التالية من ٢٠٤٦٣ - ٢٠٤٦٦.]]
٢٠٤٦٢- حدثنا ابن بشار قال: حدثنا ... ابن أبي ليلى، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في قوله: ﴿يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب﴾ ، قال: كل شيء غير السعادة والشقاء، فإنهما قد فُرِغ منهما. [[الأثر: ٢٠٤٦٢ -" ابن بشار"، هو" محمد بن بشار العبدي"،" بندار" أبو بكر الحافظ، شيخ أبي جعفر، مضى ما لا يعد كثرة.
و" ابن أبي ليلى" هو" محمد بن عبد الرحمن"، سلف في الأثر قبله.
وقد وضعت نقطًا بين الرجلين، لأنه هكذا إسناد باطل لا يقوم، لأن ابن أبي ليلى توفي سنة ١٤٨، و" ابن بشار" ولد سنة ١٦٧، وتوفي سنة ٢٥٢، فهذا قاطع في سقوط شيء من الإسناد، وظني أن صوابه:
" حدثنا ابن بشار، قال حدثنا وكيع، عن سفيان الثوري، عن ابن أبي ليلى"، لأن الخبرين بعده من طريق سفيان، عن ابن أبي ليلى، و" محمد بن بشار"، إنما يروي عن وكيع، وكيع يروي عن سفيان، والله أعلم.]]
٢٠٤٦٣- حدثني علي بن سهل قال: حدثنا يزيد= وحدثنا أحمد قال حدثنا أبو أحمد= عن سفيان، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس يقول: ﴿يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب﴾ ، قال: إلا الشقاء والسعادة، والموت والحياة.
٢٠٤٦٤- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو نعيم الفضل بن دُكَيْن وقَبِيصة قالا حدثنا سفيان، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، مثله.
٢٠٤٦٥- حدثنا عمرو بن علي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا ابن أبي ليلى، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قوله: ﴿يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب﴾ ، قال: قال ابن عباس: إلا الحياة والموت، والشقاء والسعادة.
٢٠٤٦٦- حدثني المثنى قال: حدثنا عمرو بن عون قال: أخبرنا هشيم عن ابن أبي ليلى، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في قوله: ﴿يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده الكتاب﴾ ، قال: يقدِّر الله أمر السَّنَة في ليلة القَدْر، إلا الشقاوة والسَّعادة والموت والحياة.
٢٠٤٦٧- حدثنا عمرو بن علي قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد في قوله: ﴿يمحو الله ما يشاء ويثبت﴾ ، قال: إلا الحياة والموت والسعادة والشقاوة فإنَّهما لا يتغيَّران.
٢٠٤٦٨- حدثنا عمرو قال: حدثنا عبد الرحمن قال: حدثنا معاذ بن عقبة، عن منصور، عن مجاهد. مثله. [[الأثر: ٢٠٤٦٨ -" معاذ بن عقبة"، لم أجد له ذكرًا، وقد أعياني أن أعرف من يكون، أو ما دخل هذا الإسناد من الاضطراب، أخشى أن يكون:" معاذ بن هشام الدستوائي" عن" عقبة"، محرفًا عن شيء آخر نحو" شعبة".]]
٢٠٤٦٩- حدثنا ابن بشار قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد، مثله.
٢٠٤٧٠- ... قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا سفيان، عن منصور قال: قلت لمجاهد إن كنت كتبتني سعيدًا فأثبتني، وإن كنت كتَبتَني شقيًّا فامحني"= قال: الشقاء والسعادة قد فُرغ منهما. [[الأثر: ٢٠٤٧٠ -" إن كنت كتبتني سعيدًا ... " إشارة إلى حديث عبد الله بن مسعود في الدعاء، كما سيأتي في الآثار التالية إلى آخر تفسير الآية. والنقط هنا دلالة على أن الحديث عن" ابن بشار" شيخ الطبري، كالذي قبله.]]
٢٠٤٧١- حدثنا أحمد قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد= قال، حدثنا سعيد بن سليمان قال: حدثنا شريك، عن منصور، عن مجاهد: ﴿يمحو الله ما يشاء ويثبت﴾ ، قال: ينزل الله كل شيء في السَّنَة في ليلة القَدر، فيمحو ما يشاءُ من الآجال والأرزاق والمقادير، إلا الشقاء والسعادة، فإنهما ثابتان. [[الأثر: ٢٠٤٧١ -" أحمد" هو" أحمد بن إسحاق بن عيسى الأهوازي"، شيخ أبي جعفر، سلف مرارًا، انظر رقم: ١٥٩، ١٨٤١.
و" أبو أحمد"، هو" محمد بن عبد الله بن الزبير، الزبيري"، مضى أيضًا، وانظر رقم: ١٥٩، ١٨٤١.
ثم انظر الإسناد السالف رقم ٢٠٤٦٣، ٢٠٤٧٠ والإسناد الثاني في هذا الخبر، تفسيره:
" سعيد بن سليمان الضبي"،" سعدويه"، مضى مرارًا كثيرة، آخرها رقم: ١٨٥١١، والراوي عنه:" أحمد بن إسحاق"، شيخ الطبري. وكان في المطبوعة" بن سليمان"، وهو خطأ.]]
٢٠٤٧٢- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا جرير، عن منصور قال: سألت مجاهدًا فقلت: أرأيت دعاءَ أحدنا يقول:"اللهم إن كان اسمي في السعداء فأثبته فيهم، وإن كان في الأشقياء فامحه واجعله في السعداء"، فقال: حَسنٌ. ثم أتيته بعد ذلك بحَوْلٍ أو أكثر من ذلك، فسألته عن ذلك، فقال: ﴿إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِين فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ [سورة الدخان:٣، ٤] قال: يُقْضى في ليلة القدر ما يكون في السَّنة من رزق أو مصيبة، ثم يقدِّم ما يشاء ويؤخر ما يشاء. فأما كتاب الشقاء والسعادة فهو ثابتٌ لا يُغَيَّر.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: أنّ الله يمحو ما يشاء ويثبت من كتابٍ سوى أمّ الكتاب الذي لا يُغَيَّرُ منه شيء.
* ذكر من قال ذلك:
٢٠٤٧٣- حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج قال: حدثنا حماد، عن سليمان التَّيمي، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية: ﴿يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب﴾ ، قال: كتابان: كتابٌ يمحو منه ما يشاء ويثبت، وعنده أمّ الكتاب.
٢٠٤٧٤- حدثنا عمرو بن علي قال: حدثنا سهل بن يوسف قال: حدثنا سليمان التيمي، عن عكرمة، في قوله: ﴿يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب﴾ ، قال: الكتابُ كتابان، كتاب يمحو الله منه ما يشاء ويثبت، وعنده أم الكتاب.
٢٠٤٧٥- ... قال: حدثنا أبو عامر قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن سليمان التيمي، عن عكرمة، عن ابن عباس بمثله.
٢٠٤٧٥م- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن عكرمة قال: الكتاب كتابان، ﴿يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب﴾ .
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك أنه يمحو كل ما يشاء، ويثبت كل ما أراد.
* ذكر من قال ذلك:
٢٠٤٧٦- حدثنا أبو كريب قال: حدثنا عثام، عن الأعمش، عن شقيق أنه كان يقول:"اللهم إن كنت كتبتنا أشقياء، فامحنَا واكتبنا سعداء، وإن كنت كتبتنا سعداء فأثبتنا، فإنك تمحو ما تشاءُ وتثبت وعندَك أمّ الكتاب".
٢٠٤٧٧- حدثنا عمرو قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا الأعمش، عن أبي وائل قال: كان مما يكثر أن يدعو بهؤلاء الكلمات:"اللهم إن كنت كتبتنا أشقياء فامحنا واكتبنا سعداء، وإن كنت كتبتنا سعداء فأثبتنا، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب". [[الأثران: ٢٠٤٧٦، ٢٠٤٧٧ -" شقيق"، هو" شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي"، وهو" أبو وائل"، كما في الإسناد الثاني، مضى مرارًا كثيرة جدًا، كان أعلم أهل الكوفة بحديث" عبد الله بن مسعود"، فقوله:" كان يكثر أن يدعو"، الضمير في ذلك إلى عبد الله بن مسعود. وساقه ابن كثير في تفسيره ٤: ٥٣٦، مساقًا يوهم أنه شقيق بن سلمة نفسه الذي كان يكثر أن يدعو، وقد أساء، لأنه هو الذي غير لفظ الخبر الثاني. وانظر الدر المنثور ٤: ٦٧.]]
٢٠٤٧٨- ... قال، حدثنا معاذ بن هشام قال: حدثنا أبي، عن أبي حكيمة، عن أبي عثمان النَّهْديّ، أن عمر بن الخطاب قال وهو يطوف بالبيت ويبكي: اللهم إن كنت كتبت علي شِقْوة أو ذنبًا فامحه، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت. وعندك أم الكتاب، فاجعله سعادةً ومغفرةً. [[الأثر: ٢٠٤٧٨ -" معاذ بن هشام" هو الدستوائي، روى عنه الجماعة، مضى مرارًا منها: ٤٥٢٣، ٥٥٥٢، ٦٣٢١.
وأبوه" هشام بن أبي عبد الله، سنبر"" أبو بكر الربعي"، من بكر بن وائل، ثقة مترجم في التهذيب، والكبير للبخاري ٤ / ٢ / ١٩٨، وابن أبي حاتم ٤ / ٢ / ٥٩.
و" أبو حكيمة"، اسمه" عصمة"، ويقال" الغزال"، روى عن أبي عثمان النهدي، وروى عنه" قرة" و" سلام بن مسكين"، و" الضحاك بن يسار"، و" حماد بن سلمة"
و" سليمان بن طرخان التيمي". قال أبو حاتم:" محله الصدق"، وذكره أحمد في كتاب العلل ١: ١٨ وقال:" أبو حكيمة"، عصمة، روى عنه قرة، و" أظن التيمي يحدث عنه"، وانظر التعليق على الخبر التالي، وهو مترجم في الكبير للبخاري ٤ / ١ / ٦٣، والصغير له: ١٤٠، وابن أبي حاتم ٣ / ٢ / ٣٠.
و" أبو عثمان النهدي"، هو" عبد الرحمن بن مل"، أدرك الجاهلية، وأسلم على عهد رسول الله ولم يلقه، مضى مرارًا كثيرة آخرها: ١٧١٥١.
وبهذا الإسناد نقله ابن كثير في تفسيره ٤: ٥٣٦، وزاد في إسناده فقال:" عن أبي حكيمة عصمة". وخرجه السيوطي في الدر المنثور ٤: ٦٦، ونسبه إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.
ثم انظر التعليق على الآثار التالية.]]
٢٠٤٧٩- ... حدثنا معتمر، عن أبيه، عن أبي حكيمة، عن أبي عثمان قال: وأحسِبْني قد سمعتُه من أبي عثمان، مثله. [[الأثر: ٢٠٤٧٩ -" معتمر"، هو" معتمر بن سليمان بن طرخان التيمي"، ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارًا كثيرة.
وأبوه هو" سليمان بن طرخان التيمي"،" أبو المعتمر"، ثقة روى له الجماعة، مضى مرارًا كثيرة منها رقم: ٦٨٢٠
وهذا الإسناد مصداق ظن أحمد رضي الله عنه حيث قال:" وأظن التيمي يحدث عنه"، كما سلف في تفسير الإسناد السالف.]]
٢٠٤٨٠- ... قال، حدثنا أبو عامر قال، حدثنا قرة بن خالد، عن عصمة أبي حكيمة، عن أبي عثمان النهدي، عن عمر رحمه الله، مثله. [[الأثر: ٢٠٤٨٠ -" قرة بن خالد السدوسي"، ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارًا كثيرة، وانظر رقم: ٩٧٦٢.
وكان في المطبوعة:" عصمة بن أبي حكيمة"، غير ما في المخطوطة، وكان فيها:" عصمة بن حكيمة"، وكلاهما خطأ، كما دل عليه ما أسلفنا في التعليق على الأثر: ٢٠٤٧٨.
ومن طريق" قرة، عن عصمة"، رواه البخاري في الكبير ٤ / ١ / ٦٣،" عن عبد الله، حدثنا أبو عامر قال حدثنا قرة" ولفظه:" اللهم إن كنت كتبت علي ذنبًا أو إثمًا أو ضغنًا، فاغفره لي، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب".
ورواه الدولابي في الكني والأسماء ١: ١٥٥، قال: حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا حماد بن مسعدة قال حدثنا قرة"، ولم يقل:" أو ضغنًا"، وقال:" فاغفر لي، وامحه هني، فإنك ... ".]]
٢٠٤٨١- حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج قال، حدثنا حماد قال، حدثنا أبو حكيمة قال: سمعت أبَا عُثْمان النَّهدي قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول، وهو يطوف بالكعبة: اللهم إن كنت كتبتَني في أهل السعادة فأثبتني فيها، وإن كنت كتبت عليَّ الذّنب والشِّقوة فامحُني وأثبتني في أهل السّعادة، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت، وعندك أمّ الكتاب. [[الأثر: ٢٠٤٨١ -" المثنى" هو" المثنى بن إبراهيم الآملي"، شيخ الطبري، مضى مرارًا.
و" الحجاج" هو" حجاج بن النهال الأنماطي"، من شيوخ البخاري، روى له الجماعة، مضى مرارًا كثيرة، انظر رقم: ٦٨٢.
و" حماد" هو" حماد بن سلمة بن دينار"، مضى مرارًا كثيرة، انظر: ٢٠٣٤٢.]]
٢٠٤٨٢- ... قال: حدثنا الحجاج بن المنهال قال: حدثنا حماد، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن ابن مسعود، أنه كان يقول: اللهم إن كنت كتبتني في [أهل] الشقاء فامحني وأثبتني في أهل السعادة. [[الأثر: ٢٠٤٨٢ - ما بين القوسين زيادة في المطبوعة، وهو في المخطوطة:" في الشقاء" وانظر التعليق على الأثر التالي رقم: ٢٠٤٨٤.]]
٢٠٤٨٣- حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: ﴿يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب﴾ ، يقول: هو الرجل يعمل الزمانَ بطاعة الله، ثم يعود لمعصية الله، فيموت على ضلاله، فهو الذي يمحو= والذي يثبتُ: الرجلُ يعمل بمعصية الله، وقد كان سبق له خير حتى يموت، وهو في طاعة الله، فهو الذي يثبت. [[الأثر: ٢٠٤٨٣ - خرجه السيوطي في الدر المنثور ٤: ٦٥، وزاد في نسبته إلى ابن أبي حاتم. وفي المخطوطة مكان" فيموت على ضلاله"،" فيعود على ضلاله".]]
٢٠٤٨٤- حدثنا أحمد قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا شريك، عن هلال بن حميد، عن عبد الله بن عُكَيْم، عن عبد الله، أنه كان يقول: اللهم إن كُنْت كتبتني في السعداء فأثبتني في السعداء، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت، وعندك أم الكتاب. [[الأثر: ٢٠٤٨٤ -" هلال بن حميد" و" هلال بن أبي حميد" ويقال:" ابن عبد الله"، و" ابن عبد الرحمن"، و" ابن مقلاص"، الجهني، ويقال له:" هلال الوزان" قال البخاري:" قال وكيع مرة: هلال بن حميد، ومرة: هلال بن عبد الله، ولا يصح".
وانظر العلل لأحمد ١: ١٠٦، ٢١١. وقال ابن أبي حاتم" هلال بن أبي حميد الوزان، أبو جهم الصيرفي. ويقال أبو أمية، وهو: هلال بن مقلاص الجهبذ، مولى جهينة"، وبنحوه قال ابن سعد.
و" هلال" ثقة مترجم في التهذيب والكبير ٤ / ٢ / ٢٠٧، وابن أبي حاتم ٤ / ٢ / ٧٥، وابن سعد في الطبقات ٦: ٢٢٧.
و" عبد الله بن عكيم الجهني"،" أبو معبد"، كان كبيرًا قد أدرك الجاهلية، وأدرك زمان النبي ﷺ ولكن لا يعرف له سماع صحيح، مترجم في التهذيب، والكبير ٣ / ١ / ٣٩، وابن أبي حاتم ٢ / ٢ / ١٢١، وابن سعد في الطبقات ٦: ٧٧.
وكان في المطبوعة" عبد الله بن حكيم"، وفي تفسير ابن كثير ٤: ٥٣٦،" عبد الله ابن عليم"، وكلاهما خطأ.
وهذا الأثر، أشار إليه ابن كثير في تفسير ٤: ٥٣٦، وخرجه السيوطي في الدر المنثور ٤: ٦٧، وزاد في نسبته إلى ابن المنذر والطبراني، وساقه وهو الأثر السالف: ٢٠٤٨٢، سياقًا واحدًا، مع اختلاف في اللفظ.]]
٢٠٤٨٥- حدثني المثنى قال: حدثنا الحجاج قال: حدثنا حماد، عن أبي حمزة، عن إبراهيم، أن كعبًا قال لعمر رحمة الله عليه: يا أمير المؤمنين، لولا آية في كتاب الله لأنبأتك ما هو كائنٌ إلى يوم القيامة قال: وما هي؟ قال: قولُ الله: ﴿يمحو الله ما يشاءُ ويثبت وعندَهُ أم الكتاب﴾ . [[الأثر: ٢٠٤٨٥ -" الحجاج" هو" الحجاج بن المنهال"، سلف قريبًا برقم: ٢٠٤٨١.
و" حماد" هو" حماد بن سلمة"، مضى مرارًا. وفي تفسير ابن كثير ٤: ٥٣٧، روى هذا الخبر، وفيه هناك" خصاف"، ولكني أرجح أنه" حماد"، كما في المخطوطة أيضًا
و" خصاف"، هو" خصاف بن عبد الرحمن الجزري"، ليس بذاك، مترجم في لسان الميزان ٢: ٣٩٧، وابن أبي حاتم ١ / ٢ / ٤٠٤.
و" أبو حمزة"، هو" ميمون الأعور التمار الراعي، الكوفي، هو صاحب إبراهيم النخعي، ضعيف جدًا ذاهب الحديث، قال العقيلي:" وأحاديثه عن إبراهيم خاصة مما لا يتابع عليه". قد سلف برقم: ٦١٩٠، ١١٨١٠، وانظر الكني للدولابي ١: ١٥٧.
و" إبراهيم"، هو" إبراهيم بن يزيد النخعي"، مضى مرارًا.
وهذا إسناد واه جدًا، والعجب من السيد رشيد رضا في تعليقه على تفسير ابن كثير (٤: ٥٣٧) حيث يقول:" من الغريب أن تبلغ الجرأة بكعب إلى هذا الحد الباطل شرعًا وعقلا. ثم يعتدون بدينه وعلمه ويردون عنه، والغريب هو تحامله على كعب الأحبار قبل التثبت من إسناد الخبر، وما ذنب كعب إذا ابتلاه بذلك مثل" أبي حمزة الأعور"؟ ولكن هكذا ديدن الشيخ، إذا جاء ذكر كعب الأحبار، يتهمه بلا بينة.
وخرج هذا الأثر السيوطي في الدر المنثور ٤: ٦٧، ولم ينسبه إلى غير ابن جرير.]]
٢٠٤٨٦- حدثت من الحسين قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ﴿لكل أجل كتاب﴾ ، الآية يقول: ﴿يمحو الله ما يشاء﴾ ، يقول: أنسخُ ما شئت، وأصْنعُ من الأفعال ما شئت، إن شئتُ زدتُ فيها، وإن شئت نقصت.
٢٠٤٨٧- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا عفان قال: حدثنا همام قال: حدثنا الكلبي قال: ﴿يمحو الله ما يشاء ويثبت﴾ ، قال: يَمْحي من الرزق ويزيد فيه، ويمحي من الأجل ويزيد فيه. [[هكذا جاء في المخطوطة،" يمحى" أيضًا، وهو صواب" محا الشيء يمحوه، ويمحاه محوًا ومحيًا"، والذي في المراجع الأخرى:" يمحو". وانظر ما سيأتي: ٤٩٢ تعليق: ١.]] قلت: من حدّثك! قال: أبو صالح، عن جابر بن عبد الله بن رئاب الأنصاري، عن النبي ﷺ. فقدم الكلبيّ بعدُ، فسئل عن هذه الآية: ﴿يمحو الله ما يشاء ويثبت﴾ ، قال: يكتب القول كُلُّه، حتى إذا كان يوم الخميسِ طُرح منه كل شيء ليس فيه ثواب ولا عليه عقاب، مثل قولك: أكلت، شربت، دخلت، خرجت، ذلك ونحوه من الكلام، وهو صادق، ويثبت ما كان فيه الثواب وعليه العقاب. [[الأثر: ٢٠٤٨٧ - الكلبي"، هو" محمد بن السائب الكلبي"، النسابة المفسر، متكلم فيه بما لا يحتمل الرواية عنه، وقد سلف قول الطبري فيه:" إنه ليس من رواية من يجوز الاحتجاج بنقله" (١: ٦٦) ، وهذا من المواضع القليلة في تفسير أبي جعفر، التي جاءت فيها الرواية عن الكلبي، انظر ما سلف: ٧٢، ٢٤٦، ٢٤٨، ١٢٩٦٧.
وهذا الخبر أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبير مختصرًا ٣ / ٢ / ١١٤، وخرجه السيوطي في الدر المنثور ٤: ٦٦، وزاد نسبته إلى ابن مردويه، ونقله ابن كثير في تفسيره ٤: ٥٣٧. وانظر الإسناد التالي. وكان في المطبوعة وابن كثير:" ونحو ذلك من الكلام".]]
٢٠٤٨٨- حدثنا الحسن قال: حدثنا عبد الوهاب قال: سمعت الكلبي، عن أبي صالح نحوه، ولم يجاوز أبا صالح.
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: أنّ الله ينسخ ما يشاء من أحكام كِتَابه، ويثبت ما يشاء منها فلا ينسَخُه.
* ذكر من قال ذلك:
٢٠٤٨٩- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس: ﴿يمحو الله ما يشاء﴾ ، قال: من القرآن. يقول: يبدل الله ما يشاء فينسخه، ويثبت ما يشاء فلا يبدله= ﴿وعنده أم الكتاب﴾ ، يقول: وجملة ذلك عنده في أمّ الكتاب، الناسخ والمنسوخ، وما يبدل وما يثبت، كلُّ ذلك في كتاب. [[الأثر: ٢٠٤٨٩ - خرجه السيوطي في الدر المنثور ٤: ٦٧، وزاد نسبته إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في المدخل. ونقله ابن كثير في تفسيره ٤: ٥٣٨.]]
٢٠٤٩٠- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: ﴿يمحو الله ما يشاء ويثبت﴾ ، هي مثل قوله: (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا) [سورة البقرة:١٠٦] ، وقوله: ﴿وعنده أم الكتاب﴾ : أي جُملة الكتاب وأصله.
٢٠٤٩١- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: ﴿يمحو الله ما يشاء ويثبت﴾ ما يشاء، وهو الحكيم= ﴿وعنده أمّ الكتاب﴾ ، وأصله.
٢٠٤٩٢- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله: ﴿يمحو الله ما يشاء﴾ ، بما ينزل على الأنبياء، ﴿ويثبت﴾ ما يشاء مما ينزل على الأنبياء، قال: ﴿وعنده أم الكتاب﴾ ، لا يغيَّر ولا يبدَّل.
٢٠٤٩٣- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج قال: قال ابن جريج: ﴿يمحو الله ما يشاء﴾ ، قال: ينسخ. قال: ﴿وعند أم الكتاب﴾ ، قال: الذِكْرُ.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك أنه يمحو من قد حان أجله، ويثبت من لم يجئ أجله إلى أجله.
* ذكر من قال ذلك:
٢٠٤٩٤- حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا ابن أبي عدي، عن عوف، عن الحسن في قوله: ﴿يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب﴾ ، يقول: يمحو من جاء أجله فذهب، والمثبت الذي هو حيٌّ يجري إلى أجله.
٢٠٤٩٥- حدثنا عمرو بن علي قال: حدثنا يحيى قال: حدثنا عوف قال: سمعت الحسن يقول: ﴿يمحو الله ما يشاء﴾ ، قال: من جاء أجله= ﴿ويثبت﴾ ، قال: من لم يجئ أجله إلى أجله.
٢٠٤٩٦- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا هوذة قال: حدثنا عوف، عن الحسن، نحو حديث ابن بشار.
٢٠٤٩٧- ... قال: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء قال: أخبرنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن في قوله: ﴿لكل أجل كتاب﴾ ، قال: آجال بني آدم في كتاب، ﴿يمحو الله ما يشاء﴾ من أجله ﴿ويثبت وعنده أم الكتاب﴾ .
٢٠٤٩٨- ... قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قول الله: ﴿يمحو الله ما يشاء ويثبت﴾ ، قالت قريش حين أنزل: ﴿وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللهِ﴾ [سورة الرعد:٣٨] : ما نراك، يا محمد تملك من شيء، ولقد فُرِغ من الأمر! فأنزلت هذه الآية تخويفًا ووعيدًا لهم: إنا إن شئنا أحدَثْنا له من أمرنا ما شئنا، ونُحْدِث في كل رمضان، فنمحو ونثبتُ ما نشاء من أرزاق الناس وَمصَائبهم، وما نعطيهم، وما نقسم لهم. [[الأثر: ٢٠٤٩٨ - خرجه السيوطي في الدر المنثور ٤: ٥، وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، ونقله ابن كثير في تفسيره ٤: ٥٣٨.]]
٢٠٤٩٩- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد نحوه.
٢٠٥٠٠- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، نحوه.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: ويغفر ما يشاء من ذنوب عباده، ويترك ما يشاء فلا يغفر.
* * *
* ذكر من قال ذلك:
٢٠٥٠١- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا حكام، عن عمرو، عن عطاء، عن سعيد في قوله ﴿يمحو الله ما يشاء ويثبت﴾ ، قال: يثبت في البطن الشَّقاء والسعادة وكلَّ شيء، فيغفر منه ما يشاء ويُؤخّر ما يشاء. [[الأثر: ٢٠٥٠١ - خرجه السيوطي في الدر المنثور ٤: ٦٨، ولم ينسبه لغير ابن جرير، ولفظه عنده:" ... وكل شيء هو كائن، فيقدم منه ما يشاء ... "، وهذا أجود مما في مخطوطتنا.]]
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال التي ذكرت في ذلك بتأويل الآية وأشبهُها بالصّواب، القولُ الذي ذكرناه عن الحسن ومجاهد، وذلك أن الله تعالى ذكره توعَّد المشركين الذين سألوا رسولَ الله ﷺ الآياتِ بالعقوبة، وتهدَّدهم بها، وقال لهم: ﴿وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلا بِإِذْنِ الله لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ﴾ ، يعلمهم بذلك أن لقضائه فيهم أجلا مُثْبَتًا في كتاب، هم مؤخَّرون إلى وقت مجيء ذلك الأجل. ثم قال لهم: فإذا جاء ذلك الأجل، يجيء الله بما شَاء ممن قد دَنا أجله وانقطع رزقه، أو حان هلاكه أو اتضاعه من رفعة أو هلاك مالٍ، فيقضي ذلك في خلقه، فذلك مَحْوُه، ويثبت ما شاء ممن بقي أجله ورزقه وأكله، [[" الأكل"، بضم فسكون، الحظ من الدنيا، من البقاء والرزق.]] فيتركه على ما هو عليه فلا يمحوه.
وبهذا المعنى جاء الأثر عن رسول الله ﷺ، وذلك ما:-
٢٠٥٠٢- حدثني محمد بن سهل بن عسكر قال: حدثنا ابن أبي مريم قال: حدثنا الليث بن سعد، عن زيادة بن محمد، عن محمد بن كعب القُرَظي، عن فَضالة بن عُبَيْد، عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله ﷺ:"إن الله يَفتح الذِّكر في ثلاث ساعات يَبْقَيْن من الليل، في الساعة أولى منهن ينظر في الكتاب الذي لا ينظُرُ فيه أحد غَيره، فيمحو ما يشاء ويثبتُ. ثم ذكر ما في الساعتين الأخريين. [[(الأثر: ٢٠٥٠٢ -" محمد بن سهل بن عسكر"، شيخ الطبري، مضى مرارًا، انظر ٥٥٩٨، ٥٦٦٤، ٥٩١١.
و"ابن أبي مريم"، هو" سعيد بن أبي مريم"، وهو" سعيد بن الحكم"، ثقة روى له الجماعة، مضى مرارًا آخرها رقم: ١٨٤٠٤.
و" زيادة بن محمد الأنصاري"، منكر الحديث مضى برقم: ١٦٩٤٣، ١٦٩٤٤.
وسلف هذا الأثر مطولا برقم: ١٦٩٤٣، وسلف تخريجه وشرح إسناده، وهو الخبر الذي أشار إليه البخاري في الكبير، وقال" منكر الحديث". ويزاد في تخريجه: السيوطي في الدر المنثور ٤: ٦٥، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم، وابن مردويه، والطبراني ونقله ابن كثير في تفسيره ٤: ٥٣٧. ثم انظر الخبر التالي والتعليق عليه.]]
٢٠٥٠٣- حدثنا موسى بن سهل الرمليّ قال: حدثنا آدم قال، حدثنا الليث قال: حدثنا زيادة بن محمد، عن محمد بن كعب القرظي، عن فضالة بن عبيد، عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله ﷺ:"إن الله ينزل في ثلاث ساعات يَبْقَين من الليل، يفتح الذكر في الساعة الأولى الذي لم يره أحد غيره، يمحو ما يشَاء ويثبت ما يشاء. [[الأثر: ٢٠٥٠٣ -" موسى بن سهل بن قادم الرملي"، شيخ الطبري، ثقة، مضى برقم: ٨٧٨، ٥٤٣٤، ١٦٩٤٤، انظر أيضًا" موسى بن سهل الرازي" رقم: ١٨٠، والتعليق عليه، و" سهل بن موسى الرازي" رقم: ١٨٠، ٤٣١٩، ٩٤٨٢، والتعليق عليها.
و" آدم"، هو" آدم بن أبي إياس".
وهذه طريق أخرى للخبر السالف، فهو منكر كمثله.]]
٢٠٥٠٤- حدثني محمد بن سهل بن عسكر قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس قال: إن لله لوحًا محفوظًا مسيرةَ خمسمِئة عام، من دُرَّة بيضاء لَها دَفَّتَان من ياقوت، والدَّفتان لَوْحان لله، كل يوم ثلاثمئة وستون لحظةً، يمحو ما يشَاء ويثبت وعنده أم الكتاب. [[الأثر: ٢٠٥٠٤ - خرجه السيوطي في الدر المنثور ٤: ٦٥، ولم ينسبه لغير ابن جرير، ونقله ابن كثير في تفسيره ٤: ٥٣٧.]]
٢٠٥٠٥- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور قال: حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه قال: حدثني رجل، عن أبيه، عن قيس بن عباد، أنه قال: العاشر من رجب هو يوم يمحو الله فيه ما يشاء. [[الأثر: ٢٠٥٠٥ - خرجه السيوطي في الدر المنثور ٤: ٦٦، ولم ينسبه إلى غير ابن جرير، ثم ذكر بعده خبرًا مطولا عن قيس بن عباد، ونسبه إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في الشعب.]]
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (٣٩) ﴾
قال أبو جعفر: اختلفَ أهل التأويل في تأويل قوله: ﴿وعنده أم الكتاب﴾ ، فقال بعضهم: معناه: وعنده الحلال والحرام.
* ذكر من قال ذلك:
٢٠٥٠٦- حدثني المثنى قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا محمد بن عقبة قال، حدثنا مالك بن دينار قال: سألت الحسن: قلت: ﴿أمُّ الكتاب﴾ ، قال: الحلال والحرام قال: قلت له: فما ﴿الحمد لله رب العالمين﴾ قال: هذه أمُّ القرآن.
* * *
وقال آخرون: معناه: وعنده جملة الكتاب وأصله.
* ذكر من قال ذلك:
٢٠٥٠٧- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: ﴿وعنده أم الكتاب﴾ ، قال: جملة الكتاب وأصله.
٢٠٥٠٨- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، مثله.
٢٠٥٠٩- حدثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ﴿وعنده أم الكتاب﴾ ، قال: كتابٌ عند رب العالمين.
٢٠٥١٠- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق بن يوسف، عن جويبر عن الضحاك: ﴿وعنده أم الكتاب﴾ ، قال: جملة الكتاب وعلمه. يعني بذلك ما يَنْسَخ منه وما يُثْبت.
٢٠٥١١- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو صالح قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس: ﴿وعنده أم الكتاب﴾ يقول: وجملة ذلك عنده في أمّ الكتاب: الناسخُ والمنسوخ، وما يبدّل، وما يثبت، كلُّ ذلك في كتاب.
* * *
وقال آخرون في ذلك، ما:
٢٠٥١٢- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثنا معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن سيَّار، عن ابن عباس، أنه سأل كعبًا عن"أم الكتاب" قال: علم الله ما هو خَالقٌ وما خَلْقُه عاملون، فقال لعلمه: كُنْ كتابًا، فكان كتابًا. [[٢٠٥١٢ -" سيار"، مولى خالد بن يزيد بن معاوية، روى عن أبي الدرداء، وابن عباس، وأبي أمامة. روى عنه سليمان التيمي، وذكره ابن حبان في الثقات:" سيار بن عبد الله"، قال ابن حجر:" لم نجد من سمى أباه عبد الله غير ابن حبان".
وهو مترجم في التهذيب، والكبير للبخاري ٢ / ٢ / ١٦١، وابن أبي حاتم ٢ / ١ / ٢٥٤، ولم يذكرا فيه جرحًا.
وكان في المطبوعة وحدها:" شيبان".
والخبر خرجه السيوطي في الدر المنثور ٤: ٦٨، وزاد نسبته إلى عبد الرزاق، ونقله ابن كثير في تفسيره ٤: ٥٣٨، وفي جميعها" سيار"، وهو الصواب.]]
* * *
وقال آخرون: هو الذكر.
* ذكر من قال ذلك:
٢٠٥١٣- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج= قال أبو جعفر: لا أدري فيه ابن جريج أم لا = قال: قال ابن عباس: ﴿وعنده أم الكتاب﴾ قال: الذكر.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قولُ من قال:"وعنده أصل الكتاب وجملته، وذلك أنه تعالى ذكره أخبر أنه يمحُو ما يشاء ويثبت ما يشاء، ثم عقَّب ذلك بقوله: ﴿وعنده أم الكتاب﴾ ، فكان بيِّنًا أن معناه. وعنده أصل المثبّت منه والمَمحوّ، وجملتُه في كتاب لديه.
* * *
قال أبو جعفر: واختلفت القرأة في قراءة قوله: ﴿ويثبت﴾ فقرأ ذلك عامة قرأة المدينة والكوفة:"وَيُثَبِّتُ" بتشديد"الباء" بمعنى: ويتركه ويقرُّه على حاله، فلا يمحوه.
* * *
وقرأه بعض المكيين وبعض البصريين وبعض الكوفيين: ﴿وَيُثْبِتُ﴾ بالتخفيف، بمعنى: يكتب.
* * *
وقد بيَّنَّا قبلُ أن معنى ذلك عندنا: إقرارُه مكتوبًا وتركُ محْوه على ما قد بيَّنَّا، فإذا كان ذلك كذلك فالتثبيتُ به أولى، والتشديدُ أصْوبُ من التخفيف، وإن كان التخفيف قد يحتمل توجيهه في المعنى إلى التشديد، والتشديد إلى التخفيف، لتقارب معنييهما.
* * *
وأما"المحو"، فإن للعرب فيه لغتين: فأما مُضَر فإنها تقول:"محوت الكتَابَ أمحُوه مَحْوًا" وبه التنزيل="ومحوته أمْحَاه مَحْوًا".
وذُكِر عن بعض قبائل ربيعة: أنها تقول:"مَحَيْتُ أمْحَى". [[هذه اللغة منسوبة في اللسان وغيره إلى طيئ أيضًا، و" أمحى"، بفتح الحاء. وانظر مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ٣٣٤، وما سلف: ٤٨٤، تعليق: ٢.]]
{"ayah":"یَمۡحُوا۟ ٱللَّهُ مَا یَشَاۤءُ وَیُثۡبِتُۖ وَعِندَهُۥۤ أُمُّ ٱلۡكِتَـٰبِ"}