الباحث القرآني

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ (٣٢) ﴾ قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قالت امرأة العزيز للنسوة اللاتي قطعن أيديهن، فهذا الذي أصابكن في رؤيتكن إياه، وفي نظرة منكن نظرتن إليه ما أصابكن من ذهاب العقل وعُزوب الفهم وَلَهًا، ألِهتُنّ حتى قطعتن أيديكن، [[في المطبوعة:" وغروب الفهم ولها إليه حتى قطعتن.."، وأثبت الصواب من المخطوطة. و" عزوب الفهم"، ذهابه. يقال:" عزب عنه حلمه يعزب عزوبًا"، ذهب. وقوله:" ألهتن" من" أله يأله ألهًا"، إذا تحير، وأصله" وله، يوله، ولهًا"، بمعنى واحد، وإنما قلبت الواو همزة.]] هو الذي لمتنني في حبي إياه، وشغف فؤادي به، فقلتنّ: قد شغف امرأة العزيز فتاها حُبًّا، إنا لنراها في ضلال مبين! ثم أقرّت لهن بأنها قد راودته عن نفسه، وأن الذي تحدثن به عنها في أمره حق [[انظر تفسير" المراودة" فيما سلف ص: ٦٢، تعليق: ١، والمراجع هناك.]] فقالت: ﴿ولقد راودته عن نفسه فاستعصم﴾ ، مما راودته عليه من ذلك [[انظر تفسير" العصمة" فيما سلف ١٥: ٣٣١، تعليق ٢:، ولمراجع هناك.]] كما: - ١٩٢٤٣ - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو بن محمد، عن أسباط، عن السدي، قالت: ﴿فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم﴾ :، تقول: بعد ما حلّ السراويل استعصى، لا أدري ما بَدَا له. ١٩٢٤٤ - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ﴿فاستعصم﴾ ، أي: فاستعصى. ١٩٢٤٥ - حدثني علي بن داود، قال: حدثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: ﴿فاستعصم﴾ ، يقول: فامتنع. * * * وقوله: ﴿ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونًا من الصاغرين﴾ ، تقول: ولئن لم يطاوعني على ما أدعوه إليه من حاجتي إليه = ﴿ليسجنن﴾ ، تقول: ليحبسن [[انظر تفسير" السجن" فما سلف ص: ٥٢."]] = وليكونًا من أهل الصغار والذلة بالحبس والسجن، ولأهينَنَّه [[انظر تفسير" الصغار" فيما سلف ١٤: ٢٠٠، تعليق: ٢، والمراجع هناك.]] * * * والوقف على قوله:"ليسجنن"، بالنون، لأنها مشددة، كما قيل: ﴿لَيُبَطِّئَنَّ﴾ ، [سورة النساء: ٧٢] * * * وأما قوله: ﴿وليكونًا﴾ فإن الوقف عليه بالألف، لأنها النون الخفيفة، وهي شبيهةُ نون الإعراب في الأسماء في قول القائل:"رأيت رجلا عندك"، فإذا وقف على"الرجل" قيل:"رأيتُ رجلا"، فصارت النون ألفًا. فكذلك ذلك في:"وليكونًا"، ومثله قوله: ﴿لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ﴾ ، [سورة العلق: ١٥، ١٦] الوقف عليه بالألف لما ذكرت ؛ ومنه قول الأعشي: وَصَلِّ عَلَى حَينِ العَشَيَّاتِ والضُّحَى ... وَلا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ وَاللهَ فَاعْبُدَا [[ديوانه: ١٠٣، وغيره كثير، قاله عند إقباله على الإسلام، ثم مات ميتة جاهلية والخبر مشهور، ورواية ديوانه: وَذَا النُّصُبَ المَنْصُوبَ لا تَنْسُكَنَّهُ ... وَلا تَعْبُدِ الأَوْثَانَ وَاللهَ فَاعْبُدَا وَصَلِّ عَلَى حِينِ العَشِيَّاتِ والضُّحَى ... وَلا تَحْمَدِ الشَّيْطَانَ وَاللهَ فاحْمَدا وهي أجود الروايتين.]] وإنما هو:"فاعبدن"، ولكن إذا وقف عليه كان الوقف بالألف.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب