الباحث القرآني

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٢٦) وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٢٧) فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (٢٨) ﴾ قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال يوسف لما قذفته امرأة العزيز بما قذفته من إرادته الفاحشة منها، مكذِّبًا لها فيما قذفته به ودفعًا لما نسب إليه: ما أنا راودتها عن نفسها، بل هي راودتني عن نفسي. [[انظر تفسير" المراودة" فيما سلف ص: ٢٤، ٢٥.]] * * * وقد قيل: إن يوسف لم يرد ذكر ذلك، لو لم تقذفه عند سيدها بما قذفته به. * ذكر من قال ذلك: ١٩٠٩٨ - حدثني محمد بن عمارة، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا شيبان، عن أبي إسحاق، عن نوف الشامي، قال: ما كان يوسف يريد أن يذكره، حتى قالت: ﴿ما جزاء من أراد بأهلك سوءًا﴾ ، الآية، قال: فغضب فقال: ﴿هي راودتني عن نفسي﴾ . [[الأثر: ١٩٠٩٨ - في المطبوعة:" نوف الشيباني"، وهو خطأ محض، مأتاه من سوء كتابة المخطوطة، وإن كانت واضحة بعض الوضوح، والصواب" نوف الشامي"، وهو:" نوف ابن فضالة البكالي الحميري، الشامي"، انظر ما سلف رقم: ١٨٩٢٣، والتعليق عليه.]] * * * وأما قوله: ﴿وشهد شاهد من أهلها﴾ فإن أهل العلم اختلفوا في صفة الشاهد. فقال بعضهم: كان صبيًّا في المهد. * ذكر من قال ذلك: ١٩٠٩٩ - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا العلاء بن عبد الجبار، عن حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: تكلم أربعة في المهد وهم صغار: ابن ماشطة بنت فرعون، وشاهد يوسف، وصاحب جريج، وعيسى ابن مريم عليه السلام. [[الأثر: ١٩٠٩٩ -" العلاء بن عبد الجبار"،" أبو الحسن العطار"، روى عن حماد بن سلمة، وروى عنه الحميدي، وابنه عبد الجبار بن العلاء. صالح الحديث. مترجم في ابن أبي حاتم ٣ / ١ / ٣٥٨.]] ١٩١٠٠ - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع، عن أبي بكر الهذلي، عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة، قال: عيسى، وصاحب يوسف، وصاحب جريج = يعني: تكلموا في المهد. [[الأثر: ١٩١٠٠ -" أبو بكر الهذلي"، كلن يكذب، متروك الحديث. مضى مرارًا، آخرها رقم: ١٧٦١٦، ١٨٤٣٩، ولكن حديث أبي هريرة مطولا رواه البخاري في صحيحه (الفتح ٦: ٣٤٤ - ٣٤٨) ، ومسلم في صحيحه ١٦: ١٠٦، ورواه أحمد في المسند: ٨٠٥٧، ٨٠٥٨ بإسناد صحيح، وانظر شرح أخي رحمه الله.]] ١٩١٠١ - حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا زائدة، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير: ﴿وشهد شاهد من أهلها﴾ ، قال: صبي. ١٩١٠٢ - حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير: ﴿وشهد شاهد من أهلها﴾ ، قال: كان في المهد صبيًّا. ١٩١٠٣ - حدثني محمد بن عبيد المحاربي، قال: حدثنا أيوب بن جابر، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير، في قوله: ﴿وشهد شاهد من أهلها﴾ قال: صبي. [[الأثر: ١٩١٠٣ -" أيوب بن جابر بن سيار اليمامي"، ضعيف. مترجم في التهذيب، والكبير ١ / ١ / ٤١٠، وابن أبي حاتم ١ / ١ / ٢٤٢، وميزان الاعتدال ١: ١٣٢.]] ١٩١٠٤ - حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير، بمثله. ١٩١٠٥ - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع ؛ وحدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن شريك، عن سالم، عن سعيد بن جبير، قال: كان صبيًّا في مهده. ١٩١٠٦ - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا ابن إدريس، عن حصين، عن هلال بن يساف: ﴿وشهد شاهد من أهلها﴾ قال: صبي في المهد. ١٩١٠٧ - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو بن محمد، عن أبي مرزوق، عن جويبر، عن الضحاك: ﴿وشهد شاهد من أهلها﴾ ، قال: صبي أنطقه الله. ويقال: ذو رأي برأيه. [[قوله:" ذو رأي برأيه"، أي كان الشاهد رجلا ذا رأي، قال ذلك برأيه. وانظر الأثر التالي رقم: ١٩١٢٧.]] ١٩١٠٨ - حدثنا الحسن بن محمد، قال: أخبرنا عفان، قال: حدثنا حماد، قال: أخبرني عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي ﷺ قال:"تكلم أربعة وهم صغار"، فذكر فيهم شاهد يوسف [[الأثر: ١٩١٠٨ - حديث حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، حديث طويل، رواه أحمد في مسنده رقم: ٢٨٢٢، ٢٨٢٣، ٢٨٢٤، ٢٨٢٥، وفي آخره: قال" قال ابن عباس: تكلم أربعة صغار، عيسى بن مريم، وصاحب جريج، وشاهد يوسف، وابن ماشطة فرعون"، ولم يرفع هذا القول الأخير إلى رسول الله ﷺ. وإسناده إسناد صحيح.]] . ١٩١٠٩ - حدثت عن الحسين بن الفرج. قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ﴿وشهد شاهد من أهلها﴾ يزعمون أنه كان صبيًّا في الدار. ١٩١١٠ - حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ﴿وشهد شاهد من أهلها﴾ ، قال: كان صبيًّا في المهد. * * * وقال آخرون: كان رجلا ذا لحية. * ذكر من قال ذلك: ١٩١١١ - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع ؛ وحدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي =، عن إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: كان ذا لحية. ١٩١١٢ - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع = وحدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي =، عن سفيان، عن جابر، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس: ﴿وشهد شاهد من أهلها﴾ ، قال: كان من خاصّة الملك. ١٩١١٣ -.... وبه قال، حدثنا أبي، عن عمران بن حدير، سمع عكرمة يقول: ﴿وشهد شاهد من أهلها﴾ قال: ما كان بصبيّ، ولكن كان رجلا حكيمًا. ١٩١١٤ - حدثنا سوّار بن عبد الله، قال، حدثنا عبد الملك بن الصباح، قال: حدثنا عمران بن حدير، عن عكرمة، وذكره عنده: ﴿وشهد شاهد من أهلها﴾ فقالوا: كان صبيًّا. فقال: إنه ليس بصبي، ولكنه رجل حكيم [[الأثر: ١٩١١٤ -" عبد الملك بن الصباح المسمعي"، ثقة / مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم ٢ / ٢ / ٣٥٤.]] . ١٩١١٥ - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع ؛ وحدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد: ﴿وشهد شاهد من أهلها﴾ قال: كان رجلا. ١٩١١٦ - حدثنا ابن بشار، قال، حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد: ﴿وشهد شاهد من أهلها﴾ قال: رجل. ١٩١١٧ - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، في قوله: ﴿وشهد شاهد من أهلها﴾ قال: رجل. ١٩١١٨ - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير: ﴿وشهد شاهد من أهلها﴾ قال: رجل. ١٩١١٩ - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا عمرو بن محمد، قال: أخبرنا إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس: ﴿وشهد شاهد من أهلها﴾ قال: ذو لحية. ١٩١٢٠ - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو بن محمد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي، قال: ابن عمها كان الشاهدَ من أهلها. ١٩١٢١ - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس: ﴿وشهد شاهد من أهلها﴾ قال: ذو لحية. ١٩١٢٢ - حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو غسان، قال: حدثنا إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: ذو لحية. ١٩١٢٣ - حدثني الحارث، قال: حدثنا عبد العزيز، قال: حدثنا قيس، عن جابر، عن ابن أبي مليكة: ﴿وشهد شاهد من أهلها﴾ قال: كان من خاصة الملك. ١٩١٢٤ - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ﴿وشهد شاهد من أهلها﴾ قال: رجل حكيم كان من أهلها. ١٩١٢٥ - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، قوله: ﴿وشهد شاهد من أهلها﴾ قال: رجل حكيم من أهلها. ١٩١٢٦ - حدثنا المثنى، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد: ﴿وشهد شاهد من أهلها﴾ قال: كان رجلا. ١٩١٢٧ - حدثني المثنى، قال: حدثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن بعض أصحابه، عن الحسن، في قوله: ﴿وشهد شاهد من أهلها﴾ قال: رجل له رأي أشارَ برأيه. ١٩١٢٨ - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: ﴿وشهد شاهد من أهلها﴾ قال: يقال: إنما كان الشاهد مشيرًا، رجلا من أهل إطفير، وكان يستعين برأيه = إلا أنه قال: أشهد إن كان قميصه قدّ من قبل لقد صدقت وهو من الكاذبين. * * * وقيل: معنى قوله: ﴿وشهد شاهد﴾ : حكم حاكم. ١٩١٢٩ - حدثت بذلك عن الفراء، عن معلي بن هلال، عن أبي يحيى، عن مجاهد. * * * وقال آخرون: إنما عنى بالشاهد، القميصَ المقدودَ. * ذكر من قال ذلك: ١٩١٣٠ - حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: ﴿وشهد شاهد من أهلها﴾ قال: قميصُه مشقوق من دبر، فتلك الشهادة. ١٩١٣١ - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا شبابة، قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ﴿وشهد شاهد من أهلها﴾ ، قميصُه مشقوق من دبر، فتلك الشهادة. ١٩١٣٢ - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا المحاربي، عن ليث، عن مجاهد: ﴿وشهد شاهد من أهلها﴾ لم يكن من الإنس. ١٩١٣٣ -.... قال: حدثنا حفص، عن ليث، عن مجاهد: ﴿وشهد شاهد من أهلها﴾ ، قال: كان من أمر الله، ولم يكن إنسيًا. * * * قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك، قول من قال: كان صبيًّا في المهد = للخبر الذي ذكرناه عن رسول الله ﷺ. أنه ذكر من تكلم في المهد. فذكر أنَّ أحدهم صاحب يوسف. * * * فأمّا ما قاله مجاهد من أنه القميص المقدود، فما لا معنى له ؛ لأن الله تعالى ذكره أخبر عن الشاهد الذي شهد بذلك أنه من أهل المرأة فقال: ﴿وشهد شاهد من أهلها﴾ ، ولا يقال للقميص هو من أهل الرجل ولا المرأة. * * * وقوله: ﴿إن كان قميصه قُدّ من قُبل فصدقت وهو من الكاذبين﴾ ، لأن المطلوب إذا كان هاربًا فإنما يؤتى من قِبل دبره، فكان معلومًا أن الشق لو كان من قُبُل لم يكن هاربًا مطلوبًا. ولكن كان يكون طالبًا مدفوعًا، وكان يكون ذلك شهادة على كذبه. ١٩١٣٤ - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: قال: أشهد إن كان قميصه قُدّ من قُبُل لقد صدقت وهو من الكاذبين. وذلك أن الرجل إنما يريد المرأة مقبلا = ﴿وإن كان قميصه قُدّ مِن دُبر فكذبت وهو من الصادقين﴾ وذلك أن الرجل لا يأتي المرأة من دُبر. وقال: إنه لا ينبغي أن يكون في الحقّ إلا ذاك. فلما رأى إطفير قميصَه قدَّ من دُبر عرف أنه من كيدها، فقال: ﴿إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم﴾ . ١٩١٣٥ - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: قال = يعني: الشاهدُ من أهلها =: القميصُ يقضي بينهما، (إن كان قميصه قدّ من قُبُل فصدقت وهو من الكاذبين وإن كان قميصه قُدّ من دُبر فكذبت وهو من الصادقين. فلما رأى قميصه قُد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم) . * * * قال أبو جعفر: وإنما حذفت"أنَّ" التي تتلقَّى بها"الشهادة" لأنه ذهب بالشهادة إلى معنى"القول"، كأنه قال: وقال قائل من أهلها: إن كان قميصه = كما قيل: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنْثَيَيْنِ﴾ [سورة النساء: ١١] ، لأنه ذهب بالوصية إلى"القول". * * * وقوله: ﴿فلما رأى قميصه قدّ من دبر﴾ ، خبر عن زوج المرأة، وهو القائل لها: إن هذا الفعل من كيدكن = أي: صنيعكن، يعني من صنيع النساء [[انظر تفسير" الكيد" فيما سلف ١٥: ٥٥٨، تعليق: ٢ والمراجع هناك.]] = ﴿إن كيدكن عظيم﴾ . * * * وقيل: إنه خبر عن الشاهد أنه القائلُ ذلك.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب